محمد عليّ باشا (1769م-1849م)
أولًا: حياتُهُ ونشأتُهُ
وُلِدَ محمد عليّ باشا عامَ 1769م في مَقدونيا اليونانيةِ لأسرةٍ من أصولٍ ألبانيةٍ، وجُنِّدَ في الجيشِ العثمانيِّ الذي ترقّى فيهِ إلى رُتبةٍ قياديةٍ عاليةٍ، وقَدِمَ ضمنَ الفرقةِ العسكريةِ العثمانيةِ التي أُرْسِلَتْ إلى مصرَ؛ بهدفِ تخليصِها من الاحتلالِ الفرنسيِّ عامَ 1801م. وبعدَ جلاءِ الفرنسيينَ عن مصرَ، برزَ محمد عليّ باشا بوصفِهِ قوّةً فاعلةً في الصراعِ على السلطةِ فيها
وقد عانَتْ مصرُ الفوضى والاضطراباتِ بعدَ جلاءِ الفرنسيينَ عنها؛ بسببِ الصراعِ على السلطةِ الذي استمرَّ أربعَ سنواتٍ تقريبًا، واغتنمَ محمد عليّ باشا هذهِ الظروفَ واستطاعَ كسبَ أعيانِ مصرَ وعلماءِ الأزهرِ إلى جانبِهِ، فطلبوا إلى البابِ العالي تعيينَهُ واليًا على مصرَ خَلَفًا لقائدِ الحَملةِ العثمانيةِ خورشيد باشا.
استأثرَ محمد عليّ باشا بالسلطةِ في مصرَ، وسعى إلى التخلّصِ من المماليكِ الذينَ اعتادوا احتكارَ السلطةِ والثروةِ فيها، فدعاهُمْ إلى حفلٍ تكريميٍّ في قلعةِ القاهرةِ عامَ 1811م؛ لتوديعِ الحَملةِ المصريةِ المُعَدَّةِ للقضاءِ على الحركةِ الوهابيةِ في شِبْهِ الجزيرةِ العربيةِ، وأجهزَ عليهِمْ جميعًا، وبذلكَ استفردَ بالسلطةِ.
أتحقّقُ من تعلُّمي:
|
السببُ: التخلص من المماليك الذين اعتادوا السلطة والثروة فيها |
|
النتيجةُ: حظيَ محمد عليّ باشا بحكمِ مصرَ. |
ثانيًا: بناءُ الدولةِ المصريةِ الحديثةِ
بعدَ أنْ تولّى محمد عليّ باشا حكمَ مصرَ عامَ 1805م، سعى إلى بناءِ دولةٍ حديثةٍ، وأقدمَ على الإجراءاتِ والإصلاحاتِ الآتيةِ:
1 – في الإدارةِ
نظم محمد علي باشا إدارة مصر؛ بهدفِ إحكامِ سيطرتِهِ على البلادِ، عن طريقِ:
أ- إنشاءِ حكومةٍ مركزيةٍ مقرُّها القلعةُ تُصْدِرُ الأوامرَ للنظامِ الإداريِّ.
ب- تقسيمِ البلادِ إلى سبعِ مديرياتٍ، وكلُّ مديريةٍ إلى مراكزَ، وكلُّ مركزٍ إلى أقسامٍ تضمُّ عدّةَ قُرًى.
ج- إنشاءِ مجالسَ ودواوينَ تُعاوِنُهُ على إدارةِ شؤونِ الحكمِ، مثلِ: مجلسِ المشورةِ، والديوانِ العالي.
أتحقّقُ من تعلُّمي:
- أبيّنُ سببَ اهتمامِ محمد عليّ باشا بالتنظيمِ الإداريِّ.
بهدف إحكام سيطرته على البلاد.
2- في الاقتصادِ:
ركّزَ محمد عليّ باشا في سياستِهِ الاقتصاديةِ على الاكتفاءِ الذاتيِّ وعدمِ الاستيرادِ من الخارجِ، وعلى بناءِ الصناعاتِ الحديثةِ، وعلى أن تكونَ صادراتُ مصرَ أكثرَ من وارداتِها، فحدّدَتِ الدولةُ أنواعَ الغِلالِ والصناعاتِ وسعرَ البيعِ والشراءِ للمنتوجاتِ المصريةِ؛ لتمكينِها من المنافسةِ في أسواقِ التجارةِ الدَّوْلِيَّةِ.
