حضارات بلاد الشام القديمة ( النشأة )

أتخيّلُ نَفسي هناكَ: كُنتُ مهاجرًا معَ الشعوبِ الكنعانيّةِ مِنَ الجزيرةِ العربيّةِ باتِّجاهِ الشمالِ، فما المكانُ المُناسبُ للاستقرارِ بِهِ: منطقةٌ جبليّةٌ يسهُلُ الدفاعُ عَنْها، أمْ منطقةٌ سهليّةٌ أوْ ساحليّةٌ؟

 

موقعُ بلادِ الشامِ:

بلادُ الشامِ اسمٌ قديمٌ يُطلقُ على المنطقةَ التي تُعرَفُ اليومَ باسمِ: الأُردنِّ وسوريّةَ وفِلسطينَ ولُبنانَ. تقعُ في الجنوبِ الغربيِّ مِنْ قارّةِ آسيا، وفي موقِعٍ متوسِّطٍ بينَ قارّاتِ العالَمِ القديمِ (آسيا وإفْريقيا وأُوروبّا).

 

- أُبيِّنُ الأهمِّيّةَ الإستراتيجيّةَ لموقِعِ بلادِ الشامِ.

 موقِعٍ متوسِّطٍ بينَ قارّاتِ العالَمِ القديمِ (آسيا وإفْريقيا وأُوروبّا).

- أُحدِّدُ الدولَ المجاوِرةَ لبلادِ الشامِ.

الأُردنِّ وسوريّةَ وفِلسطينَ ولُبنانَ

جغرافية بلاد الشام

 

تُقسَمُ بلادُ الشامِ جغرافيًّا إلى (3) مناطِقَ طبيعيّةٍ، هِيَ:

1- المنطقةُ الساحليّةُ

وهِيَ شريطٌ ساحليٌّ طويلٌ يمتدُّ مِنْ ميناءِ الإسكندرونِ في الشمالِ إلى العريشِ الواقعةِ على الحدودِ الفلسطينيّةِ المصريّةِ في الجنوبِ، وتُعدُّ السهولُ الساحليّةُ مِنَ المناطقِ الجاذبةِ للسكّانِ الذينَ أسهَموا في نشأةِ الحضاراتِ القديمةِ؛ وذلِكَ لِأهمِّيّتِها في التجارةِ البحريّةِ.

 

2- المنطقة الجبلية

وتشملُ سلسلتَينِ مِنَ الجبالِ:

• سلسلةُ جبالِ بلادِ الشامِ الغربيّةِ (السلسلةُ الساحليّةُ) وتمتدُّ مِنْ مُلتقى جبالِ طوروسَ معَ جبالِ الأمانوسِ في الشمالِ، وتستمرُّ إلى سيناءَ جنوبًا.
• سلسلةُ جبالِ بلادِ الشامِ الشرقيّةِ (السلسلةُ الداخليّةُ) وتتّخِذُ شكلًا موازيًا للسلسلةِ الغربيّةِ، وتبدأُ مِنْ شمالِ سوريّةَ إلى جنوبِ الأُردنِّ.

وبينَ هاتَينِ السلسلِتَينِ يمتدُّ أُخدودٌ سهليٌّ مِنْ مُنخفضِ سهلِ الغابِ في سوريّةَ وصولًا إلى وادي عربةَ وخليجِ العقبةِ. وتُشتهَرُ الجبالُ الغربيّةُ (الساحليّةُ) بِغناها بالأشجارِ الحَرْجيّةِ كالأَرْزِ والسروِ والصنوبَرِ والسنديانِ.

 

3- منطقةُ السهولِ والباديةِ

وتمتدُّ هذِهِ المنطقةُ شرقَ سلسلةِ الجبالِ الشرقيّةِ (الداخليّةِ) إلى نهرِ الفُراتِ، وتمتازُ السهولُ الشماليّةُ والوسطى بخصوبةِ تُربتِها وملاءمتِها للنشاطِ الزراعيِّ عبرَ العصورِ المختلفةِ. أمّا باديةُ الشامِ فكانتْ موطنًا للعديدِ مِنَ القبائلِ التي اتّخذَتْ مِنْ رعيِ الأغنامِ مصدرًا لحياتِها.  

