الفصل الرابع : الإنجازات السياسية في عهد الملك عبدالله الثاني ابن الحسين |
أولا : حياته ونشأته |
ولد الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في عمان في 30/كانون الثاني /1962م ، وهو الابن الأكبر للملك الحسين .
وقد وجه الملك الحسين بن طلال كلمة للشعب الأردني بمناسبة مولده قال فيها (...ولسوف يكبر عبدالله ويترعرع في صفوفكم بين أخوته من أبنائكم وبناتكم ،وحين يشتد به العود ويقوى له الساعد سيذكر ذلك اللقاء الخالد الذي لقي به كل واحد منكم بشرى مولده ،وسيذكر تلك البهجة العميقة التي شاءت محبتكم ووفاؤكم إلى أن تتفجر أنهارها في كل قلب من قلوبكم).
وتلقى الملك عبدالله الثاني علومه الابتدائية في الكلية العلمية الإسلامية في عمان ،وانتقل بعدها إلى مدرسة سانت إدموند في إنجلترا ،ثم إلى إيجلبروك وأكاديمية ديرفيلد في الولايات المتحدة الأمريكية لإكمال دراسته الثانوية ،والتحق بكلية ساندهيرست العسكرية في بريطانيا ،ثم تابع دراسته في جامعة أكسفورد ،وفي عام 1987م التحق بجامعة جورج تاون في واشنطن ،لدراسة الشؤون الدولية .
بدأ الملك عبدالله الثاني حياته العسكرية في الجيش العربي الأردني قائِداً لسرية في كتيبة الدبابات الملكية (17) عام 1989م ،وترقى في صفوف القوات المسلحة الأردنية حتى أصبح قائِداً للقوات الخاصة الملكية عام 1994م ،حيث أعاد تنظيم هذه القوات وفق أحدث المعايير العسكرية الدولية .
حظي جلالة الملك عبدالله الثاني بِمُسْتَوىً عالٍ من التعليم والتدريب شَكَّلْ الدافع القوي لديه لتمكين أبناء شعبه من الحصول على تعليم مميز ، وقد عبر عن هذا بقوله :
طموحي هو أن يحظى كل أردني بأفضل نوعية من التعليم ،فالإنسان الأردني ميزته الإبداع ،وطريق الإبداع يبدأ بالتعليم . |
تَوَلَّى الملك عبدالله الثاني ابن الحسين سلطاته الدستورية في 7/ شباط /1999م بعد وفاة الملك الحسين بن طلال - رحمه الله - لتبدأ مرحلة جديدة ومهمة في تاريخ الأردن المعاصر .
وَأَلَّفَ المَلِكُ عَبْدُاللّٰه الثانِي كِتاباً عَبَّرَ فِيهِ عَن رُؤْيَتِهِ لِتَحْقِيقِ السَلامِ العادِلِ وَالشامِلِ فِي المِنْطَقَةِ العَرَبِيَّةِ بِعُنْوانِ " فُرْصَتُنا الأَخِيرُ :السَعْيُ نَحْوَ السَلامِ فِي وَقْتِ الخَطَرِ ".
صدرت الإرادة الملكية السامية في 2/تموز / 2009م بتعيين سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني وَلِيّاً لِلعَهْدِ وِفْقاً للدستور الأردني الذي ينص "على انتقال ولاية الملك من صاحب العرش إلى أكبر أبنائه من الذكور سنا" .
ولد سمو الأمير الحسين بن عبد الله الثاني في عمان في 28/حزيران / 1994م ،تلقى تعليمه الثانوي في الأردن ،والتحق سموه في جامعة جورج تاون في الولايات المتحدة الأمريكية لدراسة التاريخ الدولي ،وتخرج فيها عام 2016م .
أطلق سمو الأمير العديد من المبادرات منها :
- "سَمِعَ بِلا حُدُودٍ " بهدف دعم الأطفال الصم وتأهليهم .
- مبادرة "حَقَّقَ" لتنمية مهارات الفرد والجماعة في مجال التعاون والعمل المشترك .
- مبادرة "قصي " لتأهيل الكوادر الطبية في المجال الرياضي .
► وشارك سموه على الصعيد الدولي مشاركات عديدة من أهمها :
- ترأس جلسة مجلس الأمن الدولي في نيسان من عام 2015م ،التي كانت بعنوان " صون السلام والأمن الدوليين :دور الشباب في مكافحة التطرف والعنف وتعزيز السلام " وبتراس سموه تلك الجلسة أصبح سموه أصغر شخصية سنا تترأس مجلس الأمن منذ تأسيسه .
- رعى سموه فعاليات المنتدى العالمي الأول من نوعه للشباب والسلام والأمن الذي دعا إليه في آب من عام 2015م حيث صدر عنه إعلان عمان .
وَقَدْ نَجَحَ سُمُوُّهُ فِي لَفْتِ أَنْظارِ العالَمِ لِلدَوْرِ المُهِمِّ لِلشَبابِ ،وَتَوْحِيدِ جُهُودِ العالَمِ بِقِيادَتِهِ لِاِسْتِصْدارِ قَرارٍ تارِيخِيٍّ مِن مَجْلِسِ الأَمْنِ فِي الأُمَمِ المُتَّحِدَةِ يُعَدُّ الأَوَّلَ مِن نَوْعِهِ خاصّاً بِالشَبابِ وَالسَلامِ وَالأَمْنِ وَهُوَ قَرارٌ حَمْلُ رَقْمِ (2250) الَّذِي جاءَ اِسْتِناداً إِلَى إِعْلانِ عَمّانَ حَوْلَ الشَبابِ وَالسَلامُ وَالأَمْنِ " وَهُوَ قَرارٌ لِمَجْلِسِ الأَمْنِ فِي هٰذا المَجالِ .
ثانيا : الإنجازات السياسية الداخلية |
أبرز الإنجازات السياسية الداخلية في عهد الملك عبدالله الثاني ابن الحسين |
---|
شهد الأردن تطورات وإنجازات سياسية نابعة من النهج الديمقراطي الذي سارت عليه الحكومات الأردنية بتوجيه من الملك عبدالله الثاني ،ومن أبرز الإنجازات ما يأتي :
|
المحكمة الدستورية هيئة قضائية مستقلة أنشئت عام 2011م تتألف من مجموعة من القضاة مدة عضويتهم ست سنوات غير قابلة للتجديد ،تختص بالرقابة على دستورية القوانين ،وتكون أحكامها نهائية وملزمة للسلطات جميعها . |
مجلس المحافظة . بِناءً على قانون اللامركزية ينتخب في كل محافظة أعضاء مجلس المحافظة على أن تعين الحكومة ما نسبته 25%من أعضاء المجلس . |
ثالثا : الأوراق النقاشية لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين |
حرص الهاشميون منذ تأسيس الدولة الأردنية على التواصل مع أبناء الشعب الأردني بالوسائل كافة من خلال :--
- وسعوا دائمًا إلى دعم مشاركة المواطن الفاعلة في عملية صنع القرار وتطوير الحياة الديموقراطية ،
- تجذير أسس العدالة والمساواة تَحْقِيقاً لِلمَبادِئِ التي جاءت من أجلها النهضة العربية الحديثة التي قادها الهاشميون .
►وَتَحْقِيقاً لِهٰذا الإِيمانِ الهاشِمِيِّ بضرورة أن يكون المواطن شَرِيكاً حقيقيًا وفاعلاً في صنع القرار ،واستكمالا للمسيرة الإصلاحية الشاملة المستمرة منذ تأسيس المملكة . لذا ارتأى جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين أن يخطو خطوة إضافية من التواصل المباشر والمفتوح مع أبنائه وبناته.
- نشر جلالته سلسلة من الأوراق النقاشية المهمة التي يشارك فيها جلالته الأردنيين حول :
- رؤيته الإصلاحية لإنضاج الديمقراطية وضمان نجاحها ،
- وتحفيز المواطنين للدخول في حوار بِناءً حول القضايا المهمة
- والمشاركة الشعبية في عملية صنع القرار ،أو كما أسماها جلالته "المواطنة الفاعلة ".
