أوّلًا: مفهوم الطّلاق وحُكمه
الطّلاق هو: حلُّ رباط الزّوجيّة بعبارة تفيد ذلك، كقول الرّجل لزوجته: أنتِ طالق.
شرع الإسلام الطّلاق إذا توافرت دواعيه وأسبابه، مثل:
- استحكام الخلاف بين الزوجين.
- تعذُّر الإصلاح والتوفيق بينهما بعد اللجوء إلى حَكَمٍ من أهل الزوجة وحَكَمٍ من أهل الزوج.
وقد حرَّم الشرع الحنيف الطلاق إذا قُصِد بالطلاق الإضرار بالزوجة، فيما يُعرَف بالطلاق التعسُّفي.
- أجاز قانون الأحوال الشخصية الأردني للمرأة إذا طلَّقها زوجها تعسفيًا أنْ تُطالِب بتعويض عن طلاقها.
- إذا ألحقت الزوجة ضررًا بالغًا بالزوج، واستحال إيقاف هذا الضرر، فإنَّ الطلاق يكون جائزًا.
أعلل: جعل النّبيّ صلى الله عليه وسلم أمر الزواج والطّلاق محمولًا دومًا على الجدّ، بعيدًا عن المزاح والتسلية.
نظرًا لأهمية الأسرة ومكانتها،
جعل الإسلام الزواج أو الطّلاق الذي يحصل حال المزاح والهزل واقعًا.
الدليل: قال صلى الله عليه وسلم : ((ثَلاثٌ جِدُّهنَّ جِدٌّ، وهَزْلُهنَّ جِدٌّ؛ النِّكاحُ، والطّلاق، والرَّجْعةُ)) (رواه الترمذي).
أعلل: جعل الإسلام حق الطّلاق للرجل دون المرأة، وحرّم على المرأة طلب الطّلاق إذا لم يكن هنالك سبب مقبول شرعًا.
تضييقًا لحالات الطّلاق ورغبة في استمرار الأسرة
الدليل: قال صلى الله عليه وسلم :((أيُّما امرأةٍ سأَلتْ زوجَها طلاقَها مِن غيرِ بأسٍ فحرامٌ عليها رائحةُ الجنَّةِ)) (رواه أحمد وأبو داود).
إذا كان هنالك سبب مقبول شرعًا جاز لها أن تطلب الطّلاق فإن رفض الزّوج جاز لها أن تطلب من القاضي التفريق بينهما.
ثانيًا: الحكمة من مشروعية الطلاق
متى يجوز اللجوء إلى الطلاق؟
1) إذا تعذَّرت الحياة الزوجية بينهما. 2) تحوَّلت المودَّة إلى شقاء. 3) استحال الإصلاح بينهما.
لماذا؟
الحكمة أنْ يفترق الزوجان حين يكون الفِراق أخفَّ الضررين؛ لأنَّ استمرار العلاقة الزوجية في ظلِّ احتدام الخلافات وانعدام العاطفة قد يؤدّي إلى أضرار أكبر.
ثالثاً: أقسام الطلاق
جعل الإسلام إنهاء العلاقة الزوجية بالطلاق على ثلاث مَرّات؛ ففي المَرَّة الأولى والمَرَّة الثانية، يستطيع الزوج إرجاع زوجته إلى عصمته قبل انتهاء العِدَّة من دون حاجة إلى عقد ومهر جديدين، قال تعالى: (الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ).
إذا كانت الرجعة بعد انتهاء العِدَّة فإنَّه يَلزم عقد ومهر جديدان.
إنْ طلَّقها طلقة ثالثة فلا يَحِلُّ له إرجاعها إلى عصمته إلّا بعد أنْ يتزوَّجها رجل آخر من غير اتفاق مسبق، فيَحِلُّ لزوجها الأوَّل إرجاعها بعقد ومهر جديدين.
الدليل: قال تعالى:(فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ۗ فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ۗ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ).
قسَّم العلماء الطلاق بحسب الآثار المُترتِّبة عليه إلى ثلاثة أقسام، هي:
أ . الطلاق الرجعي:
● مفهومه: طلاق يملك فيه الزوج حقَّ إعادة زوجته إلى عصمته ما دامت في العِدَّة من غير حاجة إلى عقد ومهر جديدين ورضا الزوجة.
● من صوره:
1. أنْ يُطلِّق الرجل زوجته طلقة أُولى بعد الدخول، ثمَّ يُراجِعها في أثناء العِدَّة.
2. أنْ يُطلِّق الرجل زوجته طلقة ثانية بعد الدخول، ثمَّ يُراجِعها في أثناء العِدَّة.
● من آثاره:
1. بقاء الزوجة على عصمة زوجها في أثناء العِدَّة.
2. وجوب إنفاق الزوج على زوجته في أثناء العِدَّة.
3. للزوج أنْ يُراجِع زوجته ما دامت في العِدَّة، ولا يحقُّ لها الامتناع عن الرجعة؛ حفاظًا على رابطة الزوجية والأسرة.
4. نقصان عدد الطلقات التي يملكها الزوج على زوجته،؛ فإذا طلَّقها طلقة رجعية أُولى بقي له طلقتان، وإذا طلَّقها طلقة رجعية ثانية بقي له طلقة واحدة.
