علم البديع : هو العلم الذي تُعرَف به وجوه تحسين الكلام وتزيينه .
يقسم إلى قسمين :
- لفظيّ :يكون التّحسين فيه راجعًا إلى اللّفظ
1- الجِناس . 2- السَّجع .
3- ردّ العَجُز على الصَّدْر .
- معنويّ : يكون التّحسين فيه راجعًا إلى المعنى .
1- الطّباق . 2- المُقابلة . 3- التّورية .
أوّلًا : المُحسِّنات اللّفظيّة :
(1) الجِناس :
أ- مفهوم الجِناس :هو توافق اللّفظَيْن في النُّطْق ، مع اختلافهما في المعنى .
- قال تعالى : ( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُواْ غَيْرَ سَاعَةٍ)
ورد في الآية الكريمة لفظان متوافقان في النُّطق " ساعة،ساعة " ، ولكنّهما مختلفان في المعنى ، فـ "ساعة" الأولى تعني القيامة، والثّانية بمعنى الجزء من الزّمن . ( وهذا يُسمّى الجناس).
- ارْعَ الجارَ ولو جارَ .
ورد لفظان متوافقان في النّطق" جار، جار " ، فالأوّل اسم بمعنى المجاور في السّكن ، والثّاني فعل بمعنى ظلم .
ب- نوعا الجِناس :
1- الجِناس التّام : توافق اللّفظين في أربعة أمور : ( الحروف، وعددها، وترتيبها، وحركاتها) ، مع اختلاف المعنى .
يقول أبو تمّام مادحًا:
-إذا الخَيْلُ جابَتْ قَسْطَلَ الحربِ صَدّعوا صُدورَ العَوالي في صُدورِ الكتائبِ *
*قسطل الحرب:غبار الحرب
ورد لفظ صدور بمعنيين مختلفين ، الأوّل ( أعالي الرّماح) ، والآخر ( نحور الأعداء)،
واللّفظان توافقا في : نوع الحروف ،وعددها ،وترتيبها، وحركاتها.
- قول امرأة مُحتاجة تصف أحد المحسنين إليها بعد وفاته: "كان ذا هِبَةٍ فأمواله ذاهِبَةٌ"
تجد أنّها وصفته بــ "العطاء" ، " وأمواله" بــــ "الزوال"
وتجد الألفاظ " ذا هِبَةٍ" و "ذاهبة" توافقت في نوع الحروف، وعددها،وترتيبها،وحركاتها،
واختلفت في المعنى، فــ "ذا هِبَة" يتألّف من كلمتين: "ذا"بمعنى صاحب، و "هبة" بمعنى عطاء،
و "ذاهبة" الثانية بمعنى زائلة .
أي إنّ الجِناس التّام يأتي بين كلمتين ، وقد يأتي بين أكثر من كلمتين عند تَوافُق اللَّفظ.
2- الجِناس غير التّام : ما اختلف فيه اللّفظان في واحد من الأمور الأربعة السّابقة(الحروف،وعددها،وترتيبها،وحركاتها) .
| المثال | الجناس النّاقص | أوجه الاختلاف |
| قوله تعالى(وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ ) | سَبَإ نَبَإ | ّاختلاف في نوع الحروف (السّين والنّون). |
| قال أردنيّ يفتخر بجنود بلاده : سورُ بلادي عالٍ تحميه نسورُ الوطن . | سور نسور | اختلاف في عدد الحروف. |
| قيل في الأثر : رحم الله امرأً أمسك ما بينَ فَكّيهِ وأطلقَ ما بينَ كفّيهِ . | فَكّيهِ كفّيهِ | اختلاف في ترتيب الحروف. |
| قال شابٌ عند سماعه قصةٌ مؤثرة : اتّعظْتُ بالعِبْرَةِ فَنَزَلَتْ مِنْ عَيْني عَبْرَةٌ . | عِبْرَةِ عَبْرَةٌ |
اختلاف في الحركات . - ينظر إلى الحركات الداخلة في بنية الكلمة فقط ، ولا ننظر إلى حركة الحرف الأخير. في المثال كان الاختلاف في حركة حرف ( العين) . |
- سبب توظيف الجِناس في الكلام :
يضفي جمالًا إيقاعيًّا يجعل المتلقّي أكثر قبولًا وأكثر استحسانًا للمعنى الذي أراده المتكلّم .