الورقة النقاشية الأولى " مسيرتنا نحو بناء الديمقراطية المتجددة " |
الورقة النقاشية الأولى 9 كانون الأول/ديسمبر 2012م
بقلم جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين يأتي نشر هذه الورقة النقاشية مع بدء الحملات الانتخابية للقوائم الوطنية والدوائر المحلية على امتداد ربوع وطننا العزيز، معلنة انطلاق سباق انتخابي نحو مجلس النواب القادم، هذا السباق الذي سيحظى فيه كل يوم من أيام الحملات الانتخابية بأهمية كبرى، وسيكون لكل مواطن ولكل صاحب صوت منكم دور أساسي في بث الحياة من جديد في مسيرتنا الديمقراطية. وعلينا أن نتذكر أن التنافس بين المرشحين لن يكون من أجل منصب يصلون من خلاله إلى مجلس النواب لحصد امتيازات شخصية، بل هو تنافس من أجل هدف أسمى ألا وهو شرف تحمّل المسؤولية: مسؤولية اتخاذ القرارات التي تمس مصير الأردن وجميع الأردنيين. إن مسؤوليتي في هذا الظرف تتمحور في تشجيع الحوار بيننا كشعب يسير على طريق التحول الديموقراطي، وتأتي ورقة النقاش هذه كخطوة على هذا الطريق، حيث أسعى من خلال ما أشارككم به اليوم، إضافة إلى مجموعة من الأوراق النقاشية التي ستنشر خلال الفترة القادمة، إلى تحفيز المواطنين للدخول في حوار بناء حول القضايا الكبرى التي تواجهنا. وكنت قد أوضحت منذ بضعة أسابيع في مقابلة مع صحيفتي "الرأي والجوردن تايمز"، وبالتفصيل، رؤيتي لمستقبل الديمقراطية في الأردن وخارطة الإصلاح التي ستقودنا إليه. أما اليوم، فإنني سأكرس هذه الورقة للحديث حول مجموعة من الممارسات التي أؤمن أننا بحاجة إلى تطويرها وتجذيرها على امتداد رحلتنا نحو الديمقراطية، ضمن نظامنا الملكي الدستوري. ومن المهم أيضاً ألا تنحصر حواراتكم ونقاشاتكم بالمرشحين فقط، بل أن تتناقشوا فيما بينكم كمواطنين في مجالسكم ودواوينكم، وفي المنتديات الثقافية، وفي مختلف المنابر الاجتماعية المتاحة حول جميع القضايا ذات الأولوية دون أية قيود أو محددات. فحتى تنجح الديمقراطية، لا بد من استمرار الحوار والنقاش، وأن يبادر الناخبون للتصويت على أساس مواقف المرشحين من الأولويات الأساسية التي يطرحها المواطنون، وليس على أساس العلاقات الشخصية، أو صلات القربى.
يلاحظ القارئ أن الورقة النقاشية الأولى تطرقت إلى مسألتين أساسيتين :
وقد دعت إلى ترسيخ أربع ممارسات اجتماعية بهدف تجذير الديموقراطية هي :
|
الورقة النقاشية الثانية : " تطوير نظامنا الديمقراطي لخدمة جميع الأردنيين " |
بقلم جلالة عبدالله الثاني ابن الحسين 16 كانون الثاني/يناير 2013 الورقة النقاشية الثانية
الديمقراطية في جوهرها عملية حيّة نمارسها جميعاً، مواطنين ودولة. وفي الأردن، شكَّل الدستور أساس الحياة السياسية والديمقراطية الذي طالما ووفر إطاراً تنظيمياً لقراراتنا وخياراتنا على مدى تسعين عاما. وهذا هو الأساس، ولكن لا بد أن تستمر المؤسسات والقوانين بالتطور والارتقاء نحو الأفضل. لقد حققنا بالفعل تقدماً مشهوداً على هذا الطريق في السنوات الأخيرة، إذ قادت التعديلات الدستورية التي شملت ثلث الدستور إلى تعزيز الفصل والتوازن بين السلطات، ورسخت استقلال القضاء، وصون حقوق المواطن. كما تم إنشاء محكمة دستورية، وهيئة مستقلة للانتخاب. وهذه الإنجازات تهدف إلى تمكين شعبنا الأردني من رسم مستقبل الوطن بشفافية وعدالة وبمشاركة الجميع.وقد آن الأوان لنمضي سويا في تعزيز هذه القاعدة الصلبة، والبناء عليها. إن تكوين مجتمع ديمقراطي متقدم هو نتاج التعلّم من التجارب المتراكمة، والجهود المشتركة، وتطويره مع مرور الوقت، ولا يتم ذلك من خلال مرحلة إصلاحية محددة أو جملة إصلاحات واحدة. فالإصلاح الديمقراطي لا يختزل بمجرد تعديل للقوانين والأنظمة، إنما يتطلب تطويرا مستمرا للنهج الذي يحكم الممارسات والعلاقة بين المواطنين، والجهاز الحكومي، والنواب الذين يحملون أمانة ومسؤولية اتخاذ القرار بالنيابة عن المواطنين الذين انتخبوهم. وكما أشرت في الورقة النقاشية الأولى، فإن التزامنا بمبادئ المواطنة الحقة، والاحترام المتبادل، وممارسة واجب المساءلة، والشراكة في التضحيات والمكاسب، والحوار البناء وصولاً إلى التوافق على امتداد مسيرتنا المباركة هي من ضروريات نجاحنا كأمة في مسعاها نحو تجذير الديمقراطية. وتباعاً، فإنني في هذه الورقة* أود أن أشارككم اجتهادي في الرأي مساهمة في الحوار الوطني حول أحد أهم جوانب التطور الديمقراطي، ألا وهو الانتقال نحو نهج الحكومات البرلمانية.إن مبادئ مسيرتنا ونهجنا الإصلاحي راسخة وواضحة، فنحن ملتزمون برعاية وتعزيز مبدأ التعددية السياسية وصون حقوق جميع المواطنين، ومستمرون أيضا في تطوير منظومة من الضوابط العملية لمبادئ الفصل والتوازن بين السلطات وآليات الرقابة من أجل بناء نظام ديمقراطي سليم، وسنعمل على تقوية مجتمعنا المدني، وسنحرص على توفير فرصة عادلة للجميع للتنافس السياسي، والاستمرار في حماية حقوق جميع المواطنين التي كفلها الدستور. والسؤال الجوهري المطروح في هذا السياق، والذي لا بد أن نسعى جميعا للإجابة عليه: كيف سنضمن استمرار مؤسساتنا وأنظمتنا بالعمل على ترسيخ هذه المبادئ والحقوق وحمايتها ونحن ماضون في عملية التحول الديمقراطي؟ ومن المهم أن يدرك الجميع أننا سنواجه صعوبات وتحديات، وقد يكون هناك بعض الإخفاقات، ولكن سيكون هناك نجاحات أكثر، وهي متاحة للحوار والتقييم ضمن نقاش عام، وهذا أمر طبيعي، لأن هذه متطلبات التطور الديمقراطي، ودليل على مصداقيته. الأنظمة الديمقراطية والنموذج الأردنيالأنظمة الديمقراطية والنموذج الأردني الانتقال إلى الحكومات البرلمانيةكما سبق وأشرت في أكثر من مناسبة، فإن مسار تعميق ديمقراطيتنا يكمن في الانتقال إلى الحكومات البرلمانية الفاعلة، بحيث نصل إلى مرحلة يشكل ائتلاف الأغلبية في مجلس النواب الحكومة. وفور انتهاء الانتخابات النيابية القادمة، سنباشر بإطلاق نهج الحكومات البرلمانية، ومن ضمنها كيفية اختيار رؤساء الوزراء والفريق الوزاري. وبالرغم من أن التجارب الدولية المقارنة تشير إلى الحاجة إلى عدة دورات برلمانية لإنضاج هذه الممارسة واستقرارها، إلا أن ما يحدد الإطار الزمني لعملية التحول الديمقراطي هذه هو نجاحنا في تطوير أحزاب سياسية على أساس برامجي، تستقطب غالبية أصوات المواطنين، وتتمتع بقيادات مؤهلة وقادرة على تحمل أمانة المسؤولية الحكومية. متطلبات التحول الديمقراطي الناجحإن الوصول إلى نظام الحكومات البرلمانية الشامل يعتمد على ثلاث متطلبات أساسية ترتكز على الخبرة المتراكمة والأداء الفاعل، وهي: نظرة مستقبلية: الأدوار والمسؤولياتإن السرعة والنجاح في تطبيق المتطلبات الثلاثة أعلاه يشكلان عنصراً أساسيا في عملية الانتقال الناجح نحو الحكومات البرلمانية، وهي أساس التحول الديمقراطي في نظامنا السياسي. وخلال مرورنا في عملية الانتقال هذه سيترتب على العديد من مؤسساتنا السياسية وفئات مجتمعنا لعب أدوار مختلفة وتحمل مسؤوليات جديدة. وفي الورقة النقاشية الثالثة، سأسعى إلى تقديم اجتهاد يوضح أدوار ومسؤوليات جميع أطراف المعادلة السياسية، وسأقترح بعض الرؤى حول كيفية تطوير هذه الأدوار في السنوات القادمة.
