مدرسة جواكاديمي

هنا يمكنك تصفح مدرسة جو اكاديمي، المنهاج، اسئلة، شروحات، والكثير أيضاً

سورة البقرة الآيات الكريمة 284 - 286

التربية الإسلامية - الصف المواد المشتركة توجيهي

التعلم القبلي

تتمثل بعض مظاهر عظمة الله سبحانه وتعالى في سَعة مُلْكه، وشمول قدرته.

المسلم يُؤمِن بأركان الإيمان جميعها، ويؤدّي ما يتطلَّبه ذلك من استقامة، والتزام بالعمل الصالح، واستشعار لآثار الإيمان في حياته.

أُناقِشُ

أُناقشُِ آثار الإيمان باليوم الآخر في حياة المسلم.

الإجابة: 

1) استشعار مراقبة الله تعالى فيحرص على تقوى الله في أعماله كلها.

2) المداومة على عمل الخير والاجتهاد فيه ابتغاء مرضاة الله.

3) الصبر على طاعة الله والصبر عن معصيته وضبط النفس عن الشهوات لعلمه بما أعد الله له في الآخرة.

4) التهيؤ الدائم والاستعداد الكامل ليوم القيامة وما فيه من أحداث.

 

أولًا: التعريف بسورة البقرة:

من السور المدنية، وعدد آياتها ( 286 ) آية.

سبب التسمية: سُمِّيت بذلك لورود قصَّة بقرة بني إسرائيل فيها،
هي من السور السبع الطِّوال: (البقرة،آل عمران، النساء، المائدة، الأنعام، الأعراف، يونس).

 

موضوعات الآيات الكريمة 
الآية الكريمة (284)
عظمة الله تعالى
الآية الكريمة (285)
من حقائق الإيمان
الآية الكريمة (286)
من مبادئ الشريعة الإسلامية

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

(( لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284) آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ(285) لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ(286)) البقرة: ٢٨٤ - ٢٨٦

 ثانيًا: المفردات والتراكيب : 

المفردة  المعنى
الْمَصِيرُ الرجوع.
وُسْعَهَا ما تقدر على فعله.
لَا تُؤَاخِذْنَا لا تُعاقِبنا.
إِصْرًا الأمر الثقيل الذي فيه مشقَّة.
مَوْلَانَا ناصرنا ومُعيننا.

 

من فضائل سورة البقرة:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَرَأَ بالآيَتَيِْن مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ في لَيْلَةٍ كَفَتاهُ »(متفق عليه)(كَفَتاهُ: حفظتاه من المكروه).
وقال
صلى الله عليه وسلم: «أُعْطِيتُ خَوَاتِيمَ سُورَةِ البْقََرَة مِنْ كَنزٍْ تَْحتَ العَْرْشِ وَلَم يُعْطَهُنَّ نَبِيٌّ قَبْلِي» (رواه أحمد).

ثالثا  : تفسير الآيات الكريمة :

أشارت الآيات الكريمة إلى بعض مظاهر عظمة الله تعالى، وما يجب على الإنسان من عبادة وطاعة لخالقه سبحانه. وكذلك أشارت هذه الآيات الكريمة إلى عدد من مبادئ الشريعة، مثل: اليُسْر، وسهولة الأحكام، ومسؤولية الإنسان عن عمله، والثقة بنصر الله تعالى.

أ. عظمة الله تعالى:

قال تعالى:(لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284))

بيَّنت الآية الكريمة (٢٨٤) من سورة البقرة عظمة الله تعالى بالإشارة إلى ما يأتي:
1) 
سَعة مُلْك الله تعالى: فكلُّ ما في السماوات والأرض لا يخرج عن مُلْك الله سبحانه.
قال تعالى:(لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ)، ويدلُّ لفظ (ما) في الآية الكريمة على العموم ليشمل جميع ما في الكون، وفي هذا:

  •  تعظيم لله تعالى.
  • طمأنة للإنسان أنَّه في رعايته سبحانه.
  • دعوة له ليعلم أنَّ كلَّ ما في الكون مُلْك لله تعالى، وأنَّ ما يملكه الإنسان في هذه الحياة الدنيا إنَّما هو وديعة مُسترَدَّة.
  • أنَّه يتعيَّنُ عليه أنْ يكتسب ما يملكه من حلال، ويُنفِقه في الحلال، ويستخدمه في طاعة الله تعالى، ولا ينشغل به عن الآخرة.

