مدرسة جواكاديمي

هنا يمكنك تصفح مدرسة جو اكاديمي، المنهاج، اسئلة، شروحات، والكثير أيضاً

من روائعِ حضارتِنا: المنجزاتُ العلميّةُ

التربية الإسلامية - الصف العاشر

الفكرة الرئيسة:   

أسهمتِ الحضارةُ الإسلاميّةُ في تقدّم كثيرٍ من العلومِ الطبيعيّةِ والتّطبيقيّةِ، وذلك بِفِعلِ عواملَ متعددةٍ حَفَّزَتِ العلماءَ المسلمينَ تجاهَ الإبداعِ والابتكارِ في مجالاتٍ علميّةٍ متعددةٍ، وقَدْ شهِدَ عددٌ كبيرٌ من علماءِ الغربِ لحضارتنا الإسلاميّة بالتفوّقِ العلميِّ.

 

مفهوم الحضارة

هي المنجزاتُ الماديّةُ والمعنويّةُ في مجالاتِ الحياةِ جميعِها؛ الفكريّةِ والاجتماعيّةِ والاقتصاديّةِ والسياسيّةِ والعلميّةِ والفنيّةِ.

 

أولًا: مفهومُ المنجزاتِ العلميّةِ للحضارةِ الإسلاميَّةِ

هي إسهاماتُ عُلماءِ المسلمينَ وإبداعاتُهم في مجالاتِ العلومِ الطبيعيّةِ والتطبيقيّةِ، مثلِ: الطِّبِّ، والهندسةِ، والصِّناعةِ، وغيرِ ذلكِ.

 

ثانيًا: عواملُ ازدهارِ الحركةِ العلميّةِ في الحضارةِ الإسلاميّةِ

 أَسهمتِ الحضارةُ الإسلاميّةُ في تقدّمِ البشريّةِ في مجالاتٍ حضاريّةٍ إبداعيّةٍ عدّةٍ، من أَبرزِها: المجالُ العلميُّ، وقد أسهمتْ مجموعةٌ من العواملِ في ازدهارِ الحركةِ العلميةِ في الحضارةِ الإسلاميةِ، ومَنْ أَهمِّها:

أ. حَثُّ الإسلامِ على العلمِ، وجَعْلُهُ لتعلُّمِ العلومِ النافعةِ ثوابًا مستمرًا لا ينقطعُ بموتِ الإنسانِ، قالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إذِا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إلِاَّ مِن ثَلَاثَةٍ: إلِاَّ مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بهِ، أوَ وَلَدٍ صَالِح يَدْعُو له » [رواه مسلم]، كما جَعلَ الإِسلامُ للعلماءِ منزلةً رفيعةً، ودعا إلى الاهتمامِ بهمْ، وإنزالِهمُ المنزلةَ التي تليقُ بهمْ، قالَ تَعالى: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ [المجادلة:11].

ب. اتِّباعُ المنهجِ التجريبيِّ، وذلكَ في ما يخضعُ للاختبارِ والتجربةِ منْ مسائلِ العلومِ، قالَ تعالى: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ  إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا]الإسراء: 36 [، فالعالِمُ الرازي مثلاً عندما أرادَ اختيارَ مكانٍ مناسبٍ لمستشفًى، قامَ بوضعِ قطعٍ من اللَّحمِ في أماكنَ مُتعدّدةٍ، وراقبَ صلاحيَّةَ اللَّحمِ في تلكَ الأماكنِ، فاستقرَّ رأيهُ على إقامةِ المستشفى في المكانِ الذي بقيتْ فيهِ قطعةُ اللَّحمِ صالحةً لمُدّةٍ أطولَ؛ ما أَرشدهُ إلى أَنسبِ الظُّروفِ المحيطةِ لإقامةِ المستشفى، فكان بحثُه قائمًا على التجرِبةِ والملاحظَةِ.