ب. الطلاق البائن بينونة صغرى:
● مفهومه: طلاق لا يستطيع الزوج بعده إعادة زوجته المُطلَّقة إلى عصمته إلّا برضاها، وبعقد ومهر جديدين.
● من صوره:
1. أنْ يقع الطلاق قبل الدخول.
2. أنْ تنتهي العِدَّة بعد الطلقة الأُولى أو الطلقة الثانية من غير أنْ يُراجِع الزوج زوجته.
● من آثاره:
1. انتهاء العلاقة الزوجية بين الزوجين، فيَحرُم كلٌّ منهما على الآخر.
2. نقصان عدد الطلقات التي يملكها الزوج على زوجته؛ فلا يبقى له إلّا طلقتان.
3. عدم رجوع الزوجين إلى حياتهما الزوجية إلّ بعقد ومهر جديدين.
ج. الطلاق البائن بينونة كبرى:
● مفهومه: طلاق لا يملك الزوج بعده الحقَّ في إعادة زوجته إلى عصمته إلّا بعد أنْ يتزوَّجها رجل آخر زواجًا صحيحًا مع شرط الدخول، ثمَّ يُفارِقها الزوج الجديد بموت أو طلاق، وتنتهي عِدَّتها. وفي هذه الحالة، لا يُمكِن للزوج الأوَّل إرجاع زوجته إلّا برضاها وبعقد ومهر جديدين، فإذا عاد وتزوَّجها مَرَّة أُخرى مَلَك بالعقد الجديد عليها ثلاث طلقات.
● صورته:
أنْ يُطلِّق الرجل زوجته الطلقة المُكمِّلة للطلقات الثلاث.
● من آثاره:
1. انتهاء العلاقة الزوجية بين الزوجين.
2. انتهاء عدد الطلقات المسموح بها للزوج.
3. وجوب النفقة للزوجة في أثناء العِدَّة.
رابعًا: آداب ما بعد الطلاق
حَثَّ الإسلام كُلًا من الزوج والزوجة على التعامل الحَسَن فيما بينهما بعد انتهاء الحياة الزوجية.
الدليل: قال تعالى: ﴿ولا تنسوا الفضل بينكم﴾ (البقرة: 237 ).
فإذا انتهت الحياة الزوجية بينهما، تعيَّن على كلٍّ منهما الالتزام بما يأتي:
أ . الستر، وعدم إفشاء أسرار حياتهما الزوجية.
ب. رعاية الأطفال، وأداء حقوقهم.
ج. حُسْن المعاملة، ودفع النفقة، وأداء الحقوق كاملة من غير لجوء إلى المحاكم، وألّ يمنع أحدهما الآخر من رؤية الأبناء.
أَتَوَقَّفُ
يُلزِم قانون الأحوال الشخصية الأردني الزوج بتسجيل واقعة الطلاق والرجعة في المحكمة الشرعية، وإلّا تعرَّض للعقوبة التي حدَّدها قانون العقوبات الأردني.
الإثراء والتوسع
توجد أحكام فقهية أُخرى تتعلَّق بالطلاق، أبرزها:
● الطلاق بالكتابة: أيْ إذا كتب الزوج لزوجته: «أنتِ طالق»، ونوى الطلاق، فإنَّه يقع.
● حديث النفس بالطلاق: لا يقع الطلاق إذا كان حديثًا للنفس لم يتلفَّظ به الزوج. قال صلى الله عليه وسلم: «إنَِّ اللهَ تَجاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَم تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ » (رواه البخاري ومسلم).
الطلاق الكنائي: التطليق بالألفاظ التي تحتمل الطلاق وغيره، مث
● تعليق الطلاق: إذا علَّق الزوج طلاق زوجته على فعل أمر أو تركه، مثل قوله لها: إنْ ذهبْتِ إلى بيت فلان فأنتِ طالق. فإذا ق صد بذلك منعها من الذهاب فإنَّ الطلاق لا يقع، وإذا قصد به الطلاق فإنَّه يقع.
● الطلاق بلفظ (الثلاث): كأنْ يقول الزوج لزوجته: أنتِ طالق ثلاثًا أو: أنتِ طالق، طالق، طالق (في مجلس واحد)، فإنَّه لا تقع إلّا طلقة واحدة.
● الحلف بالطلاق أو بالحرام: إذا قال الرجل لزوجته: عليَّ الطلاق، أو قال لها: عليَّ الحرام، فهو وإنْ كان كلامًا مُحَ رَّمًا فإنَّ الطلاق لا يقع إلّ إذا خاطب به الزوجة، أو أضاف الطلاق إلى هذا الكلام، مث ل قوله لها: عليَّ الطلاق منكِ، أو: عليَّ الحرام من زوجتي، فعندئذٍ يقع الطلاق؛ شرط أنْ تكون نِيَّته ذلك.
● الطلاق المضاف إلى المستقبل : مثا ل ذلك قول الرجل لزوجته: أنتِ طالق بعد شهر. فإنَّ الطلاق لا يقع في هذه الحالة كما ج اء في قانون الأحوال الشخصية الأردني. ل قول الرجل لزوجته: أنتِ عليَّ حرام، أو قوله: الحقي بأهلكِ، لسْتِ زوجتي؛ إذ لا يقع الطلاق عندئذٍ إلّا إذا نوى الرجل الطلاق. أمّا الطلاق الصريح فلا يحتاج إلى نِيَّة، مث ل قول الرجل لزوجته: أنتِ طالق.