JO Academy school

Here you can browse Jo Academy school, the curriculum, questions, explanations, and much more

الفصل الثاني : ماليزيا

تاريخ العرب - Grade التوجيهي أدبي

الفصل الثاني : ماليزيا

تعد ماليزيا من الدول الإسلامية ذات التجارب الرائدة في العالم؛ نتيجة لما حققته من تنمية شملت جوانب الحياة المختلفة، فأدى ذلك إلى دفع عجلة التقدم في البلاد بصورة ملحوظة وفي زمن قصير.

أولًا : الموقع

  تقع ماليزيا في جنوب شرق آسيا وتتألف من ثلاث عشرة ولاية، وتقسم إلى قسمين أساسييّن،   الأول: شبه الجزيرة الماليزية، والثاني: ماليزيا الشرقيّة، ويفصل بينهما بحر الصين الجنوبي.

وتبلغ مساحة ماليزيا (329,845 كم2) ويسودها المناخ الاستوائي. 

ولتعرف  موقع ماليزيا تأمل الخريطة الآتية.

يتكون السكان في ماليزيا من عدد من المجموعات العرقية, كالصينيين والتاميل والهنود والعرب والملايو المسلمين الذين يشكلون نصف السكان تقريبًا. ويبلغ عدد سكان ماليزيا نحو ثلاثين مليون نسمة.

ثانيا : لمحة تاريخية عن ماليزيا

كانت ماليزيا منذ القدم ملتقى لعدد من الحضارات والشعوب، إذ استقبلت التجار الصينيين والهنود والعرب الذين كانوا يقومون بالرحلات التجارية البحرية، فقد كانت جزيرة ملقا من أشهر المحطات التجارية في قارة آسيا حتى القرن الخامس عشر الميلادي، وأصبحت من أهم مراكز التجارة البرتغالية بعد أن احتلها البرتغاليون في عام 1511م.

وفي بداية القرن السابع عشر الميلادي أصبح التنافس التجاري واضحًا بين الهولنديين والبرتغاليين إلى أن سيطر عليها الهولنديون قرابة قرنين من الزمن، حيث امتد إليها النفوذ البريطاني إثر معاهدة بين الإنجليز والهولنديين في عام 1824م نصت على تقسيم البلاد بينهما.

وفي عام 1941م سعت اليابان للسيطرة على ماليزيا، إلا أنها اضطرت للانسحاب منها في عام 1945م. وحصلت ماليزيا على استقلالها عن بريطانيا في عام 1957م، وتأسس الاتحاد الماليزي الذي كان يضم دولة الملايو وجزيرتي صباح وسرواك، إضافة إلى سنغافورة في عام 1963، إلا أن سنغافورة انفصلت عن الاتحاد في عام 1965م.

ثالثا : النهضة في ماليزيا

بدأت النهضة الماليزية بتولي مهاتير محمد منصب رئيس الوزراء في ماليزيا، حيث سعى للنهوض بماليزيا عن طريق العمل، والانفتاح على العالم، والتعاون الدولي.

واستطاع مهاتير محمد تحويل ماليزيا من دولة فقيرة إلى قوة اقتصادية توازي في تحولها التجربة اليابانية التي اتخذها مهاتير محمد نموذجًا للتنمية في بلاده، للتشابه الكبير بين ظروف الدولتين من حيث قلة الموارد الطبيعية، وتركيز اليابان على العنصر البشري وتنمية مهاراته، وإعداده لبناء نهضتها الصناعية، مع التركيز على القيم الأخلاقية وتنمية مفاهيم العمل الجماعي والانتماء للوطن، والعمل على رفعته.
 

واعتمدت سياسة مهاتير محمد في النهوض بالبلاد على ركائز أساسية عدة، وهي:

1 - بناء الوحدة الوطنية، والتماسك الشعبي، والالتفاف حول هدف نهضة ماليزيا، وذلك بتدعيم المشاركة العملية بين مكونات المجتمع الماليزي الذي يتصف بالتنوع والتعدد العرقي.

2 - البحث عن دولة داعمة لماليزيا في تجربتها نحو التقدم والتنمية؛ وكانت هذه الدولة هي اليابان التي أصبحت من أكبر حلفاء ماليزيا في مشروعها نحو التنمية والتقدم.

3 - العمل على جذب الاستثمارات الأجنبية إلى ماليزيا.

4 - إدخال التكنولوجيا الحديثة والتدريب والتواصل والانفتاح على العالم الخارجي؛ للانتقال بالبلاد إلى مرحلة أكثر تطورًا.