ج. حركةُ التَّرجمةِ: فقدِ اهتمَّ المسلمونَ بترجمةِ مُصنّفاتِ من سبقهُم من علماءِ الأممِ المختلفةِ، مثلَ اليونانِ، والهنودِ، والفرسِ، وأخذوا منها ما يصلُحُ لهُمْ، وطوّروها وزادوا عليها.

د. عنايةُ الخُلفاءِ والحكامِ المسلمينَ بالعِلمِ والعُلماءِ، وتقديرُ دورِهمْ وتحفيزُهم على البحثِ العلميِّ، وتخصيصُ الأموالِ اللّازمةِ لذلكَ.

 

ثالثًا: مجالاتُ المنجزاتِ العلميّةِ في الحضارةِ الإسلاميَّةِ

أ . مجالُ الطبِّ:

بَرَزَ عددٌ من المنجزاتِ العلميّةِ للعلماءِ المسلمينَ في مجالِ الطِّبِ، منها:

1) عِلمُ الجراحةِ: العلماء المسلمونَ هم أَوَّلُ مَن وَضعَ منهجًا علميًّا لممارسةِ العملِ الجراحيِّ، وقد طوّروا أَدواتِ الجراحةِ واخترعوا بعضًا منها، فقد أَسهَمَ أَبو القاسمِ الزّهراويّ في جعلِ الجراحةِ علمًا مستقلًّا، كما أَجرى عمليّاتٍ جراحيّةً دقيقةً، واخترعَ خيوطَ الجراحةِ وبعضَ الآلاتِ التي جرى تحديثُها حتى استعملَها الجرّاحونَ في وقتِنا الحاضرِ.

2)  عِلمُ الدمِ: اكتشفَ الطَّبيبُ ابنُ النَّفيسِ الدَّورةَ الدَّمويةَ في الجسمِ.  

3)  طبُّ العيونِ: دَرَسَ الحسنُ بنُ الهيثمِ تشريحَ العينِ ورَسَمَها بوضوحٍ، ووضعَ أسماءً علميَّةً دقيقةً لأجزائِها، وكان لجهوده دورٌ في دراسةِ العينِ وفهمِ وظائفِها.

 

 

ب ـ مجالُ الهندسةِ الإنشائيّةِ:

أَبدعتِ الحضارةُ الإسلاميّةُ في بناءِ المدُن، والمساجدِ، والقلاعِ، والحصون وِفقَ معاييرَ هندسيّةٍ، ومِنْ مظاهرِ الإبداعِ في العمارةِ الإسلاميّةِ:

1)  تصميمُ بعضِ الأبنيةِ على نمطٍ يُراعي خطرِ الزلازلِ، وبناءُ القِبابِ على بعضِ الأبنيةِ؛ للمساعدةِ على امتصاصِ الصدماتِ العنيفةِ، وهو ما أدى إلى صمودِ قصرِ الحمراءِ الأندلسيِّ في إسبانيا بالرغمِ من تعرّضهِ للاهتزازاتِ المُدمِّرة مرارًا.
2)  مراعاةُ الجوانبِ العسكريّةِ، ومِنَ الأَمثلةِ على ذلكَ: قلعةُ عجلونَ، حيث يحيطُ بها خندقٌ يمثِّلُ خَطَّ الدفاعِ الأوّل للقلعةِ، كما تضمُّ سبعةَ أبراجٍ بهدفِ المراقبةِ وصدِّ هجماتِ الأعداءِ.

ج . مجالُ الرياضياتِ:

أضافَ العلماءُ المسلمونَ كثيرًا من التطبيقاتِ الحسابيةِ، فهُم أَوَّلُ مَنْ أَدخلَ النظامَ العشريَّ في العددِ، كما وضعَ الخوارزميُّ أُسُسَ علمِ الجبرِ والخوارزميّاتِ.

