طبيعة الضوء The Nature of Light
افترض العلماء أن للضوء طبيعة مُزدوجة ؛ إذ تُرصد صفاته الجسيمية في ظواهر معيّنة ، وصفاته الموجية في ظواهر أخرى .
ـ نتيجة لأبحاث العالم ماكسويل وصف الضوء بأنه موجات كهرمغناطيسية ، ثم افترض العالم أينشتاين أن الضوء موجات كهرمغناطيسية تتكوّن من فوتونات ، وأن الطاقة التي تحملها الموجات الكهرمغناطيسية تتناسب طرديًا مع تردد هذه الموجات .
•• تداخل موجات الضوء Interference of Light Waves
إن ظاهرة التداخل تحدث في الموجات الميكانيكية الطولية والمستعرضة ، وهي تحدث أيضًا في الموجات الكهرمغناطيسية ، حيث تتداخل موجتان تداخلًا بنّاً عندما تكون السَعة المُحصلة لدقائق الوسط في موقع معين أكبر من سَعة كل من الموجتين ، أو يكون التداخل هدّامًا عندما تكون السَعة المُحصلة أقل من سَعة أي من الموجتين .
ولكن إذا وضعت مِصباحين ضوئيين بجوار بعضهما وراقبت الضوء الناتج عنهما ، فلن تتمكن من مشاهدة تداخل الضوء ؛ وذلك لعدم وجود فرق ثابت في الطور بين الموجات الصادرة عن المِصباحين .
فالمِصباح الضوئي العادي يُصدر موجات بتغير ثابت الطور فيها بشكل عشوائي باستمرار ، ومثل هذه المصادر الضوئية تُسمى مصادر غير مُتناغمة Incoherent
كي يظهر نمط تداخل مُنتظم يُمكن ملاحظته في موجات الضوء ، لا بُدّ من أن تكون موجات المصدرين الضوئيين مُتناغمة (متجانسة) ، و التناغم Coherence يتطلب تحقيق ما يأتي :
• أن يكون كل مصدر من مصدري الضوء أحادي اللون Monochromatic ، أي إنّ موجاته لها طول موجي واحد .
• أن تتساوى موجات المصدرين في تردّدها ، أو طولها الموجي .
• أن تُحافظ موجات المصدرين على فرق ثابت في الطور بينها .
•• تداخل الشق المُزدوج Slit Interference ـ Double
يُمكن الحصول على مصدري ضوء مُتناغمين ، بوضع حاجز يحتوي على شقين أمام مصدر ضوئي أحادي اللون ، بهذه الطريقة فإن الضوء الصادر من الشقين يكون أحادي اللون ومُتناغمًا
وقد أجرى العالم توماس يانغ تجربته الشهيرة التي أسهمت في إثبات الطبيعة الموجية للضوء ، إذ مرر الضوء خلال شقّ صغير في قطعة من الورق فحصل على شعاع رفيع ، ثم استخدم بطاقة ورقية سُمكها (0.7 mm) تقريبًا ، تحتوي على شقين ضيّقين متوازيين ومتجاورين ، فنفذت موجات الضوء من الشقين باتجاه الحاجز .
لاحظ يانغ نمط تداخل ، كالذي ينتج عن تداخل موجات الماء .
ـ يُمكن إجراء تجربة مماثلة لتجربة يانغ ، باستخدام ضوء أحادي اللون ، كما يبين الشكل
ـ ينفذ من الشق الأول S شعاع رفيع أحادي اللون ، تنفذ موجات الضوء من الشقين S1 , S2 باتجاه الحاجز ويكون لها الطور نفسه ، لأنها ناتجة عن المصدر نفسه ، فيحدث للموجات حيود يشبه حيود موجات الماء ، فتصل إلى المواقع كافّة على الحاجز عندما يصدر عن الشقين شعاعان ضوئيان يلتقيان عند نقطة على الحاجز ، فإنهما يتداخلان تداخلًا بنّاءً أو هدّامًا ، حسب فرق الطور بينهما ، كما يأتي :
1. يتكوّن عند النقطة P في الشكل (أ) هدب مُضيء ناتج عن تداخل بنّاء لشعاعين متفقين في الطور ، لانهما قطعا مسافة متساوية ، ويُسمى الهدب المركزي .
2. يتكون عند النقطة R في الشكل (ب) هدب مُعتم ناتج عن تداخل هدّام لشعاعين الفرق في الطور بينهما يساوي π لأن فرق المسار بينهما (1/2 λ)
3. يتكون عند النقطة Q في الشكل (جـ) هدب مُضيء ناتج عن تداخل بنّاء لشعاعين متفقين في الطور ؛ لأن فرق المسار بينهما موجة كاملة (λ)

