مدرسة جواكاديمي

هنا يمكنك تصفح مدرسة جو اكاديمي، المنهاج، اسئلة، شروحات، والكثير أيضاً

من خصائص التشريع الإسلامي (المرونة)

التربية الإسلامية - الصف العاشر

الفكرة الرئيسة:

يمتازُ التّشريعُ الإساميُّ بالمرونةِ، التي تتمثُّل في استيعابِ تطوّرِ الحياةِ وتحقيقِ مصالحِ النَّاسِ، والتَّعاملِ مع تَغَير  الظُروفِ حَسبَ اختلافِ الزّمانِ والمكانِ.

 

 

 

 

 

اتهيأ وأستكشف

  • عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه شَهِد النبي يَخطبُ يوم النّحر، فقام إليه رجلٌ فقال: كنت أحسب أنّ كذا قبل كذا، ثم قام آخر فقال: كُنت أحسبُ أنّ كذا قبل كذا، حَلَقْتُ قبل أنْ أنْحر، نَحَرْتُ قبل أنْ أرمي، وأشباهَ ذلك، فقال : (افْعَلْ ولا حَرَجَ)، لهنّ كُلّهن، فما سُئل يومئذٍ عن شيء إلا قال: (افْعَلْ ولا حَرَجَ).
  • أستنتجُ مما سبق سمة التشريع الواردة في الحديث وهي المرونة .

 

إضاءةٌ

  • تنطلقُ خصائص التّشريع الإسلاميّ جميعها من ربانيّة مَصْدَره، فالله ُ سبحانه وتعالى عليمٌ بما يُحقّقُ لعباده الهِداية والرّحمة.
  • يتّصف التّشريع الإسلاميّ بمجموعة من الخصائص التي تكفلُ للناس دوام تحقيق مصالحهم، ومن هذه الخصائص؛ المرونة.

 

أولًا: مفهوم المرونة في التشريع الإسلامي

هي قدرة الشريعة الإسلامية على الاستجابة لحاجات النّاس المُتجدّدة في الجوانب المختلفة جميعها، ضمن قواعد الشّريعة ومبادئها .

 ويستندُ اتّصاف التّشريع الإسلاميّ بالمرونة على مجموعة من المبادئ، منها:

أ. الرحمة، قال تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء:107].

ب. اليُسر ورفع الحرج، قال تعالى: ﴿ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ﴾ [المائدة:6].

 

ثانيًا: الشّريعة الإسلامية بين الثّبات والمرونة:

تقسم الاحكام الشرعية من حيث الثبات و المرونة إلى :

  • 1) أحكام ثابتة لا تتغير في الشريعة بتغير الزمان والمكان،
    • ومثالها: ما يتعلّق بأصول الإيمان وأركان الإسلام، وأصول العبادات، ومكارم الأخلاق.
  • 2) أحكام قابلة للتكيّف مع المستجدّات بما لا يتنافى مع الثوابت الأصلية والمبادئ الكليّة في الشريعة الإسلامية،
    • وذلك في الفروع والجزئيات التي تتغير بتغيّر أحوال المكلّفين، ومن أمثلة ذلك: زكاة الفطر التي بيّنَ سيّدُنا رسول الله أنّها تُخرَجُ من غالب طعام أهل البلدِ؛ فعن عبدالله بن عمرَ رضي الله عنهما قال: (فرضَ رسول الله  زكاة الفِطر منْ رمضان صاعًا منْ تَمرٍ، أو صاعًا من شَعيرٍ)..
    • وذهب بعض الفقهاء إلى جواز إخراج قيمتها نقدًا؛ لأنّه أنفعُ للفقراء، وأقدرُ على سد حاجاتهم في يوم العيد؛ إذ لم تُعد مقتصرة على الطعام فقط، وقد استندوا في اجتهادهم بما فعله سيدنا معاذ بن جبل رضي الله عنه مع أهل اليمن؛ إذ قال لهم عندما أراد أخذ الزكاة منهم: (ائتوني بعرض ثياب خميص أو لبيس في الصّدقة مكان الشّعير والذُّرة أهون عليكم، وخير لأصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم بالمدينة).

