مدرسة جواكاديمي

هنا يمكنك تصفح مدرسة جو اكاديمي، المنهاج، اسئلة، شروحات، والكثير أيضاً

كرامة الإنسان في الشّريعة الإسلاميّة

التربية الإسلامية - الصف المواد المشتركة أول ثانوي

التَّعلُّمُ القَبليُّ

كرّم الله تعالى الإنسان وفضّله على سائر المخلوقات، وشرع له جملة من التّشريعات والأحكام الّتي تحقّق إنسانيّته، وتمكّنه من القيام بواجب الاستحلاف الّذي كلّفه الله تعالى به، ومن ذلك:

  • تحريم الاعتداء عليه بالإهانة أو الضّرب أو القتل.
  • تحريم التعرّض لماله أو عرضه بالسوء والأذى.

 وبذلك تحفظ إنسانيّته وتتحقّق السّعادة للأفراد والمجتمع، ويسود الأمن والاستقرار.

 

الفَهمُ والتَّحليلُ

  • الكرامة: هي حقّ الفرد في أن تكون له قيمة وأن يحترم لذاته، وأن يعامل بطريقة أخلاقيّة.
  • ويتّسم المفهوم الإسلاميّ للكرامة الإنسانيّة بالعموم والشّمول قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ﴾ [الإسراء: 70]، فالتّكريم هنا مطلق للبشريّة جمعاء دون تمييز بسبب اختلاف دين أو لون أو عرق أو قدرة جسديّة أو عقليّة، ولذا وضع الإسلام التّشريعات الّتي تحفظ كرامة الإنسان.

 

أولاً: تكريمُ اللهِ تعالى الإنسانَ

يظهر تكريم الله تعالى الإنسان من خلال عدّة أمور، منها:

أ . أمر الله تعالى الملائكة بالسّجود لآدم عليه السلام تقديرًا وتكريمًا له، قال تعالى: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ ﴾ [طه: 116].

ب. ميّزه الله تعالى على سائر المخلوقات ومن ذلك أنه :

  • ميزه في شكله وجسمه، قال تعالى: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ [التين: 4].
  • منحه العقل والإرادة وحرّيّة الاختيار والقدرة على التّمييز بين الخير والشّر، والحقّ والباطل، قال تعالى: ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾ [البلد: 10].
  •  زوّده بالبيان والقدرة على التّعبير والإقناع، قال تعالى: ﴿خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾ [الرحمن: 3- 4].

ج. سخّر الله تعالى له الكون وجعله خليفة في الأرض، وكلّفه بعمارتها، والانتفاع المشروع بما فيها، قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَة﴾ [لقمان: 20 ].

د. علّم الله تعالى آدم أسماء الأشياء كلّها، قال تعالى: ﴿وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾ [البقرة: 31 ].

ه. كلّف الله تعالى الإنسان بعبادته واختّصه بحمل الرسالة وتبليغها، وهذ ميزة كرّم الله تعالى بها الإنسان، وهي جزء من أمانة الاستخلاف الّتي عرضها الله تعالى على السّماوات والأرض والجبال، قال تعالى: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ﴾ [الأحزاب: 72 ].

 

ثانيًا: مبادئ الإسلام لتحقيق الكرامة الإنسانية

أكّد الإسلام على مجموعة من المبادئ والقيم الكبرى الّتي تحقّق الكرامة الإنسانيّة، ومن ذلك:

أ. الحرّيّة، وهي حقّ من حقوق الإنسان الأساسيّة؛ فقد أعطى الإسلام الإنسان الحقّ في:

  • اختيار دينه وممارسة الشّعائر التّعبديّة وفق أحكام دينه.
  • اختيار عمله الّذي يناسبه.
  • أعطاه الحقّ في التّعبير وإبداء الرأيّ.
  • سعى الإسلام إلى تخليص الإنسان من الرّقّ والعبودية، وشرع الأحكام الّتي تنهي هذه الظاهرة، فجعل تحرير العبيد كفارة من الكفّارات لبعض المخالفات الشّرعيّة، وبابًا من أبواب الخير والأجر العظيم.
  • سميت الكفارات بهذا الاسم؛ لأنها تزيل الإثم والذنب، وهي تسهم في حفظ كرامة الإنسان من خلال علاج مجموعة من المشكلات الاجتماعية، وتحقيق التكافل الاجتماعيّ.

