JO Academy school

Here you can browse Jo Academy school, the curriculum, questions, explanations, and much more

فتح مكَّة 8 ه

التربية الإسلامية - Grade الحادي عشر خطة جديدة

التَّعَلُّمُ الْقَبْلِيُّ

في السَّنَة السادسة من الهجرة، رأى سيِّدنا محمد صلى الله عليه وسلم في منامه أنهَّ دخل مكَّة مُعتمِرًا، فخرج مع أصحابه لأداء العمرة، لكنَّ قريشًا منعتهم من دخول مكَّة، وتمَّ الاتفاق على عَقْد صلح بين الطرفين، سُمِّي صلح الحديبية.

وكان من نتائج هذا الصُّلح اعتراف قريش بأنَّ المسلمين أصبحوا قوَّة لا يُستهان بها، وأنَّ لهم الحقَّ في زيارة الكعبة المُشرَّفة وأداء العمرة.

أولًَا: سبب فتح مكَّة

كان من بنود صلح الحديبية وقف الحرب بين الطرفين مُدَّة عشر سنوات، وأنهَّ مَنْ أراد مِنَ القبائل أنْ يدخل في حلف سيِّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فله ذلك، ومَنْ أراد أنْ يدخل في حلف قريش فله ذلك. فدخلت قبيلة بني بكر في حلف قريش، ودخلت قبيلة خُزاعة في حلف رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبعد مُدَّة، أغارت قبيلة بني بكر على قبيلة خُزاعة، وقتلت عددًا من أفرادها، وقد أمدَّت قريشٌ قبيلة بني بكر بالرجال والسلاح، فكان ذلك نَقْضًا منها لصلح الحديبية.
خرج وفد من قبيلة خُزاعة برئاسة عمرو بن سالم الخُزاعي رضي الله عنه، قاصدًا المدينة المُنوَّرة، وأخبروا النبي صلى الله عليه وسلم بما حصل، فغضب لِما أصاب حلفاءه، وعزم على فتح مكَّة، وقال صلى الله عليه وسلم: «نُصِرْتَ يا عَمْرُو بْنَ سالمٍِ ».
أدرك مشركو قريش أنَّم ارتكبوا خطأً كبيرًا بسبب نقضهم العهد، فحاولوا معالجة الموقف بإرسال أبي سفيان إلى المدينة المُنوَّرة لتجديد العهد، لكنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يُجبْهُ إلى ذلك.

ثانيًا: أحداث فتح مكَّة

أ. خُطَّة النبي صلى الله عليه وسلم:
لمّا وصل إلى سيِّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خبرُ نقض قريش عهدَها، أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه الكرام  بالتجهُّز للخروج، ولم يُبِهم بوِجْهته؛ حفاظًا على السِِّّية التامَّة؛ لئلّ يصل خبر خروجه إلى أهل مكَّة، فيستعدّوا للمواجهة، حرصًا منه على دخول مكَّة من غير إراقة للدماء، ثمَّ دعا رَبَّه، قائلًا: «اللّهُمَّ خُذِ الْعُيونَ وَالْأخْبارَ عَنْ قُرَيْشٍ حَتّى نبَْغَتَها في بلِادِها». وقد استنفر النبي صلى الله عليه وسلم القبائل المسلمة من حول المدينة المُنوَّرة حتى اجتمع معه عشرة آلاف مقاتل.

ب. تحرُّك الجيش:
في العاشر من شهر رمضان في السَّنَة الثامنة للهجرة، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة المُنوَّرة، وسار صلى الله عليه وسلم بالجيش حتى وصل إلى وادٍ يُسمّى مرَّ الظَّهرانِ، فأقام صلى الله عليه وسلم فيه، وأمر الجيش بإشعال نيران عظيمة؛ ليُهِب قريشًا، ويدفعها إلى الاستسلام.

أرسلت قريش أبا سفيان لاستطلاع الأمر ومعه بعض الرجال، وبينما هم يتساءلون عن سبب هذه النيران، رآهم العبّاس، فأخذ أبا سفيان إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فعرض صلى الله عليه وسلم عليه الإسلام فأسلم، ثمَّ أَذِن له النبي صلى الله عليه وسلم بالرجوع إلى مكَّة ليعطي أهلها الأمان إذا ألقوا السلاح، ولم يتعرَّضوا للمسلمين، فعاد يُبِ الناس بما أخبره به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأمان، فقال لهم: «يا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، هذا مُحَمَّدٌ قَدْ جاءَكُمْ بمِا لا قبَِلَ لَكُمْ بهِِ، فَمَنْ دَخَلَ دارَ أَبي سُفْيانَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَغْلَقَ بابَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَهُوَ آمِنٌ »، فتفرَّق الناس إلى دورهم وإلى المسجد.

أَرْبِطُ مَعَ الْفِقْهِ

أخذ النبي صلى الله عليه وسلم في طريقه إلى مكَّة بالرخصة، فأفطر، وأفطر معه أصحابه .

صور مشرقة

مرَّ سعد بن عبادة رضي الله عنه قائد كتيبة الأنصار بأبي سفيان، فقال له: اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحلُّ الحرمة (يعني حرمة الكعبة)، اليوم أذلَّ الله قريشًا، فشكا أبو سفيان ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرَدَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قائلًا: «الْيَوْمَ يَوْمُ الْمَرْحَمَةِ، الْيَوْمَ يُعِزُّ اللهُ قُرَيْشًا، وَيُعَظِّمُ اللهُ الْكَعْبَةَ».

