مدرسة جواكاديمي

هنا يمكنك تصفح مدرسة جو اكاديمي، المنهاج، اسئلة، شروحات، والكثير أيضاً

دلائل وجود الله تعالى

التربية الإسلامية - الصف المواد المشتركة توجيهي

التَّعَلُّمُ الْقَبْلِيُّ

   يُعَدُّ الإيمان بالله تعالى المحور الأساس في العقيدة الإسلامية. وقد جعل الإسلام التفكُّر في الكون، وما فيه من مخلوقات، من الطرائق التي توصِل إلى الإيمان بالله تعالى؛ فالتدبُّر في آيات الله الكونية يُقوّي الإيمان بالله تعالى، وكذا الحال بالنسبة إلى العلم؛ فكلَّما ارتقى الإنسان في علمه، قَوِي إيمانه بالله تعالى ووحدانيته.

أُحَدِّدُ
أُحَدِّدُ العلاقة بين العلم والإيمان.
كلَّما ارتقى الإنسان في علمه، قَوِي إيمانه بالله تعالى ووحدانيته

الْفَهْمُ وَالتَّحْليلُ

أودع الله تعالى في هذا الكون كثيرًا من الأدلَّة والبراهين التي تُعين الإنسان على الاهتداء إلى خالقه c.

أوَّلًا: دليل الفطرة

هو ما أودعه الله b في قلب الإنسان من قناعة واطمئنان بوجود خالق لهذا الكون، خلقه، وأبدعه، ودبَّر شؤونه ومجريات أحداثه.

 قال تعالى: (فأقم وجهك للدين حنيفًا فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون) (الروم: ٣٠)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما مِنْ مَوْلودٍ إِلَا يولَدُ عَلى الْفِطْرَةِ، فَأَبَواهُ يُهَوِّدانِهِ، أَوْ يُنَصِّرانِهِ، أَوْ يُمَجِّسانِهِ" (رواه البخاري ومسلم).

فالإنسان يُقِرُّ في أعماقه بوجود قوَّة يلجأ إليها، وبخاصَّة في أوقات الشِّدَّة والضيق حين ينقطع الرجاء من الخَلْق، ويوقِن بأنَّ هذه القوَّة هي وحدها القادرة على إنقاذه ممّا هو فيه، ولا شكَّ في أنَّ مصدر هذه القوَّة هو الخالق الواحد الأحد. قال تعالى:(وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدًا  أو قائمًا  فلما كشفنا عنه ضره مرَّ كأن لم يدعنا إلى ضر مسَّه كذلك زيّن للمسرفين ما كانوا يعملون)(يونس:12).

 

أَتَوَقَّفُ

الفطرة: الطبيعة السليمة التي خلق الله تعالى الناس عليها.

أَرْجِعُ وَأُبَيِّنُ

أَرْجِعُ إلى الآيتين الكريمتين (22-23) من سورة يونس، ثمَّ أُبَيِّنُ منهما دلالة الفطرة على وجود الله تعالى.

فطرة الإنسان تقوده إلى اللجوء إلى الله تعالى خاصة عند الظروف العصيبة التي قد يمر بها.

ثانيًا: الدلائل العقلية

الدلائل العقلية: هي كلُّ برهان يتوصَّل به العقل إلى إثبات حقيقة مُعيَّنة.

وقد حَثَّ الله b الإنسان على استخدام العقل في إدراك وجوده c، وذلك بالتفكُّر في الكون وما فيه؛ إذ وضع الله c في الكون كثيرًا من الدلائل العقلية على وجوده سبحانه. وهذه أبرزها:

أ. دليل السببية:

    يُقصَد بدليل السببية أنَّ العقل السليم لا يقبل شيئًا من غير موجِد له، ولا خَلْقًا من غير خالق، ولا سببًا من غير مُسبِّب. قال تعالى:(أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون* أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون*)  (الطور: ٣٥ ٣٦). فلا بُدَّ للمخلوقات من خالق أوجدها؛ إذ لا يُمكِن لها أنْ توجِد نفسها بنفسها؛ لأنَّ الشيء كان عدمًا قبل وجوده، فكيف يخلق نفسه؟ وكيف له أنْ يوجِد غيره؟ ولمّا كان الإنسان عاجزًا عن الخَلْق، فلا بُدَّ من الإقرار بوجود خالق عظيم لهذه المخلوقات، هو الله تعالى. وقد أكَّد الله b هذه الحقيقة، فقال تعالى في أوَّل آية نزلت من القرآن الكريم:(اقرأ باسم ربك الذي خلق) (العلق: ١).