وتأكيد ذلك قول الخليل بن أحمد واصفًا فراق أحبّته:
يا ويح قلبي من دَواعي الهَوى إذ رحل الجيرانُ عندَ الغُروب
أتْبَعْتُهُم طرْفي وقدْ أزْمعوا ودمعُ عينَيَّ كفيْضِ الغُروب *
*الغروب:جمع غرب، وهي الدّلو العظيمة.
فلعلّك تلحظ أنّ ورود كلمة( الغروب) مرّتين في الكلام يضفي عليه نوعًا من الإيقاع الموسيقيّ الذي له أثر واضح في نفس المتلقّي
فائدة :
1- يكون الجِناس بين لفظَيْن مُتجاورين في بيت شعر أو بيتين أو في جملة أو جملتين ، وكلّما كانا مُتقاربين كان إيقاعهما أطْرَب للسَّمْع من تَباعُدهما .
2- يتَّفق اللّفظان المتجانسان في البِنية الأصليّة ، ولا يتأثَّران بما يتّصل بهما ، مثل:
"أل" التعريف، والضّمائر، ولكنْ يُؤخَذ الضّمير بالحُسبـان إذا وردَ الجِناس بين أكثر من لفظينِ كقولهم:
كنتُ أطْمَعُ في تَجْريبِكَ ومَطايا الجَهْلِ تَجْري بِكَ.
٣ – لا يتأثَّر نوع الجِناس بالحركات الإعرابيّة، ويُنظَر إلى الحركات
الدّاخلة في بِنية الكلمة، فالجِناس في قول إحداهنَّ تَصِفُ صديقتَها:
صَديقَتي وَعْدُ تَفي بكلّ وَعْدٍ قَطَعَتْهُ.
جِناسٌ تامٌ، لأنَّ الاختلاف جاء في الحركات الإعرابيّة ممّا لا عَلاقة له ببِنية الكلمة.
س 1 :المثال الذي أتى فيه الجناس التّام بين كلمتين اثنتين وكلمة أخرى، مع توافُق اللّفظ : (سؤال وزاريّ)
أ- انظر قول امرأةٍ تَصِفَ أحَد المُحسِنين إليها :كان ذا هِبَةٍ فأموالُهُ ذاهِبَةٌ.
ب-إذا الخَيْلُ جابَتْ قَسْطَلَ الحَرْبِ صَدَّعوا صُدور العَوالي في صُدورِ الكَتائبِ
ج- قول إحداهنَّ تَصِفُ صديقتَها: صَديقَتي وَعْدُ تَفي بكلّ وَعْدٍ قَطَعَتْهُ.
د-قال أَحَد الحكماء في ذمّ التّكبُّر : " مَنْ زادَ في التّيهِ لا يُعْذَرُ في التّيهِ".
الجواب : ( أ )
وقع الجناس بين كلمتين هما ( ذا هِبة ) وكلمة أخرى ( ذاهبة ) .
س 2: يُعدُّ كلّ ممّا تحته خطّ في ما يأتي مثالًا على الجِناس النّاقص، ما عدا : (سؤال وزاريّ)
أ– قال تعالى: ﴿ وَإِنَّهُ عَلَىٰ ذَٰلِكَ لَشَهِيدٌ (٧) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ).
ب- قال تعالى ﴿ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ﴾
ج- قال تعالى : ﴿ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ ﴾.
