ضعف الدولة العباسية
أولاً: عوامل ضعف الدولة العباسية
تضافرت عدة عوامل أدت إلى ضعف الدولة العباسية منذ العهد الأول لخلفاء الدولة العباسية؛ فلم ينجح أبو العباس السفاح في فرض سلطاته على الأقاليم الإسلامية جميعها فبقت المغرب والأندلس خارج سيطرة الدولة العباسية.
وبات أمر انفصال الدول الإسلامية عن مركز الدولة العباسية واضحا خاصة بعد وفاة الخليفة الواثق سنة (232هـ/848م)، ولعل من أهم أسباب ظهور حركات الانفصال ما يلي:
1- ضعف بعض الخلفاء.
2- تزايد نفوذ الأتراك والفرس ومحاولتهم السيطرة على مؤسسة الخلافة.
3- ظهور حركات التمرد المختلفة والتي أدت إلى الثورات مثل ثورة القرامطة وثورة الزنج.
4- إفلاس خزينة الدولة وتقلص وارداتها بسبب حياة الترف التي عاشها بعض الخلفاء العباسيين وانفصال الأقاليم عنها في المشرق والمغرب.
ثانياً: الدويلات المستقلة والحركات الانفصالية
لم يستطع الخلفاء العباسيون الحفاظ على وحدة الدولة نتيجة للضعف الذي آلت إليه مؤسسات الخلافة، خاصة بعد مقتل الخليفة المتوكل الذي أضعف هيبة الخلافة، وظهرت هناك حركات انفصال في بعض الأقاليم البعيدة عن مركز الدولة العباسية في المشرق والمغرب.
انقسمت الدول التي انفصلت عن الدولة العباسية إلى قسمين هما:
1- دول حافظت على استقلالها الفعلي مع اعترافها بالتبعية الاسمية بالدعاء في الخطبة للخليفة العباسي على المنابر، وسك أسمائهم على النقود، ومنها في بلاد الشام: الدولة الحمدانية والدولة البويهية والسلطنة السلجوقية، ومنها أيضاً دول المشرق، مثل: الدولة الطاهرية، والسامانية، أما دول المغرب فهي: الدولة الطولونية، والدولة الإخشيدية، ودولة الأغالبة.
معركة ملاذ كرد(464/1071م)
هي من أهم المعارك البارزة في التاريخ الإسلامي وقعت بين المسلمين بقيادة السلطان السلجوقي ألب أرسلان وبين جيش الروم البيزنطيين بقيادة الإمبراطور رومانوس ديوجينس، حيث حشد الروم جيشاً ضخماً، تحرك بهم نحو القسطنطينية واتجه إلى مدينة ملاذ كرد شرق تركيا الحالية حيث يعسكر الجيش السلجوقي، فسارع السلطان ألب أرسلان بجيشه قائلاً:
(إني أقاتل محتسباً صابراً، فإن سلمت فنعمة من الله وإن استشهدت فهذا كفني وأكملوا معركتكم تحت قيادة ابني مَلِكْشاة).
واحتدت المعركة وانتصر جيش المسلمين ووقع الإمبراطور البيزنطي رومانوس في الأسر، وكانت معركة ملاذكرد بداية فتوحات السلاجقة الأتراك في آسيا الصغرى.
|
أن الشاعر أبا الطيب المتنبي عاش فترة من الزمن في كنف الأمير سيف الدولة الحمداني ، وقد قال المتنبي العديد من القصائد في مدح سيف الدولة ومنها : على قدر أهل العزم تأتي العزائمُ وتأتي على قدر الكرام المكارم وتعظم في عين الصغير صغارها وتصغر في عين العظيم العظائم يكلف سيف الدولة الجيش همه وقد عجزت عنه الجيوش الخضارم |
2 - دول مستقلة عن الدولة العباسية
هي الدول التي أعلنت انفصالها تماماً عن الدولة العباسية ومن أشهر هذه الدول:
أ- الدولة الأموية في الأندلس(138-422هـ/756-1031م)
أول الدول التي استقلت عن الخلافة العباسية، في الأندلس، وقد حاول أبو جعفر المنصور وهارون الرشيد من بعده إخضاعها وإعادة تبعية الأندلس للخلافة العباسية إلا أن جهودهم فشلت، وكانت لا تعترف بالدولة العباسية، واستندت في شرعيتها إلى انتسابها للخلافة الأموية التي انتهت في دمشق على يد العباسيين.
ب- دولة الأدارسة في المغرب الأقصى (مراكش) (172-313هـ/788-925م):
دولة الأدارسة أول دولة علوية قامت في المغرب العربي سنة (172هـ/788م) على يد إدريس بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب الذي انتقل إلى مصر ثم إلى المغرب العربي خوفاً من العباسيين.
كانت دولة الأدارسة من أول الدول التي استقلت عن الدولة العباسية في الشمال الإفريقي، وقد عملت على نشر الإسلام في المغرب العربي، ودانت لها بالطاعة عدة قبائل بربرية، وقد امتد نفوذها من مدينة القيروان في تونس حتى المغرب العربي.
ج- الدولة الفاطمية(296-567هـ/909-1171م): دولة أسسها الفاطميون في تونس سنة(909-1171م) وكانت مدينة القيروان في تونس أول عاصمة لهم، وأعلنوا منها قيام الدولة الفاطمية، ثم نقلوا العاصمة إلى المهدية في الجزائر، وبقوا فيها إلى أن تمكن القائد جوهر الصقلي من دخول مصر سنة(358هـ/968م)، وبنى فيها مدينة القاهرة بأمر من الخليفة الفاطمي المعز لدين الله، واتخذها مركزاً للدولة بدلاً من المهدية، ومدوا دولتهم لتشمل شمال افريقيا ومصر وبلاد الشام والحجاز واليمن.
امتاز الفاطميون بقدرتهم على الاستفادة من الأجناس كلها مع العرب في دولتهم مثل البربر والترك والأحباش والأرمن من أجل تسيير أمور الدولة.
واهتم الفاطميون بالعلم، فأنشأ الخليفة الحاكم بأمر الله الفاطمي دار الحكمة في القاهرة وهي مكتبة كبيرة وقام بتزويدها بالكتب المختلفة، وأقام المرصد الفلكي على قمة جبل المقطم، وظهر العديد من العلماء والأطباء في عهدهم مثل العالم الفلكي العربي ابن الهيثم، صاحب كتاب المناظر الذي تحدث فيه عن الضوء والمرايا. وبنى الفاطميون المساجد كجامع الأزهر في القاهرة.