ج. دخول مكَّة:
قسَّم النبي صلى الله عليه وسلم الجيش إلى فِرَق، ثمَّ كلَّفهم بدخول مكَّة، وأمرهم ألّ يبدؤوا القتال، وألّا يقاتلوا إلّ مَنْ يقاتلهم، وبذلك تحقَّق للنبي صلى الله عليه وسلم ما أراد بدخول مكَّة دون قتال إلّ من الجهة التي دخل منها خالد بن الوليد رضي الله عنه؛ إذ حاول بعض المشركين المقاومة بقيادة عكرمة بن أبي جهل، فقاتلهم المسلمون حتى لاذوا بالفرار.
دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكَّة خافضًا رأسه؛ تواضعًا لرَبِّه شاكرًا له، ثمَّ توجَّه إلى الكعبة، فطاف بها يُحطِّم الأصنام من حولها وهو يقرأ قول الله تعالى: ﴿وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقًا﴾.
وفي تلك الأثناء، كانت قريش تترقَّب أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وما سيصنعه بهم؛ فَهُمُ الذين حاربوه، وعارضوا دعوته، وآذَوْه، وأخرجوه من بلده، وقاتلوه، فأمر صلى الله عليه وسلم بلالًا رضي الله عنه أنْ يصعد فوق ظهر الكعبة، فيُؤذِّن للصلاة، ثمَّ خطب صلى الله عليه وسلم خُطبة، قال فيها: «يا مَعْشَر قُرَيْشٍ، ما تَرَوْنَ أَنّي فاعِلٌ بكُِمْ؟»، قالوا: خيرًا، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ، قال: «اذْهَبوا، فَأنَتُْمُ الطُّلَقاءُ».

وبذلك تجلّى خُلُق النبي صلى الله عليه وسلم في العفو والتسامح والرحمة مع المخالفين، وكان لعفوه صلى الله عليه وسلم أثر عظيم؛ إذ حُقِنت الدماء، واطمأنَّ الناس، وظلَّت الأموال مع أصحابها، فرأى الناس حقيقة الدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، فكان ذلك سببًا لدخول أكثر أهل مكَّة في الإسلام أفواجًا، فأنزل الله تعالى قوله: ﴿إذا جاء نصر الله والفتح * ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجًا * فسبّح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابًا﴾.

صور مشرقة

كانت مفاتيح الكعبة في الجاهلية مع عثمان بن طلحة، وكان قومه يعتنون بالكعبة. فلمّا فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكَّة المُكرَّمة، دعا عثمان، وأبقى معه مفاتيح الكعبة، وقال صلى الله عليه وسلم: «هاكَ مِفْتاحُكَ يا عُثْمانُ، الْيَوْمُ يَوْمُ بِرٍّ وَوَفاءٍ».

ثالثًا: نتائج فتح مكَّة

أ . اعتناق أهل مكَّة وزعمائها دين الإسلام، مثل: زعيم قريش أبي سفيان بن حرب، وزوجته هند بنت عتبة، وعكرمة بن أبي جهل .
ب. بدء دخول القبائل العربية الكبرى في الإسلام لمّا رأت دخول قريش فيه؛ فقد جاءت وفودها إلى المدينة المُنوَّرة مُعلِنةً إسلامها، وكان عددها يزيد على سبعين وفدًا، مثل: وفد عبد القيس، ووفد بني حنيفة، ووفد الأشعريين وأهل اليمن، ووفد نجران، ووفد معان.
ج. تحوُّل المسلمين إلى قوَّة كبيرة يُحسَب حسابها في الجزيرة العربية وخارجها.

صور مشرقة

من محاسن أخلاق الإسلام، إنزال الناس منازلهم، ومعاملتهم بحسب مقامهم. وقد تجلّ هذا المعنى في فتح مكَّة بمواقف عِدَّة، منها: عندما أتى أبو بكر رضي الله عنه بأبيه أبي قحافة رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلمّا رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر رضي الله عنه : «هلّا تركت الشَّيْخَ في بيتهِ حتّى أكونَ أنا آتيه فيه»، فقال أبو بكر رضي الله عنه : يا رسول الله، هو أحقُّ أنْ يمشي إليك من أنْ تمشي إليه، قال: فأَجلَسه بين يديه، ثمَّ مسح صدره، ثمَّ قال له: «أَسْلِمْ »، فأَسلَم.

الْإِثْراءُ وَالتَّوَسُّعُ

نستنتج من فتح مكَّة دروسًا وعِبَرًا عديدةً، منها:
أ . حرص الإسلام على المحافظة على أرواح الناس، وكان ذلك واضحًا أثناء الإجراءات التي اتخذها النبي صلى الله عليه وسلم لحقن دماء المسلمين وأهل مكَّة، مثل: السِِّّية، وإخفاء وِجْهته عند الخروج إلى مكَّة؛ لكيلا تستعدَّ قريش للقتال، ودخول مكَّة من الجهات الأربع، ونهيه عن البدء بالقتال.
ب. حفظ مكانة الناس عند أقوامهم. ومن ذلك: موقف النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي سفيان رضي الله عنه عندما أَذِن له أنْ يُخبِر الناس أنَّ مَنْ دخل بيت أبي سفيان فهو في أمان، وموقفه صلى الله عليه وسلم في إعادة مفاتيح الكعبة إلى عثمان بن طلحة.
ج. الإسلام ليس دين عنف، وإنَّما هو دين عفو وسماحة. وممّا يدلُّ على ذلك، عفوه صلى الله عليه وسلم عن أهل مكَّة الذين طردوه وآذَوْه.