د-مِــنْ بَحْرِ جُـــودكَ أغْتَرِفْ وبَفَضْلِ عِلْــمِــكَ أعْتَرِفْ
الجواب : ( ج )
س3:إذا الخَيْلُ جابَتْ قَسْطَلَ الحَرْبِ صَدَّعوا صُدور العَوالي في صُدورِ الكَتائبِ
المحسّن البديعيّ في ما تحته خطّ في البيت السّابق : (سؤال وزاريّ)
أ- الطباق . ب- التّورية . ج- المقابلة . د- الجِناس.
الجواب : ( د )
س4:اللّون البديعيّ الذي يتضمّنه القول:( صديقتي وَعْدُ تفي بكل وَعْدٍ قطعته ) جناس غير تام . أ- صح . ب- خطأ.
الجواب : (ب)(خطأ) هو جناس تام وقع بين كلمتي ( وَعْدُ ، وَعْدٍ ) لأنّ نوع الجناس لا يتأثّر بالحركات الإعرابيّة.
===================================================================
2- السَّجْعِ :
السَّجْع: انتهاء العبارتين بالحرف نفسه .
قال أبٌ يوصي ابنَه:
يُنالُ النَّجاحُ بالعَمَل، لا بِطولِ الأمَلِ.
إذ نَلحَظَ هنا أنَّ الكلمتين الأخيرتين" العَمَل، الأمَل" في التّركيبين اتّفقتا في الحرف الأخير، وهو "اللّام".
ثم تأمّل قول عمر بن الخطّاب - رضيَ الله عنه – ناصِحًا بالتَّوسُّط في الحُبّ والبُغْض:
"لا يَكُنْ حُبُّكَ كَلَفا، ولا بُغْضُكَ تَلَفًا".
فقد اتّفقَت أيضًا الكلمتان الأخيرتان "كَلَفًا، تَلَفًا" في التّركيبين في الحرف الأخير "الفاء".
ويُسمّى هذا اللّون البديعيّ سَجْعًا. ويُشتَرَط لِحُسْن السَّجْع أن يكون عَفويًّا لا يؤدّي إلى التّضحية بالمعنى.
– ورد في القولين السابقَيْنِ جِناس، وضّحْه.
(العمل / الأمل ) (كلفًا / تلفًا ) جناس غير تام وكان الاختلاف في نوع الحروف ؛ ففي المثال الأول وقع الاختلاف في نوع الحروف بين "العين والميم مع توافق سائرها ، وفي المثال الثاني وقع الاختلاف في حرفي " الكاف والتاء " مع توافق سائرها .
فائدة
لا يُحتَسَب ما يأتي من باب السَّجْع:
١ – حروف المدّ "الألف، والواو، والياء" في آخر الكلمة، كما في قول أديبٍ يَصِفُ شجرةً:
"تَضْرِبُ بجُذورِها في الثَّرى، وتُسابِقُ بأغْصانها قِمَمَ الذُّرا".
فالسَّجع وقعَ بِحرف "الرّاء".
۲ – الهاء في آخر الكلمة إذا سبقَهُ متحرِّكٌ، كما في قول معلَّمة تُثْني على إحدى طالباتها:
إنسانةٌ بِأدبِها، لا بزيِّها وثَوْبِها.
فالسَّجعُ وقعَ بحرف "الباء".
س1:المُحسّن البديعيّ الذي يتضمّنه :"الكتابُ والِجُ الأبوابِ، جَريءٌ على الحُجّابِ"
أ- الطباق . ب- الجناس . ج- السجع . د- رد العجز على الصدر .
الجواب : (ج).
س 2: في جملة " إنسانةٌ بِأدبِها، لا بزيِّها وثَوْبِها "وقع السَّجع بحرف "الهاء"
أ- صح . ب- خطأ .
الجواب : (خطأ) وقع في حرف "الباء" لأنّ الهاء سبقها متحرّك فلا تُحسب من باب السّجع.
