مدرسة جواكاديمي

هنا يمكنك تصفح مدرسة جو اكاديمي، المنهاج، اسئلة، شروحات، والكثير أيضاً

ف 4 -وحدة2- الأنجازات السياسية في عهد الملك عبدالله الثاني

تاريخ الأردن - الصف المواد المشتركة توجيهي

 الفصل الرابع : الإنجازات السياسية في عهد الملك عبدالله الثاني ابن الحسين

 

أولا : حياته ونشأته 

 الديوان الملكي الأردني يرد على تقارير امتلاك الملك عبدالله الثاني لعقارات  بالخارج - CNN Arabic

ولد الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في عمان في 30/كانون الثاني /1962م ، وهو الابن الأكبر للملك الحسين .

وقد وجه الملك الحسين بن طلال كلمة للشعب الأردني بمناسبة مولده قال فيها (...ولسوف يكبر عبدالله ويترعرع في صفوفكم بين أخوته من أبنائكم وبناتكم ،وحين يشتد به العود ويقوى له الساعد سيذكر ذلك اللقاء الخالد الذي لقي به كل واحد منكم بشرى مولده ،وسيذكر تلك البهجة العميقة التي شاءت محبتكم ووفاؤكم إلى أن تتفجر أنهارها في كل قلب من قلوبكم).

وتلقى الملك عبدالله الثاني علومه الابتدائية في الكلية العلمية الإسلامية في عمان ،وانتقل بعدها إلى مدرسة سانت إدموند في إنجلترا ،ثم إلى إيجلبروك وأكاديمية ديرفيلد في الولايات المتحدة الأمريكية لإكمال دراسته الثانوية ،والتحق بكلية ساندهيرست العسكرية في بريطانيا ،ثم تابع دراسته في جامعة أكسفورد ،وفي عام 1987م التحق بجامعة جورج تاون في واشنطن ،لدراسة الشؤون الدولية .   

بدأ الملك عبدالله الثاني حياته العسكرية في الجيش العربي الأردني قائِداً لسرية في كتيبة الدبابات الملكية (17) عام 1989م ،وترقى في صفوف القوات المسلحة الأردنية حتى أصبح قائِداً للقوات الخاصة الملكية عام 1994م ،حيث أعاد تنظيم هذه القوات وفق أحدث المعايير العسكرية الدولية .

حظي جلالة الملك عبدالله الثاني بِمُسْتَوىً عالٍ من التعليم والتدريب شَكَّلْ الدافع القوي لديه لتمكين أبناء شعبه من الحصول على تعليم مميز ، وقد عبر عن هذا بقوله :

  طموحي هو أن يحظى كل أردني بأفضل نوعية من التعليم  ،فالإنسان الأردني ميزته الإبداع ،وطريق الإبداع يبدأ بالتعليم .

تَوَلَّى الملك عبدالله الثاني ابن الحسين سلطاته الدستورية في 7/ شباط /1999م بعد وفاة الملك الحسين بن طلال - رحمه الله - لتبدأ مرحلة جديدة ومهمة في تاريخ الأردن المعاصر .

وَأَلَّفَ المَلِكُ عَبْدُاللّٰه الثانِي كِتاباً عَبَّرَ فِيهِ عَن رُؤْيَتِهِ لِتَحْقِيقِ السَلامِ العادِلِ وَالشامِلِ فِي المِنْطَقَةِ العَرَبِيَّةِ بِعُنْوانِ " فُرْصَتُنا الأَخِيرُ :السَعْيُ نَحْوَ السَلامِ فِي وَقْتِ الخَطَرِ ".

 

من هو ولي العهد الأردني - موضوع

 

صدرت الإرادة الملكية السامية في 2/تموز / 2009م بتعيين سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني وَلِيّاً لِلعَهْدِ وِفْقاً للدستور الأردني الذي ينص "على انتقال ولاية الملك من صاحب العرش إلى أكبر أبنائه من الذكور سنا" .

ولد سمو الأمير الحسين بن عبد الله الثاني في عمان في 28/حزيران / 1994م ،تلقى تعليمه الثانوي في الأردن ،والتحق سموه في جامعة جورج تاون في الولايات المتحدة الأمريكية لدراسة التاريخ الدولي ،وتخرج فيها عام 2016م .

أطلق سمو الأمير العديد من المبادرات منها : 

  • "سَمِعَ بِلا حُدُودٍ " بهدف دعم الأطفال الصم وتأهليهم .
  • مبادرة "حَقَّقَ" لتنمية مهارات الفرد والجماعة في مجال التعاون والعمل المشترك .
  • مبادرة "قصي " لتأهيل الكوادر الطبية في المجال الرياضي .

 ► وشارك سموه على الصعيد الدولي مشاركات عديدة من أهمها :

  •   ترأس جلسة مجلس الأمن الدولي في نيسان من عام 2015م ،التي كانت بعنوان " صون السلام والأمن الدوليين :دور الشباب في مكافحة التطرف والعنف وتعزيز السلام " وبتراس سموه تلك الجلسة أصبح سموه أصغر شخصية سنا تترأس مجلس الأمن منذ تأسيسه .
  • رعى سموه فعاليات المنتدى العالمي الأول من نوعه للشباب والسلام والأمن الذي دعا إليه في آب من عام 2015م حيث صدر عنه إعلان عمان .

وَقَدْ نَجَحَ سُمُوُّهُ فِي لَفْتِ أَنْظارِ العالَمِ لِلدَوْرِ المُهِمِّ لِلشَبابِ ،وَتَوْحِيدِ جُهُودِ العالَمِ بِقِيادَتِهِ لِاِسْتِصْدارِ قَرارٍ تارِيخِيٍّ مِن مَجْلِسِ الأَمْنِ فِي الأُمَمِ المُتَّحِدَةِ يُعَدُّ الأَوَّلَ مِن نَوْعِهِ خاصّاً بِالشَبابِ وَالسَلامِ وَالأَمْنِ وَهُوَ قَرارٌ  حَمْلُ رَقْمِ (2250) الَّذِي جاءَ اِسْتِناداً  إِلَى إِعْلانِ عَمّانَ حَوْلَ الشَبابِ  وَالسَلامُ وَالأَمْنِ " وَهُوَ قَرارٌ لِمَجْلِسِ الأَمْنِ فِي هٰذا المَجالِ .

 ثانيا : الإنجازات السياسية الداخلية 

 

أبرز الإنجازات السياسية الداخلية في عهد الملك عبدالله الثاني ابن الحسين 

      شهد الأردن تطورات وإنجازات سياسية نابعة من النهج الديمقراطي الذي سارت عليه الحكومات الأردنية بتوجيه من الملك عبدالله الثاني ،ومن أبرز الإنجازات ما يأتي :

  1.  إنشاء محكمة دستورية بوصفها جهة قضائية مستقلة للرقابة على دستورية القوانين والأنظمة ،وتفسير النصوص الدستورية .                                                                           
  2. تأسيس هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات وإدارتها ،باسم "الهيئة المستقلة للانتخاب".
  3. إعادة النظر بالقوانين الناظمة للعمل السياسي ،وفي مقدمتها قوانين الانتخاب والأحزاب السياسية ،والاجتماعات العامة ، والمطبوعات .
  4. قانون اللامركزية : صدرت الإرادة الملكية السامية في 16/ كانون الأول /عام 2015م ،بالمصادقة عَلَى قانُونِ اللامَرْكَزِيَّةِ بِناءً عَلَى ما قَرَّرَهُ مَجْلِسا الأَعْيانِ وَالنُوّابِ ،وَالَّذِي يَقُومُ عَلَى اِنْتِخابِ "مَجْلِسِ المُحافَظَةِ " فِي مُحافَظاتِ المَمْلَكَةِ كافَّةً .  

 

 

 

   yes         

   المحكمة الدستورية 

 هيئة قضائية مستقلة أنشئت عام 2011م تتألف من مجموعة من القضاة مدة عضويتهم ست سنوات غير قابلة للتجديد ،تختص بالرقابة على دستورية القوانين ،وتكون أحكامها نهائية وملزمة للسلطات جميعها .

 

 مجلس المحافظة .

  بِناءً على قانون اللامركزية ينتخب في كل محافظة أعضاء مجلس المحافظة على أن تعين الحكومة ما نسبته 25%من أعضاء المجلس .

                                                                                                                        

 ثالثا : الأوراق النقاشية لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين 

حرص الهاشميون منذ تأسيس الدولة الأردنية على التواصل مع أبناء الشعب الأردني بالوسائل كافة من خلال :--

  • وسعوا دائمًا إلى دعم مشاركة المواطن الفاعلة في عملية صنع القرار وتطوير الحياة الديموقراطية ،
  • تجذير أسس العدالة والمساواة تَحْقِيقاً لِلمَبادِئِ التي جاءت من أجلها النهضة العربية الحديثة التي قادها الهاشميون .

وَتَحْقِيقاً لِهٰذا الإِيمانِ الهاشِمِيِّ بضرورة أن يكون المواطن شَرِيكاً حقيقيًا وفاعلاً في صنع القرار ،واستكمالا للمسيرة الإصلاحية الشاملة المستمرة منذ تأسيس المملكة . لذا ارتأى جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين أن يخطو خطوة إضافية من التواصل المباشر والمفتوح مع أبنائه وبناته. 

  • نشر جلالته سلسلة من الأوراق النقاشية المهمة التي يشارك فيها جلالته الأردنيين حول :
  1. رؤيته الإصلاحية لإنضاج الديمقراطية وضمان نجاحها ،
  2. وتحفيز المواطنين للدخول في حوار بِناءً  حول القضايا المهمة
  3. والمشاركة الشعبية في عملية صنع القرار ،أو كما أسماها جلالته "المواطنة الفاعلة ".

 

      

  الورقة النقاشية الأولى  " مسيرتنا نحو بناء الديمقراطية المتجددة "

   

                                                                                                       

الورقة النقاشية الأولى  9 كانون الأول/ديسمبر 2012م                                                         

                                  التاج الملكي الهاشمي - التراث الملكي الأردني                                     العيد الثالث والخمسون لميلاد جلالة الملك عبدالله الثاني

   بقلم جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين 

 يأتي نشر هذه الورقة النقاشية مع بدء الحملات الانتخابية للقوائم الوطنية والدوائر المحلية على امتداد ربوع وطننا العزيز، معلنة انطلاق سباق انتخابي نحو مجلس النواب القادم، هذا السباق الذي سيحظى فيه كل يوم من أيام الحملات الانتخابية بأهمية كبرى، وسيكون لكل مواطن ولكل صاحب صوت منكم دور أساسي في بث الحياة من جديد في مسيرتنا الديمقراطية.

 وعلينا أن نتذكر أن التنافس بين المرشحين لن يكون من أجل منصب يصلون من خلاله إلى مجلس النواب لحصد امتيازات شخصية، بل هو تنافس من أجل هدف أسمى ألا وهو شرف تحمّل المسؤولية: مسؤولية اتخاذ القرارات التي تمس مصير  الأردن وجميع الأردنيين.

إن مسؤوليتي في هذا الظرف تتمحور في تشجيع الحوار بيننا كشعب يسير على طريق التحول الديموقراطي، وتأتي ورقة النقاش هذه كخطوة على هذا الطريق، حيث أسعى من خلال ما أشارككم به اليوم، إضافة إلى مجموعة من الأوراق النقاشية التي ستنشر خلال الفترة القادمة، إلى تحفيز المواطنين للدخول في حوار بناء حول القضايا الكبرى التي تواجهنا. وكنت قد أوضحت منذ بضعة أسابيع في مقابلة مع صحيفتي "الرأي والجوردن تايمز"، وبالتفصيل، رؤيتي لمستقبل الديمقراطية في الأردن وخارطة الإصلاح التي ستقودنا إليه. أما اليوم، فإنني سأكرس هذه الورقة للحديث حول مجموعة من الممارسات التي أؤمن أننا بحاجة إلى تطويرها وتجذيرها على امتداد رحلتنا نحو الديمقراطية، ضمن نظامنا الملكي الدستوري.
لقد آن الأوان للتحرك بجدية نحو محطات رئيسة على طريق إنجاز الديمقراطية، وستمثل الانتخابات النيابية القادمة إحدى المحطات الأساسية على خارطة طريق الإصلاح السياسي. وقد بدأتم، كمواطنين، تلتقون المرشحين يجوبون أحياءكم للفوز بثقتكم وبأصواتكم. ولكن الأهم من ذلك هو محافظة هؤلاء المرشحين على ثقتكم، واحترامهم لأمانة أصواتكم، على مدى السنوات القادمة، ولكم الحق، بل عليكم مسؤولية وطنية بمحاورتهم للوقوف على توجهاتهم إزاء القضايا المهمة التي نعيشها، وفي مقدمتها الوضع الاقتصادي وقضايانا الوطنية ذات الأولوية والرؤية المستقبلية لوطننا الغالي.

ومن المهم أيضاً ألا تنحصر حواراتكم ونقاشاتكم بالمرشحين فقط، بل أن تتناقشوا فيما بينكم كمواطنين في مجالسكم ودواوينكم، وفي المنتديات الثقافية، وفي مختلف المنابر الاجتماعية المتاحة حول جميع القضايا ذات الأولوية دون أية قيود أو محددات. فحتى تنجح الديمقراطية، لا بد من استمرار الحوار والنقاش، وأن يبادر الناخبون للتصويت على أساس مواقف المرشحين من الأولويات الأساسية التي يطرحها المواطنون، وليس على أساس العلاقات الشخصية، أو صلات القربى.
إنني أؤمن بأن رؤية المواطنين للعملية السياسية، سواء أكانوا يمثلون حزباً سياسياً أو فئة اجتماعية محددة، تقوم على اعتبارها فرصة للتنافس العادل والشريف من أجل الوصول إلى أفضل الأفكار والحلول. فلا يمكن لفئة بمفردها تحقيق جميع الأهداف التي تسعى إليها، بل يجب التوصل إلى تفاهمات تتبنى حلولا وسطا وتحقق مصالح الأردنيين جميعاً، فالامتحان الحقيقي والحاسم لمساعينا الديمقراطية يكمن في قدرتنا على النجاح كأسرة واحدة في مواجهة التحديات.
تبرز في الكثير من الأحيان في الأردن، كما في باقي دول العالم، اختلافات في الرأي، لأسباب شخصية أو سياسية، تعبر عن نفسها بمظاهر تأخذ أحيانا أشكالا غير بناءة كالتصلب في المواقف والعنف والمقاطعة التي لا تقود بالضرورة إلى النتائج المرجوة. وهذه المظاهر تؤدي إلى توقف آني للممارسة الديمقراطية وتحول دون الوصول إلى التوافق المنشود. ولذا، علينا جميعا أن نعمل من أجل تجاوزها وإعادة عربة الديمقراطية إلى مسارها الصحيح، فالديمقراطية لا تكتمل إلا بالمبادرة البنّاءة وقبول التنوّع والاختلاف في الرأي. كما أن الوصول إلى مقاربة متوازنة تجمع بين الحوار المنفتح، والمنافسة الشريفة، واتخاذ القرار عن وعي ودراية، هي لبنة أساسية في بناء النظام الديموقراطي الذي نريده نهجا يقودنا إلى المستقبل المشرق الذي يستحقه جميع الأردنيين.
وعليه، فإن رؤيتنا لطبيعة النظام الديموقراطي الذي نعمل على بنائه واضحة، كما أن طريق الوصول إليه واضح، لكنه ليس بالطريق السهل، ولا يوجد طريق مختصر، إنه طريق يُبنى بالتراكم، ويحتاج بشكل أساسي إلى مراجعة أهم ممارساتنا الديمقراطية، وفي مقدمتها: كيف نختلف ضمن نقاشاتنا العامة، وكيف نتخذ القرار.