 

ثالثًا: جوانبُ المرونة في الإسلام

تتمثّلُ مرونةُ التشريع الإسلاميّ في جوانب عدة، منها:

أ. فهم النّصوص الشّرعية:

قد يحتمل النصّ الشّرعي دلالات مُتعددة، فتختلف الآراء في تحديد الوجه المراد منه، ومثالهُ: (أنَّ سيّدنا رسول الله قال يوم الأحزاب: لا يُصلِّيَنَّ أحَدٌ العَصْرَ إلّا في بَنِي قُريظَةَ. فأدْرك بعضُهم العَصْرَ في الطّريق، فقال بعضُهم: لا نُصلّي حتى نأتِيَهَا، وقال بعضُهم: بلْ نُصلّي، لَمْ يُرِدْ منّا ذلك، فذُكر ذلك للنّبيّ ، فلم يُعنّف واحدًا منهم) [متفق عليه]. فَفهم بعضُ الصّحابة رضي الله عنهم أنّ سيّدنا رسول الله أمر بتأخير صلاة العصرِ حتى وصولهم إلى حصن بني قريظةَ، ومنهم من فهم أنّ المراد بالحديث النّبويّ الشّريف إنّما هو الاستعجالُ بالخُروج إلى المعركة لا تأخيرَ الصّلاة، وأقرّ سيّدُنا رسول الله كلّ فريق منهم على اجتهاده.

 

ب. مُراعاة ظروف النّاس:

تبرزُ مرونة التشريع الإسلامي في مراعاة ظروف النّاس وتغير أحوالهم، مثل: إباحة الرُّخص الشرعيّة في حال وقوع الأعذار التي تجعلُ في أداء بعض التكاليف الشّرعيّة مشقّةً، مثالهُ: جواز الإفطار في نهار رمضان للمُسافر، قال تعالى: ﴿ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ومَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة:185].

 

ج. وسائل تطبيق الأحكام الشّرعية:

قد تتطوّر وسائل تطبيق الأحكام بتغيّر الزّمان والمكان، والشّريعة الإسلاميّة تراعي هذا التطوّر ما دام مُفضيًا إلى الغاية التي أرادها، وهي تطبيقُ الحكم الشّرعيّ، وذلك مثل آليّة تطبيق مبدأ الشّورى الذي يُعدُّ أساسًا من أُسس الحكم في الإسلام، حيثُ لم تَفرض الشّريعة صورة معينة لتطبيقه، بل تركت ذلك بحسب تجدد الظّروف والزّمان.

 

رابعًا: آثار المرونة في التّشريع الإسلاميّ

تظهر آثار اتّصاف التّشريع الإسلامي بالمرونة في نواح متعددة، من أبرزها:

  • مقدرة الناس على مُمارسة عباداتهم ومعاملاتهم، مهما تغيّرت ظروفُهم وأحوالُهم.
  • إفساحُ المجال للاجتهاد عن طريقِ النّظر والتفكُّر في ما يَصلُح لحياة الناس وأمور دُنْياهم في ما لم يرد فيه نصٌّ، وفق قواعد الاجتهاد الفقهيّ.

 

صورة مشرقة

أصاب النّاس في الجزيرة العربية في سنة الرّمادة مجاعةٌ شديدةٌ، فلم يَقُم الخليفة عمرُ بن الخطاب بتطبيق حدّ السرقة؛ بحُجّة أنْ منْ يأخذ شيئًا مملوكا لغيره بسبب شِدة الجوع، وعجْزه عن الحصول على الطّعام يكون غيرَ مختارٍ، فلا يقصدُ السّرقة..

 

أستزيدُ

كانت للإمام الشّافعيّ رحمهُ الله فتاوى فقهيّة مُدةَ إقامته في العراق، لكنّه أعاد النظر في تلك الفتاوى بعد رحليه إلى مصَر؛ لاطّلاعهِ على أدّلة شَرعيّة جديدة ولتغيّر الظّروف بين أهلِ البلدين، ولم يتعصّبْ لفتاويه الاجتهادية القديمة.

 

أربط مع العلوم

التّكيّف في علم الأحياء: هُوَ الخاصّيّة الّتي أودعها الله تعالى في الكائن الحيّ، بحيث يصبحُ قادرا على التعايُش مع البيئة المحيطة به على اختلاف أحوالها، ويُشير مصطلح التّكيف إلى خَصلة ذات دورٍ وظيفيّ في حياة الكائنات الحّية؛ إذْ يزيدُ التكيّف منْ فُرص بقائِها وقُدرتِها على التعامل مع اختلاف الظروف البيئية عن طريق الشجرة الجينّية التي خلقها الله تعالى في هذه الكائنات.