س3:اللّونان البديعيّان في جملة:(يُنالُ النَّجاحُ بالعَمَل، لا بِطولِ الأمَلِ) (سؤال وزاريّ)
أ- سجع وجناس . ب- سجع وطباق. ج-سجع ومقابلة. د- جناس ومقابلة.
الجواب (أ).
==============================================================
رَدَّ العَجُز على الصَّدر
رَدَّ العَجُز على الصَّدر ( التّصدير): أنْ يأتيَ أَحَدُ اللّفظينِ المتماثلين ِ أو المتشابهينِ في النَّثر آخِرَ العبارة أو نهايتها والآخَر في أوّلها. وأمّا في الشّعر فهو أن يأتيَ أحد اللّفظين في آخر البيت والآخر في أيّ موضِعٍ قَبْلَه.
الأمثلة :
–قال تعالى :﴿ وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾ ( سورة آل عمران، الآية ٨)
فقد وردَ في آخر الآية الكريمة لفظ " الوَهّاب"، ووردَ لفظ " هَبْ" في بدايتها، وهما من معنى واحد هو العَطاء.
–الحيلَةُ تَرْكُ الحيلَةِ.
وأمّا في العبارة " الحيلَةُ تَرْك "الحيلَةِ" فقد ورد لفظ " الحيلَةِ" مرّتين كذلكَ، في نهاية الكلام وفي بدايته، لكنّه جاء بمعنى مختلف، فالأوّل بمعنى الحِذْق والقدرة على التُّصرف، والثّاني بمعنى الخديعة.
س1:هل تَماثَلَ اللّفظانِ في المثالَيْنِ السّابقَيْنِ أم تَشابَها؟
يجوز في رَدِّ العجُز على الصَّدْر أن يتماثل اللّفظانِ في النُّطْق أو يتشابها حَسْبُ.
س 2: وردَ في أحد المثالينِ السّابقينِ لونٌ بديعيّ غير ردّ العَجُز على الصَّدْر، وضّحْه.
جناس تام بين كلمتي"الحيلَةُ،الحيلة " فقد توافقا في النُّطقِ واختلافا في المعنى .
–قال البُحتُري مادحًا:
ضَرائِبُ أبْدَعْتَها في السَّماحِ فَلَسْنا نَرى لَكَ فيها ضَريبا(1)
تشابه اللّفظان في الشّعر ، أحدهما في آخرهما والآخر في أوّلها .
–قال الحَسَن بن محمّد المهلَّبيّ(2) في الشَّوق إلى بغداد:
أحِـــنُّ إِلى بَغْدادَ شَوْقًا وإنّمــا أحِنُّ إلى إلْفٍ بِها لِـيَ شائِقِ
تشابه اللّفظان في الشّعر ، أحدهما في آخرهما والآخر في أوّلها .
–قال أبو القاسم الشّابيّ في الحثِّ على الحُريّة ورفض الخضوع:
أَلا انْهَض وسِرْ في سبيل الحَياةِ فَمَنْ نـامَ لــمْ تَنْتَظِرْهُ الحَـيـاةْ
تماثل اللّفظان في الشّعر ، أحدهما في آخرهما والآخر في أوّلها .
قال حَبيب الزيوديّ يَصِفُ أبناءَ الأردنّ:
نادَتْهُمُ الأرْضُ فامْتَّدوا بِها شَجَرًا وأَوْجَبوا لِنِداءِ الأَرْضِ ما وَجَبا
تشابه اللّفظان في الشّعر ، أحدهما في آخرهما والآخر في أوّلها .
رَدّ العَجُز على الصَّدْرِ يَرِدُ في الشِّعر كما يَرِدُ في النَّثر، ويُشْتَرَطُ أنْ يأتيَ أحد اللّفظينِ المتماثلين أو المتشابهينِ في نهاية البيت، ويأتي اللفظ الثّاني في أيّ مَوْضِعٍ قَبْلَه.