    

    enlightenedيلاحظ القارئ  أن الورقة النقاشية الأولى تطرقت إلى مسألتين أساسيتين :

  •  كيف نختلف مع بعضنا بعضا ضمن نقاشتنا العامة .
  • كيف نتخذ القرارات على مستوى الوطن .

      وقد دعت إلى ترسيخ أربع ممارسات اجتماعية بهدف تجذير الديموقراطية هي : 

  1. احترام الآراء : إن أساس العلاقة بين الأردنيين والأردنيات هو وحدتهم والمساواة بينهم بغض النظر عن العرق أو الأصل أو الدين ،وتفهم آراء الآخرين وقبول الاختلاف ،وهو أعلى درجات الاحترام ،وإن  حرية التعبير تكون ناقصة إذا لم يلتزم المواطنون جميعا بمسؤولية الاستماع .
  2. المواطنة ترتبط بصورة رئيسة بممارسة واجبات المساءلة أكد جلالته أهمية انخراط المواطن في بحث القضايا والقرارات من غير قيود ،ودعاهم إلى محاورة المرشحين ،ومتابعة أدائهم ،وأن يتقدم هؤلاء المرشحون ببرامج عملية تستجيب لاحتياجات المواطنين .
  3. الاختلاف في الرأي لا يعني الفرقة : إن تنوع الآراء والمعتقدات والثقافات في الأردن هو عنصر قوة وليس عنصر ضعف ،وعندما يرتكز الاختلاف على الاحترام  فإنه يؤدي إلى الحوار ، وهو جوهر الديمقراطية .
  4. أفراد المجتمع جميعهم شركاء في بذل التضحيات وتحقيق المكاسب :تكون الشراكة بين أفراد المجتمع على أساس التساوي في تحمل المسؤولية تجاه الوطن في الظروف الصعبة ،والتساوي في فرص تحقيق المكتسبات في أوقات الازدهار . 

 

 

 

   الورقة النقاشية الثانية : " تطوير  نظامنا الديمقراطي لخدمة جميع الأردنيين "

  

                                                                                                                                                                                                                                                                      بقلم جلالة  عبدالله الثاني ابن الحسين 16 كانون الثاني/يناير 2013  

 الورقة النقاشية الثانية 

 

                                 العيد الثالث والخمسون لميلاد جلالة الملك عبدالله الثاني               يرمز التاج في شعار المملكه الاردنيه الهاشميه الى ماذا - موسوعة نت         

 

                      

                       

  الديمقراطية في جوهرها عملية حيّة نمارسها جميعاً، مواطنين ودولة. وفي الأردن، شكَّل الدستور أساس الحياة السياسية والديمقراطية الذي طالما ووفر إطاراً تنظيمياً لقراراتنا وخياراتنا على مدى تسعين عاما. وهذا هو الأساس، ولكن لا بد أن تستمر المؤسسات والقوانين بالتطور والارتقاء نحو الأفضل. لقد حققنا بالفعل تقدماً مشهوداً على هذا الطريق في السنوات الأخيرة، إذ قادت التعديلات الدستورية التي شملت ثلث الدستور إلى تعزيز الفصل والتوازن بين السلطات، ورسخت استقلال القضاء، وصون حقوق المواطن. كما تم إنشاء محكمة دستورية، وهيئة مستقلة للانتخاب. وهذه الإنجازات تهدف إلى تمكين شعبنا الأردني من رسم مستقبل الوطن بشفافية وعدالة وبمشاركة الجميع.وقد آن الأوان لنمضي سويا في تعزيز هذه القاعدة الصلبة، والبناء عليها.

إن تكوين مجتمع ديمقراطي متقدم هو نتاج التعلّم من التجارب المتراكمة، والجهود المشتركة، وتطويره مع مرور الوقت، ولا يتم ذلك من خلال مرحلة إصلاحية محددة أو جملة إصلاحات واحدة. فالإصلاح الديمقراطي لا يختزل بمجرد تعديل للقوانين والأنظمة، إنما يتطلب تطويرا مستمرا للنهج الذي يحكم الممارسات والعلاقة بين المواطنين، والجهاز الحكومي، والنواب الذين يحملون أمانة ومسؤولية اتخاذ القرار بالنيابة عن المواطنين الذين انتخبوهم. وكما أشرت في الورقة النقاشية الأولى، فإن التزامنا بمبادئ المواطنة الحقة، والاحترام المتبادل، وممارسة واجب المساءلة، والشراكة في التضحيات والمكاسب، والحوار البناء وصولاً إلى التوافق على امتداد مسيرتنا المباركة هي من ضروريات نجاحنا كأمة في مسعاها نحو تجذير الديمقراطية.

وتباعاً، فإنني في هذه الورقة* أود أن أشارككم اجتهادي في الرأي مساهمة في الحوار الوطني حول أحد أهم جوانب التطور الديمقراطي، ألا وهو الانتقال نحو نهج الحكومات البرلمانية.إن مبادئ مسيرتنا ونهجنا الإصلاحي راسخة وواضحة، فنحن ملتزمون برعاية وتعزيز مبدأ   التعددية السياسية وصون حقوق جميع المواطنين، ومستمرون أيضا في تطوير منظومة من الضوابط العملية لمبادئ الفصل والتوازن بين السلطات وآليات الرقابة من أجل بناء نظام ديمقراطي سليم، وسنعمل على تقوية مجتمعنا المدني، وسنحرص على توفير فرصة عادلة للجميع للتنافس السياسي، والاستمرار في حماية حقوق جميع المواطنين التي كفلها الدستور. والسؤال الجوهري المطروح في هذا السياق، والذي لا بد أن نسعى جميعا للإجابة عليه: كيف سنضمن استمرار مؤسساتنا وأنظمتنا بالعمل على ترسيخ هذه المبادئ والحقوق وحمايتها ونحن ماضون في عملية التحول الديمقراطي؟ ومن المهم أن يدرك الجميع أننا سنواجه صعوبات وتحديات، وقد يكون هناك بعض الإخفاقات، ولكن سيكون هناك نجاحات أكثر، وهي متاحة للحوار والتقييم ضمن نقاش عام، وهذا أمر طبيعي، لأن هذه متطلبات التطور الديمقراطي، ودليل على مصداقيته.

الأنظمة الديمقراطية والنموذج الأردني

الأنظمة الديمقراطية والنموذج الأردني
إن المبدأ الأساسي للديمقراطيات الحديثة يقوم على اختيار الشعب لممثلين ينوبون عنه في اتخاذ القرارات على مستوى الوطن، ومع تطوير مختلف الدول لأنظمتها الديمقراطية، برزت عدة نماذج في تطبيق هذا المبدأ الديمقراطي. ففي الجمهوريات على سبيل المثال، هناك أنظمة رئاسية وأنظمة برلمانية. وفي الأنظمة الرئاسية (كما هو الحال في فرنسا) عادة ما يُخَوَّل الرئيس المنتخب تعيين حكومة بشكل مباشر، مع اشتراط موافقة البرلمان في بعض الأحيان. وفي الأنظمة البرلمانية (كما هو الحال في تركيا) غالبا ما يتم تشكيل الحكومة من خلال رئيس وزراء يمثل حزب الأغلبية في البرلمان أو يمثل ائتلافا لأحزاب تحظى بالأغلبية.
أمّا في الملكيات الدستورية، وإلى حد شبيه بالأنظمة الجمهورية البرلمانية، فإن الحكومات غالبا ما تُشكل من قبل حزب الأغلبية المنتخب، أو ائتلاف لأحزاب تحظى بالأغلبية في المجلس التشريعي (كما هو الحال في إسبانيا وبلجيكا).
إن هناك تباينات عدّة لكل من هذه النماذج،  لكن الثابت في الأمر هو أنه لا يوجد وصفة واحدة صحيحة بالمطلق تناسب جميع الدول. فالنظام السياسي لكل دولة يعكس بالمجمل التاريخ والثقافة الخاصة بها. فاليوم، وضمن محيطنا الإقليمي، نرى في مصر وتونس مساع لتطوير الأنظمة الجمهورية، فيما يشكل المغرب والأردن نماذج لملكيات دستورية. وقد تطورت ملكيتنا الدستورية على مدار تسعة عقود، وستستمر في التطور والتحديث، وستكون الخطوة التالية في هذه المسيرة المباركة بإذن الله آلية تشكيل الحكومات.

الانتقال إلى الحكومات البرلمانية

كما سبق وأشرت في أكثر من مناسبة، فإن مسار تعميق ديمقراطيتنا يكمن في الانتقال إلى الحكومات البرلمانية الفاعلة، بحيث نصل إلى مرحلة يشكل ائتلاف الأغلبية في مجلس النواب الحكومة. وفور انتهاء الانتخابات النيابية القادمة، سنباشر بإطلاق نهج الحكومات البرلمانية، ومن ضمنها كيفية اختيار رؤساء الوزراء والفريق الوزاري. وبالرغم من أن التجارب الدولية المقارنة تشير إلى الحاجة إلى عدة دورات برلمانية لإنضاج هذه الممارسة واستقرارها، إلا أن ما يحدد الإطار الزمني لعملية التحول الديمقراطي هذه هو نجاحنا في تطوير أحزاب سياسية على أساس برامجي، تستقطب غالبية أصوات المواطنين، وتتمتع بقيادات مؤهلة وقادرة على تحمل أمانة المسؤولية الحكومية.
لقد درجت الممارسة السياسية تاريخيا في الأردن على اختيار رؤساء الوزراء والفريق الوزاري على أساس مزاياهم القيادية وخبراتهم العلمية والعملية، والحصول دستوريا على ثقة مجلس النواب. وبالتالي، اعتمدت الوزارات المختلفة على ما لديها من خبرات ومعرفة للتعامل مع التحديات التي تواجه الوطن. ومع عدم وجود أحزاب سياسية فاعلة، ذات برامج وطنية قادرة على بناء الائتلافات، وعلى استقطاب غالبية أصوات المواطنين، فإن الممارسة السياسية درجت على أن إشراك نواب في الحكومات هو من باب الاستثناء وليس القاعدة. لذلك، علينا أن نباشر في بناء نظام الحكومات البرلمانية. وكخطوة أولى، فإننا سنبادر إلى تغيير آلية اختيار رئيس الوزراء بعد الانتخابات التشريعية القادمة، وفقا للمعايير التالية:
إن رئيس الوزراء القادم، والذي ليس من الضروري أن يكون عضواً في مجلس النواب، سيتم تكليفه بالتشاور مع ائتلاف الأغلبية من الكتل النيابية.
وإذا لم يبرز ائتلاف أغلبية واضح من الكتل النيابية، فإن عملية التكليف ستتم بالتشاور مع جميع الكتل النيابية.
وبدوره، سيقوم رئيس الوزراء المكلّف بالتشاور مع الكتل النيابية لتشكيل الحكومة البرلمانية الجديدة والاتفاق على برنامجها، والتي ينبغي عليها الحصول على ثقة مجلس النواب، والاستمرار بالمحافظة عليها.
إنني على قناعة تامة بضرورة الاستمرار في تطوير هذه الآلية، استنادا إلى ما نتعلمه من تجربتنا، ونضوج نظام الحكومات البرلمانية، منطلقين من هذه الخطوة نحو تطبيق نهج الحكومات البرلمانية الشامل.

متطلبات التحول الديمقراطي الناجح

إن الوصول إلى نظام الحكومات البرلمانية الشامل يعتمد على ثلاث متطلبات أساسية ترتكز على الخبرة المتراكمة والأداء الفاعل، وهي:
أولاً: حاجتنا إلى بروز أحزاب وطنية فاعلة وقادرة على التعبير عن مصالح وأولويات وهموم المجتمعات المحلية ضمن برامج وطنية قابلة للتطبيق. ولا شك أن هذه العملية تحتاج إلى وقت حتى تنضج. ومع وصول أحزاب سياسية تتنافس على مستوى وطني، ووفق برامج تمتد لأربع سنوات إلى مجلس النواب، وحصولها على مزيد من المقاعد، وتشكيلها لكتل نيابية ذات قواعد صلبة، سيكون هناك قدرة أكبر على إشراك نواب كوزراء في الحكومة.
ثانياً: سيكون على الجهاز الحكومي تطوير عمله على أسس من المهنية والحياد، بعيدا عن تسييس العمل، لمساندة وإرشاد وزراء الحكومات البرلمانية، خاصة وأن هذا النموذج يعني بمفهومه الأشمل أن الوزراء الذين يكلفون لتولي حقائب معينة قد لا يتمتعون بخبرة عملية سابقة في مجال عمل الوزارات التي سيتولونها (مفهوم الوزير السياسي مقارنة بالوزير التكنوقراطي). ولذا، فمن الضروري أن يصبح الجهاز الحكومي مرجعاً موثوقاً للمعرفة والمساندة الفنية والمهنية، ومن المهم أيضاً أن يعتمد الوزراء على خبرات هذا الجهاز في صنع القرار.
ثالثاً: تغيير الأعراف البرلمانية من خلال تطوير النظام الداخلي لمجلس النواب بما يعزز نهج الحكومات البرلمانية، وعلى مجلس النواب المباشرة بذلك والاستمرار في بناء هذه الأعراف وتطويرها. والهدف من هذا الأمر، هو أن تساهم هذه الأعراف في تأطير آلية تشكيل الحكومات من خلال التشاور والتوافق بين الكتل النيابية. وهذا سيتطلب بلورة فهم مشترك حول كيفية وصول هذه الكتل إلى وضع برامج تعكس سياسات متفقاً عليها كأساس للتعاون والاستقرار الحكومي. وبالمقابل، فإن أحزاب المعارضة بحاجة إلى بلورة أعراف مماثلة تحكم آلية التعاون فيما بينها من أجل مساءلة الحكومات وعرض رؤى بناءة بديلة (كحكومة ظل). ولا شك أن دور المعارضة هذا يشكل أحد عناصر النجاح لتجربة الحكومات البرلمانية.

نظرة مستقبلية: الأدوار والمسؤوليات

إن السرعة والنجاح في تطبيق المتطلبات الثلاثة أعلاه يشكلان عنصراً أساسيا في عملية الانتقال الناجح نحو الحكومات البرلمانية، وهي أساس التحول الديمقراطي في نظامنا السياسي. وخلال مرورنا في عملية الانتقال هذه سيترتب على العديد من مؤسساتنا السياسية وفئات مجتمعنا لعب أدوار مختلفة وتحمل مسؤوليات جديدة. وفي الورقة النقاشية الثالثة، سأسعى إلى تقديم اجتهاد يوضح أدوار ومسؤوليات جميع أطراف المعادلة السياسية، وسأقترح بعض الرؤى حول كيفية تطوير هذه الأدوار في السنوات القادمة.

 

   enlightenedتناولت الورقة النقاشية الثانية عَدَداً من المحاور لمتابعة المسيرة الديمقراطية الأردنية المستمرة منذ تأسيس المملكة الأردنية الهاشمية ،وتطويرها وتعميقها للوصول إلى نهج الحكومات البرلمانية الفاعلة ،وبين جلالته بعض الخطوات والمتطلبات للوصول إليها منها :

  1.  الحاجة إلى بروز أحزاب وطنية فاعلة قادرة على التعبير عن مصالح المجتمعات المحلية وأولوياتها وهمومها ضمن برامج وطنية قابلة للتطبيق .
  2. تطوير  عمل الجهاز الحكومي على أسس المهنية والحياد ،بعيدا عن تسييس العمل .     

   enlightened  واشتملت  هذه الورقة تأكيد جلالته  للمبادئ الراسخة للنهج الإصلاحي في الأردن ،وهي :

  1.  الالتزام بمبدأ التعددية السياسية .
  2. صون حقوق الأقليات .
  3. الاستمرار في تطوير مبدأ الفصل والتوازن بين السلطات وآليات الرقابة من أجل نظام ديمقراطي سليم .
  4. تقوية مؤسسات المجتمع المدني .
  5. توفير فرصة عادلة للتنافس السياسي .
  6. الاستمرار في حماية حقوق المواطنين التي كفلها الدستور . 