تناولت الورقة النقاشية الثانية عَدَداً من المحاور لمتابعة المسيرة الديمقراطية الأردنية المستمرة منذ تأسيس المملكة الأردنية الهاشمية ،وتطويرها وتعميقها للوصول إلى نهج الحكومات البرلمانية الفاعلة ،وبين جلالته بعض الخطوات والمتطلبات للوصول إليها منها :
واشتملت هذه الورقة تأكيد جلالته للمبادئ الراسخة للنهج الإصلاحي في الأردن ،وهي :
|
الورقة النقاشية الثالثة :أدوار تنتظرنا لنجاح ديمقراطيتنا المتجددة |
بقلم جلالة عبدالله الثاني ابن الحسين
أولاً: دور الأحزاب السياسية:إن مفهوم الديمقراطية لا ينحصر في تعبير الأفراد عن آرائهم ووجهات نظرهم، بل إنه يشمل العمل لتحويل ما ينادي به الأفراد إلى خطط عمل مشتركة باقتراحات واقعية وعملية تسهم في تقدم الوطن، وهذا هو الدور الرئيس للأحزاب السياسية. مساهمة الأحزاب في تطوير وتجذير رؤية وطنية لحياتنا السياسية. وفي هذا السياق، فإن تجربة القوائم الوطنية في الانتخابات الأخيرة مثّلت خطوة على هذا الطريق، نتعلم منها ونقيمها ونبني عليها. وبمقدور الأردن الاستفادة من تجارب الدول الأخرى لتسريع عملية تطور الأحزاب. ولكن علينا أن نتذكر أن النضج السياسي يتأتى من التجارب الوطنية المبنية على التعبير الحقيقي عن إرادة الشعب عبر صناديق الاقتراع. ثانياً، دور مجلس النواب:يتمثل دور مجلس النواب الأساسي في تشريع قوانين ذات أولوية، يصب تنفيذها في خدمة مصالح وطنية عليا، وممارسة دوره في الرقابة على الحكومة ومساءلتها على ما تتخذه من قرارات. وبدوره، يخضع مجلس النواب لمساءلة المواطنين الذين انتخبوا أعضاءه، وهذا هو جوهر المسؤوليات التي على كل نائب النهوض بها، وفيما يلي تفصيلها: يتمثل دور مجلس النواب الأساسي في تشريع قوانين ذات أولوية، يصب تنفيذها في خدمة مصالح وطنية عليا، وممارسة دوره في الرقابة على الحكومة ومساءلتها على ما تتخذه من قرارات. وبدوره، يخضع مجلس النواب لمساءلة المواطنين الذين انتخبوا أعضاءه، وهذا هو جوهر المسؤوليات التي على كل نائب النهوض بها، وفيما يلي تفصيلها:يتمثل دور مجلس النواب الأساسي في تشريع قوانين ذات أولوية، يصب تنفيذها في خدمة مصالح وطنية عليا، وممارسة دوره في الرقابة على الحكومة ومساءلتها على ما تتخذه من قرارات. وبدوره، يخضع مجلس النواب لمساءلة المواطنين الذين انتخبوا أعضاءه، وهذا هو جوهر المسؤوليات التي على كل نائب النهوض بها، وفيما يلي تفصيلها: في هذه الورقة النقاشية الثالثة ،نوه جلالة الملك إلى المحاور الآتية :
التعددية ، والتسامح ، وسيادة القانون ، وتعزيز الفصل والتوازن بين السلطات ، إضافة إلى حماية حقوق المواطنين جميعا ،وتأمين كل طيف يعبر عن رأي سياسي بفرصة عادلة للتنافس عبر صناديق الاقتراع .
مجلس النواب فلا بد أن يسهم النائب فيما يلي :
الحكومة ما يخص رئيس الوزراء والوزراء :
ما يخص الملكية الهاشمية والتي ستبقى دوما صوت الأردنيين فستحرص على ما يلي :
أما المواطن الذي وصفه جلالة الملك باللبنة الأساسية في بناء نظامنا الديمقراطي الأردني فعليه ما يلي:
|
الورقة النقاشية الرابعة : "نحو تمكين ديمقراطي ومواطنة فاعلة " |
بقلم عبدالله الثاني ابن الحسين درجت بعض الآراء، من داخل منطقتنا العربية وخارجها، على القول بأن العالم العربي غير مهتم بممارسة العمل السياسي بشكله المعاصر. وذهب بعضها أبعد من ذلك، لتزعم أن شعوب العالم العربي لا ترغب بالديمقراطية، وأننا غير مستعدين، أو مؤهلين للتعامل معها أو احتضانها نهج حياة. غير أننا في الأردن، لا نقبل مثل هذه المزاعم، ولم ولن نذعن لها أبداً. في ضوء هذه المعطيات، فإننا نعمل في الأردن على تطوير نموذجنا الديمقراطي، الذي يعكس ثقافة مجتمعنا الأردني واحتياجاته وتطلعاته. وقد جاءت الأوراق النقاشية الثلاث السابقة بشكل أساسي للمساهمة في إثراء حوارنا الوطني حول النموذج الديمقراطي الذي ننشد، وأهدافه، والأدوار المطلوبة من كل الفاعلين في العملية السياسية، والمحطات الواجب عبورها ترجمة لهذا النموذج. المشاركة السياسية و المواطنة الفاعلةقبل الخوض في أهداف البرنامج ورؤيته، أودّ مشاركتكم بعض الأفكار حول أهمية الانخراط في الحياة السياسية والتحلي بـ"المواطنة الفاعلة". لنمضي في تمكين ديمقراطي يوفر أدوات لمواطنة فاعلةوعودةً إلى برنامج التمكين الديمقراطي، فإن إطلاقه رسمياً يأتي كمحطة إضافية وجديدة على مسار التنمية السياسية وتعزيز المشاركة. إنني أحث جميع الأردنيين ممن لديهم أفكار إبداعية، والاستعداد للعمل الجاد خدمة لوطننا، ويرون في أنفسهم القدرة على القيام بدور قيادي في بناء نظامنا الديمقراطي السياسي، أن يخطوا للأمام ويستفيدوا من الإمكانات المهمة التي يوفرها هذا البرنامج. بعد الاطلاع على الورقة النقاشية الرابعة أوضح جلالته كيفية الوصول إلى "المواطنة الفاعلة ": حيث ركزت رؤية جلالة الملك في الورقة النقاشية الرابعة على ما أسماه جلالته ب"المواطنة الفاعلة "، لما لها من آثار إيجابية في المشاركة السياسية ،ولخص جلالته الأسس الرئيسة " المواطنة الفاعلة " وهذه الأسس الثلاث هي :
هذه الأسس للمواطنة الفاعلة تعزز المبادئ الآتية :
|
الورقة النقاشية الخامسة : " تعميق التحول الديمقراطي : الأهداف ، المنجزات ، والأعراف السياسية |
بقلم عبدالله الثاني ابن الحسين
شرعت، قبل نحو سنتين، في المساهمة في النقاش الوطني الدائر حول عملية الإصلاح عبر سلسلة من الأوراق النقاشية. وقمت من خلال الأوراق النقاشية الأربعة الأولى بإيجاز رؤيتنا الإصلاحية وهدفها النهائي المتمثل في ديمقراطية أردنية متجددة وحيوية تقوم على ثلاث ركائز، وهي: ترسيخ متدرج لنهج الحكومات البرلمانية، تحت مظلة الملكية الدستورية، معززا بمشاركة شعبية فاعلة أو ما وصفته بـ "المواطنة الفاعلة". إن الأردن، وبمنعته المعروفة، يواجه تحديات إقليمية غير مسبوقة تحيط بنا وترهق اقتصادنا. ورغم هذه التحديات، فإن عملية الإصلاح السياسي مستمرة. ويجدر بنا الوقوف هنا على ما تم تحقيقه على طريق إنجاز ديمقراطية أردنية متجددة منذ أن نشرت ورقتي النقاشية الأخيرة في حزيران 2013. فقد نجحنا في إيجاد ربيع أردني خاص بنا، ومضينا في تسريع وتيرة الإصلاحات المبنية على نموذج إصلاحي تطويري متدرج، ويقوم على إشراك جميع فئات المجتمع في العملية السياسية. ولنتذكّر جميعا أيضاً بأن الهدف النهائي لعملية الإصلاح السياسي النابعة من الداخل يترجم من خلال تمكين المواطنين من القيام بأكبر دور ممكن في صنع القرار عبر ممثليهم المنتخبين. وعليه، فإن تعميق ديمقراطيتنا يترجم عملياً عبر تعميق تجربة الحكومات البرلمانية، لنصل بها إلى مرحلة متقدمة من الممارسة التي تتولى فيها الكتلة الحزبية أو الائتلافية ذات الأغلبية النيابية، أو ائتلاف من الكتل، تشكيل الحكومات، في حين تتولى الأقلية النيابية مهام حكومة الظل، من رقابة على الحكومات ومساءلتها، وتقديم برامج بديلة، وضمان التداول الديمقراطي للحكومات. أولاً: محطات الإنجاز التشريعي:إن هذا المسار يتضمن الإنجازات التي تم تحقيقها في مجال إصلاح التشريعات، والتي تمثل البنية الأساسية لأي نظام ديمقراطي في العالم، ومن أهمها: ثانياً: محطات الإنجاز المؤسسي:ويتضمن هذا المسار تعزيز بعض مؤسسات الدولة القائمة وبناء مؤسسات ديمقراطية جديدة، على النحو التالي: بعد الاطلاع على الورقة النقاشية الخامسة لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين التي وقف فيها على محطات الإنجاز التي حققها الأردن للحفاظ على زخم مسيرته الإصلاحية منها على الصعيد التشريعي . ⇔ محطات الإنجاز التشريعي .
