مقدّمّة
- لقد أحسن النّبيُّ صلى الله عليه وسلم معاملة اليهود، ولم يُبدِ المسلمون لهم أي غدر أو خيانة، ورعوا حقّ المواطنة لهم، بحماية أنفسهم وأعراضهم وأموالهم.
- لكن اليهود لم يبادلوا المسلمين آنذاك المعاملة نفسَها، فغدروا ونَقضوا العهد كما حصل مع بني قَينقاع وبني النّضير.
- وها هم بنو قريظة يغدرون بالمسلمين بنقضهم العهد مع النّبي صلى الله عليه وسلم، بمحاولتهم تمكين الأحزاب من دخول المدينة عندما كان المسلمون بأشدّ الحاجة إلى نصرتهم وفاءً بالعهد.
أوَّلاً : معاقبة بني قريظة
- لمّا هُزم الأحزاب وعادوا إلى مكَّة؛ قررَّ النبي صلى الله عليه وسلم معاقبة اليهود جزاءَ غدرهم، فقال لأصحابه: (لا يُصلينَّ أحد العصرَ إلّا في بني قُريظة).
- فاستجاب له المسلمون، وخرجوا جميعًا إلى ديار بني قريظة لتأديبهم.
ثانيًا: حصار المسلمين ليهود بني قريظة
- حاصر المسلمون بني قريظة خمسًا وعشرين ليلة.
- ولمّا أجهدهم الحصار لجؤوا إلى مفاوضة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأرسلوا أحد زعمائهم، يعرض عليه أن يحكم عليهم كما حَكم على بني النّضير بالجلاء، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّ خيانتهم كانت عظيمة.
- أدرك يهود بني قُريظة أنّهم قد ارتكبوا جُرمًا عظيمًا، عندئذٍ قام سيّدهم كعب بن أسد مُخاطبا لهم: يا معشر يهود قد نزل بكم من الأمر ما ترون، وإني عارضٌ عليكم أن نتابع هذا الرّجل ونصدّقه، فوالله لقد تبين لكم أنه لنبيٌّ مرسل، وأنه لَلَّذي تجدونه في كتابكم، فتأمنون به على دمائكم وأموالكم وأبنائكم ونسائكم، فأبوا.
- فطلبوا أن يجعلوا بينهم وبين النّبي صلى الله عليه وسلم حَكمًا، واقترحوا سعد بن معاذ رضي الله عنه فوافق النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك.
- فكان حكم سعدٍ رضي الله عنه فيهم جزاءَ خيانتهم العهد الذي أبرموه مع المسلمين في وثيقة المدينة وتعاونهم مع الأعداء ضدّ مجتمعهم، أن:
- يُقتل المحاربون منهم.
- وأن تُؤخذ أموالهم.
- وقد أقرّه الرّسول صلى الله عليه وسلم على ذلك وقال: (لقد حكم فيهم بحكم الله عزّ وجل). وهذا الحكم يستحقّه كل خائن متآمر ضد وطنه.
دروس وعِبر مستفادة من يوم بني قريظة
- المسلمون سِلمٌ على من سالمهم، وحربٌ على من حاربهم.
- القائد النّاجح يُقدّر تضحيات الأفراد.
- حُكم الحَكم بين الطّرفين مُلزمٌ لكل منهما.