ب. العدل مع البشر جميعًا دون تمييز، بإعطاء كلّ ذي حقّ حقّه، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [المائدة: 8].

ج. المساواة بين النّاس جميعًا، من حيث الحقّ في الحياة والكرامة والدّين والعيش الكريم مهما كان دينهم أو لونهم أو عرقهم، قال تعالى:﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [الحجرات: 13 ].

 وبيّن الإسلام أنّ النّاس جميعهم من أصل واحد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجّة الوداع: «يا أَيَُّها النَّاسُ، أَلَا إنَِّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإنَِّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلاَ لاَ فَضْلَ لعَِرَبٍِّي عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلاَ لعَِجَمِيٍّ عَلَ عَرَبٍِيّ، وَلاَ أَحَْمرَ عَلَ أَسْوَدَ، وَلاَ أَسْوَدَ عَلَ أَحْمَرَ، إِلا بِالتَّقْوَى » [رواه أحمد].

د. تحقيق الكفاية الاقتصادية والعيش الكريم للإنسان، وتوفير فرص العمل المناسبة له بما يوفر له حاجاته الأساسية ولا يجعله عالة على غيره، قال تعالى: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ [القصص: 77 ].

هـ. توفير الأمن للإنسان في نفسه وماله وعرضه، وعدم الاعتداء عليه معنويًا بالشتم والسب وما شابه ذلك أو ماديًا بالضرب والإيذاء، قال تعالى: ﴿ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا﴾ [المائدة: 32 ].

 

 

صورة مشرقة

يُحكى أنّ امرأة قِبْطيّة من مصر أرسلت إلى أمير المؤمنين سيّدنا عمر بن الخطّاب رضي الله عنه في المدينة المنوّرة تشكو إليه أنّ والي مصر (عمرو بن العاص رضي الله عنه( قد هدم بيتها بغير رضاها، من أجل توسعة المسجد، فأرسل سيّدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه رسالة إلى عمرو بن العاص رضي الله عنه يسأله عن الأمر، فردّ بأنّ المسلمين كثروا وأصبح المسجد يضيق بهم، ودار هذه المرأة في جواره، وقد عرض عليها بيع دارها لتوسعة المسجد مع مضاعفة ثمنها لكنّها رفضت، مما اضطرّه إلى هدم دارها ووضع ثمنها في بيت المال لتأخذه متّى شاءت، فأرسل إليه سيّدنا عمر بن الخطّاب رضي الله عنه رسالة جاء فيها: "اهدمْ ما زاد من المسجد، ورُدَّ للقِبْطيّة دارها".

 

الإِثراءُ والتَّوسُعُ

  • جاء في الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان أنّ الكرامة الإنسانيّة حقّ لكلّ البشر، وهو ما يتّفق مع ما جاء في قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ ﴾ [الإسراء: 70 ].
  • وقد أكّد الإعلان العالميّ مبادئ الحرّيّة والعدل لكلّ النّاس، وهي المبادئ الّتي جاءت الشّريعة الإسلاميّة لتحقيقها في حياة النّاس.
  • وقد جاء في الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان: أنّ جميع النّاس يولَدون أحرارًا متساوين في الكرامة والحقوق، وهو ما يتطابق مع القول المشهور «متّى استعبدتم النّاس وقد وَلَدَتهم أمّهاتهم أحرارًا ».
  • كما نص القانون الأردني في مواد متعددة على حقوق الإنسان وكرامته في الفصل الثاني من الدستور وفي المواد ( 5- 23 ).