5 - الاهتمام بالعنصر البشري، والسعي من أجل تحقيق الرفاهية للمواطنين الماليزيين جميعًا

        

مهاتير محمد

هـو رئيس وزراء مـاليزيـا فـي الأعــوام مــن 1981 - 2003م، وتعد أطول مدة مكثها رئيس وزراء في ماليزيا، أدى دورًا رئيسيًا في نهضة ماليزيا، إذ تحولت من دولة زراعية تعتمد على إنتاج المواد الأولية وتصديرها إلـى دولـة صناعية متقـدمــة، ومــن أشهــر مؤلفاته: التحدي، وصوت آسيا، وتحديات الاضطراب، والعولمة، والواقع الجديد.

ومن أشهر أقواله:(أفضل ثروة في أي دولة هي شعبها).

  أسهمت عوامل عدة في نجاح التجربة الماليزية منها:

1 - منظومة القيم الاجتماعية في ماليزيا، وتتمثل بالانضباط والتجانس الاجتماعي، والتركز على العمل الجماعي، واحترام الأنظمة والقوانين، والالتزام بالمواعيد، واحترام الوقت.

2 - المناخ السياسي لدولة ماليزيا القائم على الوحدة والتنوع والاستقرار السياسي الذي يسهم في التنمية الاقتصادية.

3 - النهج الديمقراطي في اتخاذ القرارات؛ ما جعل سياسة ماليزيا توصف بأنها نموذج مثالي في تطبيق الديمقراطية.

4 - إستراتيجية الاعتماد على الذات للشعب الماليزي، وإنشاء صناديق ادخارية كبرى، تعتمد على الشعب الماليزي نفسه، واستطاعت هذه الصناديق أن تجمع رقمًا ضخمًا من المليارات  شكلت رصيدًا للدولة أسهم في زيادة الاستثمار، وجلب المنفعة للشعب الماليزي.

5 - الاعتماد على الموارد الذاتية في توفير رؤوس الأموال اللازمة لتمويل الاستثمارات الاقتصادية. 

رابعًا : الاقتصاد الماليزي

سعت ماليزيا لتطبيق بعض مبادئ نظام الاقتصاد الإسلامي عن طريق خطط التنمية التي اهتمت بالإنسان والارتقاء بإمكاناته وإسهامه في عملية التنمية، وهو ما انعكس على تبني سياسات تعليمية وصحية واجتماعية واقتصادية أدت إلى ارتفاع معدلات التنمية البشرية والاقتصادية في ماليزيا.

بدأت ماليزيا في السبعينيات من القرن العشرين بالانتقال من الاعتماد على التعدين والزراعة إلى الاقتصاد الصناعي. وبانتشار الاستثمارات اليابانية في البلاد بدأت معها الصناعات الثقيلة، فازدهرت الصناعات في غضون سنوات، وأصبحت صادرات البلاد محرك النمو الرئيس.

  وفــي المـــدة نفسها بدأت الحكومـة الماليزيـة بتبني سياسة استئصال الفقر  واستثمار أموالها في إنشاء مشاريع بنية تحتية ضخمة، واستقدام الاستثمارات الأجنبـيـة إلى البلاد، والمساواة في فرض العمل بين فئات المجتمع جميعها.                                                                                                                                                                 

وفــي عـــام 1997م واجــه الاقتصاد الماليزي أزمــة كبيــرة أدت إلى هبــوط العملـة الماليـزيـة (الرنغيت) مقابل الدولار. وقد طبقت ماليزيا سياسات وطنية للخروج من هذه الأزمة، ولم تعتمد على مقترحات البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي. وقد أدى نجاح هذه السياسات إلى استمرار معدلات ثابتة من النمو أدت إلى استقرار سعر الرنغيت أمام الدولار، وبذلك تجاوزت أزمتها الاقتصادية، وأصبحت ماليزيا من الدول الصناعية المتقدمة اقتصاديًا معتمدة في ذلك على قطاعات عدة منها:

1 - الصناعة : دخلت ماليزيا في التسعينيات من القرن الماضي مرحلة صناعية مهمة؛ وذلك بتشجيع الصناعات ذات التقنية العالية، مثل صناعة السيارات والإلكترونيات، والتوسع في صناعة النسيج والحديد والصلب، حيث أصبح القطاع الصناعي يستوعب (40%) من العمالة الماهرة والمدربة.

ولعل من مؤشرات نجاح الأداء الاقتصادي لماليزيا في مدة ولاية مهاتير محمد ذلك التوسع الذي حدث في استثمارات القطاع الصناعي؛ حيث أنشئ أكثر من (15) ألف مشروع صناعي، وشكلت المشروعات الأجنبية قرابة (54%)من هذه المشاريع؛ ما يعكس مدى الاطمئنان الذي يشعر به المستثمر الأجنبي في ماليزيا من ناحية الأمان وضمان الربحية العالية, بينما مثلت المشروعات المحلية (46%)من هذه المشاريع.