وقد تحدّى الله تعالى البشر أنْ يخلقوا شيئًا مهما صَغُر شأنه. قال تعالى:(يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذُبابًا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئًا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب) (الحج: ٧٣). فمثلًا، لو شاهدنا جهازًا مُتقَن الصنع، ثمَّ قيل لنا إنَّه وُجِد من غير صانع، لأبى العقل السليم قبول هذا الزعم.

ب. دليل الإتقان:

 يُقصَد بدليل الإتقان أنَّ العقل السليم يُدرِك الدِّقَّة في خَلْق هذا الكون، والانسجام بين كلِّ مُكوِّناته، وهي دِقَّة لا تصدر إلّا عن خالق مُبدِع. قال تعالى:(صنع الله الذي أتقن كل شيء إنه خبير بما تفعلون) (النمل: ٨٨).

 ومظاهر الإتقان في الكون كثيرة، منها الدِّقَّة البالغة في:

1. خَلْق الإنسان وتكوينه، وهو ما يظهر جَلِيًّا فيما نشاهده في أنفسنا من آيات دالَّة على إتقان صنع الله عزوجل. قال تعالى:(سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد) (فصلت: ٥٣). ومن ذلك، خَلْقُ الإنسان وتكوينُه في أجمل صورة وأحسن هيئة. قال تعالى:(ألم نجعل له عينين* ولسانًا وشفتين*)  (البلد: ٨ ٩)، وقال تعالى:(لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم)  (التين: ٤). وكذلك الدِّقَّة والإتقان في كلِّ عضو من أعضاء الإنسان؛ ففي عينه مثلًا ملايين الخلايا العصبية، بحيث إذا تَلَفَ عصب من هذه الأعصاب، اختلَّ نظام الإبصار لديه. وهذا الإتقان في خَلْق الإنسان يدلُّ على وجود الخالق سبحانه.

أَبْحَثُ عَنْ

أَبْحَثُ عَنْ مظاهر الإتقان في خَلْق اللسان.

تنقسم أجزاء اللسان لتكون كل منطقة مسؤولة عن طعم معين، بالإضافة إلى مھمته في نطق الحروف ومخارجها، لذا يجب على الإنسان أن يشكر الله تعالى عليه باستخدام اللسان فيما يرضي الله من قراءة القران والذكر، والصدق في القول وتجنب قول الزور والشتم واتهام الناس بالباطل.

2. تنظيم الكون؛ فالكون من حولنا، بما فيه من نجوم وكواكب، يسير وَفق نظام دقيق، وأيُّ تغيير فيه يؤدّي حتمًا إلى الخلل والنقص، مثل قوَّة الجاذبية؛ فهي تحافظ على المسافات بين الكواكب، وتضبط حركتها. وفي دوران الأرض حول الشمس، ودوران القمر حول الأرض، نظام دقيق يؤدّي إلى اختلاف الفصول، وتعاقب الليل والنهار.

3. خَلْق النباتات والحيوانات؛ فتنوُّع النباتات واختلافها من دلائل عظمته ووحدانيته سبحانه. صحيحٌ أنَّ الأرض واحدة والماء واحد، لكنَّ الثمار مختلفة من حيث اللون، والطعم، والرائحة؛ إذ توجد ملايين من النباتات التي يختلف بعضها عن بعض في الشكل، والحجم، واللون، والثمار، والفائدة، فيما يُمثِّل واحدًا من المشاهد التي قد يغفل عنها الإنسان. قال تعالى:(وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ) (الرعد: ٤) ( صنوان: نخلتان أو أكثر تخرجان من أصل واحد). وبالمُقابِل، فليس بمقدور البشر أنْ يُنبِتوا شجرة، فضلًا عن ثمرتها. قال تعالى:(أمن خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء لإنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإله مع الله بل هم قوم يعدلون)(النمل: ٦٠) ( يعدلون: يميلون عن الحق).