 

 

 

 

    الورقة النقاشية الثالثة  :أدوار تنتظرنا لنجاح ديمقراطيتنا المتجددة 

العيد الثالث والخمسون لميلاد جلالة الملك عبدالله الثاني              يرمز التاج في شعار المملكه الاردنيه الهاشميه الى ماذا - موسوعة نت

 

       

     

    بقلم جلالة عبدالله الثاني ابن الحسين
     2 آذار/مارس 2013

 

"الوصول إلى حكومات برلمانية فاعلة يتطلب وجود أحزاب ذات قواعد ممتدة على مستوى الوطن، وبرامج قوية، وتعتمد على إطار عمل يقوم على قيم ديمقراطية وطنية، يتم تجسيدها كثقافة ديمقراطية في مؤسساتنا العامة وحياتنا السياسية"

    أولاً: دور الأحزاب السياسية:

إن مفهوم الديمقراطية لا ينحصر في تعبير الأفراد عن آرائهم ووجهات نظرهم، بل إنه يشمل العمل لتحويل ما ينادي به الأفراد إلى خطط عمل مشتركة باقتراحات واقعية وعملية تسهم في تقدم الوطن، وهذا هو الدور الرئيس للأحزاب السياسية.
وقد بيَّنت في السنوات الأخيرة رؤيتي الواضحة لنظامنا السياسي، والقائم على تطوير عدد منطقي من الأحزاب السياسية الرئيسة ذات القواعد الممتدة على مستوى الوطن، لتعكس مختلف توجهات الأطياف السياسية. وهذا النوع من الأنظمة هو الوحيد القادر على إتاحة الفرصة للتنافس البنّاء بين الأفكار والطروحات التي يحتاجها الأردن، وعلى بناء التوافق النيابي حول القرارات الواجب اتخاذها.
وبطبيعة الحال، يحتاج الأردن إلى وقت من أجل تطوير أحزاب سياسية بالحجم والامتداد الوطني والقدرات الضرورية للنهوض بهذا الدور المحوري. وبالمقارنة مع ديمقراطيات مرت بتجربة التحول حديثاً، كما في أوروبا الشرقية خلال التسعينيات، تطلب التحول الديمقراطي عدة دورات انتخابية، وامتد لأكثر من عشر سنوات، من أجل انتقال الأحزاب المنقسمة وذات البنية الضعيفة إلى حالة من التجمع والاندماج، وصولاً إلى أحزاب حقيقية تعمل على مستوى وطني، تُشكل الحكومات، وتقوم بمهامها بشكل فاعل. أما البديل عن بناء أحزاب سياسية فاعلة وذات قواعد شعبية على مستوى الوطن، فهو استمرار ائتلافات قائمة على بنية ضعيفة، لا تجمعها إلا النفعية السياسية الضيقة، وليس البرامج والفكر المشترك. وقد أدت مثل هذه الظروف، في دول أخرى، إلى إفراز حكومات غير مُمَثّلة وغير مستقرة، ونريد للأردن أن يتفادى مثل هذه الحالة لأن وطننا يستحق الأفضل دائماً.
إن التركيز يجب أن يوجّه، في المرحلة القادمة، نحو تطوير وتحفيز الأحزاب ذات البرامج والقواعد الشعبية على مستوى الوطن، بحيث يتوجه الناخبون للتصويت على أسس حزبية وبرامجية، وهذا الأمر يفرض على الأحزاب الأردنية تحديات ومسؤوليات جوهرية، وهي:

مساهمة الأحزاب في تطوير وتجذير رؤية وطنية لحياتنا السياسية. وفي هذا السياق، فإن تجربة القوائم الوطنية في الانتخابات الأخيرة مثّلت خطوة على هذا الطريق، نتعلم منها ونقيمها ونبني عليها. وبمقدور الأردن الاستفادة من تجارب الدول الأخرى لتسريع عملية تطور الأحزاب. ولكن علينا أن نتذكر أن النضج السياسي يتأتى من التجارب الوطنية المبنية على التعبير الحقيقي عن إرادة الشعب عبر صناديق الاقتراع.
التزام الأحزاب بالعمل الجماعي والتقيد بالمبادئ المشتركة، وتبني السياسات ذات الأولوية. وأشجع هنا جميع الأحزاب، والمجموعات النيابية والأفراد المستقلين، في مجلس النواب الحالي على العمل سوية، ومحاولة التجمع على أساس مبادئهم المشتركة والسياسات التي تتصدر أولوياتهم، فمن شأن ذلك تشكيل كتل نيابية أكبر للمساهمة في تحقيق الفاعلية البرلمانية المنشودة والتنمية السياسية.
تبني الأحزاب لبرامج وطنية واضحة ونظم عمل مهنية. إن النظام السياسي القائم على أحزاب ضعيفة غير قادر على كسب ثقة المواطنين، وحفزهم على الانخراط في الحياة العامة. ولتجاوز حالة التشكيك والتردد القائمة، تحتاج الأحزاب السياسية إلى تطوير برامج قوية مبنية على سياسات واضحة تستجيب إلى تطلعات وهموم جميع الناخبين. كما أن على هذه الأحزاب أن تكون قادرة على توضيح هذه البرامج للمواطنين من خلال حملات على مستوى عالٍ من المهنية والاحترافية للعمل السياسي والانتخابي، بهدف الفوز في الانتخابات وتشكيل الحكومات.
إنني آمل حقيقة بأن تتقدم عملية تشكيل الأحزاب وتتطور بأسرع وتيرة ممكنة خلال السنوات القادمة. وعليه، فإنني أشجع جميع أبناء وبنات الوطن على المشاركة في بناء نمط جديد من الأحزاب البرامجية المُمَثِّلة، والقائمة على قواعد شعبية واسعة من أجل مستقبل أفضل لنا جميعاً.

ثانياً، دور مجلس النواب:

يتمثل دور مجلس النواب الأساسي في تشريع قوانين ذات أولوية، يصب تنفيذها في خدمة مصالح وطنية عليا، وممارسة دوره في الرقابة على الحكومة ومساءلتها على ما تتخذه من قرارات. وبدوره، يخضع مجلس النواب لمساءلة المواطنين الذين انتخبوا أعضاءه، وهذا هو جوهر المسؤوليات التي على كل نائب النهوض بها، وفيما يلي تفصيلها:

يتمثل دور مجلس النواب الأساسي في تشريع قوانين ذات أولوية، يصب تنفيذها في خدمة مصالح وطنية عليا، وممارسة دوره في الرقابة على الحكومة ومساءلتها على ما تتخذه من قرارات. وبدوره، يخضع مجلس النواب لمساءلة المواطنين الذين انتخبوا أعضاءه، وهذا هو جوهر المسؤوليات التي على كل نائب النهوض بها، وفيما يلي تفصيلها:يتمثل دور مجلس النواب الأساسي في تشريع قوانين ذات أولوية، يصب تنفيذها في خدمة مصالح وطنية عليا، وممارسة دوره في الرقابة على الحكومة ومساءلتها على ما تتخذه من قرارات. وبدوره، يخضع مجلس النواب لمساءلة المواطنين الذين انتخبوا أعضاءه، وهذا هو جوهر المسؤوليات التي على كل نائب النهوض بها، وفيما يلي تفصيلها:
أن يكون هدف النائب الحقيقي خدمة الصالح العام. وهذه مسؤولية لا يمكن المساومة عليها. فالجميع يريدون من النواب أن تكون الغاية من أدائهم تحقيق المصلحة العامة في مختلف الظروف والأوقات. أما أولئك الذين يعملون من أجل تحقيق مصالح شخصية أو فئوية، أو لاعتبارات شعبوية، أو أخرى لا تأخذ مصلحة الوطن العليا على المدى البعيد بعين الاعتبار، فإن أفعالهم تمثل خذلاناً لمن انتخبهم وللأردنيين جميعاً. وتعني مثل هذه الأفعال في الواقع أن النائب تخلّى عن مسؤوليته الرئيسة، وهذا يعد شكلا من أشكال الفساد.
أن يعكس أداء النائب توازنا بين المصالح على المستوي المحلي وعلى المستوى الوطني. فالنواب يحملون هموم ومصالح مناطقهم وقواعدهم الانتخابية، من جهة، لكن عليهم أيضا أن يعملوا سوية من أجل تحقيق المصالح العليا للوطن ككل، من جهة أخرى. ويشكل الوصول إلى هذا التوازن والمحافظة عليه التحدي الأبرز الذي يواجه كل نائب، لكنه تحد يجسّد شرف المسؤولية التي يتحملها من يفوز بثقة الشعب ويشغل موقعاً منتخباً. ويحقق النواب هذه المسؤولية الثنائية في أفضل صورها من خلال اقتراح حلول مستدامة تتوخى المصلحة الوطنية الأوسع. فبالإمكان خدمة قواعد انتخابية أكثر اتساعا، وبشكل أكثر فائدة وأبعد مدى حين يعكف النائب على العمل مع الحكومة من أجل تبني سياسات وبرامج تعالج تحديات الفقر والبطالة، ويعمل بعزم وشفافية من أجل تحقيق التنمية وتوليد فرص العمل على المستوى المحلي، بدلاً من أن يسعى لمصلحة دائرته المحلية من خلال الضغط على مسؤول حكومي للحصول على عدد محدود من الوظائف لقواعده الانتخابية المحلية.
أن يوازن النائب بين مسؤولية التعاون ومسؤولية المعارضة البناءة. إن تحقيق هذا التوازن هو تجسيد للأداء السياسي الفاعل، حيث يترتب على النواب العمل مع بعضهم البعض من جهة، ومع الحكومة من جهة أخرى لمواجهة مختلف التحديات الوطنية. كما أن الحاجة للموازنة بين هذه المسؤوليات، تعكس في الواقع أن النواب هم أعضاء في جسم سياسي واحد هو مجلس النواب، الذي عليه مسؤولية القيام بواجباته، وأن الحكومة أيضاً تتمتع بتفويض دستوري يخولها القيام بمسؤولياتها وتنفيذ برنامجها، استنادا إلى مبدأ الفصل بين السلطات وعدم تغول إحداها على الأخرى. وفي ذات الوقت، فإن على النواب مسؤولية إخضاع الحكومة للمساءلة من خلال المعارضة البنّاءة للبرامج المطروحة، وتقديم برامج بديلة إذا دعت الحاجة، والابتعاد عن التنظير وعن الاكتفاء بالتشخيص غير الموضوعي للماضي ولما نواجهه من تحديات، بدلا من طرح الحلول الواقعية للتقدم للأمام وضمن الإمكانات المتاحة. ويشكل مبدأ المساءلة أحد الأدوات الجوهرية في نظامنا الديمقراطي، ويجب أن لا يتم إساءة توظيفه بحيث يتحول لأداة لتمرير مصالح نيابية فردية ضيقة، أو اغتيال الشخصية، أو تعطيل القوانين والبرامج المقترحة بهدف النيل من خصم سياسي. وخلاصة القول، إن تحقيق التوازن الدقيق بين مسؤولية التعاون ومسؤولية المعارضة البناءة هو المحك الحقيقي لفاعلية المجالس النيابية القادمة.
أن تكون علاقة النائب بالحكومة قائمة على أسس موضوعية وليست مصلحية. إن نهوض السلطتين التشريعية والتنفيذية بمسؤولياتهما تجاه الوطن والمواطن يتطلب تطوير علاقة تشاركية خالية من ضغط النواب على الحكومات لتحقيق مكاسب على أسس الواسطة والمحسوبية، وبعيدة عن استرضاء الحكومات للنواب، وأن تتوخى هذه العلاقة تحقيق الصالح العام لا غير. ويشكل هذا المبدأ متطلباً رئيساً أيضاً لعملية المشاورات التي سينبثق عنها تكليف رئيس للوزراء، وتشكيل فريق حكومي، وإعداد برنامجه، ومن شأن هذا المبدأ أن يحمي عملية المشاورات وغيرها حتى لا تغدو رهينة للضغط، والاسترضاء، والمحسوبية وحتى لا تكون عرضة لتجارب غير بناءة. وعلى الكتل النيابية والأحزاب السياسية مسؤولية كبرى في الرقابة على أداء أعضائهم النواب في هذا المجال.
وعليه، سأشجع جميع أعضاء مجلس النواب والكتل النيابية، خلال الأيام القادمة، وأحثهم على العمل الدؤوب والسريع، من أجل تطوير النظام الداخلي لمجلسهم، وبلورة مدونة سلوك ملزمة، تجسد هذه المبادئ وتترجمها عبر ممارسة فعلية ترتقي بأداء العمل النيابي.

   enlightened في هذه الورقة النقاشية  الثالثة ،نوه جلالة الملك إلى المحاور الآتية :

  1.  المحور الأول : القيم الضرورية لإنجاز التحول الديمقراطي وإرساء نهج الحكومات البرلمانية منها*** :-

         التعددية ، والتسامح ، وسيادة القانون ، وتعزيز الفصل والتوازن بين السلطات ، إضافة  إلى حماية حقوق المواطنين جميعا ،وتأمين كل طيف يعبر عن رأي سياسي بفرصة عادلة للتنافس عبر صناديق الاقتراع .

  1. المحور الثاني المتطلبات الجوهرية للجمع بين الوزارة والنيابة لغاية الوصول إلى الحكومات البرلمانية  وهي :     
  • وجود  منظومة متطورة من الضوابط العملية لمبادئ الفصل والتوازن بين السلطات وآليات الرقابة .
  • عمل جهاز حكومي ليصبح أكثر مهنية وحيادا بعيدا عن تسييس الأداء ،ليكون مرجعا موثوقا للمعرفة والمساندة الفنية والمهنية لدعم وزراء الحكومات البرلمانية في صنع القرار .
  1.  المحور الثالث  : الأدوار  المنتظرة من أطراف العملية السياسية جميعا هي :
  •  تطوير  عدد منطقي من الأحزاب الرئيسة ذات القواعد الممتدة على مستوى الوطن لتعكس مختلف توجهات الأطياف السياسية . 
  • yes  تسهم الأحزاب  في العمل على ما يلي :  
  1. تطوير رؤية وطنية لحياتنا السياسية وتجذيرها.
  2. الالتزام  بالعمل الجماعي .
  3. التقيد بالمبادئ المشتركة.
  4. تبني السياسات ذات الأولوية .
  5. برامج وطنية واضحة .
  6. ونظم عمل مهنية .
  7. تطوير برامج قوية مبنية على سياسات واضحة تستجيب إلى تطلعات المواطنين وهمومهم. 

     yes مجلس النواب فلا بد أن يسهم النائب فيما يلي :

  1.   يسعى إلى خدمة الصالح العام .
  2. يعكس أداؤه توازنا بين المصالح على المستوى المحلي والوطني .
  3. يوازن بين مسؤولية التعاون ومسؤولية المعارضة البناءة .

      yes الحكومة  ما يخص رئيس الوزراء والوزراء :

  1.  السعي لنيل الثقة النيابية والمحافظة عليها .
  2.  وضع معايير للعمل الحكومي المتميز المخلص .
  3.  تبني نهج الشفافية والحاكمية الرشيدة وَتَرْجَمَتُهُ قَوْلاً وَعَمَلاً.

    yesما يخص الملكية الهاشمية والتي ستبقى دوما صوت الأردنيين فستحرص على ما يلي :

  1.  اتباع نهج يستشرف المستقبل مشرق.