⇔ محطات الإنجاز المؤسسي والتي اشتملت على :
وضع جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في هذه الورقة الخامسة المزيد من الأهداف لتحقيقها هي :
|
الورقة النقاشية السادسة لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين |
بقلم عبدالله الثاني ابن الحسين الأحد 16 تشرين الأول 2016
تناولت في الأوراق النقاشية الخمس السابقة العديد من الأفكار والرؤى حول مسار عملية الإصلاح السياسي سواءً تطوير الممارسات الضرورية للديمقراطية، والأدوار المأمولة من كل طرف في العملية السياسية، والهدف النهائي المتمثل بالوصول إلى المستوى المنشود من المشاركة الديمقراطية، والتي تعتبر ضرورة أساسية لازدهار واستقرار وبناء مستقبل واعد لأبنائنا. ومنذ الورقة النقاشية الأخيرة حدثت تطورات إقليمية كثيرة، فتعمقت النزاعات وما زالت منطقتنا تشهد تحولات جذرية تنتج عنها عواقب وخيمة على دول الإقليم، كان لها أثرها على وطننا الغالي. وقد لا توجد دولة في التاريخ الحديث تحملت آثار الصدمات الخارجية أكثر من الأردن. وعلى الرغم من كل ما يحيطنا من نزاعات وحروب وانهيار لدول وتفسخ لمجتمعات عريقة، وعلى الرغم من كل لاجئ عبر حدودنا ليستظل بالأمان ويذوق طعم الكرامة التي لم يجدها في بلده، وعلى الرغم من كل التحديات التي واجهتنا وما تزال تواجهنا، إلا أننا نثبت لأنفسنا وللعالم أجمع كل يوم وبعزيمة كل مواطن أردني كم نحن أقوياء. وإنني أجد نفسي، على الدوام، فخوراً بكم وبعزيمتكم وحبكم للوطن. وأعلم أن في قلب كل فرد فيكم، مهما اختلفت آراؤه ومهما تباينت تجربته في الحياة، الكثير من الفخر والاعتزاز بأنه أردني. ومن يعيش منكم خارج الوطن يشهد كل يوم ما يحظى به هذا البلد الأبي وهذا الشعب الأصيل من احترام وإعجاب لما يمثله من قيم ومواقف لم نجدها في أكبر وأقوى وأثرى الدول. إن كل التحديات من حولنا اليوم تقودنا إلى مفترق طرق، ولا بد أن نحدد مسارنا نحو المستقبل بوعي وإدراك لتحديات الواقع ورؤية واثقة لتحقيق طموح أبنائنا وبناتنا، فنترك لهم السلام والأمان والازدهار والكرامة والقدرة على مواجهة أصعب الصعاب. ولنتمكن من تعزيز منعتنا ومواجهة التحديات بثقة وصلابة ونحقق النمو والازدهار، هناك موضوع رئيسي أطرحه في هذه الورقة النقاشية؛ وهو بالنسبة لي ما يميز الدول المتقدمة الناجحة في خدمة مواطنيها وحماية حقوقهم، وهو الأساس الحقيقي الذي تُبنى عليه الديمقراطيات والاقتصادات المزدهرة والمجتمعات المنتجة، وهو الضامن للحقوق الفردية والعامة، والكفيل بتوفير الإطار الفاعل للإدارة العامة، والباني لمجتمع آمن وعادل؛ إنه سيادة القانون المعبِّر الحقيقي عن حبنا لوطننا الذي نعتز به. إن إعلانات الولاء والتفاني للأردن تبقى مجردة ونظرية في غياب الاحترام المطلق للقوانين. إن مسؤولية تطبيق وإنفاذ سيادة القانون بمساواة وعدالة ونزاهة تقع على عاتق الدولة. ولكن في الوقت نفسه، يتحمل كل مواطن مسؤولية ممارسة وترسيخ سيادة القانون في حياته اليومية. أقول هذا لأنني أعرف من التجربة أن كل فرد يقبل ويتبنى مبدأ سيادة القانون من الناحية النظرية، ولكن البعض يظنون أنهم الاستثناء الوحيد الذي يُعفى من تطبيق هذا المبدأ على أرض الواقع. بغض النظر عن المكانة أو الرتبة أو العائلة، فإن مبدأ سيادة القانون لا يمكن أن يمارس بانتقائية. وكم يؤلمني ويغضبني أن أرى طفلة تموت في أحضان والدها في عرس أو احتفال تطلق فيه نيران الأسلحة، أو أم تودع ابنها دون أن تعلم أنه لن يعود بسبب سائق لم يحترم القانون، أو طالب متفوق فقد فرصته لعدم تطبيق سيادة القانون، أو مجرم ينعم بالحرية دون مساءلة، وغيرها من أمثلة تمسنا جميعاً وتمس حقوقنا وتفرق بيننا. وعندما أرى اليوم الحالة المروعة والمحزنة للعديد من الدول في منطقتنا، أجد من الواضح أن غياب سيادة القانون والتطبيق العادل له كان عاملا رئيسيا في الوصول إلى الحالة التي نشهدها. وعندما ننظر إلى مجتمعاتنا العربية نجد أنها تتكون من منظومة معقدة من الانتماءات الدينية والمذهبية والعرقية والقبلية. ولهذا التنوع أن يكون مصدرا للازدهار الثقافي والاجتماعي والتعدد السياسي، ورافدا للاقتصاد، أو أن يكون شعلة للفتنة والعنصرية والنزاعات. إن ما يفصل بين هذين الواقعين هو وجود أو غياب سيادة القانون. إن شعور أي مواطن في مجتمعنا بالخوف والظلم لأنه ينتمي إلى أقلية، يضعنا جميعا أمام واقع يستند إلى أساس مهزوز. ومن هنا، فإن ضمان حقوق الأقلية متطلب لضمان حقوق الأغلبية. كل مواطن لديه حقوق راسخة يجب أن تُصان؛ وسيادة القانون هي الضمان لهذه الحقوق والأداة المثلى لتعزيز العدالة الاجتماعية. إن طموحي لبلدنا وشعبنا كبير لأن هذا ما تستحقونه. ولكي نحقق أهدافنا ونواصل بناءنا لوطننا فإن سيادة القانون هي الأساس الذي نرتكز إليه والجسر الذي يمكن أن ينقلنا إلى مستقبل أفضل. وأطلب من كل مواطن أن يعبر عن حبه لبلدنا العزيز من خلال احترامه لقوانينه، وأن يكون عهدنا بأن يكون مبدأ سيادة القانون الأساس في سلوكنا وتصرفاتنا. سيادة القانون أساس الإدارة الحصيفة
إن مبدأ سيادة القانون هو خضوع الجميع، أفراداً ومؤسسات وسلطات، لحكم القانون. وكما ذكرت، فإن واجب كل مواطن وأهم ركيزة في عمل كل مسؤول وكل مؤسسة هو حماية وتعزيز سيادة القانون. فهو أساس الإدارة الحصيفة التي تعتمد العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص أساسا في نهجها. فلا يمكننا تحقيق التنمية المستدامة وتمكين شبابنا المبدع وتحقيق خططنا التنموية إن لم نضمن تطوير إدارة الدولة وتعزيز مبدأ سيادة القانون، وذلك بترسيخ مبادئ العدالة والمساواة والشفافية؛ هذه المبادئ السامية التي قامت من أجلها وجاءت بها نهضتنا العربية الكبرى التي نحتفل بذكراها المئوية هذا العام. ولا يؤتي الإصلاح السياسي ثماره المرجوة إلا بوجود نهج واضح وفعال لتحقيق مبدأ سيادة القانون؛ فما حققناه من خطوات جيدة على مسار الإصلاح السياسي بدءاً من التعديلات الدستورية لعام 2011، وما تبعها من تشريعات ناظمة للعمل السياسي، وعلى رأسها قانون الانتخاب واللامركزية، يجب أن تتماشى مع إصلاح إداري جذري وعميق يهدف إلى تعزيز سيادة القانون، وتطوير الإدارة، وتحديث