ولمعرفةِ إنجازاتِ محمد عليّ باشا في المجالاتِ الاقتصاديةِ، ما يأتي:
|
الزراعةُ
|
|
الصناعةُ
- إقامةُ مصانعِ الغَزْلِ والنسيجِ والورقِ والحريرِ والسّكّرِ. - الاهتمامُ بترجمةِ الكتبِ الحديثةِ الخاصةِ بالصناعةِ. - إنشاءُ مصانعَ عسكريةٍ عديدةٍ؛ بهدفِ سَدِّ حاجاتِ الجيشِ المصريِّ من الأسلحةِ والملابسِ. - استقدامُ الخبراءِ الأوروبيينَ إلى مصرَ. - إرسالُ البعثاتِ العلميةِ المصريةِ إلى أوروبا. |
|
التجارةُ
|
أتحقّقُ من تعلُّمي:
- أبيّنُ تطبيقَ محمد عليّ باشا سياسةَ الاكتفاءِ الذاتيِّ.
ركّزَ محمد عليّ باشا في سياستِهِ الاقتصاديةِ على الاكتفاءِ الذاتيِّ وعدمِ الاستيرادِ من الخارجِ، وعلى بناءِ الصناعاتِ الحديثةِ، وعلى أن تكونَ صادراتُ مصرَ أكثرَ من وارداتِها، فحدّدَتِ الدولةُ أنواعَ الغِلالِ والصناعاتِ وسعرَ البيعِ والشراءِ للمنتوجاتِ المصريةِ؛ لتمكينِها من المنافسةِ في أسواقِ التجارةِ الدَّوْلِيَّةِ.
- أفسّرُ ارتباطَ النهضةِ الصناعيةِ في عهد محمد عليّ باشا بالنهوضِ بالجيشِ.
انشاء مصانع عسكرية عديدة بهدف سد حاجات الجيش المصري من الاسلحة والملابس
*أتحقق من تعلمي:
|
السببُ: ازدهار الزراعة والصناعة |
|
النتيجةُ: ازدهارُ التجارةِ الداخليةِ والخارجيةِ في عهدِ محمد عليّ باشا. |
3- في التعليمِ والثقافةِ
اهتمَّ محمد عليّ باشا بالتعليمِ والثقافةِ؛ لحاجتِهِ إلى الموظفينَ المختصّينَ للعملِ في المصانعِ، والوظائفِ، والجيشِ، والأسطولِ، عن طريقِ:
- إنشاءِ المدارسِ الحديثةِ وكلّيّاتِ الطبِّ والهندسةِ والزراعةِ.
- تأسيسِ دارِ الألْسُنِ عامَ 1835م؛ لتعليمِ اللغاتِ الحديثةِ والترجمةِ إلى اللغةِ العربيةِ.
- إرسالِ البعثاتِ العلميةِ المصريةِ إلى أوروبا، ولا سيّما فرنسا وإيطاليا، وكانَ من أبرزِ أعضاءِ هذهِ البعثاتِ: رِفاعةُ الطَّهطاويُّ، وعليُّ مباركُ.
- الاستعانةِ بالمدرّسينَ الأجانبِ؛ للتعليمِ في المدارسِ، والإسهامِ في حركةِ الترجمةِ إلى اللغةِ العربيةِ.
- إنشاءِ المطبعةِ الأميريةِ في بولاقَ؛ لطباعةِ الكتبِ الأدبيةِ والمدرسيةِ، وإصدارِ الصُّحُفِ، فصدرَتْ أولُ صحيفةٍ رسميةٍ في مصرَ (صحيفةُ الوقائعِ المصريةِ) عامَ 1828م.
أتحقّقُ من تعلُّمي:
- لِمَ استعانَ محمد عليّ باشا بالمدرّسينَ الأجانبِ؟
للتعليمِ في المدارسِ، والإسهامِ في حركةِ الترجمةِ إلى اللغةِ العربيةِ.
* السبب والنتيجة:
السببُ: حاجة محمد علي إلى الموظفين المختصين للعمل في المصانع والوظائف والجيش والأسطول
النتيجةُ: اهتمَّ محمد عليّ باشا بالتعليمِ والثقافةِ.