  

 

د . مجالُ الكيمياءِ:

أسهمَ العلماءُ المسلمونَ في وضعِ أُسُسِ علمِ الكيمياء بما كانوا يهيّئونهُ مِنْ مستحضراتٍ كيماويّةٍ استُعمِلت في صناعاتٍ شتّى، مثلَ صناعةِ الصابونِ، والأصبغةِ، والأدويةِ، حتى أُطلِق لقبُ (أبو الكيمياءِ) على العلّامةِ المُسلمِ جابرِ بنِ حيّان.

هـ. مجالُ الصناعاتِ:

برعَ المسلمونَ في صناعاتٍ متعددةٍ، ومِنْ ذلكَ:

  • صناعةُ الساعةِ الدقّاقةِ التي أرسلَها الخليفةُ هارونُ الرشيدُ إلى ملكِ فرنسا، وهي ساعةٌ مائيّةٌ تدقُّ كلَّ ساعةٍ بسقوطِ كراتٍ نحاسيّةِ على قرصٍ معدنيٍّ.
  • صناعةُ أَوّلِ قَلمِ حبرٍ؛ حيثُ صنعَ عباسُ بنُ فرناسَ أُسطوانةً متصلةً بحاويةٍ صغيرةٍ، يتدفقُ عبرَها الحبرُ إلى نهايةِ الأسطوانةِ المتصلةِ بحافّةٍ مدبّبةٍ للكتابةِ.
  •  وَضعَ العالمِ الحسنُ بنُ الهيثمِ مبادئَ عمَلِ آلةِ التصويرِ، التي سمّها ب(القُمْرةِ)، وقدْ طَبَّقَ العلماءُ المعاصرونَ هذهِ المبادئَ، وأطلقوا عليها الاسمَ الذي اختارهُ لها ابنُ الهيثمِ.
 

 

أستزيد

اعترفَ المنصفونَ مِنْ عُلماءِ الغربِ بأَثرِ الجانبِ العلميِّ مِنَ الحضارةِ الإسلاميةِ في حضارةِ العالمِ المعاصرةِ، ومِنَ أَمثلةِ ذلكَ:

1) قولُ المؤَرِّخِ الفرنسيِّ روبرت بريفولت في كتابِهِ (بناء الإنسانية): "ليس ثمَّة مظهرٌ واحدٌ من مظاهرِ الحياةِ الأوروبيّةِ إلَّا ويعودُ فيهِ الفضلُ للمسلمينَ بصورةٍ قاطعةٍ"       

2) قولُ الكاتبةِ الألمانيةِ زيجريد هونكه في كتابِها (شمسُ العربِ تسطعُ على الغربِ) عَنِ المسلمينَ: "إنهم مؤسِّسو الطرائقِ التجريبيّةِ في الكيمياءِ والطبيعةِ والحسابِ والجبرِ والجيولوجيا وحسابِ المُثلّثاتِ وعلمِ الاجتماعِ، بالإضافةِ إلى عددٍ لا يُحصى من الاكتشافاتِ والاختراعاتِ الفرديَّةِ في فروعِ العلومِ المختلفةِ ".  

 

 

أربط مع التاريخ

يُعرفُ عباسُ بنُ فرناسَ بوصفِهِ أَوَّلَ مَنْ حاولَ الطَّيرانَ في التّاريخِ، حيثُ صنعَ لنفسهِ جناحينِ مقلدًا الطُيور، وطارَ مُدّةً مِنَ الزَّمنِ بالقربِ مِنْ قصرِ الرُّصافَةِ في قرطبةَ، إلا أَنَّه أَخفقَ في عمليّةِ الهبوطِ بسلامٍ رغمَ نجاحِ تجربةِ الطَيرانِ لمسافةٍ جيدةٍ، فسقطَ وأصيبَ ببعضِ الجروحِ، وبقيت تجربتهُ هذهِ علامةً مهمّةً، وألهمتِ الكثيرينَ ليواصلوا هذا المشروعَ المهمَّ في سبيلِ أنْ يرتادَ الإنسانُ آفاقَ الفضاءِ ويصنعَ الطائراتِ الحديثةَ.