(1) ضرَائب : جمع ضريبة ، وهي الطَّبع والسَّجِيّة. ضَريب: الشَّبيهُ والنَّظيرَ
(2) أديب وشاعر عباسيّ .
س1:البيت الذي يُعدُّ مثالًا على المُحسّن البديعيّ(ردّ العجز على الصَّدر) (سؤال وزاريّ)
أ-هلْ ذا العَويلُ على غَيرِ الهَديلِ وَهَلْ فَقيدُكُنَّ أَعَزُّ الخَلْقِ فِقْـدانا؟
ب-أقــولُ لِصاحِبي والعِيس تَهْوي بِنــــا بَيْنَ المُنيفَةِ فالضِّمار
ج-كمْ ذا الحَنـيـنُ عـلى مـرّ السّنينِ أَمَـا أفادَكُنَّ قَديمُ العَهْدِ نِسْيـانا؟
د-أُخفي هَوًى لَكِ في الضُّلوعِ وأُظْهِرُ وأُلامُ في كَمَدٍ عَليْكِ وأُعْذرُ
الجواب (أ)
اللّفظان :فِقدانا / فَقيدكنَّ، تشابه اللّفظان في الشّعر أحدهما في آخر البيت والآخر قبله.
س2: ضَرائِبُ أبْدَعْتَها في السَّماحِ فَلَسْنا نَرى لَكَ فيها ضَريبا
المحسّنُ البديعيّ في ما تحته خطّ في البيت السّابق : (سؤال وزاريّ )
أ- الطّباق. ب- ردّ العجز على الصّدر . ج- المقابلة . د- طباق الإيجاب .
الجواب : (ب)
س 3: المحسّنان اللّفظيّان في قولنا "سائل اللّئيم يرجعُ ودمعُه سائل" : (سؤال وزاريّ)
أ- جناس تام، وسجع . ب- جناس ناقص،وسجع.
ج- جناس تامّ،وردّ العجز على الصّدر. د- جناس ناقص،وردّ العجز على الصّدر.
الجواب : (ج)
========================================================================
المُحسّنات المعنويّة
من فنون البديع، ويكون التّحسين فيها راجعًا إلى المعنى.
والمُحسّنات المعنويّة متعدِّدة، منها: الطِّباق ،والمقابَلَة، والتَّوْرِية.
الطّباق
أ– مفهوم الطِّباق : هو الجَمْع بين كلمتينِ متضادَّتينِ في المعنى.
الأمثلة :
- قال تعالى عن أهل الكَهف: ﴿وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ ۚ ﴾ (سورة الكهف، الآية ١٨)
نَلحَظ أنّ الآية الكريمة قد جمعَتْ في سياق واحد بين كلمتين متضادَّتينِ في المعنى، هما:" أَيقاظًا"، و " رُقود".
- قول البُحتُريّ:
فلَوْ فَهِمَ النّاسُ التَّلاقي وحُسْنَهُ لَحُبِّبَ مِنْ أَجْلِ التَّلاقي التَّفرُّقُ
تجدْه جمعَ كذلك في سياق واحد بين كلمتين متضادَّتينِ في المعنى، هما: "التَّلاقي"، و''التَّفرُّق"، وهو ما يُسمّى بـ " الطّباق".
س 1: ما فائدة توظيف هذا المُحسّن البديعيّ في الكلام ؟
تَكْمُن الفائدة في إيضاح المعنى وتمكيِنِه في نَفْس السّامع بتوظيف الكلمات المُتضادَّة.
تدريب
بيّن الطِّباق في كلِّ ممّا يأتي:
١– قال تعالى : ﴿ قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ ۚ ﴾ ( سورة المائدة، الآية ١٠٠)
الخبيث / الطّيب ، كلمتان متضادّتان في المعنى في سياق واحد .
٢– قال ابن خَفاجَة مادحًا:
وورَاءَ أَسْتارِ الدُّجى مُتَمَلْمِلٌ يَلْقى بِيُمْنى تارَةً ويَسارِ
يُمنى/ يَسار ،كلمتان متضادّتان في المعنى في سياق واحد .