- – في الجيشِ والأسطولِ:
أدركَ محمد عليّ باشا أنَّ نجاحَ مشروعاتِهِ الداخليةِ والخارجيةِ ترتبطُ بالجيشِ والأسطولِ؛ لذا بدأَ في بناءِ قوّةٍ عسكريةٍ على الطرازِ الأوروبيِّ الحديثِ، فعملَ على:
*أتحقق من تعلمي:
السبب: صناعة السفن
النتيجة:أسس محمد علي باشا ترسانة بحرية
- في النقلِ والمواصلاتِ:
اهتمَّ محمد عليّ باشا بالنقلِ؛ نظرًا لموقعِ مصرَ الذي يربطُ بينَ قارّاتِ العالمِ القديمِ، ووقوعِها على البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، ومرورِ نهرِ النيلِ وفروعِهِ في وسطها، وذلك بِـ:
- تمهيدِ الطرقِ البرّيّةِ والبحريةِ، والاهتمامِ بالموانئِ الصغيرةِ.
- بناءِ أساطيلَ في البحرِ الأبيضِ المتوسطِ والبحرِ الأحمرِ.
- توطيدِ الأمنِ في السواحلِ المصريةِ على البحرِ الأبيضِ المتوسطِ والبحرِ الأحمرِ.
*أتحقق من تعلمي:
السبب: موقع مصر الذي يربط بين قارات العالم القديم ووقوعها على البحر المتوسط والبحر الأحمر ومرور نهر النيل وفروعه في وسطها.
النتيجة: اهتم محمد علي باشا بالنقل
أستنتج أهمية بناء الأسطول.
السيطرة على البحر المتوسط والبحر الأحمر وعلى التجارة العالمية.
- في العمارةِ:
أولى محمد عليّ باشا اهتمامًا بالعمارةِ، فطوّرَ المدنَ والقُرى المصريةَ، وبنى قصرَ الجوهرةِ في القلعةِ ومسجدًا باسمِهِ فيها.
ثالثًا: حَملاتُ محمد عليّ باشا وحروبُهُ
سعى محمد عليّ باشا إلى توسيعِ نفوذِهِ والانفصالِ عن الدولةِ العثمانيةِ والاستقلالِ بمصرَ؛ لذا خاضَ حروبًا عدّةً، من أشهرِها:
- الحروبُ في شِبْهِ الجزيرةِ العربيةِ (1811م-1819م):
انتهَتْ هذهِ الحروبُ بانتصارِ محمد عليّ باشا، والقضاءِ على الدولةِ السعوديةِ الأولى.
- الحروبُ في السودانِ (1820م-1822م):
توسّعَ محمد عليّ باشا جنوبًا، فغَزا السودانَ وسيطرَ عليها، وأنشأَ مدينةَ الخرطومِ، وبلغَتْ قوّاتُهُ في تقدُّمها منابعَ النيلِ في أفريقيا.
- الحروبُ في اليونانِ (1822م-1828م):
استعانَ السلطانُ العثمانيُّ بمحمد عليّ باشا في حربِهِ على اليونانِ، فأرسلَ أسطولًا مصريًّا كبيرًا شاركَ في معركةِ نفارينَ البحريةِ التي دمّرَ فيها اليونانيونَ وحلفاؤُهُمُ الأوروبيون الأسطولينِ: العثمانيَّ، والمصريَّ، سنةَ 1827م.
- الحَملةُ العسكريةُ على بلادِ الشامِ (1831م-1839م):
اغتنمَ محمد عليّ باشا ضعفَ الدولةِ العثمانيةِ في أعقابِ هزيمتِها في اليونانِ، وقرّرَ احتلالَ بلادِ الشامِ وضمَّها إلى ممتلكاتِهِ في مصرَ والسودانِ، فأعدَّ حَملةً عسكريةً بقيادةِ ابنِهِ الأكبرِ إبراهيم باشا الذي احتلَّ بلادَ الشامِ سنةَ 1831م، وتقدّمَ في الأناضولِ حتى أصبحَ على مسافةِ 400 كم من العاصمةِ العثمانيةِ إستانبولَ، وفيها وقعَتْ معركةُ كوتاهيه سنةَ 1831م التي هُزِمَ فيها الجيشُ العثمانيُّ.
سارعَتِ الدُّوَلُ الأوروبيةُ الكبرى لإنقاذِ الدولةِ العثمانيةِ من هيمنةِ محمد عليّ باشا عليها، فتصدَّتْ لَهُ، وأجبرَتْهُ على توقيعِ معاهدةِ لندنَ عامَ 1840م التي نصَّتْ على: سحبِ القوّاتِ المصريةِ من الأناضولِ وبلادِ الشامِ إلى مصرَ، وحَصْرِ ولايةِ مصرَ في أسرةِ محمد عليّ باشا، والإقرارِ بِضَمِّ السودانِ إلى مصرَ. وبذلكَ مُنِيَتْ مشاريعُ محمد عليّ باشا التوسعيةُ بالفشلِ؛ بسببِ تدخّلِ الدُّوَلِ الأوروبيةِ للحيلولةِ دونَ قيامِ دولةٍ حديثةٍ وقويّةٍ في الوطنِ العربيِّ.