الإجراءات، وإفساح المجال للقيادات الإدارية القادرة على الإنجاز وإحداث التغيير الضروري والملح، ليتقدم صف جديد من الكفاءات إلى مواقع الإدارة يتمتع بالرؤية المطلوبة والقدرة على خدمة المواطن بإخلاص. وفي هذا الإطار، لا بد من الإشارة إلى أن هناك جهودا حكومية متعددة ومؤسسات مختلفة تعمل على ضمان إدارة حصيفة للدولة الأردنية، كما أن هناك جهودا وطنية جامعة بُذلت لتحقيق وتعزيز هذا الهدف السامي ومنها: اللجنة الملكية لتعزيز منظومة النزاهة الوطنية، التي قامت بوضع ميثاق لمنظومة النزاهة الوطنية وخطة تنفيذية لها تبين الجهات المسؤولة والإطار الزمني للتنفيذ. كما تم تشكيل لجنة ملكية لمتابعة العمل وتقييم الإنجاز لتعزيز منظومة النزاهة الوطنية، والتي أوصت بإنشاء هيئة النزاهة ومكافحة الفساد تضم تحت مظلتها هيئة مكافحة الفساد وديوان المظالم، وذلك لتوحيد وتعزيز الجهود الوطنية الرامية إلى ترسيخ مبادئ الشفافية والعدالة. ولكن، لم يرتقِ مستوى الأداء والإنجاز في الجهاز الإداري خلال السنوات الأخيرة لما نطمح إلى تحقيقه ولما يستحقه شعبنا العزيز. وعليه، لا بد من تضافر الجهود من مختلف مؤسسات الدولة لتطوير عمليات الإدارة فيها وإرساء مفهوم سيادة القانون، ضمن مسيرة تخضع عمل المؤسسات والأفراد للمراجعة والتقييم والتطوير بشكل دوري للوصول إلى أعلى المستويات التي نتطلع إليها. إن مبدأ سيادة القانون جاء ليحقق العدالة والمساواة والشفافية والمساءلة على جميع مؤسسات الدولة وأفرادها دون استثناء وخاصة ممن هم في مواقع المسؤولية، من خلال ممارسات حقيقية على أرض الواقع. ولا يمكن لأي إدارة أن تتابع مسيرتها الإصلاحية وترفع من مستوى أدائها وكفاءتها دون تبني سيادة القانون كنهج ثابت وركن أساسي للإدارة. إن التطبيق الدقيق لمواد القانون يعد من المتطلبات الضرورية لأي عملية تحول ديمقراطي ناجحة. كما أن سيادة القانون تضمن ممارسة أجهزة الدولة لسلطاتها وفق الدستور والقانون. فلا يمكن لدولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان أن تعمل خارج هذا الإطار. لذا، تشترك الحكومة وأجهزة الدولة كافة في حمل مسؤولية ما تتخذه من قرارات وسياسات وإجراءات، فمؤسسة البرلمان تمارس دورها في التشريع والرقابة، والقضاء المستقل النزيه والأجهزة الأمنية مناط بها تطبيق القانون، ليطمئن المواطن بأنه يستظل بسيادة القانون الذي يحميه ويحمي أبناءه دون تمييز أينما كان في ربوع هذا الوطن العزيز. وهذا يتطلب بالضرورة تطبيق القانون على الجميع دون محاباة أو تساهل وعلى المسؤول قبل المواطن، كما يجب أن يستند إلى تشريعات واضحة وشفافة، وإدارة حصيفة وكفؤة. إن التواني في تطبيق القانون بعدالة وشفافية وكفاءة يؤدي إلى ضياع الحقوق ويضعف الثقة بأجهزة الدولة ومؤسساتها. كما أن تساهل بعض المسؤولين في تطبيق القانون بدقة ونزاهة وشفافية وعدالة ومساواة يشجع البعض على الاستمرار بانتهاك القانون ويترك مجالا للتساهل الذي قد يقود لفساد أكبر، بل إلى إضعاف أهم ركائز الدولة، ألا وهي قيم المواطنة. إن تطوير الإدارة الحكومية مسيرة مستمرة تخضع لمراجعة وتقييم دائمين. وعليه، يجب تحديد مواطن الخلل والقصور والاعتراف بها للعمل على معالجتها، وإرساء وتفعيل مبدأ المساءلة والمحاسبة كمبدأ أساسي في عمل وأداء مؤسساتنا وفي جميع طبقات ومراحل الإدارة الحكومية، بحيث يكافأ الموظف على إنجازه ويساءل ويحاسب على تقصيره وإهماله. كما يجب تحقيق تنمية شاملة مستدامة تشمل جميع القطاعات وتضمن توزيع عوائد التنمية على أنحاء المملكة كافة بشكل عادل. وتتطلب منظومة المساءلة والمحاسبة إجراءات مسبقة تبدأ بتبني مؤسساتنا لمدونات سلوك وأخلاقيات عمل ملزمة بشكل يحكم عمل وأداء المؤسسات والسلطات المعنية. كما يجب على مؤسساتنا وضع رؤية واضحة، وخارطة طريق، وأهداف محددة تمكن هذه المؤسسات من تحقيق أهدافها، وقياس نسبة الإنجاز والأثر، للوصول إلى أرقى معايير النزاهة والشفافية وأعلى مستويات الخدمة المقدمة للمواطنين. ولضمان سيادة القانون، لا بد من وجود آليات رقابة فعّالة متمثلة بأجهزة الحكومة الرقابية كوحدات الرقابة الداخلية في الوزارات والمؤسسات، وديوان المحاسبة، وهيئة النزاهة ومكافحة الفساد، وبالبرلمان ودوره الرقابي الدستوري الفاعل الذي يضع مصلحة الوطن والمواطن في المقام الأول، وبالقضاء الذي يختص بالنظر في الطعون والتظلمات المقدمة على قرارات الإدارة العامة والشكاوى المتعلقة بقضايا الفساد المختلفة. وبالنسبة لهذه الأذرع الرقابية، إضافة إلى المحكمة الدستورية والهيئة المستقلة للانتخاب اللتين تضطلعان بدور هام في مجال تعزيز سيادة القانون، يجب العمل على تطويرها باستمرار من خلال تبني الأدوات المتطورة، بما يضمن الفعالية والسرعة، ومعالجة جوانب القصور في عملها سواء التشريعية أو الفنية، الأمر الذي يعزز من ثقة المواطن في مؤسسات الدولة ويحول دون لجوء البعض لإجراءات وحلول فردية غير قانونية تنتقص من سيادة القانون. الواسطة والمحسوبية
لا يمكننا الحديث عن سيادة القانون ونحن لا نقرّ بأن الواسطة والمحسوبية سلوكيات تفتك بالمسيرة التنموية والنهضوية للمجتمعات، ليس فقط بكونها عائقا يحول دون النهوض بالوطن، بل ممارسات تنخر بما تم إنجازه وبناؤه وذلك بتقويضها لقيم العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص وقيم المواطنة الصالحة وهي الأساس لتطور أي مجتمع. فلا يمكن لنا أن نقبل أو نغض الطرف عن هذه الممارسات التي تقوِّض أسس العمل العام في خدمة مواطنينا، ولا يمكن أن نجعل من هذه الممارسات وسيلة نحبط بها الشباب المتميز والكفؤ، أو نزرع فيه قناعة بأن مستقبله، منذ إنهائه لدراسته الثانوية وخلال دراسته الجامعية وحتى انخراطه بسوق العمل، مرتبط بقدرته على توظيف الواسطة والمحسوبية لتحقيق طموحه. فأي جيل يمكن أن يحمي سيادة القانون أو أن يدير مؤسساتنا وقد ترسخت الولاءات الفرعية فيه على حساب وطنه؟ وهنا، لا بد من نظرة شمولية لموضوع الشباب، ووضع استراتيجية هادفة وحقيقية تتضمن برامج متطورة يجمع عليها أصحاب الخبرة والمؤسسات الفاعلة في هذا المجال لترسيخ مبادئ المواطنة ودولة القانون وحب الوطن، وتمكين الشباب سياسيا واقتصاديا لتحقيق إمكانياته وتطوير وتوسعة أفقه، بالإضافة إلى توفير المنعة له من الأفكار الظلامية المنحرفة. كما يعتبر موضوع التعيينات في المواقع الحكومية وبخاصة المناصب العليا من أكثر المواضيع التي يتم التطرق إليها عند الحديث عن الواسطة والمحسوبية، وقد شهدنا في السنوات الأخيرة بعض الممارسات بهذا الخصوص، والتي أرى فيها تجاوزا على مؤسساتنا وإثقالا لها وللمواطن بموظفين غير أكفياء وتجريدا وحرمانا لها من الكفاءات والقيادات التي تساهم بالارتقاء بها والنهوض بعملها في خدمة الوطن والمواطن. وهنا، لا بد من الالتزام بمبدأ الكفاءة والجدارة كمعيار أساس ووحيد للتعيينات. تطوير الجهاز القضائي أساس لتعزيز سيادة القانون
