المظاهر الفكرية والحضارية في الدولة العباسية

ما أسباب ازدهار الحياة الفكرية في الدولة العباسية ؟

ازدهرت الحياة الفكرية في الدولة العباسية بسبب ظهور عدد كبير  من العلماء والمفكرين، وبسبب ازدهار حركة الترجمة من اللغات الأجنبية إلى اللغة العربية، فساعد ذلك على نشأة وتطور العلوم. وتتمثل الحياة الفكرية في الدولة العباسية في نواح هي:

أولاً: المدارس

اهتم الخلفاء العباسيون بالعلم، وبناء المدارس التي هي من أهم المنجزات العلمية في العصر العباسي، فقد أنشئت هذه المدارس في المشرق وبلاد الشام والعراق ومصر وخصصت الأوقاف للإنفاق عليها.

ولمعرفة المزيد عن أهم المدارس التي ظهرت في العصر العباسي تأمل الجدول الآتي:

 

أهم المدارس في العصر العباسي

المدرسة النظامية في بغداد: أنشأها الوزير السلجوقي نظام الملك، وكانت تؤمن المسكن والمأكل للطلبة، واهتمت بتدريس القرآن والحديث إلى جانب اللغة العربية والفقه والأدب والشعر والعلوم الرياضية.

المدرسة المستنصرية: مدرسة أنشأها الخليفة العباسي المستنصر بالله في بغداد، وكان يدرس فيها علوم القرآن والفقه والرياضيات والصيدلة والطب.

 

 

 

 

 

 

 

ثانياً: المكتبات

تطورت المكتبات في العصر العباسي نتيجة انتشار العلم والمعرفة في العالم الإسلامي، وازدهرت النهضة العلمية في هذا العصر؛ فانتشرت المكتبات، وأصبحت ظاهرة مألوفة في كل طبقات المجتمع العباسي، وأولى الخلفاء العباسيون العناية بها، ويمكن تصنيف المكتبات في العصر العباسي إلى نوعين هما:

 1- المكتبات الخاصة

كمكتبات الخلفاء العباسيين والوزراء والأمراء والعلماء والأدباء ومكتبة الخليفة الناصر لدين الله، ومكتبة الوزير الفتح بن خاقان ويحيى البرمكي هي من أشهر المكتبات الخاصة في هذا العصر.

2- المكتبات العامة

وهذه المكتبات أنشئت لعامة الناس لتسهيل سبل المطالعة لهم، وساعد على ظهورها ارتفاع أسعار الكتب المخطوطة وصعوبة نسخها، وغالباً ما تكون هذه المكتبات في المساجد أو المدارس، أو ربما تكون في أبنية منفصلة ومن أشهرها مكتبة بيت الحكمة في بغداد التي أنشئت في عصر الرشيد وازدهرت في عصر المأمون، وهي من أعظم المكتبات الإسلامية، وقد حرص الخلفاء العباسيون على جمع الكتب النفيسة النادرة من المؤلفات العربية والمترجمة عن اللغات المختلفة وإدخالها إليها. وقد دمرها الغزو المغولي أثناء احتلالهم بغداد عام (658هـ/1258م).

ثالثاً: أنواع العلوم في الدولة العباسية

حرص الخلفاء العباسيون على نقل العلوم من الحضارات الأخرى كالفارسية والهندية واليونانية ، واهتموا بدراسة هذه الآثار وتحليلها والإضافة عليها ، وشجعوا حركة الترجمة ، فلم يكن العرب مجرد ناقلين ، وكانت الحياة العلمية زاخرة على الرغم من الضعف السياسي في العصر العباسي الثاني .

ومن أشهر العلوم التي ازدهرت في هذا العصر :

1- العلوم الدينية ، وتشمل علوماً كثيرةً منها علم التفسير وعلم الحديث وعلم الفقه.

2- العلوم الأدبيةُ 

أ- علم الكلام : علم إسلامي يهدف إلى إثبات العقائد الدينية بإيراد الحُجج عليها  ودفع الشبه عنها ، وتولي الدفاع عتها بحماس وإخلاص .وأول من وضع هذا العلم المعتزلةُ ورئيسهم واصل بن عطاء  .     

المعتزلةُ جماعة أهتمت بعلم الكلام ، ظهرت في أواخر العصر الأموي في مدينة البصرة ، وقد ازدهرت في العصر العباسي.

 

 

 

 

ب- علم النحو : تطور علم اللغة في العصر العباسي تطوراً ملحوظاً بعد ظهور النحو وتنظيم المعاجم ، وأبو الأسود الدؤلي هو مؤسس علم النحو في البصرة ، وهو الذي وضع النقاط على الحروف .