وفي عالَم الحيوان، على اختلاف أنواعه وأشكاله وطرائق عيشه في البَرِّ والبحر، دليل على عظمة الله تعالى وإتقانه.

أَبْحَثُ عَنْ

أَبْحَثُ عَنْ مظاهر أُخرى للإتقان في عالَم الحيوان.

زوَّد الله سبحانه كلَّ حيوان أو طير أو حشرة بسلاح فتاك، يقي به نفسه من هجمات الأعداء، فمثلاً زوَّد الحيَّات الصغيرة بالسم، وخفّة وسرعة الحركة، لتهرب من عدوها، وزوّد الثعابين الكبيرة بقوَّة العضل ويندر فيها السم، ومنح الحيّة الأنياب الضخمة سلاحاً، والطيور الجارحة قد زوّدها بمخالب تصطاد بها فريستها، وتدافع بها عن نفسها، وبعض الأسماك تقتل من يقترب منها بمناشير.

ج. دليل الهداية:

يُقصَد بدليل الهداية أنَّ الله تعالى قد خلق المخلوقات، وهداها إلى ما يُصلِح شأنها ومَعاشها؛ لكي تؤدِّي وظيفتها في الحياة الدنيا. وهذه الهداية تشمل جميع المخلوقات. قال تعالى:(ربنا اللذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى)  (طه: ٥٠)؛ فالله تعالى وهب كلَّ مخلوق نظامًا يُصلِح له مَعيشته ومَطْعمه، ومَشْربه، وجميع شؤون حياته. والشواهد على ذلك كثيرة في مختلف الكائنات، وفي طريقة عيشها. ومن ذلك أنَّ الإنسان يهتدي من ساعة ولادته إلى الرَّضاعة من أُمِّه؛ ما يدلُّ على عظمة الله سبحانه الذي هداه إلى ذلك. قال تعالى:(والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئًا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلًا ما تشكرون) (النحل: ٧٨). وكذا الحال بالنسبة إلى النملة الصغيرة؛ فهي تخرج من بيتها بحثًا عن الطعام، وقد تقطع مسافة طويلة، فإذا وجدت الطعام حملته، وساقته في طُرُق مُعْوَجَّة بعيدة وغير مُمهَّدة حتى تصل إلى بيوتها، فتُخزِّن فيها الطعام.

أَبْحَثُ عَنْ

أَبْحَثُ عَنْ أمثلة أُخرى تدلُّ على هداية الله سبحانه للمخلوقات.

مثلًا في عالم الأسماك:

  • هجرة أسماك الأنقليس أو الحنكليس (Myxinoided) التي تقطع بين شهري يناير ومارس من كل عام ألاف الأميال ـ مهاجرة من مختلف الأنهار والبحيرات العذبة عبر العالم ـ إلى أعماق المحيط الأطلسي (350-450 متراً) لتضع بيضها وتموت. بيد أن صغارها التي لا تعرف شيئًا عن موطن أمهاتها، تعود أدراجها إليها قاطعة نحو 5000 كم في رحلة طويلة وعجيبة ورائعة ولم يحدث قط أن ضلت الأنواع الأوربية إلى المياه الأمريكية أو العكس، فمن غير الله تعالي قد “هداها” سبلها؟
  • هجرة أسماك السلمون الشهيرة ـ من البحار في المياه العذبةـ لأسماك السلمون البالغة لوضع البيوض رتبة Salmoni forms، والتي تطالعنا بها الصور التلفازية بقفزاتها ـ تصل إلى 3-4 متر ـ بالغة الرشاقة والروعة والمرونة. تراها باذلة الجهد الكبير ضد مساقط المياه العاتية، وضد مشاكل سوء التغذية لا يصدها صاد عن غايتها واستمرار نسلها. ذلك النسل من السلمون الصغير الذي يعود ببطء، وفي اتجاه تيار الماء، نزولا إلى البحر في رحلة قد تستمر أربع سنوات. لكنه بعد بلوغه يعود ثانية لنبع النهر العذب الذي فقس فيه سابقاً ليعيد دورة حياة جديدة. فمن غير الله تعالي قد “ألهمها” ذلك؟