4. تتكون الأهداب المضيئة والمُعتمة على جانبي الهدب المركزي وتكون متماثلة ، وتفصلها مسافات متساوية ، ويمكن الاطلاع عليها في الجدول الآتي :
جدول : الأهداب المضيئة وفرق في تجربة يانغ.
ـ يرتبط تكّون الأهداب المضيئة والمعتمة على الحاجز بعلاقات رياضية مع العوامل التي أدت إلى تكوّن هذه الأهداب .
إذا كانت المسافة بين الشقين (a) كما يبين الشكل (أ) ، واستخدم في التجربة ضوء له طول موجي (λ) ووضع الحاجز على مسافة (D) على الشقين ، فتتكون عليه أهداب مضيئة يرتفع كل هدب بمقدار (y) عن الهدب المركزي ، نتيجة وجود فرق في مساري الموجات (d2 , d1) مقدرا (z)
ـ في الشكل (ب) الذي يُبين مثلثين متشابهين حصلنا عليهما من الشكل السابق ؛ إذ تتساوى زوايا المثلثين
أجد علاقة بين نسب أضلاع المثلثين :
بما أن المسافة الرأسية (y) صغيرة جدا بالمقارنة مع بعد الحاجز عن الشقين (D) ، فإنه يُمكن افتراض
، وعندها ، فإنّ :
بالانتقال من الهدب المضيء الثالث إلى الهدب المضيء الرابع ، تزداد المسافة (y) بمقدار (y ⩟ ) ، وتزداد المسافة (z) بمقدار طول موجي واحد ن فتصبح العلاقة السابقة على الصورة :
تربط هذه العلاقة المسافة الفاصلة بين هدبين مضيئين على الحاجز مع الطول الموجي للضوء المستخدم في التجربة ، بمعرفة كل من المسافة بين الشقين ، وبُعد الحاجز عنهما ، حيث تكون المسافة (y ⩟ ) بحدود الملمتر أو أجزاء منه ، وهي أكبر بكثير من الطول الموجي الذي يُقاس بوحدة نانومتر ولا يمكن رصده بالعين .
•• التداخل في الأغشية الرقيقة
نشاهد أنماط موجات الضوء في الأغشية الرقيقة ، مثل طبقة رقيقة من الزيت أو أحد المشتقات النفطية على سطح الماء ، أو غشاء فقاعة الصابون .
فعندما يسقط ضوء ابيض على هذه الأغشية نلاحظ ألوانًا مختلفة تنتج عن تداخل الموجات المُنعكسة عن طبقتي الغشاء الداخلية والخارجية .
الشكل : تداخل موجات الضوء المُنعكس على غشاء فقاعة الصابون .
للتعرف إلى ما يحدث عند انعكاس شعاع ضوئي عن سطحي الغشاء الرقيق ، يجب ان نتذكر حالات انتقال الموجة الميكانيكية بين حبلين أحدهما رفيع والآخر غليظ ، وما حدث للجزء المنعكس منها في كل حالة ، والتي نلخصها في الحقائق الآتية :
• عند سقوط موجة على الحد الفاصل بين وسطين شفافين مُختلفين ، إذا كان مُعامل انكسار الوسط الثاني أكبر من مُعامل انكسار الوسط الأول ، فإنّ الجزء المُنعكس من الموجة يكون مقلوبًا (يحدث له تغير في الطور مقداره 180)
• عند سقوط موجة على الحد الفاصل بين وسطين شفافين مُختلفين ، إذا كان مُعامل انكسار الوسط الثاني أقل من مُعامل انكسار الوسط الأول ، فلا يَحدث تغير في الطور عند انعكاس الموجة .
• يقل الطول الموجي للضوء عند دخوله وسط معامل انكساره (n) ليُصبح

، حيث (λ) الطول الموجي للضوء في الهواء .
ليكن لدي غشاء فقاعة صابون منتظم السُمك ، سُمكه (t) ومعامل انكسار مادته (n) . افترض سقوط الأشعة من الهواء بصورة عمودية تقريبًا على الغشاء كما في الشكل .
ينعكس الشعاع مرتين : الأولى عند الوجه العلوي ، إذ ينعكس الشعاع 1 مع حدوث فرق طور 180 ، والثانية عند الوجه السفلي ، إذ ينعكس الشعاع 2 دون تغير في الطور ، وينفذ الشعاعان 3 ، 4 داخل الفقاعة .
نتج عن الانعكاس فرق طور 180 بين الشعاعين 1 , 2 ، وهذا يُعادل فرق مسار مقداره
لكن الشعاع الثاني 2 قطع مسافة إضافية داخل الغشاء تساوي t2 ، وبما أن سقوط الأشعة عمودي تقريبًا على الغشاء ، وإذا كان سُمك الغشاء يساوي ربع طول موجي ؛ فإن المسافة الإضافية t2 تُحدث مسار
= 2t ، فيعود الشعاع 2 مُتفقًا في الطور مع الشعاع 1 ، ويكون التداخل بينهما بنّاءً .• طلاء عدسات آلات التصوير
تُطلى عدسات آلات التصوير بطبقة رقيقة من مادة شقاقة لها معامل انكسار أقل من معامل انكسار زجاج العدسة ، ويكون سمك هذه الطبقة بمقدار ربع طول موجي ، فينتج عن ذلك أن تتداخل الأشعة المُنعكسة عن وجهي الطلاء الخارجي والداخلي تداخلًا هدّامًا ؛ ما يُقلل انعكاس الضوء عن العدسة بنسبة كبيرة جدًا ، وهذا يزيد من كمية الضوء التي تعبر العدسة ، ويُحسن كفاءة التصوير .
الشكل : عدسة آلة تصوير مطلية بطبقة رقيقة مانعة للانعكاس.

•• حيود موجات الضوء Diffraction due a Narrow Slit
الحيود : ظاهرة موجية تحدث للموجات الميكانيكية وللموجات الكهرمغناطيسية أيضًا ، مثل موجات الضوء .
الحيود عبر شق ضَيّق
عند مرور شعاع ضوئي من شقّ ضيّق ، ينتشر على جانبي الشقّ ، وإذا أتيح للضوء السقوط على حاجز بعيد مقابل الشقّ، فإنه يكّن أهدابًا مُضيئة وأخرى مُعتمة .
تتكوّن هذه الأهداب نتيجة حدوث تداخل بنّاء وآخر هدّام لأشعة الضوء المختلفة ، التي نفذت خلال طرفي الشقّ الضيّق . أي أنّ ظاهرة الحيود تؤدي إلى التقاء الموجات ، ما يُسبب حدوث تداخل بينها .
الشكل : تكوّن نمط من الأهداب المضيئة والمعتمة على حاجز نتيجة ظاهرة الحيود .