  2. المحافظة على دور الملك بصفته قائدا موحدا يحمي المجتمع من الانزلاق نحو أي استقطاب .

  3. حماية القيم الأردنية الأصيلة .

  4.  حماية منظومة القيم الوطنية للعدالة والنزاهة ،عن طريق التحسين المستمر والعمل الدؤوب.

  5. نشر روح الثقة بقدرة الأردنيين على التميز والإبداع عن طريق دعم قصص النجاح ،وتبني المبادرات الريادية ،وتقدير الجهود الفردية والإنجازات الاستثنائية .

  6. ستحرص على بقاء مؤسسة الجيش العربي ،والأجهزة الأمنية ،والقضائية ،والمؤسسات الدينية العامة ،مستقلة ومحايدة ومهنية وغير مسيسة ،وستبقى حامية للتراث الديني والنسيج الاجتماعي .                               

 yes أما المواطن الذي وصفه جلالة الملك باللبنة الأساسية في بناء نظامنا الديمقراطي الأردني فعليه ما يلي:

  1.  البحث المستمر عن الحقيقة .
  2. متابعة القضايا الوطنية  والاطلاع على تفاصيلها ،وأن تكون هذه المعرفة مبنية على الحقائق وليس على الانطباعات والإشاعات .
  3. اقتراح الأفكار والحلول البديلة . 

            

    

    الورقة النقاشية الرابعة : "نحو تمكين ديمقراطي ومواطنة فاعلة "

 

 

    العيد الحادي والخمسون لميلاد جلالة الملك عبدالله الثاني اليوم- صور | جفرا  نيوز                   مساعدات مالية من الديوان الملكي لـ 30 ألف أسرة أردنية في رمضان - المدينة  نيوز

     

         بقلم عبدالله الثاني ابن الحسين 
         2 حزيران/يونيو 2013

درجت بعض الآراء، من داخل منطقتنا العربية وخارجها، على القول بأن العالم العربي غير مهتم بممارسة العمل السياسي بشكله المعاصر. وذهب بعضها أبعد من ذلك، لتزعم أن شعوب العالم العربي لا ترغب بالديمقراطية، وأننا غير مستعدين، أو مؤهلين للتعامل معها أو احتضانها نهج حياة. غير أننا في الأردن، لا نقبل مثل هذه المزاعم، ولم ولن نذعن لها أبداً.
إن تجديد الحياة السياسية في العديد من الدول العربية من شأنه أن يسهم في تلبية تطلعات أبناء وبنات الوطن العربي نحو حياة أفضل، إلا أن الطريق نحو هذا التجديد، واحتضان الديمقراطية ليس بالطريق السهل ولا المختصر كما يظن البعض، بل هو مليء بالصعوبات لكنه ضروري، بل حتمي للمجتمعات التي تنشد التطور.

في ضوء هذه المعطيات، فإننا نعمل في الأردن على تطوير نموذجنا الديمقراطي، الذي يعكس ثقافة مجتمعنا الأردني واحتياجاته وتطلعاته.

   وقد جاءت الأوراق النقاشية الثلاث السابقة بشكل أساسي للمساهمة في إثراء حوارنا الوطني حول النموذج الديمقراطي الذي ننشد، وأهدافه، والأدوار المطلوبة من كل الفاعلين في العملية السياسية، والمحطات الواجب عبورها ترجمة لهذا النموذج.
ولم تغفل الأفكار التي طرحناها الضمانات الضرورية لنجاح تعميق تحولنا الديمقراطي، وأبرزها حماية التعددية، والتدرج، وعدالة الفرص السياسية.
لقد باتت الرؤية الآن أوضح لدى قطاعات واسعة من المجتمع، بأن الهدف الأساسي من الإصلاح هو تعزيز المشاركة الشعبية في صنع القرار، من خلال تعميق نهج الحكومات البرلمانية، بحيث نصل إلى حكومات مستندة إلى أحزاب برامجية وطنية وذلك على مدى الدورات البرلمانية القادمة، وبحيث تكون هذه الأحزاب قادرة على تحقيق حضور فاعل في مجلس النواب، يمكنها من تشكيل حكومة أغلبية على أساس حزبي برامجي، ويوازيها معارضة نيابية تمثل الأقلية، وتعمل ضمن مفهوم حكومة الظل، وتنافسها بشكل بنّاء عبر طرح الرؤى والبرامج البديلة، ويشرعون في التنافس عبر صناديق الاقتراع من أجل تداول الحكومات.
ومن أهم متطلبات التحول الديمقراطي تعزيز المجتمع المدني ودوره في مراقبة الأداء السياسي وتطويره نحو الأفضل، عبر ترسيخ الثقافة الديمقراطية في المجتمع، وهذا هو صلب هذه الورقة النقاشية الرابعة، إذ أنها تتزامن مع إطلاق جهد جديد من المؤمل أن يعزز من مساهمة مجتمعنا المدني في بناء نموذجنا الديمقراطي، من خلال الشروع في وضع اللبنات الأساسية للثقافة الديمقراطية في مجتمعاتنا المحلية، ليكون التغيير الديمقراطي حقيقة ملموسة على جميع المستويات.
ونظراً لأهمية مؤسسات المجتمع المدني في تطوير نموذجنا الديمقراطي، فقد وجهت إلى ضرورة إطلاق برنامج التمكين الديمقراطي في خطاب ألقيته في 10 كانون الأول 2012 في الذكرى الخمسين لتأسيس الجامعة الأردنية. واليوم نشهد الإطلاق الرسمي لهذا البرنامج تحت مظلة صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية.
ويؤكد إطلاق هذا البرنامج أن تقدمنا على طريق إنجاز نموذجنا الديمقراطي سيتحدد بقدرتنا على عبور محطات محددة، تؤشر على تقدم ونضوج سياسي حقيقي وملموس، وليس مواعيد نهائية مسبقة أو عشوائية. وعلى امتداد طريق التنمية السياسية والتحول الديمقراطي الذي نسلكه، بما يتخلله من نجاحات وإخفاقات، سيكون التزامنا المشترك بالممارسات الديمقراطية الراسخة هو ضمانة النجاح في مواجهة مختلف المعيقات. ويشكل مبدأ الالتزام والمشاركة جوهر "المواطنة الفاعلة"، التي تعرضت لها في أوراقي النقاشية السابقة، والتي سأركز عليها في هذه الورقة، كشرط أساسي لتحقيق التحول الديمقراطي.

المشاركة السياسية و المواطنة الفاعلة

قبل الخوض في أهداف البرنامج ورؤيته، أودّ مشاركتكم بعض الأفكار حول أهمية الانخراط في الحياة السياسية والتحلي بـ"المواطنة الفاعلة".
فعندما أتحدث عن الحياة السياسية في هذا السياق، فإنني أعني السياسة بمفهومها الأوسع، أي العملية التي نناقش من خلالها القضايا التي تعني مجتمعنا، مستندين للاحترام المتبادل تعبيرا عن اختلافاتنا، والتي نصل من خلالها إلى حلول عملية عبر الحوار الهادف والبناء، وإلى قبول حلول وسط تمكننا من حل خلافاتنا، وتحقيق مصلحة المجتمع ككل.
إن هذه العملية لا تنحصر في القضايا الوطنية التي يتم مناقشتها تحت قبة مجلس الأمة فقط، بل تشمل القضايا التي تمس مجتمعاتنا المحلية وحياتنا اليومية كمواطنين، مثل حرص الأهالي على نوعية التعليم التي يتلقاها أبناؤهم وبناتهم في المدارس، وهموم المواطنين والمواطنات إزاء قضايا النقل العام، وغيرها من الخدمات العامة.
أما المشاركة السياسية فلا تكون ذات أثر إيجابي، إلا حين يؤمن كل فرد منا بـ "المواطنة الفاعلة"، التي ترتكز على ثلاثة أسس رئيسة وهي: حق المشاركة، وواجب المشاركة، ومسؤولية المشاركة الملتزمة بالسلمية والاحترام المتبادل، معززة بالمبادئ التالية:
أولاً، إن الانخراط في الحياة السياسية يشكل حقاً أساسيا لكل مواطن، مع وجوب حماية الحيّز العام المتاح للتعبير الحر عن الآراء السياسية المختلفة.
ثانياً، إن المشاركة السياسية في جوهرها تشكل مسؤولية وواجباً. فعلى كل مواطن أن يتحمل جزءاً من هذه المسؤولية عبر اختيار شكل المستقبل الذي ننشده للأجيال القادمة. وواجبنا كمواطنين لا ينتهي بمجرد القيام بعملية التصويت في أي انتخابات وطنية، بل يمتد ليشمل التزام كل مواطن بالمشاركة الفاعلة في الحياة المدنية والسياسية بشكل يومي، من خلال القيام، على سبيل المثال، بحملة ترويجية لقضية تهمنا، أو التطوع في نشاط مدني، أو الانضمام لحزب سياسي.
وبطبيعة الحال، فإن الديمقراطية الحقة تكفل خيار البعض عدم الانخراط في العملية السياسية أو مقاطعتها. لكن من يسلكون هذا الطريق يتخلون عن فرصة حقيقية، وعن واجبهم الفعلي بالمساهمة في تحقيق الأفضل لوطنهم. إننا كمواطنين نشترك في مصير واحد، وعلينا واجب مشترك، أما الاستسلام إلى عقلية اللامبالاة، والرضوخ للواقع، والقبول بالأداء المتواضع فسيعطل قدرتنا كأمة على المضي قدماً. إننا لن نستطيع أن نبني أردناً أفضل وأقوى دون الإيمان بأن المواطنة الفاعلة هي مسؤولية وواجب يترتب على كل واحد منا.
ثالثاً، إن المشاركة الفاعلة في الحياة السياسية ترتب مسؤوليات على كل فرد منّا فيما يتعلق بكيفية الانخراط في العمل السياسي. وقد ذكرت في ورقتي النقاشية الأولى أربع ممارسات ديمقراطية يترتب على كل المواطنين الإيمان بها حتى تزدهر الحياة السياسية، وهي: احترام الرأي الآخر، والانخراط الفاعل، وتبني الحوار والحلول الوسط ورفض العنف، والشراكة في التضحيات والمكاسب.
ما أوّد التأكيد عليه هنا هو أن الاختلاف في الرأي والمعارضة البناءة الملتزمة بهذه الممارسات، والتي تبني مواقفها على أساس الحقائق والوعي، وليس الانطباعات والإشاعات أو الاعتبارات الشعبوية،  تشكل أحد أهم الوسائل التي يعبر المواطن من خلالها عن ولائه للوطن.
إن التحلي بالاحترام والمروءة هي من المبادئ التي نعتز بها في ثقافتنا العربية، وعلينا أن نوظف هذه المبادئ كأسس للانخراط في الحياة السياسية. ومن الضرورة بمكان أن ننوّه إلى أن عدم الاحترام لا يكون في الاختلاف في وجهات النظر، وإنما في رفض الاستماع لوجهات النظر المختلفة. فالاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية. كما أن حواراتنا ونقاشاتنا يجب أن تُبنى على معلومات موضوعية من أجل الوصول إلى قرارات تخدم المصلحة العامة، لا على الإشاعات، والعدمية المطلقة التي تنكر على الوطن إنجازاته وتطوره، ولا على التنظير والتشخيص غير الموضوعي للماضي دون طرح البدائل والحلول العملية للحاضر والمستقبل.

لنمضي في تمكين ديمقراطي يوفر أدوات لمواطنة فاعلة

وعودةً إلى برنامج التمكين الديمقراطي، فإن إطلاقه رسمياً يأتي كمحطة إضافية وجديدة على مسار التنمية السياسية وتعزيز المشاركة.
ونستذكر اليوم جميع الجهود التي بذلها العديد من الأردنيين والأردنيات شيباً وشباباً من رواد العمل الاجتماعي من أجل تنمية حياتنا السياسية والمجتمعية. إن هذه الجهود تشمل كل من أدلى بصوته في الانتخابات التشريعية الأخيرة، وكل من شارك في مظاهرات سلمية بناءة تراعي مصالح الوطن، وكل من قاد جهودا مجتمعية مثل نشاطات طلابية وكشفية في المجتمعات المحلية، أو في تنظيم جلسات نقاشية وحوارات إلكترونية حول المستجدات السياسية.
إن هذا البرنامج سيساهم في ترسيخ المواطنة الفاعلة، وسيعمل على تمكين الأفراد والمؤسسات، ممن لديهم أفكار عملية، لتطوير نموذجنا الديمقراطي، عبر تقديم الدعم لترجمة ذلك على أرض الواقع. فالبرنامج سيدعم الرياديين الاجتماعيين ليتيح لهم التأثير في الشأن العام، عبر زيادة وإثراء المنابر الديمقراطية المتاحة كمنتديات الحوار، وبرامج التدريب، وغيرها من الأدوات المتوفرة لكل الأردنيين ليصبحوا مواطنين فاعلين ومنخرطين في الحياة العامة.
وسيدعم البرنامج في البداية مشاريع تهدف إلى تعزيز مناخ المساءلة والشفافية، وإتاحة فرص جديدة أمام الأردنيين لمناقشة القضايا المهمة التي تواجه الوطن، وتسخير كل المواهب والإبداعات المرتبطة بخدمة المجتمع.
ولا شك أن الأردن يزخر بكثير من الأمثلة الإيجابية على مؤسسات ناشطة في مجالات مشابهة ترتبط بجوانب من حياتنا السياسية والاجتماعية. وأثني هنا على جميع الجهود الدؤوبة والريادية لبناء مجتمع مدني على امتداد ربوع وطننا، وأؤكد أن برنامج التمكين الديمقراطي يأتي ليوفر مزيدا من الدعم للفاعلين في هذا المجال وتوسيع قاعدة نشاطاتهم.
وفي ذات الوقت، فلا بد من الإقرار بأننا كمجتمع بحاجة إلى آليات أفضل لترجمة الأفكار الريادية على أرض الواقع، وهذا في صلب أهداف البرنامج. إنني أتطلع أن يوفر البرنامج المساعدة لمن يحملون أفكاراً جديدةً تهدف لزيادة انخراط المواطنين في مجتمعاتهم، وسيتاح للأردنيين من شتى التوجهات الفكرية إطلاق وإدامة مبادرات تروّج للانخراط السياسي والاجتماعي السلمي الفاعل.
وبالتوازي مع ما سيتم إعلانه اليوم، وخلال الأسابيع القادمة من تفاصيل حول البرنامج، فإنني أود التأكيد على مجموعة من المبادئ التي حرصتُ على أن أوجه القائمين على البرنامج للعمل في إطارها:
أولاً، أن يعمل البرنامج وفق أسس غير حزبية تلتزم الحياد، فهو سيدعم المؤسسات الصغيرة والكبيرة التي تهدف للمساهمة في تعزيز المشاركة السياسية والمدنية، ولن يقدم الدعم لأحزاب سياسية.
ثانياً، أن ينتهج البرنامج أسس الشفافية لدى تقديم الدعم. وسيتم فتح باب الاستفادة لكل الأردنيين المهتمين، وستخضع آلية اختيار المستفيدين من هذه البرامج لقواعد مُحكمة، وعلى أساس التنافس الشريف. وسيتم في البداية إطلاق مبادرات ذات نطاق أوسع بالشراكة مع جهود قائمة، أو مؤسسات أخرى ذات سجلات نجاح يمكن تتبعها.
يشكل برنامج التمكين الديمقراطي إضافة نوعية، لكنه ليس كفيلا لوحده بحل جميع التحديات التي سنواجهها سوية على امتداد مسيرتنا نحو التنمية السياسية والتحول الديمقراطي. وهو يجسّد جزءا من  مساهمتي تجاه هذه المسيرة، تحت مظلة صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية.