إن مبدأ سيادة القانون لا يمكن أن يترسخ إلا بوجود جهاز قضائي كفؤ ونزيه وفاعل؛ فالمواطن يلجأ إلى القضاء لثقته بقدرة هذا الجهاز على إنصافه والحصول على حقوقه في أسرع وقت؛ وإن غاب هذا الأمر تزعزت ثقة المواطن بالقضاء. ولطالما امتاز الأردن بالسمعة الطيبة والكفاءة العالية لجهازه القضائي، وما زلنا نذكر قضاة سجل لهم التاريخ مساهمتهم في تعزيز المكانة الرفيعة للقضاء في الأردن. ولكن، الإجراءات القضائية ما زالت تأخذ وقتا طويلا، وهناك نقص في الكادر الوظيفي ونقص في الخبرات النوعية الخاصة ببعض القضايا، وغيرها من تحديات تؤثر على أداء الجهاز وحقوق المواطن أو المستثمر. لذا، أصبح من الضروري وضع استراتيجية واضحة للسنوات القادمة تعمل على صيانة وتطوير مرفق القضاء وسائر الأجهزة المساندة له، وتساهم في تعزيز البيئة القضائية الفاعلة والنزيهة، وتهيئة بنية مؤسسية عصرية تليق بالقضاء، وتوفير كوادر خبيرة ومتخصصة، وتطوير سياسات وتشريعات لتسريع عملية التقاضي وتيسيرها والارتقاء بها. كما يجب العمل على ترسيخ ثقافة النزاهة في الجهاز القضائي في مراحله كافة وتفعيل مدونة السلوك القضائي؛ ولا بد من تطوير وتحديث معايير تعتمد الجدارة والكفاءة في تعيين القضاة ونقلهم وترفيعهم بما يحقق العدالة والشفافية. ومن الضروري بمكان تعزيز قدرات القضاة وإكسابهم المهارات الضرورية لإصدار الأحكام القضائية العادلة والنزيهة؛ كما ويجب تطوير وتحديث وتمكين أجهزة الرقابة والتفتيش القضائي لتكون تقارير التفتيش أداة قياس حقيقية وواقعية لأداء القاضي وسلوكه. سيادة القانون عماد الدولة المدنية
كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن الدولة المدنية، وقد حدث لغط كبير حول مفهوم هذه الدولة، ومن الواضح أنه ناتج عن قصور في إدراك مكوناتها وبنائها. إن الدولة المدنية هي دولة تحتكم إلى الدستور والقوانين التي تطبقها على الجميع دون محاباة؛ وهي دولة المؤسسات التي تعتمد نظاما يفصل بين السلطات ولا يسمح لسلطة أن تتغول على الأخرى، وهي دولة ترتكز على السلام والتسامح والعيش المشترك وتمتاز باحترامها وضمانها للتعددية واحترام الرأي الآخر، وهي دولة تحافظ وتحمي أفراد المجتمع بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو الفكرية، وهي دولة تحمي الحقوق وتضمن الحريات حيث يتساوى الجميع بالحقوق والواجبات، وهي دولة يلجأ لها المواطنون في حال انتهاك حقوقهم، وهي دولة تكفل الحرية الدينية لمواطنيها وتكرس التسامح وخطاب المحبة واحترام الآخر وتحفظ حقوق المرأة كما تحفظ حقوق الأقليات. إن هذه المبادئ تشكل جوهر الدولة المدنية، فهي ليست مرادفا للدولة العلمانية، فالدين في الدولة المدنية عامل أساسي في بناء منظومة الأخلاق والقيم المجتمعية، وهو جزء لا يتجزأ من دستورنا. ولا يمكن أن نسمح لأحد أن يستغل أو يوظف الدين لتحقيق مصالح وأهداف سياسية أو خدمة مصالح فئوية. ولنا أسوة في رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عندما كتب ميثاق صحيفة المدينة عند هجرته إلى المدينة المنورة من أجل تنظيم العلاقة بين جميع الطوائف والجماعات فيها، ومنها المسلمون واليهود والمهاجرون والأنصار. وقد اعتبره الكثيرون إنجازا هاما للدولة الإسلامية ومعلما رئيسيا في تاريخها السياسي، كما ينظر الكثيرون إلى ميثاق صحيفة المدينة على أنه أول دستور مدني في التاريخ، حيث اعتمد على مبدأ المواطنة الكاملة، فقد ساوى بين المسلمين وغير المسلمين من حيث الحقوق والواجبات تحت حماية الدولة مقابل دفاعهم عنها. وقد شمل الميثاق محاور عدة أهمها: التعايش السلمي والأمن المجتمعي بين جميع أفراد المدينة، والمساواة بينهم جميعا فيما يتعلق بمبدأ المواطنة الكاملة من حيث المشاركة الفاعلة في مجالات الحياة المتعددة، واحترام وحماية حرية الاعتقاد وممارسته، والتكافل الاجتماعي بين فصائل الشعب، وحماية أهل الذمة والأقليات غير المسلمة، والنصح والبر بين المسلمين وأهل الكتاب، وغيرها. وجملة القول أن الدولة المدنية هي دولة القانون التي تستند إلى حكم الدستور وأحكام القوانين في ظل الثوابت الدينية والشرعية، وترتكز على المواطنة الفاعلة، وتقبل بالتعددية والرأي الآخر، وتُحدد فيها الحقوق والواجبات دون تمييز بين المواطنين بسبب الدين أو اللغة أو اللون أو العرق أو المستوى الاقتصادي أو الانتماء السياسي أوالموقف الفكري. ونحن سنبقى ملتزمين بالقيم التي عُرف بها هذا الوطن منذ نشأته ولن نحيد عنها أبدا؛ فهذه القيم ميزت هذا الشعب بمختلف أطيافه، وهي قيم السلام والاعتدال والوسطية، وقيم المساواة والحرية والتعددية وقيم الرحمة والتعاضد وقبول الآخر، وقيم المثابرة والانفتاح والمواطنة الصالحة؛ فهذه خصائص ورثناها وأصبحت من شيم الأردنيين وسنزرعها في قلوب أبنائنا إن شاء الله. ابتدأ جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في الورقة النقاشية السادسة الحوار حول مفهوم دولة القانون والحقوق والمواطنة والتي يسعى إليها جميع الأردنيين وقيادتهم ، يعرف جلالته برؤيته الثاقبة الدولة المدنية بأنها : " دولة القانون التي تستند إلى حكم الدستور وأحكام القوانين في ظل الثوابت الدينية والشرعية وترتكز على المواطنة الفاعلة ، وتقبل بالتعددية والرأي الآخر ،وَتَحَدَّدَ فيها الحقوق والواجبات دون تمييز بين المواطنين بسب الدين أو اللغة أو اللون أو العرق أو المستوى الاقتصادي أو الانتماء السياسي أو الموقف الفكري ". وقد شدد جلالة الملك على أن