2) سَعة عِلم الله تعالى: الله عز وجل لا تخفى عليه ظواهر الأعمال والأقوال، ولا سرائر النفوس وما تُكِنُّه الضمائر من نوايا وإنْ دَقَّت وخَفِيت، ويوم القيامة سيُخبِرُ سبحانه جميع خَلْقه بها، وسيُحاسِبهم عليها. قال تعالى:(وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284)).

على أي الأعمال سيحاسب الله تعالى عباده؟

* سيُحاسِب كُلًا منهم على أفعاله وأقواله الظاهرة، أما ما عقد العزم على فعله ولم يفعله، كأن حال حائل أو مانع بينه وبين تنفيذ هذا الفعل، وكان هذا الحائل خارجًا عن إرادته فسيحاسب عليه، كأنْ يُعِدَّ العُدَّة للسرقة، ولكنَّ وجود رجال الأمن منعه من فعل السرقة.

* أمّا إذا عَدَل عن الحرام من تلقاء نفسه؛ خوفًا من الله تعالى، فإنَّه لا يُعاقَب على عزمه، بل يُؤْجَر على عدوله عن القيام بما عزم عليه؛ كمن عَدَل عن السرقة من تلقاء نفسه (خوفًا من الله تعالى).

* إذا هَمَّ العبد أو نوى أنْ يفعل أمرًا محمودًا ثمَّ لم يفعله لمانع ما، فإنَّ الله تعالى يكتبه في سجلِّ حسنات العبد.

* أمّا حديث النفس الذي يَعرضِ للإنسان، ولا يبلغ به درجة العزم على التنفيذ، فلا يُحاسَب عليه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ تَجاوَزَ لي عَنْ أُمَّتي ما وَسْوَسَتْ بِهِ صُدُورُها، ما لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَكَلَّمْ» (متفق عليه).
وفي الآية الكريمة
دعوة إلى المسلم أنْ يظلَّ مُلتزِمًا بأمر الله تعالى، وبعيدًا عمّا يُغضِبه سبحانه في أفعاله وأقواله وتفكيره، وفيها كذلك دعوة إلى المسلم أنْ يستحيي من الله تعالى فيما يَهُمُّ بالقيام به.

أَرْبِطُ

أَرْبِطُ بين المعنى الذي جاء في الآية الكريمة (284) من سورة البقرة والنصين الآتيين:
 

*قال تعالى: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان) المائدة: ٨٩

الإجابة: من رحمته سبحانه بعباده أنه لا يكلفهم فوق طاقتهم ولا يحاسبهم على ما يصدر عنهم خطأ أو نسيانًا أو دون قصد، ومن هذه الأعمال أَيمانهم التي يحلفونها دون قصد(اللغو) ودون عزم قلوبهم عليها فأكد في هذه الآية على أنه لا يحاسبهم ما لم يعقدوا العزم عليها.

* ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن رَبِّه عزوجل، قال: «إنَِّ اللهَ كَتَبَ الحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ، ثُمَّ بَيَّنَ ذلِكَ، فمَنْ هَمَّ بحَِسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْها كَتَبَها اللهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كامِلَةً، وَإنِْ هَمَّ بِها فَعَمِلَها كَتَبَها اللهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَناتٍ إلِى سَبْعِ مِئَةِ ضِعْفٍ إلِى أَضْعافٍ كَثِيرَةٍ، وَإنِْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْها كَتَبَها اللهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كامِلَةً، وَإِنْ هَمَّ بِها فَعَمِلَها كَتَبَها اللهُ سَيِّئَةً واحِدَةً » (رواه البخاري ومسلم).

الإجابة: الله تعالى لا يحاسب الناس على ما يدور في نفوسهم ما لم يعقدوا العزم على فعله فإن تركوه خوفا من الله كتب لهم الأجر على ذلك فإذا عملوه كتبها سيئة، ومن رحمته أن يكتب لهم الأجر على مجرد النية في فعل الطاعات.

3) رحمة الله تعالى وعدله: قال تعالى: (فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ)؛ فهو سبحانه يعفو عن الإنسان إذا تاب، وأقلع عن المعصية، ويغفر له فضلًا منه ورحمةً، ويُعذِّب مَنْ يشاء بعدله على ما اقترفه من سيِّئات.