إنني أحث جميع الأردنيين ممن لديهم أفكار إبداعية، والاستعداد للعمل الجاد خدمة لوطننا، ويرون في أنفسهم القدرة على القيام بدور قيادي في بناء نظامنا الديمقراطي السياسي، أن يخطوا للأمام ويستفيدوا من الإمكانات المهمة التي يوفرها هذا البرنامج.
إنكم إذ تقبلون على هذه المسؤولية، وتضربون مثالاً في ريادة العمل السياسي والاجتماعي والمدني، وتساهمون في بناء أردن أفضل وأقوى لجميع أبنائه وبناته، فإنكم تصنعون قصص نجاح على مستوى الوطن العربي والعالم، وتثبتون أننا قادرون على أخذ زمام المبادرة وإنجاح ديمقراطيتنا.

   enlightenedبعد الاطلاع على الورقة النقاشية الرابعة أوضح جلالته كيفية  الوصول إلى "المواطنة الفاعلة ":

     حيث ركزت رؤية جلالة الملك في الورقة النقاشية الرابعة على ما أسماه جلالته ب"المواطنة الفاعلة "، لما لها            من آثار  إيجابية في المشاركة السياسية ،ولخص جلالته الأسس الرئيسة " المواطنة الفاعلة " وهذه الأسس الثلاث هي  : 

  1.  حق المشاركة .

  2. واجب المشاركة .

  3. ومسؤولية المشاركة الملتزمة بالسلمية والاحترام المتبادل .      

     yes هذه الأسس  للمواطنة الفاعلة تعزز المبادئ الآتية :

  • "الانخراط في الحياة السياسية يشكل حَقّاً أَساسِيّاً لكل مواطن ،مع وجوب حماية الحَيِّزُ العام المتاح للتعبير الحر عن الآراء السياسية المختلفة ".  
  • " المشاركة السياسية في جوهرها تشكل مسؤولية وواجبا ، فعلى كل مواطن أن يتحمل جُزْءاً من هذه المسؤولية باختيار صورة المستقبل التي ننشدها للأجيال القادمة ،وواجب المواطنين لا ينتهي بمجرد القيام بعملية التصويت في أي انتخابات وطنية ،بل يمتد ليشمل التزام كل مواطن بالمشاركة الفاعلة في الحياة المدنية والسياسية بصورة يومية ،عن طريق القيام - على سبيل المثال -بحملة ترويجية لقضية تهمنا ،أو التطوع في نشاط مدني ،أو الانضمام إلى حزب سياسي ".
  • " المشاركة الفاعلة في الحياة السياسية ترتب مسؤوليات على كل فرد مِنّا في ما يتعلق بكيفية الانخراط في العمل السياسي وتوجد أربع ممارسات ديمقراطية يترتب على كل المواطنين الإيمان بها حتى تزهر الحياة السياسية  هي : 
  1. احترام الرأي الآخر .
  2. الانخراط الفاعل .
  3. تبني الحوار والحلول الوسط ورفض العنف .
  4. الشراكة في التضحيات والمكاسب  .

    

 

       

     الورقة النقاشية الخامسة : " تعميق التحول الديمقراطي : الأهداف ، المنجزات ، والأعراف السياسية 

 

     العيد الحادي والخمسون لميلاد جلالة الملك عبدالله الثاني اليوم- صور | جفرا  نيوز                مركز التوثيق الملكي ينشر وثيقة خطاب العرش الأول تعود لعام 1947 - المدينة  نيوز

 

 

 

  

      

   بقلم عبدالله الثاني ابن الحسين 
     13 أيلول/سبتمبر 2014

"نجحنا في إيجاد ربيع أردني خاص بنا، ومضينا في تسريع وتيرة الإصلاحات المبنية على نموذج إصلاحي تطويري متدرج، ويقوم على إشراك جميع فئات المجتمع في العملية السياسية"

شرعت، قبل نحو سنتين، في المساهمة في النقاش الوطني الدائر حول عملية الإصلاح عبر سلسلة من الأوراق النقاشية. وقمت من خلال الأوراق النقاشية الأربعة الأولى بإيجاز رؤيتنا الإصلاحية وهدفها النهائي المتمثل في ديمقراطية أردنية متجددة وحيوية تقوم على ثلاث ركائز، وهي: ترسيخ متدرج لنهج الحكومات البرلمانية، تحت مظلة الملكية الدستورية، معززا بمشاركة شعبية فاعلة أو ما وصفته بـ "المواطنة الفاعلة".

إن الأردن، وبمنعته المعروفة، يواجه تحديات إقليمية غير مسبوقة تحيط بنا وترهق اقتصادنا. ورغم هذه التحديات، فإن عملية الإصلاح السياسي مستمرة. ويجدر بنا الوقوف هنا على ما تم تحقيقه على طريق إنجاز ديمقراطية أردنية متجددة منذ أن نشرت ورقتي النقاشية الأخيرة في حزيران 2013.

فقد نجحنا في إيجاد ربيع أردني خاص بنا، ومضينا في تسريع وتيرة الإصلاحات المبنية على نموذج إصلاحي تطويري متدرج، ويقوم على إشراك جميع فئات المجتمع في العملية السياسية. ولنتذكّر جميعا أيضاً بأن الهدف النهائي لعملية الإصلاح السياسي النابعة من الداخل يترجم من خلال تمكين المواطنين من القيام بأكبر دور ممكن في صنع القرار عبر ممثليهم المنتخبين. وعليه، فإن تعميق ديمقراطيتنا يترجم عملياً عبر تعميق تجربة الحكومات البرلمانية، لنصل بها إلى مرحلة متقدمة من الممارسة التي تتولى فيها الكتلة الحزبية أو الائتلافية ذات الأغلبية النيابية، أو ائتلاف من الكتل، تشكيل الحكومات، في حين تتولى الأقلية النيابية مهام حكومة الظل، من رقابة على الحكومات ومساءلتها، وتقديم برامج بديلة، وضمان التداول الديمقراطي للحكومات.
إن تعميق تحولنا الديمقراطي يتطلب شروطاً أساسية لا بد من إنجازها ضمن مسارات متوازية ومترابطة، وقد ركز أسلوبنا في تحقيق ذلك على إنجازات تمثل محطات نجاح للجميع.
بناء على ما تقدّم، فإنني أسعى عبر هذه الورقة النقاشية الخامسة* إلى الوقوف على محطات الإنجاز التي تم تحقيقها على ثلاثة مسارات متوازية، إضافة إلى عرض محطات الإنجاز التالية التي لا بد من تحقيقها، خاصّة منظومة القيم والممارسات والأدوار والأعراف التي يجب أن نستمر في تعميقها وتطويرها حفاظاً على زخم مسيرتنا الإصلاحية، وتحقيق هدفنا النهائي بنجاح، وبشكل يلبّي تطلعات المواطنين.
وفيما يلي أهم محطات الإنجاز التي تم تحقيقها حتى الآن:

أولاً: محطات الإنجاز التشريعي:

إن هذا المسار يتضمن الإنجازات التي تم تحقيقها في مجال إصلاح التشريعات، والتي تمثل البنية الأساسية لأي نظام ديمقراطي في العالم، ومن أهمها:
•    إقرار تعديلات دستورية ترسخ منظومة الضوابط العملية لمبادئ الفصل والتوازن بين السلطات، كما أنها تعزٍّز الحريات، وتستحدث مؤسسات ديموقراطية جديدة. وحالياً، فإن مجلس الأمة على مشارف إنجاز جميع التشريعات الواجب تعديلها بما يضمن توافقها مع التعديلات الدستورية.
•    إنجاز حزمة جديدة من التشريعات الناظمة للحياة السياسية، والتي دخلت حيز النفاذ قبيل الانتخابات النيابية الأخيرة. وقد شملت هذه الحزمة: قوانين الانتخاب، والأحزاب السياسية، والاجتماعات العامة، والتي تساهم بدورها في تعزيز أجواء العمل السياسي وتشكيل الأحزاب من مختلف ألوان الطيف السياسي.
•    تطبيق قانون معدِّل لقانون محكمة أمن الدولة يحصر اختصاصها في جرائم الخيانة، والتجسس، والإرهاب، والمخدرات، وتزييف العملة، بما يكرّس المبدأ العام لمحاكمة المدنيين أمام المحاكم المدنية فقط.
•    أما آخر الإنجازات ضمن هذا المسار فيتمثل في التقدم النوعي الذي أحرزه مجلس النواب في تطوير نظامه الداخلي ليكون أكثر فاعلية.

ثانياً: محطات الإنجاز المؤسسي:

ويتضمن هذا المسار تعزيز بعض مؤسسات الدولة القائمة وبناء مؤسسات ديمقراطية جديدة، على النحو التالي:
•    إنشاء محكمة دستورية تختص بتفسير نصوص الدستور والرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة بما يضمن احترام حقوق وحريات جميع المواطنين وفقاً للدستور.
•    استحداث هيئة مستقلة للانتخاب نالت الاحترام والتقدير داخل الأردن وخارجه لدورها الرائد في إدارة الانتخابات النيابية وضمان نزاهة وشفافية الانتخابات النيابية والبلدية من خلال الإشراف عليهما، التي أجريت في غضون عام واحد، وهذه شهادة على الثقة وآفاق التجديد السياسي التي تتمتع بها مؤسساتنا. وفي إطار البناء على نجاحات الهيئة المستقلة للانتخاب، فقد شهدنا مؤخراً إقرار المزيد من التعديلات الدستورية التي توسع من مسؤوليات الهيئة لتشمل إدارة الانتخابات البلدية، وأي انتخابات عامة أخرى مثل انتخابات المجالس المحلية في المحافظات.
•    تأسيس مجلس النواب مركزاً للدراسات والبحوث التشريعية يدعم عمل النواب واللجان النيابية المتخصصة، ويضمن أن يستند عمل المجلس وقراراته إلى الأبحاث والمعلومات المدعومة بالبراهين. كما شهدنا جهوداً حثيثة لتعزيز الشفافية، تمثلت بقيام اللجنة المالية في مجلس النواب بمناقشة تفصيلية لموازنات القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، والديوان الملكي الهاشمي للعام 2014، وذلك في سابقة ومبادرة نوعية لمجلس النواب للارتقاء بآليات وممارسات الرقابة.
•    استمرار العمل في تدعيم السلطة القضائية وتعزيز منظومة وطنية قوية للنزاهة والشفافية والمساءلة تبني على مخرجات اللجنة الملكية لتعزيز منظومة النزاهة الوطنية، ولجنة تقييم التخاصية، وتستند إلى سلطة قضائية قوية ومستقلة وعدد من المؤسسات الرقابية الرئيسة، مثل: هيئة مكافحة الفساد، وديوان المحاسبة، وديوان المظالم، وأنظمة الرقابة في القطاعين الحكومي والخاص والمجتمع المدني.
•    الاستمرار في دعم المركز الوطني لحقوق الإنسان وشبكة من المؤسسات المعنية بحقوق الإنسان، بهدف تقوية منظومة حقوق الإنسان وضمان متابعة الحكومة لتوصيات المركز وإنهاء إعداد الخطة الوطنية لحقوق الإنسان.
•    متابعة العمل في مسارات برنامج تطوير القطاع العام، من خلال: البناء على ما تم إنجازه من دمج المؤسسات ضمن مسار إعادة الهيكلة، والاستمرار في تحسين مستوى الخدمات الحكومية، وتنمية الموارد البشرية، وتطوير آليات صناعة القرار.
•    أخيراً، وفي إطار مساعينا نحو حكومة برلمانية ناضجة، فإن العديد من الإصلاحات يتم تطبيقها الآن في مؤسساتنا الأمنية الوطنية. وقد انطلقت هذه الجهود مع الرسالة التي وجهتها لمدير المخابرات العامة في عام 2011 للمضي قدما في إصلاح هذه المؤسسة الوطنية الرائدة. وفي خطوة إصلاحية لا تقل أهمية، فإن الحكومة تعكف حالياً على تفعيل دور وزارة الدفاع لتتولى مسؤولية جميع الشؤون الدفاعية غير القتالية، ولتكون بالطبع جزءا من الحكومة وخاضعة لرقابة مجلس الأمة

      enlightened بعد الاطلاع على الورقة النقاشية الخامسة لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين التي وقف          فيها على محطات الإنجاز التي حققها الأردن للحفاظ على زخم مسيرته الإصلاحية منها على الصعيد          التشريعي .

    ⇔ محطات الإنجاز التشريعي .

  1. إقرار  التعديلات الدستورية التي رسخت مبادئ الفصل والتوازن بين السلطات .
  2. تعزيز الحريات العامة .
  3. استحداث مؤسسات ديموقراطية جديدة .
  4. إنجاز حزمة جديدة من التشريعات الناظمة للحياة السياسية .
  5.  قيام مجلس النواب بإضافة نوعية حيث عمل على تطوير نظامه الداخلي ليكون أكثر فاعلية . 

      ⇔ محطات الإنجاز المؤسسي والتي اشتملت على :  

  1.  إنشاء محكمة دستورية تختص بتفسير نصوص الدستور .
  2. الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة بما يضمن احترام حقوق المواطنين جميعا وحرياتهم وفقا للدستور .
  3. استحداث هيئة مستقلة للانتخاب نالت الاحترام والتقدير داخل الأردن وخارجه ،لدورها الرائد في ضمان نزاهة الانتخابات النيابية والبلدية وشفافيتها.    

      enlightenedوضع جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في هذه الورقة الخامسة المزيد من الأهداف                         لتحقيقها هي :

  1. تطوير القوانين السياسية الرئيسة .
  2. تطوير أداء القطاع العام والجهاز الحكومي .
  3. تحقيق دور فاعل لأكثر الأحزاب الأردنية .
  4. الاستمرار في بناء قدرات السلطة القضائية .
  5. قيام مؤسسات المجتمع المدني ،ومن ضمنها الجامعات ومراكز الدراسات إضافة إلى القيام بدور أكبر في الإسهام في إنتاج أفكار وأبحاث تقدم حلولا للتحديات التي تواجهها المملكة .    

 

    

 

 

       الورقة النقاشية السادسة لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين 

 

                             العيد الحادي والخمسون لميلاد جلالة الملك عبدالله الثاني اليوم- صور | جفرا  نيوز                     مركز التوثيق الملكي ينشر وثيقة خطاب العرش الأول تعود لعام 1947 - المدينة  نيوز

 

           

    بقلم عبدالله الثاني ابن الحسين

      الأحد 16 تشرين الأول 2016

"إن طموحي لبلدنا وشعبنا كبير لأن هذا ما تستحقونه. ولكي نحقق أهدافنا ونواصل بناءنا لوطننا فإن سيادة القانون هي الأساس الذي نرتكز إليه والجسر الذي يمكن أن ينقلنا إلى مستقبل أفضل"

تناولت في الأوراق النقاشية الخمس السابقة العديد من الأفكار والرؤى حول مسار عملية الإصلاح السياسي سواءً تطوير الممارسات الضرورية للديمقراطية، والأدوار المأمولة من كل طرف في العملية السياسية، والهدف النهائي المتمثل بالوصول إلى المستوى المنشود من المشاركة الديمقراطية، والتي تعتبر ضرورة أساسية لازدهار واستقرار وبناء مستقبل واعد لأبنائنا.

