مدرسة جواكاديمي

هنا يمكنك تصفح مدرسة جو اكاديمي، المنهاج، اسئلة، شروحات، والكثير أيضاً

موقفُ الإسلامِ مِنَ العنفِ المجتمعيِّ

التربية الإسلامية - الصف التاسع

الفكرة الرئيسة

  • يدعونا الإسلامُ إلى التحلّي بالأخلاقِ الفاضلةِ الّتي تُسهمُ في تماسكِ المجتمعِ؛ كالتسامحِ والحِلمِ، واجتنابِ كافّةِ صورِ الإيذاءِ والاعتداءِ على الآخَرينَ.
  • قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «المسلمُ أَخو المسلمِ، لا يظلمُهُ ولا يخذُلُهُ ولا يحقِرُهُ، بحسْبِ امرئٍ مِنَ الشرِّ أَنْ يحقِرَ أخاهُ المسلمَ، كلُّ المسلمِ على المسلمِ حرامٌ: دمُهُ، ومالُهُ، وعِرضُهُ».
    • يخذُلُهُ: يتخلّى عنهُ ويتركُ مَعونتَهُ
    • يحقِرُهُ: يستصغرُهُ ويقلّلُ مِنْ شأنِهِ.
  • الظلمُ حرامٌ مطلَقًا، فلا يصحُّ أَنْ يظلمَ الإنسانُ غيرَهُ، مسلمً كانَ أَوْ كافرًا؛ لأنَّهُ يقودُ إلى العداوةِ والإفسادِ في المجتمعِ.

 

أستنير

حرّمَتِ الشريعةُ الإسلاميةُ إيذاءَ الآخَرينَ، وإلحاقَ الضررِ بِهِمْ، وممارسةَ كافّةِ أشكالِ العنفِ في المجتمعِ.

 

أَوَّلًا: مفهومُ العنفِ المجتمعيِّ وأنواعُهُ

العنفُ المجتمعيُّ: هوَ سلوكٌ عُدوانيٌّ يتّسمُ بالقسوةِ والأَذى، يصدرُ مِنْ فردٍ أَوْ جماعةٍ في المجتمعِ، ويكونُ فيهِ تطاولٌ على القانونِ مِنْ أجلِ تحقيقِ مصالحَ شخصيةٍ، وهو نوعان: ماديٌّ، ومعنويٌّ.

  • العنفُ الماديُّ:
    • هوَ الاعتداءُ عَلى الآخَرينَ في أبدانِهمْ أَوْ أموالِهمْ أَوْ أعراضِهِمْ.
    • ومِنَ الأمثلةِ عليهِ: القتلُ، وضربُ الآخَرينَ، والسّطْوُ المسلَّحُ، والإضرارُ بالممتلَكاتِ العامّةِ والأسواقِ وغيرِها.
    • وقَدْ نَهى سيّدُنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عَنْ دخولِ المساجدِ والأسواقِ وأماكنِ تجمّعِ النّاسِ بالأسلحةِ؛ مخافةَ الإضرارِ بِهِمْ، فقالَ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ مَرَّ في شيءٍ مِنْ مساجدِنا، أَوْ أسواقِنا، ومعَهُ نَبْلٌ فلْيُمسكْ، أَوْ قالَ: فَلْيأخذْ، أَوْ: لِيقبضْ على نِصالِها بِكفِّهِ أنْ يصيبَ أحدًا مِنَ المسلمينَ منها بشيءٍ».
      • نَبْلٌ: سهامٌ يُرمى بِها.
      • نصِالُها: النّصلُ حديدةٌ حادّةٌ في طرَفِ السهمِ.
  • العنفُ المعنويُّ:
    • هوَ الاعتداءُ عَلى الآخَرينَ بالسّبِّ والشّتمِ، والإهانةِ والتنمُّرِ، والسُّخريةِ.
    • لا يُستَهانُ بنتائجِهِ على الشخصِ الّذي وقعَ عليهِ هذا العنفُ، إذْ يُضْعِفُ ثقتَهُ بنفسِهِ، ويصيبُهُ بالخوفِ والخجلِ الاجتماعيِّ.

 