٣– قال المتنبّي في مدح سيف الدَّولة:
ولَسْتَ مَليكًا هازِمًا لِنَظيرِهِ ولكِنَّكَ التَّوحيدُ لِلشِّركِ هازمُ
التّوحيد / الشِّرْك ،كلمتان متضادّتان في المعنى في سياق واحد .
٤– قال سميح القاسم مُخاطِبًا العدوّ الصهيونيّ:
يَموتُ مِنّا الطّفلُ والشَّيْخُ، ولا يَستَسلِمُ
الطّفل/ الشّيخ ،كلمتان متضادّتان في المعنى في سياق واحد .
٥– احْرِصْ على أنْ تُشَجّعَ فريقَكَ وهو خاسرٌ كما تُشجِّعه وهو فائزٌ.
خاسر/فائز ، كلمتان متضادّتان في المعنى في سياق واحد .
******************************************************
ب – طباق الإيجاب وطباق السَّلب
من أنواع الطّباق :
– طباق الإيجاب: وهو ما يقعُ بين كلمتينِ متضادَّتينِ في المعنى.
مثال : قالَ البُحتُريّ:
أُخفي هَوًى لَكِ في الضُّلوعِ وأُظْهِرُ وأُلامُ في كَمَدٍ عَليْكِ وأُعْذرُ
الطّباق وقعَ في المثال في كلمتَي: "أُخْفي"، و "أُظْهِر"، وكذلكَ في كلمتَي : "ألام"، و "أُعْذَرُ"، وقد وقعَ هنا بصورةٍ مُباشَرة في كلّ مرّة باستخدام كلمتينِ متضادَّتينِ في المعنى، ويُسمَّى هذا النَّوع من الطّباق
"طباقَ الإيجاب".
–طباق السَّلْب: وهو ما يقعُ في فِعلينِ من أصلٍ واحد، أحدُهما مُثْبَتٌ، والآخر مَنفِيّ، أو في فِعلينِ من أصلٍ واحد، أحدُهما في صيغة النَّهيّ، والآخَر في صيغة الأمْر.
مثال : بانَ الخَليطُ ولو طـُوِّعـتُ مـا بـانـا وقَطَّعوا مِنْ حِبالِ الوَصْلِ أقْرانا
في المثال وقعَ في فِعْلينِ مِنْ أصلٍ واحد، أحدهُما مُثْبَت وهو "بانَ"، والآخَر منفيّ وهو "ما بانَ"، وكان التَّضادُّ فيهما في المعنى، ذلكَ أنَّ معنى "ما بانَ" اقْتَرَبَ.
–قال تعالى:﴿ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ﴾ (سورة المائدة، الآية ٤٤)
وفي المثال وقع الطّباق في الآية الكريمة بين فِعلينِ من أصلٍ واحد، جاء الأوّل في صيغة النّهْي "فلا تَخْشُوا"، والآخَر في صيغة الأمر "واخْشَوْنِ"، وكان التّضادّ فيهما في معنى طلب القيام بالفعل والنَّهْيِ عن القيام به،
وهذا النّوع من الطّباق يُسمّى "طباق السَّلْب".
==============================================================
المقابلة
المُقابَلَة: أنْ يُؤتى بكلمتينِ أو أكثرَ، ثم يُؤتى بما يُقابِلُها على التّرتيب.
الأمثلة
- قول أَحَد البُلَغاء:
كَدَرُ الجَماعَةِ خَيرٌ مِن صَفْو الفُرْقَةِ.
لقد أتى المتحدِّث بالكلمتينِ: "كَدَر"، و"الجَماعَة"، ثم أتى بكلمتينِ تُقابِلانِهما في المعنى على التّرتيب، هما: "صَفْو"، و"الفُرْقة" ، فكلمة "كَدَر" تُقابِلها كلمة "صَفْو " وهما مُتضادَّتان، وكلمة "الجَماعَة" تُقابِلها كلمة "الفُرْقة" وهما مُتضادَّتان أيضًا.