ومنذ الورقة النقاشية الأخيرة حدثت تطورات إقليمية كثيرة، فتعمقت النزاعات وما زالت منطقتنا تشهد تحولات جذرية تنتج عنها عواقب وخيمة على دول الإقليم، كان لها أثرها على وطننا الغالي.

وقد لا توجد دولة في التاريخ الحديث تحملت آثار الصدمات الخارجية أكثر من الأردن. وعلى الرغم من كل ما يحيطنا من نزاعات وحروب وانهيار لدول وتفسخ لمجتمعات عريقة، وعلى الرغم من كل لاجئ عبر حدودنا ليستظل بالأمان ويذوق طعم الكرامة التي لم يجدها في بلده، وعلى الرغم من كل التحديات التي واجهتنا وما تزال تواجهنا، إلا أننا نثبت لأنفسنا وللعالم أجمع كل يوم وبعزيمة كل مواطن أردني كم نحن أقوياء. 

وإنني أجد نفسي، على الدوام، فخوراً بكم وبعزيمتكم وحبكم للوطن. وأعلم أن في قلب كل فرد فيكم، مهما اختلفت آراؤه ومهما تباينت تجربته في الحياة، الكثير من الفخر والاعتزاز بأنه أردني. ومن يعيش منكم خارج الوطن يشهد كل يوم ما يحظى به هذا البلد الأبي وهذا الشعب الأصيل من احترام وإعجاب لما يمثله من قيم ومواقف لم نجدها في أكبر وأقوى وأثرى الدول.

إن كل التحديات من حولنا اليوم تقودنا إلى مفترق طرق، ولا بد أن نحدد مسارنا نحو المستقبل بوعي وإدراك لتحديات الواقع ورؤية واثقة لتحقيق طموح أبنائنا وبناتنا، فنترك لهم السلام والأمان والازدهار والكرامة والقدرة على مواجهة أصعب الصعاب.

ولنتمكن من تعزيز منعتنا ومواجهة التحديات بثقة وصلابة ونحقق النمو والازدهار، هناك موضوع رئيسي أطرحه في هذه الورقة النقاشية؛ وهو بالنسبة لي ما يميز الدول المتقدمة الناجحة في خدمة مواطنيها وحماية حقوقهم، وهو الأساس الحقيقي الذي تُبنى عليه الديمقراطيات والاقتصادات المزدهرة والمجتمعات المنتجة، وهو الضامن للحقوق الفردية والعامة، والكفيل بتوفير الإطار الفاعل للإدارة العامة، والباني لمجتمع آمن وعادل؛ إنه سيادة القانون المعبِّر الحقيقي عن حبنا لوطننا الذي نعتز به. إن إعلانات الولاء والتفاني للأردن تبقى مجردة ونظرية في غياب الاحترام المطلق للقوانين.

إن مسؤولية تطبيق وإنفاذ سيادة القانون بمساواة وعدالة ونزاهة تقع على عاتق الدولة. ولكن في الوقت نفسه، يتحمل كل مواطن مسؤولية ممارسة وترسيخ سيادة القانون في حياته اليومية. أقول هذا لأنني أعرف من التجربة أن كل فرد يقبل ويتبنى مبدأ سيادة القانون من الناحية النظرية، ولكن البعض يظنون أنهم الاستثناء الوحيد الذي يُعفى من تطبيق هذا المبدأ على أرض الواقع. بغض النظر عن المكانة أو الرتبة أو العائلة، فإن مبدأ سيادة القانون لا يمكن أن يمارس بانتقائية.

وكم يؤلمني ويغضبني أن أرى طفلة تموت في أحضان والدها في عرس أو احتفال تطلق فيه نيران الأسلحة، أو أم تودع ابنها دون أن تعلم أنه لن يعود بسبب سائق لم يحترم القانون، أو طالب متفوق فقد فرصته لعدم تطبيق سيادة القانون، أو مجرم ينعم بالحرية دون مساءلة، وغيرها من أمثلة تمسنا جميعاً وتمس حقوقنا وتفرق بيننا.

وعندما أرى اليوم الحالة المروعة والمحزنة للعديد من الدول في منطقتنا، أجد من الواضح أن غياب سيادة القانون والتطبيق العادل له كان عاملا رئيسيا في الوصول إلى الحالة التي نشهدها.

وعندما ننظر إلى مجتمعاتنا العربية نجد أنها تتكون من منظومة معقدة من الانتماءات الدينية والمذهبية والعرقية والقبلية. ولهذا التنوع أن يكون مصدرا للازدهار الثقافي والاجتماعي والتعدد السياسي، ورافدا للاقتصاد، أو أن يكون شعلة للفتنة والعنصرية والنزاعات. إن ما يفصل بين هذين الواقعين هو وجود أو غياب سيادة القانون. 

إن شعور أي مواطن في مجتمعنا بالخوف والظلم لأنه ينتمي إلى أقلية، يضعنا جميعا أمام واقع يستند إلى أساس مهزوز. ومن هنا، فإن ضمان حقوق الأقلية متطلب لضمان حقوق الأغلبية. كل مواطن لديه حقوق راسخة يجب أن تُصان؛ وسيادة القانون هي الضمان لهذه الحقوق والأداة المثلى لتعزيز العدالة الاجتماعية.

إن طموحي لبلدنا وشعبنا كبير لأن هذا ما تستحقونه. ولكي نحقق أهدافنا ونواصل بناءنا لوطننا فإن سيادة القانون هي الأساس الذي نرتكز إليه والجسر الذي يمكن أن ينقلنا إلى مستقبل أفضل. وأطلب من كل مواطن أن يعبر عن حبه لبلدنا العزيز من خلال احترامه لقوانينه، وأن يكون عهدنا بأن يكون مبدأ سيادة القانون الأساس في سلوكنا وتصرفاتنا.

سيادة القانون أساس الإدارة الحصيفة

""إن مبدأ سيادة القانون جاء ليحقق العدالة والمساواة والشفافية والمساءلة على جميع مؤسسات الدولة وأفرادها دون استثناء وخاصة ممن هم في مواقع المسؤولية"

إن مبدأ سيادة القانون هو خضوع الجميع، أفراداً ومؤسسات وسلطات، لحكم القانون. وكما ذكرت، فإن واجب كل مواطن وأهم ركيزة في عمل  كل مسؤول وكل مؤسسة هو حماية وتعزيز سيادة القانون.  فهو أساس الإدارة الحصيفة التي تعتمد العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص أساسا في نهجها. فلا يمكننا تحقيق التنمية المستدامة وتمكين شبابنا المبدع وتحقيق خططنا التنموية إن لم نضمن تطوير إدارة الدولة وتعزيز مبدأ سيادة القانون، وذلك بترسيخ مبادئ العدالة والمساواة والشفافية؛ هذه المبادئ السامية التي قامت من أجلها وجاءت بها نهضتنا العربية الكبرى التي نحتفل بذكراها المئوية هذا العام.

ولا يؤتي الإصلاح السياسي ثماره المرجوة إلا بوجود نهج واضح وفعال لتحقيق مبدأ سيادة القانون؛ فما حققناه من خطوات جيدة على مسار الإصلاح السياسي بدءاً من التعديلات الدستورية لعام 2011، وما تبعها من تشريعات ناظمة للعمل السياسي، وعلى رأسها قانون الانتخاب واللامركزية، يجب أن  تتماشى مع إصلاح إداري جذري وعميق يهدف إلى تعزيز سيادة القانون، وتطوير الإدارة، وتحديث الإجراءات، وإفساح المجال للقيادات الإدارية القادرة على الإنجاز وإحداث التغيير الضروري والملح، ليتقدم صف جديد من الكفاءات إلى مواقع الإدارة يتمتع بالرؤية المطلوبة والقدرة على خدمة المواطن بإخلاص.

وفي هذا الإطار، لا بد من الإشارة إلى أن هناك جهودا حكومية متعددة ومؤسسات مختلفة تعمل على ضمان إدارة حصيفة للدولة الأردنية، كما أن هناك جهودا وطنية جامعة بُذلت لتحقيق وتعزيز هذا الهدف السامي ومنها: اللجنة الملكية لتعزيز منظومة النزاهة الوطنية، التي قامت بوضع ميثاق لمنظومة النزاهة الوطنية وخطة تنفيذية لها تبين الجهات المسؤولة والإطار الزمني للتنفيذ. كما تم تشكيل لجنة ملكية لمتابعة العمل وتقييم الإنجاز لتعزيز منظومة النزاهة الوطنية، والتي أوصت بإنشاء هيئة النزاهة ومكافحة الفساد تضم تحت مظلتها هيئة مكافحة الفساد وديوان المظالم، وذلك لتوحيد وتعزيز الجهود الوطنية الرامية إلى ترسيخ مبادئ الشفافية والعدالة.

ولكن، لم يرتقِ مستوى الأداء والإنجاز في الجهاز الإداري خلال السنوات الأخيرة لما نطمح إلى تحقيقه ولما يستحقه شعبنا العزيز. وعليه، لا بد من تضافر الجهود من مختلف مؤسسات الدولة لتطوير عمليات الإدارة فيها وإرساء مفهوم سيادة القانون، ضمن مسيرة تخضع عمل المؤسسات والأفراد للمراجعة والتقييم والتطوير بشكل دوري للوصول إلى أعلى المستويات التي نتطلع إليها.

إن مبدأ سيادة القانون جاء ليحقق العدالة والمساواة والشفافية والمساءلة على جميع مؤسسات الدولة وأفرادها دون استثناء وخاصة ممن هم في مواقع المسؤولية، من خلال ممارسات حقيقية على أرض الواقع. ولا يمكن لأي إدارة أن تتابع مسيرتها الإصلاحية وترفع من مستوى أدائها وكفاءتها دون تبني سيادة القانون كنهج ثابت وركن أساسي للإدارة.

إن التطبيق الدقيق لمواد القانون يعد من المتطلبات الضرورية لأي عملية تحول ديمقراطي ناجحة. كما أن سيادة القانون تضمن ممارسة أجهزة الدولة لسلطاتها وفق الدستور والقانون. فلا يمكن لدولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان أن تعمل خارج هذا الإطار. لذا، تشترك الحكومة وأجهزة الدولة كافة في حمل مسؤولية ما تتخذه من قرارات وسياسات وإجراءات، فمؤسسة البرلمان تمارس دورها في التشريع والرقابة، والقضاء المستقل النزيه والأجهزة الأمنية مناط بها تطبيق القانون، ليطمئن المواطن بأنه يستظل بسيادة القانون الذي يحميه ويحمي أبناءه دون تمييز أينما كان في ربوع هذا الوطن العزيز. وهذا يتطلب بالضرورة تطبيق القانون على الجميع دون محاباة أو تساهل وعلى المسؤول قبل المواطن، كما يجب أن يستند إلى تشريعات واضحة وشفافة، وإدارة حصيفة وكفؤة.

إن التواني في تطبيق القانون بعدالة وشفافية وكفاءة يؤدي إلى ضياع الحقوق ويضعف الثقة بأجهزة الدولة ومؤسساتها. كما أن تساهل بعض المسؤولين في تطبيق القانون بدقة ونزاهة وشفافية وعدالة ومساواة يشجع البعض على الاستمرار بانتهاك القانون ويترك مجالا للتساهل الذي قد يقود لفساد أكبر، بل إلى إضعاف أهم ركائز الدولة، ألا وهي قيم المواطنة.

إن تطوير الإدارة الحكومية مسيرة مستمرة تخضع لمراجعة وتقييم دائمين. وعليه، يجب تحديد مواطن الخلل والقصور والاعتراف بها للعمل على معالجتها، وإرساء وتفعيل مبدأ المساءلة والمحاسبة كمبدأ أساسي في عمل وأداء مؤسساتنا وفي جميع طبقات ومراحل الإدارة الحكومية، بحيث يكافأ الموظف على إنجازه ويساءل ويحاسب على تقصيره وإهماله. كما يجب تحقيق تنمية شاملة مستدامة تشمل جميع القطاعات وتضمن توزيع عوائد التنمية على أنحاء المملكة كافة بشكل عادل.

وتتطلب منظومة المساءلة والمحاسبة إجراءات مسبقة تبدأ بتبني مؤسساتنا لمدونات سلوك وأخلاقيات عمل ملزمة بشكل يحكم عمل وأداء المؤسسات والسلطات المعنية. كما يجب على مؤسساتنا وضع رؤية واضحة، وخارطة طريق، وأهداف محددة تمكن هذه المؤسسات من تحقيق أهدافها، وقياس نسبة الإنجاز والأثر، للوصول إلى أرقى معايير النزاهة والشفافية وأعلى مستويات الخدمة المقدمة للمواطنين.

ولضمان سيادة القانون، لا بد من وجود آليات رقابة فعّالة متمثلة بأجهزة الحكومة الرقابية كوحدات الرقابة الداخلية في الوزارات والمؤسسات، وديوان المحاسبة، وهيئة النزاهة ومكافحة الفساد، وبالبرلمان ودوره الرقابي الدستوري الفاعل الذي يضع مصلحة الوطن والمواطن في المقام الأول، وبالقضاء الذي يختص بالنظر في الطعون والتظلمات المقدمة على قرارات الإدارة العامة والشكاوى المتعلقة بقضايا الفساد المختلفة. وبالنسبة لهذه الأذرع الرقابية، إضافة إلى المحكمة الدستورية والهيئة المستقلة للانتخاب اللتين تضطلعان بدور هام في مجال تعزيز سيادة القانون، يجب العمل على تطويرها باستمرار من خلال تبني الأدوات المتطورة، بما يضمن الفعالية والسرعة، ومعالجة جوانب القصور في عملها سواء التشريعية أو الفنية، الأمر الذي يعزز من ثقة المواطن في مؤسسات الدولة ويحول دون لجوء البعض لإجراءات وحلول فردية غير قانونية تنتقص من سيادة القانون.

الواسطة والمحسوبية

"لا بد من الالتزام بمبدأ الكفاءة والجدارة كمعيار أساس ووحيد للتعيينات"

لا يمكننا الحديث عن سيادة القانون ونحن لا نقرّ بأن الواسطة والمحسوبية سلوكيات تفتك بالمسيرة التنموية والنهضوية للمجتمعات، ليس فقط بكونها عائقا يحول دون النهوض بالوطن، بل ممارسات تنخر بما تم إنجازه وبناؤه وذلك بتقويضها لقيم العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص وقيم المواطنة الصالحة وهي الأساس لتطور أي مجتمع.

فلا يمكن لنا أن نقبل أو نغض الطرف عن هذه الممارسات التي تقوِّض أسس العمل العام في خدمة مواطنينا، ولا يمكن أن نجعل من هذه الممارسات وسيلة نحبط بها الشباب المتميز والكفؤ، أو نزرع فيه  قناعة بأن مستقبله، منذ إنهائه لدراسته الثانوية وخلال دراسته الجامعية وحتى انخراطه بسوق العمل، مرتبط بقدرته على توظيف الواسطة والمحسوبية لتحقيق طموحه. فأي جيل يمكن أن يحمي سيادة القانون أو أن يدير مؤسساتنا وقد ترسخت الولاءات الفرعية فيه على حساب وطنه؟ وهنا، لا بد من نظرة شمولية لموضوع الشباب، ووضع استراتيجية هادفة وحقيقية تتضمن برامج متطورة يجمع عليها أصحاب الخبرة والمؤسسات الفاعلة في هذا المجال لترسيخ مبادئ المواطنة ودولة القانون وحب الوطن، وتمكين الشباب سياسيا واقتصاديا لتحقيق إمكانياته وتطوير وتوسعة أفقه، بالإضافة إلى توفير المنعة له من الأفكار الظلامية المنحرفة.