ثانيًا: أسبابُ العنفِ المجتمعيِّ

  •  ضعفُ الوازعِ الإيماني:
    • إذْ إنَّ غيابَ الوازعِ الإيمانيِّ في نفوسِ البشرِ، وعدمَ تفعيلِ القِيَمِ الإسلاميةِ الّتي حثَّ عليها الإسلامُ؛ كالتّقوى والحِلمِ والرفقِ، يزيدُ مِنْ حالاتِ العنفِ، فالإيمانُ ضَمانٌ للإنسانِ، يهذّبُ سلوكَهُ، ويمنعُهُ مِنَ الاعتداءِ على الآخَرينَ بالقولِ أَوِ الفعلِ، قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «المسلمُ مَنْ سَلِمَ المسلمونَ مِنْ لسانِهِ ويدِهِ، والمؤمنُ مَنْ أمِنَهُ الناسُ عَلى دمائِهِمْ وأموالِهِمْ».
  • العنفُ الأُسَريُّ:
    • إنَّ العنفَ الّذي يمارَسُ داخلَ الأسرةِ عندَ محاولةِ حلِّ الخلافاتِ الأسَيةِ أمامَ الأولادِ بطريقةٍ سلبيةٍ كالضربِ والشتمِ، يؤدّي إلى ميولِهمْ للاعتداءِ عَلى الآخَرينَ بصورٍ مختلفةٍ.
    • وحينَ يمارسُ الأبوانِ العنفَ عَلى الطفلِ، فإنَّ ذلكَ يحرّضُهُ على العنفِ والرغبةِ في الانتقامِ دونَ تفكيرٍ أَوْ إدراكٍ منهُ.
  • الظلمُ:
    • يؤدّي انتشارُ الظلمِ في المجتمعِ وغيابُ المساواةِ وتكافؤِ الفرصِ إلى العدائيةِ بَيْنَ أفرادِ المجتمعِ، قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «اتّقوا الظلمَ؛ فإنَّ الظلمَ ظُلماتٌ يومَ القيامةِ، واتّقوا الشُّحَّ؛ فإنَّ الشُّحَّ أهلكَ مَنْ كانَ قبلَكُمْ، حملَهُمْ على أَنْ سَفكوا دماءَهُمْ، واستحلّوا محارمَهُمْ».
      • الشُّحَّ: أشدَّ البُخلِ.
  • الأمنُ مِنَ العقوبةِ:
    • يؤدّي ضعفُ تطبيقِ العقوباتِ والقوانينِ إلى انتشارِ العنفِ وممارستهِ بصورةٍ مستمرَّةٍ، والتساهلِ في سَلبِ حقوقِ الآخَرينِ، فمَنْ أمِنَ العقوبةَ أساءَ الأدبَ.
    • حينَ يعاقَبُ الجاني بالعقوبةِ المناسبةِ الرادعةِ، فإنَّهُ يَكُفُّ عَنْ أذى الآخَرينَ وتعنيفِهِمْ، ومِنْ ثَمَّ ينتشرُ السلامُ والأمنُ في المجتمعِ.
  • غيابُ ثقافةِ الحوارِ والتواصلِ:
    • إنَّ كثيرًا مِنْ حالاتِ العنفِ داخلَ الأسرةِ والمجتمعِ، تكونُ بسببِ غيابِ أسلوبِ الحوارِ والتواصلِ المناسبِ، مماّ يؤدّي إلى عدمِ تَقَبُّلِ الآخَرِ، فيصبحُ استخدامُ العنفِ في حلِّ الخلافاتِ والمشكلاتِ نتيجةً أساسيةً في ذلكَ، ومِنْ ثَمَّ تزيدُ العداوةُ والكراهيةُ بَيْنَ أفرادِ الأسرةِ أَوِ المجتمعِ.

 

ثالثاً: توجيهاتُ الإسلامِ للحدِّ مِنَ العنفِ المجتمعيِّ

جاءَ الإسلامُ بمجموعةٍ مِنَ التوجيهاتِ تضمنُ أمنَ الفردِ والمجتمعِ واستقرارَهُا، مِنها:

  • تعميقُ الإيمانِ باللهِ تعالى: ربطَ اللهُ تعالى الأمنَ والاستقرارَ النفسيَّ بالإيمانِ بهِ سبحانَهُ وبذِكْرِهِ، قالَ تعالى: (الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)، فإيمانُ المؤمنِ يزيدُ بالأعمالِ الصالحةِ، والمداومةِ على ذِكرِ الله تعالى، والمحافظةِ على تلاوةِ القرآنِ الكريمِ وتطبيقِ ما جاءَ فيهِ مِنْ قِيَمٍ وتشريعاتٍ، والمحافظةِ عَلى أداءِ الصلاةِ الّتي تؤلّفُ القلوبَ، وهذا كلُّهُ يجعلُ الإنسانَ محبًّا لمجتمعِهِ، هادئًا في تصرفاتِهِ، نافعًا لنفسِهِ وللآخَرينَ.
  • التنشئةُ الأسَريّةُ الصالحةُ: ويكونُ ذلكَ بتنشئةِ الأطفالِ منذُ نعومةِ أظفارِهِمْ داخلَ الأسرةِ على المحبّةِ والتعاونِ، وإشغالِ أوقاتِ الفراغِ بمِا هوَ نافعٌ؛ كالنشاطِ الثقافيِّ، والرياضيِّ، وتعليمِهِمُ المهاراتِ الإبداعيةَ، والعملِ التطوعيِّ، فقَدْ مرَّ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم على نَفَرٍ مِنْ أَسْلَمَ ينتَضِلونَ، فقالَ صلى الله عليه وسلم: «ارْموا بَني إسماعيلَ، فإنَّ أباكُمْ كانَ رامِيًا، ارْموا، وأنا مَعَ بَني فلانٍ»، قالَ سَلَمةُ بنُ الأكوعِ رضي الله عنه: فأمسكَ أحدُ الفريقَينِ بأيديهِمْ، فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «ما لَكُمْ لا تَرمونَ؟»، قالوا: كيفَ نَرْمي وأنتَ مَعَهُمْ؟ قالَ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «ارْموا، فأَنا مَعَكُمْ كُلُّكُمْ».
    • ينتضِلونَ: أَيْ يتسابقونَ في الرَّمْيِ.
  • تحقيقُ العدالةِ المجتمعيةِ: جعلَ الإسلامُ الناسَ سواسيةً في حقوقِهِمْ وواجباتِهِمْ، وعَدَّ مِنْ أعمالِ الدولةِ الأساسيةِ رعايةَ حصولِ الناسِ عَلى حقوقِهِمْ وأداءِ واجباتِهِمْ بعدالةٍ وتكافؤٍ للفرصِ، ومَتى وُجِدَتِ العدالةُ أصبحَ الإنسانُ متوازنًا في تصرفاتِهِ غيرَ ساخطٍ عَلى غيرِهِ، قالَ تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا).
  • سيادةُ القانونِ: الجميعُ أمامَ القانونِ وعندَ المساءلةِ سواءٌ؛ لذِا شرعَ الإسلامُ العقوباتِ الدنيويّةَ الزاجرةَ لِفظِ الإنسانِ وكرامتِهِ مِنَ الاعتداءِ، قالَ تعالى: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).
  • نَشرُ ثقافةِ الرفقِ والحوارِ والتسامحِ في المجتمعِ: إنَّ التعاملَ مَعَ الإنسانِ المخطئِ بصورةٍ إيجابيةٍ عَنْ طريقِ الحوارِ والتسامحِ، تُسهمُ في معالجةِ ما يقعُ منهُ مِنْ خطأٍ، وتعزيزِ سلوكاته الصحيحةِ وتعديلِ غيرِ الصحيحةِ، وتحثُّهُ عَلى التزامِ آدابِ الحديثِ، والإنصاتِ الفاعلِ، والتعبيرِ عَنِ الآراءِ والمشاعرِ بصورةٍ صحيحةٍ، ومن ثمَّ يصبحُ أكثرَ استجابةً وفاعليةً في أُسرَتِهِ ومجتمعِهِ.

ويقعُ عَلى العلماءِ والمتخصصينَ واجبُ توعيةِ الناسِ حولَ أهميّةِ الحوارِ والعَفوِ والتسامحِ، وبيانِ النصوصِ الشرعيةِ الّتي تدعو إلى ذلكَ، كقولِهِ تعالى: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)، وقولهِ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ رَفيقٌ يحبُّ الرفقَ، ويُعطي عَلى الرفقِ ما لا يُعطي على العُنفِ، وما لا يُعطي عَلى ما سِواهُ».

 

أستزيد

  • يُعَدُّ التعصّبُ للآراءِ والأعرافِ والعاداتِ والتقاليدِ واللونِ والجنسِ، أحدَ أسبابِ العنفِ المجتمعيِّ، وقَدْ يؤدّي الدفاعُ عَنها بتعصّبٍ إلى الاتجاهِ نحوَ العنفِ في المجتمعِ؛ بهدفِ فرضِ الرأيِ بقوّةٍ على الآخَرينَ، وهذا يشيرُ إلى جُودِ المتعصِّب، فلا يسمحُ لنفسِهِ بالحوارِ مَعَ الآخَرينَ؛ لأنَّهُ يَرى نفسَهُ عَلى الحقِّ دونَ غيرِهِ. ويُعَدُّ الثأرُ أيضًا مِنَ العنفِ المجتمعيِّ الّذي حاربَهُ الإسلامُ، وهوَ أنْ يقتلَ أقاربُ القتيلِ القاتلَ نفسَهُ أَوْ أحدَ أقاربهِ؛ انتقامًا لأنفسِهِمْ دونَ أَنْ يترُكوا للدولةِ حَقَّ إقامةِ القِصاصِ الشرعيِّ.

 

أَرْبِطُ مَعَ السيرةِ النبويةِ

  • واجهَ سيّدُنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أثناءَ تربيةِ أصحابهِ رضي الله عنه بعضَ مظاهرِ العنفِ المجتمعيِّ، فعالجَها بحكمةٍ، ومِنْ ذلكَ أنَّ أبا ذرٍّ وبلالً رضي الله عنهما تغاضَبا وتَسابّا، حتّى قالَ أبو ذرٍّ لبلالٍ: يا ابنَ السّوداءِ. فشكاهُ بلالٌ رضي الله عنه إلِى النّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقالَ لأبي ذرٍّ رضي الله عنه: «أعَيّرْتَهُ بأُمِّهِ؟ إنَّكَ امرؤٌ فيكَ جاهليّةٌ».