أتحقّقُ من تعلُّمي:
أتتبّعُ على الخطِّ الزمنيِّ الآتي تسلسلَ حروبِ محمد عليّ باشا الخارجيةِ:
|
(1811م-1819م) (1820م-1822م) ( 1822م-1828) (1831م-1839) الحروب في شبه الجزيرة العربية في السودان في اليونان بلاد الشام |
رابعًا: التدخّلُ الأوروبيُّ ونهايةُ محمد عليّ باشا
بعدَ انتصاراتِ محمد عليّ باشا وتوسّعِ نفوذِهِ، أدركَتِ الدُّوَلُ الأوروبيةُ الاستعماريةُ لا سيّما بريطانيا وفرنسا خطورةَ ذلكَ على مصالحِهِما؛ كونَهُ أصبحَ يمثّلُ خطرًا على التوازنِ الدَّوْلِيِّ، وأنَّ ذلكَ يتعارضُ معَ أطماعِهِما، فدخَلَتا في مفاوضاتٍ مَعَ السلطانِ العثمانيِّ سليمِ الثالثِ؛ لفرضِ ما تَرَياهُ مناسبًا من شروطٍ على محمد عليّ باشا، وانتهَتْ هذهِ المفاوضاتُ بعقدِ معاهدةِ لندنَ عامَ 1840م. ومن أهمِّ بنودِها:
أ- إعادةُ بلادِ الشامِ وشِبْهِ الجزيرةِ العربيةِ للسلطانِ العثمانيِّ.
ب- تثبيتُ محمد عليّ باشا على حكمِ مصرَ، وتبعيّتُهُ للسلطانِ العثمانيِّ.
بالمقابلِ أصدرَ السلطانُ العثمانيُّ فَرَمانًا عامَ 1841م ينصُّ على ولايةِ محمد عليّ باشا على مصرَ والسودانِ.
|
الفَرَمانُ: هوَ أمرٌ أو مَرْسومٌ يُصدِرُهُ السلطانُ العثمانيُّ حولَ سياسةِ الدولةِ العثمانيةِ، أو قراراتٌ تتعلقُ بشأنٍ من شؤونِ الدولةِ. |
أتحقّقُ من تعلُّمي:
|
السببُ: لإدراك الدول الأوروبية الاستعمارية خصوصاً وفرنسا خطورة محمد علي باشا على مصالحها |
|
النتيجةُ: دخلَتِ الدُّوَلُ الأوروبيةُ في مفاوضاتٍ مَعَ السلطانِ العثمانيِّ. |
- أعدّدُ بنودَ معاهدةِ لندنَ.
أ- إعادةُ بلادِ الشامِ وشِبْهِ الجزيرةِ العربيةِ للسلطانِ العثمانيِّ.
ب- تثبيتُ محمد عليّ باشا على حكمِ مصرَ، وتبعيّتُهُ للسلطانِ العثمانيِّ.
وفي عامِ 1847م تَدَهْوَرَتْ حالةُ محمد عليّ باشا الصحيةُ، فأنشأَ المجلسَ الخصوصيَّ برئاسةِ ابنِهِ ابراهيم باشا، وكلَّفَهُ إدارةَ شؤونِ البلادِ عامَ 1848م، ثمَّ تُوُفِّيَ محمد عليّ باشا بالإسكندريةِ عامَ 1849م، واستمرَّ حكمُ أسرتِهِ حتى إلغاءِ المَلَكيةِ وإعلانِ الجمهوريةِ في مصرَ عامَ 1952م.
أتحقّقُ من تعلُّمي:
السببُ: النتيجةُ: اهتمَّ محمد عليّ باشا بالنقلِ.
- أستنتجُ أهميةَ بناءِ الأسطولِ.
6- في العمارةِ:
أولى محمد عليّ باشا اهتمامًا بالعمارةِ، فطوّرَ المدنَ والقُرى المصريةَ، وبنى قصرَ الجوهرةِ في القلعةِ ومسجدًا باسمِهِ فيها.