علم النحو وهو العلم الذي يبحث في قواعد الإعراب .

 

 

 

 

ج- المعاجم: تطور تأليف المعاجم العربية ، فألف الخليل بن أحمد الفراهيدي كتاب العين وهو أول معجم لغوي في العصر العباسي .

 

د- الشعر : أكثرَ الشعراء في العصر العباسي من شعرهم بتشجيع ٍ من الخلفاء والوزراء وكبار رجال الدولة ، واعتمد الشعراء على الشعر في كسب عيشهم من خلال التقرب من الخلفاء والوزراء ؛ ولهذا كان المدح من أهم مميزات  الشعر في ذلك العصر . ومن أشهر شعرائهم : البحتري ، وابنُ الرومي ، وأبو الطيب المتنبي ، وأبو العلاء المعري .

 

هـ - النثر : تنوعت الكتابة النثرية في العصر العباسي لكثرة العلوم والفنون التي ظهرت في هذه الفترة ، وكان الجاحظ من أشهر الأدباء وكُتاب النثر ، وبرع بديع الزمان الهمذاني في فن المقامات.

 

و - الترجمة : تعني نقل الكلام بمعناه من لغة إلى أخرى ، وقد ازدهرت حركة الترجمة في العصر العباسي .

 ولمعرفة المزيد . اقرأ النص الآتي:

شجع الخلفاء العباسيون وفي مقدمتهم الخليفة أبو جعفر المنصور والخليفة هارون الرشيد على الترجمة ، وبلغت ذروتها في خلافة المأمون الذي أبدى اهتماماً خاصاً بها ، فاهتم ببيت الحكمة ، وزودها بالمترجمين والنُساخ ، وأغدق عليهم الأموال ، وشملت ما ترجمه العرب من كتب الطب والأدوية والنبات وكتب الرياضيات والفلك والتنجيم والجغرافيا والفلسفة اليونانية وغيرها من العلوم .

 

 

 

 

 

أشهر المترجمين في العصر العباسي
ثابت بن قرة الحراني (220-280 هـ ) عاش في حران الواقعة في سوريا ، واتقن اللغات ( السريانية والفارسية والعربية ) ، ترجم عدة كتب في مجال الرياضيات والفلك والجغرافيا والتنجيم .	حُنين بن إسحق ( 194- 260 هـ ) مترجم مسيحي من أهل الحيرة ، وأول من أشرف على بيت الحكمة زمن المأمون .

 

 

 

 

 

 

 

3- العلوم التطبيقية 

أ- الطب : تطور الطب في العصر العباسي بشكل ملحوظ ، ومن أشهر أطباء هذا العصر الرازي ، والزهراوي ، وابن النفيس ، وابن سينا ، ومن أشهر أطباء الخلفاء المسيحيانِ بختيشوع بن جورجس طبيب الخليفة هارون الرشيد وبختيشوع بن جبرائيل طبيب الخليفة المتوكل .وكان لهولاء الأطباء دورٌ في الحضارة الإنسانية تمثل في مؤلفاتهم القيمة التي نهلت منها أوروبا في القرون الوسطى ، وظل معظمها يُدرس في الجامعات الأوروبية حتى عهد قريب ككتاب القانون لابن سينا والحاوي للرازي .

ويرجع الفضل إلى الأطباء العرب في العديد من الإنجازات الطبية مثل ابن النفيس الذي اكتشف الدورة الدموية الصغرى .

ب - علم الفلك : أصبح علم الفلك في العصر العباسي علماً استقرائياً عملياً ، يعتمد على الملاحظة الحسية والمقاييس العلمية ، وهو مبنيٌ على الأرصاد والحسابات الفلكية المستندة إلى الرياضيات البحتة والتطبيقية ، فمن هذا المنطلق استطاع علماء المسلمين أن يعطوا تعليلاً علمياً لحركة الكواكب والنجوم .

وقد بدأ إنشاء المراصد سنة 2015 هـ تقريباً عندما أمر الخليفة المأمون العباسي بإنشاء عدد من المراصد في بغداد ودمشق لرصد حركة الكواكب والنجوم .

رابعاً : العمارة في الدولة العباسية 

تطورت العمارة في الدولة العباسية تطوراً ملحوظاً ، وقد تأثرت بالفن الفارسي ؛ وذلك لاهتمام الخلفاء العباسيين وكبار رجال الدولة ببناء المدن والمساجد والقصور الفخمة المزينة بالرسوم والزخارف من الداخل والخارج .