سيادة القانون هي المَعْبَرُ الحقيقي والأساس الذي تبنى عليه الديمقراطيات والاقتصاديات المزدهرة والمجتمعات المنتجة وأن مسؤولية تطبيق وإنفاذ سيادة القانون بمساواة وعدالة ونزاهة تقع على عاتق الدولة* فإن ذلك يتطلب ذاته أن يتحمل كل مواطن "مسؤولية ممارسة وترسيخ سيادة القانون في حياته اليومية وبعيدا عن الانتقائية "* . ويبسط جلالته مفهوم سيادة القانون من خلال الإشارة إلى بعض الحوادث اليومية ،حيث يقول : ⇔ من خلال الحوادث اليومية في المجتمع يقول جلالته : "وكم يؤلمني ويغضبني أن أرى طفلة تموت في أحضان والدها في عرس أو احتفال تطلق فيه نيران الأسلحة ،أو أم تودع ابنها دون أن تعلم أنه لن يعود إليها بسبب سائق لم يحترم القانون ،أو طالب متفوقاً فقد فرصته لعدم تطبيق سيادة القانون ،أو مجرم ينعم بالحرية دون مساءلة ". ويلفت جلالته إلى "الحالة المروعة والمحزنة " التي تعيشها العديد من دول المنطقة فإنه يخلص إلى أن ، " غياب سيادة القانون والتطبيق العادل له " كان عاملا رئيسا في وصول هذه الدول لهذه الحال . ويقول جلالته : أن سيادة القانون هي الضمان لحقوق الجميع وتعزيز العدالة الاجتماعية ، ويضع جلالته في رؤيته لدولة القانون والمواطنة ميزانا واضحا لضمان حقوق جميع مواطنيها وتعزيز العدالة الاجتماعية ،وهو " ضمان حقوق الأقلية كمتطلب لضمان حقوق الأغلبية " . ⇔ أشار جلالته إلى مكامن الخلل في الأداء الرسمي وهي :
وقد أكد جلالته في تشخيصه للوضع الراهن في الأردن والمنطقة ،إن كل التحديات من حولنا اليوم "تقودنا إلى مفترق طرق ،ولا بد أن نحدد مسارنا نحو المستقبل بوعي وإدراك لتحديات الواقع ورؤية واثقة لتحقيق طموح أبنائنا وبناتنا ،فنترك لهم السلام والأمان والازدهار والكرامة والقدرة على مواجهة أصعب الصعاب " ⇔ لكل ذلك يطلب جلالة الملك من كل مواطن أن يعبر عن حبه لبلدنا العزيز من خلال احترامه لقوانينه ،وأن يكون عهدنا بأن يكون مبدأ سيادة القانون الأساس في السلوك والتصرفات ،وكذلك يحذر جلالته من التساهل والتواني في تطبيق القانون بعدالة وشفافية وكفاءة يؤدي إلى ضياع الحقوق ويضعف الثقة بأجهزة الدولة ومؤسساتها.
|
الورقة النقاشية السابعة |
الورقة النقاشية السابعة : " تطوير التعليم أساس الإصلاح الشامل " | ||
بقلم عبدالله الثاني ابن الحسين السبت 15 نيسان 2017 لقد تنامى في الآونة الأخيرة نقاش محموم حول ملف التعليم، لم يقتصر على أمة دون أمة، ولا على قطر دون قطر. ولقد أسعدني أن كان لبلادنا العربية من هذا النقاش نصيب كبير شهدنا آثاره في الأردن على شتى الصعد، وعبر مختلف المؤسسات. وإنني مستبشر بهذا النقاش الجاد، فهو إن دل على شيء فإنما يدل على يقظة ووعي بما لهذا الملف من أهمية كبرى وأثر عظيم. ولا عجب، فما من أمة تنهض بغير التعليم، وقد بات من البديهيات أن لا شيء يعدل التعليم في مسيرة بناء الدول، وتغيير وجه العالم، إلى الأجمل والأكمل والأفضل، ولا سيما في مرحلة باتت تتسابق فيها الأمم في اقتصاد المعرفة، واستثمار الطاقات البشرية. لم يعد خافيا على أحد أننا نعيش في عصر تسارعت خطاه، وأننا لن نستطيع أن نواكب تحديات هذا العصر إلا بأدواته المعرفية الجديدة، ولا أن نلبي احتياجاته إلا بوسائله التقنية الحديثة. ولا يمكننا في ظل هذا الواقع، أن نغفل عن التحديات الكبيرة التي يواجهها قطاع التعليم، بدءً من الاعتراف بها، ومن ثم بذل الجهود لتجاوزها، وابتكار الحلول الناجعة لها، وصولا إلى نظام تعليمي حديث، يشكل مرتكزا أساسيا في بناء المستقبل المزدهر الذي نسعى إليه. ولذلك فإننا نرى أهمية التوصيات التي قدمتها لجنة تنمية الموارد البشرية العام الماضي وضرورة العمل بها. الاستثمار في مستقبل أبنائنا عماد نهضتنا
وإننا على ذلك لقادرين، فها هي ذي ثروتنا البشرية، أغلى ما يمتلك الأردن من ثروات، قادرة، إذا هي نالت التعليم الحديث الوافي، على صنع التغيير المنشود، وليس أمامنا إلا أن نستثمر في هذه الثروة بكل قوة ومسؤولية، فلا استثمار يدر من العوائد كما يدر الاستثمار في التعليم. إنني أومن كل الإيمان بأن كل أردني يستحق الفرصة التي تمكنّه من أن يتعلم ويبدع، وأن ينجح ويتفوق ويبلغ أسمى المراتب، بإيمان وإقدام واتزان، لا يرى للمعرفة حدا، ولا للعطاء نهاية، منفتحا على كل الثقافات، يأْخذ منها ويدع؛ الحكمة ضالته، والحقيقة مبتغاه، يطمح دوما إلى التميز والإنجاز، ويرنو أبدا إلى العلياء. لكن شيئا من ذلك لن يتحقق ما لم تتكاتف جهود الجميع، شعبا وحكومة ومؤسسات خاصة وعامة، لتوفير البيئة الحاضنة، وتأمين الاحتياجات الضرورية من أجل بناء قدراتنا البشرية من خلال منظومة تعليمية سليمة وناجعة، تؤتي أُكُلها كل حين بجهد أبناء وبنات هذا الوطن، على اختلاف مشاربهم ومسالكهم في الحياة. سبيلنا لمستقبل زاهر
على المؤسسات التعليمية أن تؤمن بما يتمتع به أبناء هذا الشعب وبناته من طاقات هائلة، وقدرات كبيرة، ومواهب متنوعة، وتسعى لاكتشاف هذه الطاقات، وتنمية تلك القدرات، وصقل تلك المواهب، وتحفيزها إلى أقصى حدودها، عبر أحدث الأساليب التعليمية التي تشجع على الفهم والتفكير، والفهم لا التلقين، وتجمع بين العلم والعمل، والنظرية والتطبيق، والتحليل والتخطيط، وتفتح آفاقا رحبة أمام أبنائها، ليتفوقوا في كل مادة، وينبغوا في كل فن أومهنة أو حرفة. إنه لم يعد من المقبول، بأي حال من الأحوال، أن نسمح للتردد والخوف من التطوير ومواكبة التحديث والتطور في العلوم، أن يهدر ما نملك من طاقات بشرية هائلة. إن قطاع التعليم هو قطاع استراتيجي ومن غير المقبول أيضا، بل من الخطير، أن يتم الزج بالعملية التعليمية ومستقبل أبنائنا وبناتنا في أي مناكفات سياسية ومصالح ضيقة، غير آبهين بأهمية وضرورة استمرار التطوير والإصلاح وأثره العميق على أمتنا وحاضر الأجيال ومستقبلهم. لقد بات التطوير ضرورة أملتها الظروف، بل متى لم يكن كذلك؟ فها هي صفحة التاريخ وتجارب الأمم تثبت ألا محيد عن التغيير، ولا مصير إلا إليه، فالتغيير يفرض نفسه، ويثبت ذاته، ويمضي غير عابئ بمن يخشونه. وطالما كان الأردن بشعبه مقداما ومبادرا ورائدا في التحديث والبناء في وطننا العربي، وكنا الساعين إليه، والمبادرين به، لتكون مقاليده في أيدينا، ونكون نحن المتحكمين في وجهته، لا يتنكر لماضينا المجيد، أو لتراثنا الخالد وحضارتنا العربية والإسلامية، بل يستلهمه ويبني عليه، وينهل منه ويعتد به، بعقل منفتح ونفس رضية، لا ترى في ذلك الماضي إلا مادة تبعث على الفخر والاعتداد، لا مادة لبث الفرقة والبغضاء، مادة للبحث والنظر والتحليل، لا مادة للتقليد والجمود والتكرار. إن لكل عصر أدواته ووسائله، وهمومه ومشاكله، فالتعليم في عصرنا الحديث، الذي يشهد تطورا هائلا في التكنولوجيا، لا يقتصر على القراءة والكتابة، بل يتجاوز ذلك في عصر الكمبيوتر والإنترنت إلى إتقان لغات عالمية أساسية، وامتلاك مهارات التواصل مع الآخرين ومبادئ العمل المهنية، والقدرة على التحليل والتفكير ليكون قادرا على المشاركة في إنتاج المعرفة، والمساهمة في إحداث التقدم، عملا بقوله تعالى (وقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا). لقد أنعم الله علينا بثروة عز نظيرها من القيم العالية واللغة الثرية والتراث البديع. ولن يستطيع أبناؤنا أن ينهلوا من هذا التراث، إلا إذا أحبوا لغتهم العربية، وأجادوها وتفوقوا فيها، وكيف لا وهي لغة القرآن الكريم ولسان الأمة، فهي التي تشكل ثقافتهم وتكوِّن بناءهم المعرفي الأصيل. رؤيتنا لأردنٍ منارة للعلم والمعرفة
إننا نتطلع إلى أردن قوي، يقدم لأبنائه خير تعليم، يؤهلهم لأن يواجهوا تحديات الحياة، لأن يقيموا أعمالا ناجحة، وأن يمارسوا حرفا قيمة، وأن ينشئوا أسرا متآلفة، وأن يبنوا مجتمعا متماسكا. نتطلع إلى أردن يتبوأ مكانه في مصاف الدول التي سبقت في هذا الميدان، واستطاعت بالجهد والمثابرة انتزاع المراكز المتقدمة فيه. فبناء قدراتنا البشرية من خلال التعليم المتميز وتجويد مخرجاته بوابتنا نحو المستقبل، فهو يشكل أرضية مشتركة لفهم الآخر وتعميق قيم التسامح، بعيدا عن الغلو والتعصب، كما أن تحقيق الإصلاح الشامل يرتبط ارتباطا وثيقا بالنهضة التعليمية مهما كانت الظروف والتحديات. ونطمح أيضا لأن يكون للأردن تجربة تغري بنجاحها الآخرين، فيكون هو قائد مسيرة تحديث التعليم في العالم العربي، ورائد التحول إلى مجتمع المعرفة، فتحدي التعليم، كما أسلفت، غير مقتصر على بلد بعينه، ولا بد أن تتوحد الجهود، ويتم تبادل الخبرات لتجاوز هذا التحدي. وعليه، فإننا نريد أن نرى مدارسنا ومعاهدنا المهنية وجامعاتنا مصانع للعقول المفكرة، والأيدي العاملة الماهرة، والطاقات المنتجة. نريد أن نرى مدارسنا مختبرات تُكتشف فيها ميول الطلبة، وتُصقل مواهبهم، وتُنمى قدراتهم. نريد أن نرى فيها بشائر الارتقاء والتغيير، لا تخرِّج طلابها إلا وقد تزودوا بكل ما يعينهم على استقبال الحياة، ومواجهة ما فيها من تحديات، والمشاركة في رسم الوجه المشرق لأردن الغد؛ طلبة يعرفون كيف يتعلمون، كيف يفكرون، كيف يغتنمون الفرص ويبتكرون الحلول المبدعة لما يستجد من مشاكل، ويعرض من عقبات. ولا يكون ذلك إلا بمنظومة تعليم حديثة، توسع مدارك الطلبة، تعمّق فكرهم، تثير فضولهم، تقوي اعتدادهم بأنفسهم، وتصل بهم إلى العالمية، على أجنحة من الإيمان القوي، والثقة الراسخة، والاعتزاز بهويتنا الإسلامية والعربية وتراث الآباء والأجداد. كما لا يمكن أن يتحقق ذلك، إلا بمناهج دراسية تفتح أَمام أبنائنا وبناتنا أبواب التفكير العميق والناقد؛ تشجعهم على طرح الأسئلة، وموازنة الآراء؛ تعلمهم أَدب الاختلاف، وثقافة التنوع والحوار؛ تقرّب منهم أساليب التعبير، وتنمّي فيهم ملكة النظر والتدبر والتحليل، وكذلك بمعلمين يمتلكون القدرة والمهارات التي تمكنهم من إعداد أجيال الغد. إنني لأكرر التعبير عن سعادتي بهذا النقاش الدائر حول تنمية مواردنا البشرية وتعليم بناتنا وأبنائنا، الموضوع الذي يمس مستقبل أمتنا، وأدعمه كل الدعم، حتى يؤتي ثماره بالتنفيذ والإصلاح، فهو علامة وعي وتيقظ، ومبعث أمل وارتياح. ولا بد أن نعمل دون تردد أو تأخير، يدا واحدة، مؤسسات ومعلمين، طلبة وأهالي لنحقق مبتغانا. فكل يوم يمضي تمضي به فرصة لأبنائنا في تحقيق ما يستحقون فلا نضيعها عليهم. يقول جلالته : " إن التعليم أرضية مشتركة لفهم الآخر وتعميق قيم التسامح ،بعيدا عن الغلو والتعصب ، كما أن تحقيق الإصلاح الشامل يرتبط ارتباطا وثيقا بالنهضة التعليمية مهما كانت الظروف والتحديات " بعد الاطلاع على الورقة النقاشية السابعة لتؤكد على الموارد البشرية في الأردن وذلك لعلم أنها تمثل بحق أهم الثروات ؛ إِذا نالَتْ الأَجْيالُ تَعْلِيماً مُتَطَوِّراً وَحَدِيثاً يُنَمِّي مَهاراتِ الاِبْتِكارِ وَالإِبْداعِ وَالتَفْكِيرِ الناقِدِ . وأكد جلالته على المزيد من العمل من أجل التطور والإنجاز الذي نحتاجه للمسيرة التعليمية في الأردن والتي تشمل كافة المراحل مع التركيز على العمل الإيجابي وعلى جعل التميز في المؤسسات التعليمية هو الهدف الأسمى :
الموارد البشرية : ولعلم جلالته بأن الموارد البشرية تمثل أهم الثروات جاءت الورقة النقاشية السابعة لتؤكدأهميتها لدى جلالته ؛إذا نالت هذه الأجيال تعليما متطورا وحديثا ينمي مهارات الإبداع والتفكير الناقد .فلا يمكن للأردن مواجهة تحديات المستقبل ،وتحقيق التغير المنشود دون وجود شباب واع يتسم بالمعرفة والثقافة لما يدور حوله ،ليستطيع اجتياز العقبات بسهولة ويسر . واستطاع جلالة الملك أن يؤسس لنهضة تعليمية أردنية شاملة وجديدة ترسل كفاءاتها المتميزة والقديرة إلى جميع دول العالم، والأردن كان وسيبقى مشعل للنهضة والتطور في كثير من الدول العربية .كما حسم جلالته الجدل الواسع والدائر حول تطوير العملية التعليمية والتي تنطلق من لغة القرآن الكريم وروح الحضارة العربية الإسلامية .
***ولتحقيق ذلك لا بد من : تضافر جهود الجميع الحكومة ،ومكونات المجتمع الأردني ، والجامعات والمدارس وتوفير البيئة التعليمية الحاضنة للتميز والتفوق والإبداع وتأمين الاحتياجات اللازمة والضرورية لبناء القدرات والموارد البشرية من منظومة تعليمية سليمة وناجحة تعيد للمعلم والأستاذ الجامعي مكانته في المجتمع ويقوم بعمله بكل أمانة ورغبة ويستطيع أن يترجم هذه العناوين السامية حتى تصبح مدارسنا مشاعل للعلم والمعرفة وصقل المواهب ومكانة لتنمية القدرات ومكان للتغير والارتقاء المنشود وهذا يتم من خلال ما يلي :
|