ثالثًا: الدلائل النقلية

الدلائل النقلية: هي ما نقله إلينا الأنبياء والرُّسُل الكرامعليهم السلام   من نصوص الكتب الإلهية؛ لتعريف الناس برَبِّهم، وإرشادهم إليه سبحانه. فقد تنحرف النفس البشرية، وتفسد الفطرة نتيجة كثرة المغريات والشهوات، فتعمى القلوب عن الحقِّ، وقد يضلُّ العقل عن طريق الهداية؛ لذا أرسل الله تعالى الرُّسُل الكرام عليهم السلام  لهداية الناس، وتبليغهم العقيدة الصحيحة. قال تعالى:(رسلًا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزًا حكيمًا) (النساء: ١٦٥). وقد أيَّد الله سبحانه الرُّسُل عليهم السلام بالمعجزات الدالَّة على صِدْقهم.

أُفَكِّرُ وَأَبْحَثُ

أُفَكِّرُ: كرَّم الله سبحانه الإنسان بالعقل ليستدلَّ به على الإيمان بالله تعالى، فما الغاية من إرسال الرُّسُل عليهم السلام؟

لأن العقل قد يضلُّ عن طريق الهداية؛ وقد يصل إلى أول درجات الهداية فيشعر بوجود خالق لهذا الكون لكنه لا يعرف خالقه على وجه التحديد فهو بحاجة إلى من يرشده لذا أرسل الله تعالى الرُّسُل الكرام لهداية الناس، وتبليغهم العقيدة الصحيحة.

الْإِثْراءُ وَالتَّوَسُّعُ

بالرغم من كثرة الأدلَّة الراسخة على وجود الله سبحانه، فإنَّنا نجد مَنْ يُنكِر وجود الله تعالى، فيما يُعرَف بالإلحاد. قال تعالى:(وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون)(الجاثية: ٢٤).

يقوم الإلحاد على إنكار وجود الله تعالى، وتقوم فكرة القائلين بإنكار وجود الله تعالى على مجموعة من الشُّبُهات، أبرزها نظرية المصادفة؛ إذ يَدَّعي المُلحِدون "أنَّ الكون وُجِدَ مصادفة"، وفي ذلك استحالة؛ لأنَّ المصادفة لا توجِد شيئًا مُنظَّمًا، ولا خَلْقًا مُتقَنًا؛ فكيف يُمكِن لعاقل الاعتقاد أنَّ المصادفة المحضة هي مَنْ أوجد هذا الكون العظيم بمخلوقاته كلِّها؟

بل إنَّ العلم نفسه يقول: "إنَّ المصادفة باطلة، ولا يُمكِن حدوثها رياضيًّا"؛ ففي قوانين الاحتمالات، يقول علماء الرياضيات: "إنَّ حظَّ المصادفة يقلُّ، بل يستحيل كلَّما زاد الأمر تعقيدًا". فإذا كانت المصادفة غير مقبولة علميًّا في الأمور اليسيرة، فكيف تُقبَل في خَلْق هذا الكون العظيم؟!

إنَّ مَثَل القائلين بالمصادفة هو كمَثَل مَنْ وضع صندوقًا فيه آلاف الحروف على طاولة، ثمَّ سقط هذا الصندوق من فوق الطاولة بفعل زلزال مثلًا، ثمَّ ادَّعى أنَّ هذه الحروف لـمّـا سقطت على الأرض  شكَّلت ديوانًا من الشِّعْر؛ فكيف يقبل العقل السليم بذلك؟!