كما يعتبر موضوع التعيينات في المواقع الحكومية وبخاصة المناصب العليا من أكثر المواضيع التي يتم التطرق إليها عند الحديث عن الواسطة والمحسوبية، وقد شهدنا في السنوات الأخيرة بعض الممارسات بهذا الخصوص، والتي أرى فيها تجاوزا على مؤسساتنا وإثقالا لها وللمواطن بموظفين غير أكفياء وتجريدا وحرمانا لها من الكفاءات والقيادات التي تساهم بالارتقاء بها والنهوض بعملها في خدمة الوطن والمواطن. وهنا، لا بد من الالتزام بمبدأ الكفاءة والجدارة كمعيار أساس ووحيد  للتعيينات.

تطوير الجهاز القضائي أساس لتعزيز سيادة القانون

"أصبح من الضروري وضع استراتيجية واضحة للسنوات القادمة تعمل على صيانة وتطوير مرفق القضاء وسائر الأجهزة المساندة له، وتساهم في تعزيز البيئة القضائية الفاعلة والنزيهة"

إن مبدأ سيادة القانون لا يمكن أن يترسخ إلا بوجود جهاز قضائي كفؤ ونزيه وفاعل؛ فالمواطن يلجأ إلى القضاء لثقته بقدرة هذا الجهاز على إنصافه والحصول على حقوقه في أسرع وقت؛ وإن غاب هذا الأمر تزعزت ثقة المواطن بالقضاء.

ولطالما امتاز الأردن بالسمعة الطيبة والكفاءة العالية لجهازه القضائي، وما زلنا نذكر قضاة سجل لهم التاريخ مساهمتهم في تعزيز المكانة الرفيعة للقضاء في الأردن. ولكن، الإجراءات القضائية ما زالت تأخذ وقتا طويلا، وهناك نقص في الكادر الوظيفي ونقص في الخبرات النوعية الخاصة ببعض القضايا، وغيرها من تحديات تؤثر على أداء الجهاز وحقوق المواطن أو المستثمر.

لذا، أصبح من الضروري وضع استراتيجية واضحة للسنوات القادمة تعمل على صيانة وتطوير مرفق القضاء وسائر الأجهزة المساندة له، وتساهم في تعزيز البيئة القضائية الفاعلة والنزيهة، وتهيئة بنية مؤسسية عصرية تليق بالقضاء، وتوفير كوادر خبيرة ومتخصصة، وتطوير سياسات وتشريعات لتسريع عملية التقاضي وتيسيرها والارتقاء بها. كما يجب العمل على ترسيخ ثقافة النزاهة في الجهاز القضائي في مراحله كافة وتفعيل مدونة السلوك القضائي؛ ولا بد من تطوير وتحديث معايير تعتمد الجدارة والكفاءة في تعيين القضاة ونقلهم وترفيعهم بما يحقق العدالة والشفافية. ومن الضروري بمكان تعزيز قدرات القضاة وإكسابهم المهارات الضرورية لإصدار الأحكام القضائية العادلة والنزيهة؛ كما ويجب تطوير وتحديث وتمكين أجهزة الرقابة والتفتيش القضائي لتكون تقارير التفتيش أداة قياس حقيقية وواقعية لأداء القاضي وسلوكه.

سيادة القانون عماد الدولة المدنية

"ولنا أسوة في رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عندما كتب ميثاق صحيفة المدينة عند هجرته إلى المدينة المنورة من أجل تنظيم العلاقة بين جميع الطوائف والجماعات فيها، ومنها المسلمون واليهود والمهاجرون والأنصار"

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن الدولة المدنية، وقد حدث لغط كبير حول مفهوم هذه الدولة، ومن الواضح أنه ناتج عن قصور في إدراك مكوناتها وبنائها. إن الدولة المدنية هي دولة تحتكم إلى الدستور والقوانين التي تطبقها على الجميع دون محاباة؛ وهي دولة المؤسسات التي تعتمد نظاما يفصل بين السلطات ولا يسمح لسلطة أن تتغول على الأخرى، وهي دولة ترتكز على السلام والتسامح والعيش المشترك وتمتاز باحترامها وضمانها للتعددية واحترام الرأي الآخر، وهي دولة تحافظ وتحمي أفراد المجتمع بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو الفكرية، وهي دولة تحمي الحقوق وتضمن الحريات حيث يتساوى الجميع بالحقوق والواجبات، وهي دولة يلجأ لها المواطنون في حال انتهاك حقوقهم، وهي دولة تكفل الحرية الدينية لمواطنيها وتكرس التسامح وخطاب المحبة واحترام الآخر وتحفظ حقوق المرأة كما تحفظ حقوق الأقليات.

إن هذه المبادئ تشكل جوهر الدولة المدنية، فهي ليست مرادفا للدولة العلمانية، فالدين في الدولة المدنية عامل أساسي في بناء منظومة الأخلاق والقيم المجتمعية، وهو جزء لا يتجزأ من دستورنا. ولا يمكن أن نسمح لأحد أن يستغل أو يوظف الدين لتحقيق مصالح وأهداف سياسية أو خدمة مصالح فئوية.

ولنا أسوة في رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عندما كتب ميثاق صحيفة المدينة عند هجرته إلى  المدينة المنورة من أجل تنظيم العلاقة بين جميع الطوائف والجماعات فيها، ومنها المسلمون واليهود والمهاجرون والأنصار. وقد اعتبره الكثيرون إنجازا هاما للدولة الإسلامية ومعلما رئيسيا في تاريخها السياسي، كما ينظر الكثيرون إلى ميثاق صحيفة المدينة على أنه أول دستور مدني في التاريخ، حيث اعتمد على مبدأ المواطنة الكاملة، فقد ساوى بين المسلمين وغير المسلمين من حيث الحقوق والواجبات تحت حماية الدولة مقابل دفاعهم عنها. وقد شمل الميثاق محاور عدة أهمها: التعايش السلمي والأمن المجتمعي بين جميع أفراد المدينة، والمساواة بينهم جميعا فيما يتعلق بمبدأ المواطنة الكاملة من حيث المشاركة الفاعلة في مجالات الحياة المتعددة، واحترام وحماية حرية الاعتقاد وممارسته، والتكافل الاجتماعي بين فصائل الشعب، وحماية أهل الذمة والأقليات غير المسلمة، والنصح والبر بين المسلمين وأهل الكتاب، وغيرها.

وجملة القول أن الدولة المدنية هي دولة القانون التي تستند إلى حكم الدستور وأحكام القوانين في ظل الثوابت الدينية والشرعية، وترتكز على المواطنة الفاعلة، وتقبل بالتعددية والرأي الآخر، وتُحدد فيها الحقوق والواجبات دون تمييز بين المواطنين بسبب الدين أو اللغة أو اللون أو العرق أو المستوى الاقتصادي أو الانتماء السياسي أوالموقف الفكري.

ونحن سنبقى ملتزمين بالقيم التي عُرف بها هذا الوطن منذ  نشأته ولن نحيد عنها أبدا؛ فهذه القيم ميزت هذا الشعب بمختلف أطيافه، وهي قيم السلام والاعتدال والوسطية، وقيم المساواة والحرية والتعددية وقيم الرحمة والتعاضد وقبول الآخر، وقيم المثابرة والانفتاح والمواطنة الصالحة؛ فهذه خصائص ورثناها وأصبحت من شيم الأردنيين وسنزرعها في قلوب أبنائنا إن شاء الله.

    enlightenedابتدأ جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في الورقة النقاشية السادسة الحوار حول مفهوم دولة                 القانون والحقوق والمواطنة والتي يسعى إليها جميع الأردنيين وقيادتهم ، يعرف جلالته برؤيته الثاقبة الدولة               المدنية بأنها  :

   yes   " دولة القانون التي تستند إلى حكم الدستور وأحكام القوانين في ظل الثوابت الدينية والشرعية وترتكز على                   المواطنة الفاعلة ، وتقبل بالتعددية والرأي الآخر ،وَتَحَدَّدَ فيها الحقوق والواجبات دون تمييز بين المواطنين                  بسب الدين أو اللغة أو اللون أو العرق أو المستوى الاقتصادي أو الانتماء السياسي أو الموقف الفكري ".

         وقد شدد جلالة الملك على أن سيادة القانون هي المَعْبَرُ الحقيقي والأساس الذي تبنى عليه الديمقراطيات                 والاقتصاديات المزدهرة والمجتمعات المنتجة وأن مسؤولية تطبيق وإنفاذ سيادة القانون بمساواة وعدالة                 ونزاهة تقع على عاتق الدولة* فإن ذلك يتطلب ذاته أن يتحمل كل مواطن "مسؤولية ممارسة وترسيخ سيادة              القانون في حياته اليومية   وبعيدا عن الانتقائية "* .

    ويبسط جلالته مفهوم سيادة القانون من خلال الإشارة إلى بعض الحوادث اليومية ،حيث يقول :

     من خلال الحوادث اليومية في المجتمع يقول جلالته : "وكم يؤلمني ويغضبني أن أرى طفلة تموت في أحضان       والدها في عرس أو احتفال تطلق فيه نيران الأسلحة ،أو أم تودع ابنها دون أن تعلم أنه لن يعود إليها بسبب سائق     لم يحترم القانون ،أو طالب متفوقاً فقد فرصته لعدم تطبيق سيادة القانون ،أو مجرم ينعم بالحرية دون مساءلة ".

     ويلفت جلالته إلى "الحالة المروعة والمحزنة " التي تعيشها العديد من دول المنطقة فإنه يخلص إلى أن ، " غياب سيادة القانون والتطبيق العادل له " كان عاملا رئيسا في وصول هذه الدول لهذه الحال .

      yesويقول جلالته : أن سيادة القانون هي الضمان لحقوق الجميع وتعزيز العدالة الاجتماعية ، ويضع جلالته في رؤيته لدولة القانون والمواطنة ميزانا واضحا لضمان حقوق جميع مواطنيها وتعزيز العدالة الاجتماعية ،وهو "  ضمان حقوق الأقلية كمتطلب لضمان حقوق الأغلبية " .

     أشار جلالته إلى مكامن الخلل في الأداء الرسمي وهي :

  • لم يرتق مستوى الأداء والإنجاز في الجهاز الإداري خلال السنوات الأخيرة لمستوى الطموح ،ولما يستحقه شعبنا العزيز .وعليه -كما يقول جلالته -
  1. لا بد من تضافر الجهود من مختلف مؤسسات الدولة لتطوير عمليات الإدارة فيها .
  2. وإرساء مفهوم سيادة القانون ،ضمن مسيرة تخضع عمل المؤسسات والأفراد للمراجعة والتقييم والتطوير بشكل دوري للوصول إلى أعلى المستويات التي تلبي الطموح .
  •  حذر جلالته من أن تساهل المسؤولين بتطبيق القانون بدقة ونزاهة وعدالة يشجع على استمرار انتهاك القانون ويقود لفساد أكبر ويضعف قيم المواطنة .وينبه إلى أن الواسطة والمحسوبية سلوكيات تفتك بمسيرة المجتمعات وتقوض قيم العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص والمواطنة الصالحة .         
  • أكد جلالته على أنه " لا بد من الالتزام بمبدأ الكفاءة والجدارة كمعيار أساس ووحيد للتعيينات" حيث أشار جلالته إلى بعض الممارسات التي تتجاوز على مؤسسات الدولة وإثقالا لها وللمواطن بموظفين غير أكفياء وتجريدا وحرمانا من التعيينات  في المواقع الحكومية وبخاصة المناصب العليا .   

         yes وقد أكد جلالته في تشخيصه للوضع الراهن في الأردن والمنطقة ،إن كل التحديات من حولنا اليوم "تقودنا إلى        مفترق طرق ،ولا بد أن نحدد مسارنا نحو المستقبل بوعي وإدراك لتحديات الواقع ورؤية واثقة لتحقيق طموح           أبنائنا وبناتنا ،فنترك لهم السلام والأمان والازدهار والكرامة والقدرة على مواجهة أصعب الصعاب "

     ⇔ لكل ذلك يطلب جلالة الملك من كل مواطن أن يعبر عن حبه لبلدنا العزيز من خلال احترامه لقوانينه ،وأن                 يكون عهدنا بأن يكون مبدأ سيادة القانون الأساس في السلوك والتصرفات ،وكذلك يحذر جلالته من التساهل           والتواني في تطبيق القانون  بعدالة وشفافية وكفاءة يؤدي إلى ضياع الحقوق ويضعف الثقة بأجهزة الدولة                  ومؤسساتها.

              

 

        

        

         

     الورقة النقاشية السابعة 

          

                                     الورقة النقاشية السابعة : " تطوير التعليم أساس الإصلاح الشامل "

               العيد الحادي والخمسون لميلاد جلالة الملك عبدالله الثاني اليوم- صور | جفرا  نيوز                       مركز التوثيق الملكي ينشر وثيقة خطاب العرش الأول تعود لعام 1947 - المدينة  نيوز

          

          

بقلم عبدالله الثاني ابن الحسين

السبت 15 نيسان 2017

    لقد تنامى في الآونة الأخيرة نقاش محموم حول ملف التعليم، لم يقتصر على أمة دون أمة، ولا على قطر دون قطر. ولقد أسعدني أن كان لبلادنا العربية من هذا النقاش نصيب كبير شهدنا آثاره في الأردن على شتى الصعد، وعبر مختلف المؤسسات.

وإنني مستبشر بهذا النقاش الجاد، فهو إن دل على شيء فإنما يدل على يقظة ووعي بما لهذا الملف من أهمية كبرى وأثر عظيم. ولا عجب، فما من أمة تنهض بغير التعليم، وقد بات من البديهيات أن لا شيء يعدل التعليم في مسيرة بناء الدول، وتغيير وجه العالم، إلى الأجمل والأكمل والأفضل، ولا سيما في مرحلة باتت تتسابق فيها الأمم في اقتصاد المعرفة، واستثمار الطاقات البشرية.

لم يعد خافيا على أحد أننا نعيش في عصر تسارعت خطاه، وأننا لن نستطيع أن نواكب تحديات هذا العصر إلا بأدواته المعرفية الجديدة، ولا أن نلبي احتياجاته إلا بوسائله التقنية الحديثة.

ولا يمكننا في ظل هذا الواقع، أن نغفل عن التحديات الكبيرة التي يواجهها قطاع التعليم، بدءً من الاعتراف بها، ومن ثم بذل الجهود لتجاوزها، وابتكار الحلول الناجعة لها، وصولا إلى نظام تعليمي حديث، يشكل مرتكزا أساسيا في بناء المستقبل المزدهر الذي نسعى إليه. ولذلك فإننا نرى أهمية التوصيات التي قدمتها لجنة تنمية الموارد البشرية العام الماضي وضرورة العمل بها.

الاستثمار في مستقبل أبنائنا عماد نهضتنا

"إنني أومن كل الإيمان بأن كل أردني يستحق الفرصة التي تمكنّه من أن يتعلم ويبدع، وأن ينجح ويتفوق ويبلغ أسمى المراتب، بإيمان وإقدام واتزان، لا يرى للمعرفة حدا، ولا للعطاء نهاية"

وإننا على ذلك لقادرين، فها هي ذي ثروتنا البشرية، أغلى ما يمتلك الأردن من ثروات، قادرة، إذا هي نالت التعليم الحديث الوافي، على صنع التغيير المنشود، وليس أمامنا إلا أن نستثمر في هذه الثروة بكل قوة ومسؤولية، فلا استثمار يدر من العوائد كما يدر الاستثمار في التعليم. إنني أومن كل الإيمان بأن كل أردني يستحق الفرصة التي تمكنّه من أن يتعلم ويبدع، وأن ينجح ويتفوق ويبلغ أسمى المراتب، بإيمان وإقدام واتزان، لا يرى للمعرفة حدا، ولا للعطاء نهاية، منفتحا على كل الثقافات، يأْخذ منها ويدع؛ الحكمة ضالته، والحقيقة مبتغاه، يطمح دوما إلى التميز والإنجاز، ويرنو أبدا إلى العلياء.