وكان لهذه المشروعات عظيم الأثر والنفع على الشعب الماليزي؛ حيث وفرت مليوني فرصة عمل، إلى جانب الفائدة الكبرى المتمثلة في نقل التقنية الحديثة وتطوير مهارات العمالة الماليزية.

وتحققت في مدة ولاية مهاتير محمد طفرة ملحوظة في الاقتصاد المعرفي الذي حظي باهتمام الحكومة بوصفه عنصرًا مهمًا من عناصر الخطط التنموية، وأصبحت ماليزيا محطة إقليمية وعالمية في مجال صناعة الاتصالات والمعلومات والإنترنت.

الاقتصاد المعرفي : 

الاستثمار في المعرفة والعقل البشري، واستخدام التقنية وتوظيفها بهدف تحسين نوعية الحياة بمجالاتها وأنشطتها جميعًا.

2 - الزارعة : تعد ماليزيا إحدى الدول الزراعية الرئيسة في منطقة جنوب شرق آسيا، ويشكل قطاع الزراعة فيها أحد الروافد الرئيسة للدخل القومي، حيث يستقطب هذا القطاع كثيرًا من الأيدي العاملة المحلية والأجنبية. وتشتهر ماليزيا بزراعة المطاط وشجر زيت النخيل والكاكاو والشاي والموز وجوز الهند.

3 - السياحة : تعد السياحة من القطاعات المهمة في ماليزيا، ومن أهم القطاعات الاقتصادية، وقد أسهم هذا القطاع في النهوض بالاقتصاد الماليزي، إذ انتهجت ماليزيا سياسة الصناعة السياحية، وتعد السياحة ثاني أكبر مصدر دخل لالقتصاد الماليزي حاليًّا، ولذلك رأت  الحكومة الماليزية في أن تعزز الجهود لتطوير هذه الصناعة عن طريق جذب السياح، وفتح الفنادق العالمية، وتحفيز الشركات العالمية لإنشاء شركات سياحة في ماليزيا، وقد أنشئ أول موقع سياحي عن ماليزيا باللغة العربية، ويعد شارع العرب أبرز الأماكن السياحية في كوالالمبور.         

خامسًا : التعليم في ماليزيا

اعتمدت السياسة التعليمية في ماليزيا على مجموعة من المرتكزات منها:

1 - الاهتمام بالتعليم في مرحلة ما قبل المدرسة (رياض الأطفال)؛ إذ جعلت  هذه المرحلة جزءًا من النظام التعليمي، واشترط أن تكون دور رياض الأطفال جميعها مسجلة لدى وزارة التربية، وتلتزم بمنهج تعليمي مقرر من الوزارة.

2 - تنمية المعاني والقيم الوطنية، وتعزيز روح الانتماء في مرحلتي التعليم الابتدائي والثانوي عن طريق مواد تدرس فيها العلوم والآداب، ومواد خاصة بالمجالات المهنية والفنية التي تتيح للطالب فرصة تنمية مهاراتهم وصقلها.

3 - إنشاء كثير من معاهد التدريب المهني التي تستوعب طلاب المدارس الثانوية، وتؤهلهم لدخول سوق العمل في مجال الهندسة الميكانيكية والكهربائية .

4 - وضع خطة تقنية شاملة في عام 1996م من أهم أهدافها إدخال الحاسب الآلي والارتباط بشبكة الإنترنت في كل مدرسة، فأنشأت الحكومة الماليزية المدارس الذكية التي تتوافر فيها مواد دراسية تساعد الطلاب على تطوير مهاراتهم واستيعاب التقنية الجديدة؛ وذلك عن طريق مواد متخصصة عن أنظمة التصنيع المتطورة، وشبكات الاتصال، ونظم استخدام الطاقة النظيفة التي لا تلحق تلوثًا بالبيئة.

 5 - الحرص على الانفتاح والاستفادة من النظم التعليمية المتطورة في الدول المتقدمة، وفي هذا السياق أُنشئ أكثر من (400)معهد وكلية جامعية خاصة. وأتاحت الفرصة للطلاب الماليزيين لمواصلة دراستهم في الجامعات الأجنبية.

6 - مشاركة القطاع الخاص بدعم البحث العلمي، ما أدى إلى زيادة القدرة على التطوير والابتكار والمنافسة، وإثبات وجود ماليزيا في الأسواق المحلية والعالمية.