- قول مدير إحدى المدارس يُهنِّئ الخرّيجينَ والخرّيجات:
استَقْبَلْناكُم أَمْس صِغارًا، ووَدَّعْناكُمُ اليَومَ كِبارًا.
يَظهر لكَ أنّه أتى بالكلمات: "استَقْبَلْناكم" ،"أَمْسِ "،و"صِغارًا"، تم أتى بكلمات متَضادَّة معها في المعنى على الترتيب، هي: "وَدَّعْناكُم" ،و"اليَوم "،و"كِبارًا "،فكلمة "استَقْبَلْناكم" ضِدُّ كلمة "وَدّعْناكُم"، وكلمة "أمْسِ" ضِدُّ كلمة "اليَوم"، وكلمة "صِغارًا" ضِدُّ كلمة "كِبارًا".
س1:ما الفرق بين الطّباق والمقابلة ؟
الفرق بين الطِّباق هو في عدد الكلمات المتُقابِلة، ففي الطِّباق يكون التَّقابُل بين كلمة وأخرى، في حين يكون في المُقابَلَة بين كلمتين أو أكثرَ وكلمتينِ أُخْريَيْنَ أو أكثرَ.
س 2 : ما فائدة المقابلة ؟
ويُلجَأ إلى المُقابَلَة لتحسين المعنى وتوضيحِه وتعميقِه وتمكينِه في نَفْس السّامع أو المتلقّي.
فائدة
لا تقعُ الألفاظ المُتقابِلةَ في المَقَابَلة بين اسمين فقط، أو بين فعلينِ فقط، فقد تقعُ أيضًا:
١ – بين فعلٍ واسمٍ، كما في المثال: الخُفّاشُ يَظْهرُ لَيلًا، لكِنَّه مُخْتَفٍ نَهارًا.
إذ وقعت المُقابَلَة بين الفعل "يَظهَر" والاسم "مُخْتفٍ"، والاسمين : "ليلًا"، و"نهارًا".
٢– بين حرفينِ، كما في المثال: كَما أَنَّ لكَ حُقوقًا فإِنَّ عَليكَ واجباتٍ.
حيث وقعت المُقابَلَة بين حرفين: حرف الجرّ "اللّام" في لفظ "لكَ"، وحرف الجرّ "على"
في لفظ "عليكَ"، والاسمين: "حقوق"، و"واجبات".
س3:عُدِ الآن إلى قولِهِ تعالى:﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ ﴾، وبيِّن المقابلةَ الواردة فيه.
جاء في الآية كلمتان " لها""كسبت" ثمّ جاء كلمتان تقابلانهما في المعنى على الترتيب "عليها""اكتسبت:
س4:البيت الشّعريّ الذي يحوي المُحسّن المعنويّ(المقابلة)ممّا يأتي : (سؤال وزاري)
أ-عَمّانُ يا حُلْمَ فَجْرٍ لاحَ واحتَجَبا عَفْوًا إذا مَحَتِ الأَيّامُ ما كُتبِا
ب- بَقِيَ الَّذينَ إذا يَقولوا يَكذِبوا ومَضى الَّذينَ إذا يَقولوا يَصْدُقوا
ج-وَخَيْرُ النّاسِ ذو حَسَبٍ قَديمٍ أَقامَ لنَفْسِهِ حَسَبًا جَديدا
د- فَلَيْتكَ تَحْلو والحَياة مَريرَةٌ ولَيْتَكَ تَرْضى والأَنامُ غِضابُ
الجواب: (ب)
================================================================
التّورِية
التّورِية استعمال كلمةٍ بمعنيينِ:
– معنّى قريبٍ يُسرِع إلى الذِّهْن، ولا يكون مقصودًا.