لكن شيئا من ذلك لن يتحقق ما لم تتكاتف جهود الجميع، شعبا وحكومة ومؤسسات خاصة وعامة، لتوفير البيئة الحاضنة، وتأمين الاحتياجات الضرورية من أجل بناء قدراتنا البشرية من خلال منظومة تعليمية سليمة وناجعة، تؤتي أُكُلها كل حين بجهد أبناء وبنات هذا الوطن، على اختلاف مشاربهم ومسالكهم في الحياة.

سبيلنا لمستقبل زاهر

"إنه لم يعد من المقبول، بأي حال من الأحوال، أن نسمح للتردد والخوف من التطوير ومواكبة التحديث والتطور في العلوم، أن يهدر ما نملك من طاقات بشرية هائلة."

على المؤسسات التعليمية أن تؤمن بما يتمتع به أبناء هذا الشعب وبناته من طاقات هائلة، وقدرات كبيرة، ومواهب متنوعة، وتسعى لاكتشاف هذه الطاقات، وتنمية تلك القدرات، وصقل تلك المواهب، وتحفيزها إلى أقصى حدودها، عبر أحدث الأساليب التعليمية التي تشجع على الفهم  والتفكير، والفهم لا التلقين، وتجمع بين العلم والعمل، والنظرية والتطبيق، والتحليل والتخطيط، وتفتح  آفاقا رحبة أمام أبنائها، ليتفوقوا في كل مادة، وينبغوا في كل فن أومهنة أو حرفة.

إنه لم يعد من المقبول، بأي حال من الأحوال، أن نسمح للتردد والخوف من التطوير ومواكبة التحديث والتطور في العلوم، أن يهدر ما نملك من طاقات بشرية هائلة. إن قطاع التعليم هو قطاع استراتيجي ومن غير المقبول أيضا، بل من الخطير، أن يتم الزج بالعملية التعليمية ومستقبل أبنائنا وبناتنا في أي مناكفات سياسية ومصالح ضيقة، غير آبهين بأهمية وضرورة استمرار التطوير والإصلاح وأثره العميق على أمتنا وحاضر الأجيال ومستقبلهم.

لقد بات التطوير ضرورة أملتها الظروف، بل متى لم يكن كذلك؟ فها هي صفحة التاريخ وتجارب الأمم تثبت ألا محيد عن  التغيير، ولا مصير إلا إليه، فالتغيير يفرض نفسه، ويثبت ذاته، ويمضي غير عابئ بمن يخشونه.

وطالما كان الأردن بشعبه مقداما ومبادرا ورائدا في التحديث والبناء في وطننا العربي، وكنا الساعين إليه، والمبادرين به، لتكون مقاليده في أيدينا، ونكون نحن المتحكمين في وجهته، لا يتنكر لماضينا المجيد، أو لتراثنا الخالد وحضارتنا العربية والإسلامية، بل يستلهمه ويبني عليه، وينهل منه ويعتد به، بعقل منفتح ونفس رضية، لا ترى في ذلك الماضي إلا مادة تبعث على الفخر والاعتداد، لا مادة لبث الفرقة والبغضاء، مادة للبحث والنظر والتحليل، لا مادة للتقليد والجمود والتكرار. 

إن لكل عصر أدواته ووسائله، وهمومه ومشاكله، فالتعليم في عصرنا الحديث، الذي يشهد تطورا هائلا في التكنولوجيا، لا يقتصر على القراءة والكتابة، بل يتجاوز ذلك في عصر الكمبيوتر والإنترنت إلى إتقان لغات عالمية أساسية، وامتلاك مهارات التواصل مع الآخرين ومبادئ العمل المهنية، والقدرة على التحليل والتفكير ليكون قادرا على المشاركة في إنتاج المعرفة، والمساهمة في إحداث التقدم، عملا بقوله تعالى (وقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا).  

لقد أنعم الله علينا بثروة عز نظيرها من القيم العالية واللغة الثرية والتراث البديع. ولن يستطيع أبناؤنا أن ينهلوا من هذا التراث، إلا إذا أحبوا لغتهم العربية، وأجادوها وتفوقوا فيها، وكيف لا وهي لغة القرآن الكريم ولسان الأمة، فهي التي تشكل ثقافتهم وتكوِّن بناءهم المعرفي الأصيل.

رؤيتنا لأردنٍ منارة للعلم والمعرفة

"إننا نتطلع إلى أردن قوي، يقدم لأبنائه خير تعليم، يؤهلهم لأن يواجهوا تحديات الحياة، لأن يقيموا أعمالا ناجحة، وأن يمارسوا حرفا قيمة، وأن ينشئوا أسرا متآلفة، وأن يبنوا مجتمعا متماسكا."

إننا نتطلع إلى أردن قوي، يقدم لأبنائه خير تعليم، يؤهلهم لأن يواجهوا تحديات الحياة، لأن يقيموا أعمالا ناجحة، وأن يمارسوا حرفا قيمة، وأن ينشئوا أسرا متآلفة، وأن يبنوا مجتمعا متماسكا. نتطلع إلى أردن يتبوأ مكانه في مصاف الدول التي سبقت في هذا الميدان، واستطاعت بالجهد والمثابرة انتزاع المراكز المتقدمة فيه. فبناء قدراتنا البشرية من خلال التعليم المتميز وتجويد مخرجاته بوابتنا نحو المستقبل، فهو يشكل أرضية مشتركة لفهم الآخر وتعميق قيم التسامح، بعيدا عن الغلو والتعصب، كما أن تحقيق الإصلاح الشامل يرتبط ارتباطا وثيقا بالنهضة التعليمية مهما كانت الظروف والتحديات.

ونطمح أيضا لأن يكون للأردن تجربة تغري بنجاحها الآخرين، فيكون هو قائد مسيرة تحديث التعليم في العالم العربي، ورائد التحول إلى مجتمع المعرفة، فتحدي التعليم، كما أسلفت، غير مقتصر على بلد بعينه، ولا بد أن تتوحد الجهود، ويتم تبادل الخبرات لتجاوز هذا التحدي.

وعليه، فإننا نريد أن نرى مدارسنا ومعاهدنا المهنية وجامعاتنا مصانع للعقول المفكرة، والأيدي العاملة الماهرة، والطاقات المنتجة. نريد أن نرى مدارسنا مختبرات تُكتشف فيها ميول الطلبة، وتُصقل مواهبهم، وتُنمى قدراتهم. نريد أن نرى فيها بشائر الارتقاء والتغيير، لا تخرِّج طلابها إلا وقد تزودوا بكل ما يعينهم على استقبال الحياة، ومواجهة ما فيها من تحديات، والمشاركة في رسم الوجه المشرق لأردن الغد؛ طلبة يعرفون كيف يتعلمون، كيف يفكرون، كيف يغتنمون الفرص ويبتكرون الحلول المبدعة لما يستجد من مشاكل، ويعرض من عقبات. ولا يكون ذلك إلا بمنظومة تعليم حديثة، توسع مدارك الطلبة، تعمّق فكرهم، تثير فضولهم، تقوي اعتدادهم بأنفسهم، وتصل بهم إلى العالمية، على أجنحة من الإيمان القوي، والثقة الراسخة، والاعتزاز بهويتنا الإسلامية والعربية وتراث الآباء والأجداد.

كما لا يمكن أن يتحقق ذلك، إلا بمناهج دراسية تفتح أَمام أبنائنا وبناتنا أبواب التفكير العميق والناقد؛ تشجعهم على طرح الأسئلة، وموازنة الآراء؛ تعلمهم أَدب الاختلاف، وثقافة التنوع والحوار؛ تقرّب منهم أساليب التعبير، وتنمّي فيهم ملكة النظر والتدبر والتحليل، وكذلك بمعلمين يمتلكون القدرة والمهارات التي تمكنهم من إعداد أجيال الغد.

إنني لأكرر التعبير عن سعادتي بهذا النقاش الدائر حول تنمية مواردنا البشرية وتعليم بناتنا وأبنائنا، الموضوع الذي يمس مستقبل أمتنا، وأدعمه كل الدعم، حتى يؤتي ثماره بالتنفيذ والإصلاح، فهو علامة وعي وتيقظ، ومبعث أمل وارتياح. ولا بد أن نعمل دون تردد أو تأخير، يدا واحدة، مؤسسات ومعلمين، طلبة وأهالي لنحقق مبتغانا. فكل يوم يمضي تمضي به فرصة لأبنائنا في تحقيق ما يستحقون فلا نضيعها عليهم.  

            enlightened يقول جلالته : "  إن التعليم أرضية مشتركة لفهم الآخر وتعميق قيم التسامح ،بعيدا عن الغلو والتعصب ،                  كما أن تحقيق الإصلاح الشامل يرتبط ارتباطا وثيقا بالنهضة التعليمية مهما كانت الظروف والتحديات "     

      بعد الاطلاع على الورقة النقاشية السابعة لتؤكد على الموارد البشرية في الأردن وذلك لعلم أنها تمثل بحق أهم الثروات ؛ إِذا نالَتْ الأَجْيالُ تَعْلِيماً مُتَطَوِّراً وَحَدِيثاً يُنَمِّي مَهاراتِ الاِبْتِكارِ وَالإِبْداعِ وَالتَفْكِيرِ الناقِدِ . وأكد جلالته على المزيد من العمل من أجل التطور والإنجاز الذي نحتاجه للمسيرة التعليمية في الأردن والتي تشمل كافة المراحل مع التركيز على العمل الإيجابي وعلى جعل التميز في المؤسسات التعليمية هو الهدف الأسمى :

  • التميز العلمي والأدبي والمهني والبحثي والتميز في الاختراع  العلوم  والرياضة والفنون بأنواعه.
  • إضافة إلى تشجيع لغة الحوار وتقبل الرأي الآخر وضرورة التنوع الثقافي والبيئي .
  • والبعد عن التردد والخوف من التطوير ومواكبة التحديث والتطور في العلوم ،ليكون سَنَداً له في حل مشكلات حياته وليتمكن من مواجهة التطرف بشتى أنواعه ،وليكون عنصر بناء يساهم في رفعة وتطور  الوطن .

     yes  الموارد البشرية : ولعلم جلالته بأن الموارد البشرية تمثل أهم الثروات جاءت الورقة النقاشية السابعة                   لتؤكدأهميتها لدى جلالته ؛إذا نالت هذه الأجيال تعليما متطورا وحديثا ينمي مهارات الإبداع والتفكير الناقد                 .فلا يمكن للأردن مواجهة تحديات المستقبل ،وتحقيق التغير المنشود دون وجود شباب واع يتسم بالمعرفة             والثقافة لما يدور حوله ،ليستطيع اجتياز العقبات بسهولة ويسر .

     واستطاع جلالة الملك أن يؤسس لنهضة تعليمية أردنية شاملة وجديدة ترسل كفاءاتها المتميزة والقديرة إلى          جميع دول العالم، والأردن كان وسيبقى مشعل للنهضة والتطور في كثير من الدول العربية  .كما حسم جلالته الجدل الواسع والدائر حول تطوير العملية التعليمية والتي تنطلق من لغة القرآن الكريم وروح الحضارة العربية الإسلامية .

  •  وأوضحت هذه الورقة مستقبل التعليم  الذي يريد جلالته المبني على الاستقصاء والفهم  والبحث والتحقق        التدقيق والنقد  والتحليل والبعد عن التلقين والعمل على صقل الشخصية وبنائها وتحفيز الطلبة على التواصل   ومخاطبة العالم بجميع لغاته حتى يكون سمة المجتمع الأردني التقدم والتطور ومواكبة العلم والمعرفة والتكنولوجيا.
  • دعا جلالته  المؤسسات التعليمية إلى تنمية القدرات وتحفيزها إلى أقصى حدودها عبر أحدث الأساليب التعليمية التي تشجع على الفهم والإبداع والابتكار والبعد عن التلقين وأن تجمع بين العلم والعمل والنظرية والتطبيق والتحليل والتخطيط وتفتح آفاقاً جديدة أمام أبنائها ليتفوقوا  في كل فن أو مهنة أو حرفة .
  • استحداث منظومة تعليمية حديثة ومناهج دراسية تفتح آفاقا من التفكير العميق والناقد وتشجع الإبداع 
  • تنمية القدرات وتعلم أدب  الاختلاف وثقافة التنوع.
  • الاهتمام بالمعلم ركن العملية التعليمية بحصوله على المهارات  التي تمكنه من إعداد أجيال نقية ومنتمية .
  • العدالة والمساواة  وتكافؤ الفرص وضرورة تحويل الجامعات والمدارس إلى مصانع للعقول ومختبرات لاكتشاف الميول .

     ***ولتحقيق ذلك لا بد من :

 تضافر  جهود الجميع الحكومة ،ومكونات المجتمع الأردني ، والجامعات والمدارس وتوفير البيئة التعليمية الحاضنة للتميز  والتفوق والإبداع وتأمين الاحتياجات اللازمة والضرورية لبناء القدرات والموارد البشرية من منظومة تعليمية  سليمة وناجحة تعيد للمعلم والأستاذ الجامعي مكانته في المجتمع ويقوم بعمله بكل أمانة ورغبة ويستطيع أن يترجم هذه العناوين السامية حتى تصبح مدارسنا مشاعل للعلم والمعرفة وصقل المواهب ومكانة لتنمية القدرات ومكان للتغير والارتقاء المنشود وهذا يتم من خلال ما يلي :

  • منظومة   تعليم حديثة توسع مدارك الطلبة وتفتح آفاق المستقبل أمامهم وتعمق تفكيرهم .
  • التسلح بالإيمان القوي والثقة القوية والاعتزاز بهويتنا الإسلامية والعربية وتراث الآباء والأجداد .
  • الرغبة في التعليم والتطور والإبداع ومواكبة المستجدات الحديثة .            

        

  رابعا :الإنجازات السياسية الخارجية في عهد الملك عبدالله الثاني ابن الحسين.

       

       

       حقق  الأردن مكانة بارزة بين دول العالم بفضل الدور الذي قام به الملك عبدالله الثاني             في دعم القضايا العربية والدولية ،ومن أبرز الإنجازات السياسية التي تحققت في هذا               المجال  ما يأتي :

  1.  دعم حق الشعب الفلسطيني في العودة إلى أرضه ،وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس ،وتأكيد أهمية المقدسات الإسلامية والمسيحية والدفاع عنها.
  2. إبراز  صورة الإسلام السمحة في المحافل الدولية كافة ، وإعلان رسالة عمان في عام 2004م ،للإسهام في محاربة التطرف والإرهاب .
  3. المشاركة الفاعلة في المؤتمرات واللقاءات الدولية للدفاع عن القضايا العربية ،والوقوف إلى جانب الدول العربية للمحافظة على أمنها واستقرارها ،وحل القضايا العربية ضمن البيت العربي .
  4. حصول الأردن على عضوية غير دائمة في مجلس الأمن الدولي للمرة الثالثة في عام 2014م،وترؤسه مجلس الأمن الدولي مرتين في المدة بين (2014-2015م) .
  5. إبراز التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية التي يمر بها في اللقاءات الدولية والمؤتمرات العالمية .