مدرسة جواكاديمي

هنا يمكنك تصفح مدرسة جو اكاديمي، المنهاج، اسئلة، شروحات، والكثير أيضاً

مُراعاةُ الأَعرافِ في الشّريعةِ الإسلاميّةِ

التربية الإسلامية - الصف المواد المشتركة أول ثانوي

التَّعلُّمُ القَبليُّ

مصادر الأحكام الشّرعيّة متعدّدة، منها أربعة مصادر متّفق عليها، هي:(القرآن الكريم، والسّنّة النّبويّة، والإجماع، والقياس)، وهناك مصادر تشريعيّة أُخرى اعتمد عليها بعض العلماء في استنباط الأحكام الشّرعيّة مثل الاستحسان والعرف.

 

الفَهمُ والتَّحليلُ

العُرف هو أحد المصادر الّتي يُعتمَدُ عليها في معرفة الأحكام التّشريعيّة، وقد أخذ به الفقهاء في بعض الأحكام الشّرعيّة.

 

أولًا: مفهومُ العُرفِ، وأَهمّيّتُهُ في التّشريعِ الإسلاميِّ

  • العُرْفُ: هو كلُّ ما اعتاد عليه الناّس وتقبلَّوه من التصّرُّفات الحسنة الّتي لا تتعارض مع مبادئ الشّريعة الإسلاميّة وأحكامها.
  • وتظهر أهمّيّة العُرف في التّشريع الإسلاميّ في:
    • أنّه يُسَهِّلُ على النّاس حياتهم لاعتيادهم عليه، وهذا يرفع عنهم الحَرَج والمشقّة.
    • يحقّق مصالحهم الدّنيويّة في بيوعهم وزواجهم وعلاقاتهم المتعدّدة.
  • ولذلك فقد أَقرَّ الإسلام النّاس على ما كان عندهم من عادات وأعراف وأخلاق حسنة، قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّمَا بُعِثْتُ لُِأتَِّممَ مكارم الأَخْلاَقِ».
  • ومن الأمثلة على الأعراف والعادات الحسنة التي كانت سائدة عند العرب قبل الإسلام وأقرها النبي صلى الله عليه وسلم
    • كان العرب في الجاهليّة يجمعون الدِّيَةَ ويُعطونها أهلَ المقتول خطأً، وجاء الإسلام وأَقرَّ النّاس على ذلك، قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا﴾.
    • كما تعارف أهل المدينة المنوّرة قبل الإسلام على بيع السّلف حيث كانوا يبيعون ثمار النّخيل ويَقبِضون ثمنَها قبل أن تكون الثّمار قد نَضِجَت، وقد أَقَرَّهم النّبيّ صلى الله عليه وسلم على ذلك، وحدّد لهم شروطه الّتي تتوافق مع أحكام الإسلام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَْيءٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كيلٍ معلومٍ، ووزنٍ معلومٍ، إلى أجلٍ معلومٍ »،
      • السَّلف: هو بيعٌ يتم فيه تعجيل الثّمن وتأجيل قبض السِّلْعة.
  • اتّفق أهل مكّة المكرّمة قبل الإسلام على إنصاف المظلوم، ونشر العدل، وعقدوا من أجل ذلك حلف الفُضول، فتعاقدوا وتعاهدوا على ألّ يجدوا بمكّة مظلومًا من أهلها وغيرهم ممّن دخلها من سائر النّاس إلا قاموا معه، وكانوا على من ظَلَمَهُ حتّى تردّ عليه مَظْلمته. فأصبح العمل بهذا الحلف عُرفًا معمولًا به، حتّى قال صلى الله عليه وسلم: «لَقَد شَهِدْتُ مَعَ عُمومَتي حِلْفًا في دارِ عَبْدِ الله بنِ جَدْعانَ، وَلَو دُعيت بهِ في الإسلامِ لَأجبت »، وقد رضي النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن هذا الحلف؛ لأنهّ عادة تتّفق مع تعاليم الإسلام في الدّعوة إلى التّعاون على إقامة العدل ونُصرة المظلوم.

​​​​​​​

ثانيًا: حُجّيّةُ العُرفِ في التّشريعِ الإسلاميِّ

العُرف أحد المصادر الشّرعيّة في استنباط الأحكام، وقد ثبتت حُجّيّة العُرف في القرآن الكريم والسّنّة النّبويّة المشرّفة، ومن ذلك:

  • قال تعالى: ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾، فالمرجع في مقدار ما يتوجّب من نفقة على الأب لأولاده وزوجته هو العُرف.
  • قال تعالى: ﴿فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ﴾، والعُرف هو المُحَدِّدُ لمقدار أوسط ما يطعم النّاس، أو يلبسون في تقدير كفّارة الحَنثْ باليمين.
    • الحَنثْ باليمين: عدم الوفاء باليمين.
  •  قالَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «ما رآهُ المسلمونَ حَسَنًا فهو عندَ الله حَسَنٌ »، فالأمرُ المتعارَفُ عليه تعارُفًا حَسَنًا بين المسلمين يُعَدُّ من الأمور الّتي يقرّها الإسلام؛ لأنّ مجموع المسلمين لا يتعارفون إلا على ما كان حَسَنًا.
  • قالت هند بنت عتبة رضي الله عنها: «يا رسولَ الله إنَّ أبا سُفيانَ رَجُلٌ شَحيحٌ، وَليسَ يُعْطيني ما يَكْفيني وولدي إلّا ما أَخَذْتُ مِنْهُ وَهُوَ لا يَعلمُ، فَقالَ صلى الله عليه وسلم: خُذِي ما يَكْفِيكِ ووَلَدَكِ، بالمَعروفِ »، أي بالمقدار الّذي يتعارف عليه النّاس في النّفقة.

 

ثالثًا: ضوابطُ العملِ بالعُرفِ

بيّن العلماء مجموعة من الضّوابط الّتي يجب تحقّقها في العُرف حتّى يُعمَل به، ومن خلالها يمكن معرفة العُرف الصّحيح من العُرف الفاسد، وأهمّها:

أ. أن يكون العُرف غالبًا وشائعًا بين النّاس، بحيث يكون جزءًا معتادًا من حياتهم اليوميّة، ومن أمثلة ذلك تعارُف النّاس على جعل المهر على جزئين: معجّلٍ يُقبض عند العقد، وجزءٍ آخر مؤجّلٍ يُقبض بعد الزفاف.

ب. ألاّ يُخالف العُرف نصًّا شرعيًّا؛ لأنّ مخالفةَ العُرفِ النّصَّ الشّرعيَّ تُبطِل العملَ به؛ فالمرجع أوّلاً للنّصّ، ثمّ يلجأ النّاس إلى العُرف إذا لم يكن هناك نصّ شرعيّ في المسألة، ومثاله تعارف النّاس على عادة الثّأر من أهل القاتل؛ بحيث يقتلون غير القاتل، فهذا عُرف لا يجوز العمل به لمخالفته قوله تعالى:﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾.

 

​​​​​​​الإِثراءُ والتَّوسُعُ

صاغ العلماء عددًا من القواعد الفقهيّة الّتي يُعتمد عليها في استنباط الأحكام الشّرعيّة لكثير من المسائل الفقهيّة، وبعض هذه القواعد الفقهيّة تستند إلى العُرف، وهذا يُؤكِّد حُجّيّة العُرف في التّشريع، واعتباره مصدرًا من مصادر التّشريع الإسلاميّ، ومن أهمّ هذه القواعد الفقهيّة المُستندِة إلى العُرف:

أ. العادةُ مَُحكَّمَةٌ:

  • وتعني أنّ العادة تُعَدُّ دليلًا عملياًّ على حكم مسألة من المسائل إذا لم يكن هنالك نصّ صريح من القرآنِ الكريمِ، أو السّنّة النّبويّة المطّهرة بخلافها.
  •  ومثاله ما يتمّ به تحديد المقادير الشّرعيّة، كتحديد مقدار ما يجب من الزكاة والكفّارات والنّفقات وغيرها، فإنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم جعل أداة تقدير الأمور الّتي توزَنُ وزنًا هي الأداة الّتي تعارف عليها أهلُ مكّة وهي المثِقْال؛ لأنّهم أهل تجارة.
  •  وجعل تقدير الأمور الّتي تُقدَّر بالكيل هي الأداة الّتي تعارف عليها أهل المدينة المنوّرة، وهي المُدّ والصّاع؛ لأنّم أهل زِراعة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الوَزْنُ: وَزْنُ أَهْلِ مَكَّةَ، والمكِْيالُ: مِكْيالُ أَهْلِ المدَينَةِ ».

ب. المعروفُ عُرْفا كالمشَْروطِ شَْرطًا:

  • ​​​​​​​فما تعارف عليه النّاس في تعاملاتهم يقوم مقام الشَّرط، وإن لم يُذْكَر صريحًا، ما دام العُرف صحيحًا لا يتعارض مع النّصوص الشّرعيّة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المسُلمِونَ عَلى شُروطِهم ».
  •  ومثاله إذا تمّ البيع بين طرفين بعملة الدّينار، فإنّ العُرف يقضي أنّ الدينار المقصود هو دينار البلد الّذي تمّ فيه البيع، وليس دينار بلد آخر، ولهذا يُعَدُّ الثّابتُ بالعُرفِ كالثّابتِ بالشَّْرعِ.

 

أتوقف

المقادير الشّرعيّة متعلّقة بالعبادات والمعاملات والنّفقات وغيرها، ومنها الكيل والوزن، وقد وردت في الكتاب والسّنّة النّبويّة؛ مثل: الصّاع، والمُدّ والدّينار، والأوقيّة. ومن ذلك ما جاء ذلك في قوله تعالى في سورة يوسف: ﴿قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ﴾، وأنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم «فَرَضَ زكاةَ الفطرِ صاعًا من تمرٍ، أو صاعًا من شعيرٍ».