 

عواملُ نشوءِ الحضاراتِ القديمةِ في بلادِ الشامِ

الحضارةُ: هِيَ النتاجُ الفكريُّ والثقافيُّ والمادِّيُّ المُتراكِمُ لأيِّ أُمّةٍ مِنَ الأُممِ. وللحضارةِ عدّةُ مظاهِرَ تشملُ المظاهِرَ الحضاريّةَ والاقتصاديّةَ والاجتماعيّةَ والسياسيّةَ والثقافيّةَ.

 

ظهرتْ عدّةُ حضاراتٍ على أرضِ بلادِ الشامِ، تعودُ في معظمِها إلى هِجراتِ القبائلِ مِنْ شِبهِ الجزيرةِ العربيّةِ في الفترةِ الواقعةِ بينَ الألفِ الرابعِ قبلَ الميلادِ إلى القرنِ الأوّلِ قبلَ الميلادِ.

وقدْ أسهمَ في نُشوءِ هذِهِ الحضاراتِ؛ توافُرُ المياهِ، وخُصوبةُ التربةِ، واعتِدالُ المُناخِ، والموقعُ الجغرافيُّ المُتميِّزُ، وسِيادةُ الأمنِ والاستقرارِ. 

 

- أُبيِّنُ العلاقةَ بينَ البيئةِ الطبيعيّةِ لبلادِ الشامِ، ونشوءِ الحضاراتِ على أرضِهِ.

 

• أثرت البيئة الطبيعية في مناطق توزع الحضارات في بلاد الشام وأماكن قيامها

 

 

الحضاراتُ التي نشأَتْ في بلادِ الشامِ

1- الحضارةُ الأموريّةُ 

كانَ الأموريّونَ أوّلَ الشعوبِ التي هاجرَتْ مِنْ شِبهِ الجزيرةِ العربيّةِ إلى بلادِ الشامِ في الألفِ الرابعِ قبلَ الميلادِ واستقرّوا في الأجزاءِ الشماليّةِ ثمّ انتشَروا في المناطقِ الجنوبيّةِ، وكلمةُ أمور (Amore) أُطلِقتْ على الذينَ سَكنوا غربَ بلادِ الرافدَيِن، واتَّخذوا مدينةَ ماري (Mari) أوْ تلَّ الحريريِّ اليومَ عاصمةَ لَهُم.

 

2- الحضارةُ الكنعانيّةُ

كانَ الكنعانيونَ مِنَ الشعوبِ التي هاجرتْ مِنْ شِبهِ الجزيرةِ العربيّةِ إلى فِلَسطينَ في الألفِ الرابعِ قبلَ الميلادِ. وأسّسوا عدّةَ مُدنٍ مثلَ أريحا ومَجدّو وبيسانَ وأورسالٍم (القدسِ). وأُطلِقَ اسمُ الكنعانيِّينَ على الشعوبِ التي استوطنَتْ ساحلَ فِلسطينَ، وأمّا من سكنَ القدسَ فسُمّوا اليبوسيِّينَ.

3- الحضارةُ الفينيقيّةُ

ينتمي الفينيقيّونَ إلى الكنعانيِّينَ الذينَ استوطَنوا الساحلَ السوريَّ في الألفِ الثالثِ قبلَ الميلادِ، وأسّسوا عدّةَ ممالِكَ مِنْها: مملكةُ (أوغاريت) رأسِ شمرةَ، و(بيبلوس) جُبيل، وأرْواد، ومدنٌ مستقلّةٌ مثلُ صَيْدا وصور، واستطاعوا أنْ يُنشِئوا مراكزَ تجاريّةٍ على الضفّةِ الجنوبيّةِ للبحرِ المتوسِّطِ في الساحلِ الليبيِّ والتونسيِّ (قُرَطاجة) والمغربيِّ، والساحلِ الجنوبيِّ لشبهِ جزيرةِ أيْبيريا (إسْبانيا والبُرْتغال).

4- الحضارةُ الآراميّةُ

الآراميِّونَ مِنَ الشعوبِ التي هاجرَتْ في الألفِ الثاني قبلَ الميلادِ واستقرّتْ في وسطِ سوريّةَ، ثمّ أمتدَّ نفوذُهُم إلى سائرِ بلادِ الشامِ وشمالِ العراقِ، وأسّسوا ممالِكَ ودويلاتٍ صغيرةً مِنْها: مملكةُ دمشقَ ومملكةُ حماةَ ومملكةُ آرامَ شمالَ العراقِ.