– معنًى بعيدٍ، وهو المقصود بدلالة السّياق.
| المثال | التورية |
المعنى القريب (لا يكون مقصودًا) |
المعنى البعيد (هو المقصود بدلالة السياق) |
|
ورُبـوعٍ كـَمْ وَجـدْنـا طِيبَهـا / حينَ ضاعَ الشَّيحُ فيها والخُزامى |
كلمة " ضاعَ " | " الضَّياع " ؛ لوُرود كلمة " وَجدْنا " في البيت |
" فاحَ وانتشَرَت رائحتُه " ، وهو المعنى المقصود بدلالة السّياق. |
|
ووادٍ حَكى الخَنْساء لا في شُجونِهِ / ولكِنْ له عَيْنان تَبْكي على صَخْرِ |
"كلمة صَخْر " | " صَخْر أخو الخَنْساء " ، ودلّ عليه وجود كلمة " الخَنْساء " التي اشتُهِرت ببكائها على أخيها " صَخْر " ورثائها إيّاه |
" صَخْر الوادي " ، وهو المعنى المقصود بدلالة السّياق. |
|
لله إنَّ الشَّهْدَ يَوْمَ فِراقِهِمْ/ ما لَذَّ لي ، فالصَّبْرُ كَيفَ يَطيبُ؟ |
كلمة الصّبر |
" نبات الصَّبْر " ، ودلَّ عليه وجود كلمة " الشَّهْد " |
" تحمُّل المَشقَّة " ، وهو المعنى المقصود بدلالة السّياق. |
س 1: هل تُعدُّ كلمة " عَيْنانِ " في البيت الآتي من باب التّورِية؟ وضِّح إجابتكَ.
ووادٍ حَكى الخَنْساء لا في شُجونِهِ ولكِنْ له عَيْنان تَبْكي على صَخْرِ
نعم ، تجدْ أنَّ لكلمة " عينان" في البيت معنيين: معنًى قريبًا غير مقصود يُسرِع إلى ذِهن المتلقّي هو " عضو البصر " ، ودلّ عليه وجود كلمة " تبكي " ، وقد أَخفى به الشّاعر معنًى آخر بعيدًا هو " ينبوعان من الماء" ، وهو المعنى المقصود بدلالة السّياق.
س 2: ما فائدة التورية ؟
تحفز انتباه المتلقّي وتشدّه إلى المعنى الغامض المقصود بالكلام .
س 3: قال الشّاعر وقد ودّع أحبَّة له : (سؤال وزاري )
لله إنَّ الشَّهْدَ يَوْمَ فِراقِهِمْ ما لَذَّ لي ، فالصَّبْرُ كَيفَ يَطيبُ؟
المعنى الذي تحمله الكلمة التي تحتها خط بدلالة السياق في البيت السّابق :
أ- قريب مقصود ( نبات الصّبر ) ب- قريب غير مقصود ( تحمُّل المشقَّة)
ج-بعيد غير مقصود ( نبات الصَّبر) د- بعيد مقصود ( تحمُّل المشقّة )
الجواب : (د) .
س4: البيت الشّعري الذي تضمّن المُحسّن البديعيّ(التَّورية) ممّا يأتي : (سؤال وزاريّ)
أ-أَزورُهُمْ وسَوادُ اللَّيْلِ يَشْفَعُ لي وأَنْثَني وَبَياضُ الصُّبْحِ يُغري بي
ب- عَمّانُ يا حُلْمَ فَجْرٍ لاحَ واحتَجَبا عَفْوًا إذا مَحَتِ الأَيّامُ ما كُتبِا
ج-النِّيلُ وهْوَ إلى الأُرْدُنِّ في شَغَفٍ يُهْدي إلى بَرَدى أشواقَ وَلْهانِ
د-ووادٍ حَكى الخَنْساء لا في شُجونِهِ ولكِنْ له عَيْنان تَبْكي على صَخْرِ
الجواب (د)