وفي تقديم المغفرة على العذاب بيان لسَعة رحمة الله تعالى، وأنَّ رحمته تسبق غضبه، وأنَّ كلَّ شيء راجع إلى مشيئته سبحانه.
4)
كمال قدرة الله عز وجل:
قال تعالى: (
وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)؛ فهو القادر الذي لا يُعجِزه شيء، ولا يخرج عن سلطانه شيء.

أَتَدَبَّرُ وَأُناقِشُ 

أَتَدَبَّرُ الآية الكريمة السابقة (284) من سورة البقرة، ثمَّ أُناقِشُ أهمية وجود التوازن بين الخوف والرجاء في علاقة الإنسان بالله تعالى.

الإجابة: لا بد من وجود التوازن بين الخوف والرجاء في علاقة الانسان بالله تعالى لأن الخوف يمنعه من الوقوع فيما يغضب الله تعالى والرجاء يجعله طامعًا في رحمة الله تعالى فلا ييأس ولا يقنظ إن فعل شيئًا يغضبه.

 

ب. من حقائق الإيمان:

قال تعالى: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ(285)).

اشتملت الآية الكريمة (٢٨٥) من سورة البقرة على أمور مُهِمَّة لا يَصِحُّ إيمان الإنسان من دونها، وهي:
1.
التصديق الجازم بأركان الإيمان جميعًا:
قال تعالى: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ)
.فقد عرضت الآية الكريمة لأركان الإيمان الآتية:
الإيمان بالله تعالى: الاعتقاد الجازم بأنهَّ تعالى الإله المُستحِقُّ للعبادة الذي لا إله غيره. وهذا أوَّل أركان الإيمان.
● ا
لإيمان بالملائكة: الاعتقاد الجازم بأنَّ الملائكة عباد لله تعالى، يطيعونه، ولا يعصونه. وقد كان أهل الجاهلية يعتقدون أنَّ الملائكة هم بنات الله تعالى، وغير ذلك من المعتقدات الباطلة.
الإيمان بكتب الله تعالى: الاعتقاد الجازم بأنَّ الله تعالى أنزل هذه الكتب على رُسُله الكرام
عليهم السلام، وأنَّ فيها قِيَمًا ومبادئَ تُحقِّق السعادة للناس في الدنيا والآخرة.
الإيمان برُسُل الله تعالى: الاعتقاد الجازم بأنَّ الله تعالى بعث في كلِّ أُمَّة رسولًا يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له والكفر بما يُعبَد من دونه، وأنَّهم أفضل البشر، وأنَّ سيِّدنا محمدًا
صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء، وأنَّه لا يَصِحُّ إيمان العبد إلّا بالإيمان بهم جميعًا.
وفي ذِكْر إيمان المؤمنين مع إيمان سيِّدنا محمد
صلى الله عليه وسلم زيادة في تكريم المؤمنين والثناء عليهم.

أَتَدَبَّرُ وَأُفَكِّرُ

أَتَدَبَّرُ الآية الكريمة السابقة، ثمَّ أُفَكِّرُ في الحكمة من تقديم ذِكْر الإيمان بالملائكة على ذِكْر الإيمان بالكتب والرُّسُل عليهم السلام.

الإجابة:

لأن الملائكة هم رسل الله إلى أنبيائه وهم المكلفون بإيصال وحي الله تعالى إلى هؤلاء الرسل والأنبياء فالإيمان بالملائكة قبل الإيمان بالكتب والرسل؛ لأنهم الواسطة بين الله تعالى ورسله فالإيمان بهم يأتي في المرتبة الثانية.

2. عدم التفريق بين رُسُل الله الكرام عليهم السلام في وجوب الإيمان بهم جميعًا: الرُّسُل عليهم السلام  أكرم خَلْق الله تعالى وأفضلهم، وهم جميعًا رُسُل الله عزوجل. قال تعالى: ( لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ). ورسالة سيِّدنا محمد صلى الله عليه وسلم هي امتداد للرسالات السابقة، وخاتمة لها، وفي هذا ثناء على المسلمين؛ فهم ليسوا كبعض أصحاب الديانات الذين يؤمنون ببعض الرُّسُل ويكفرون ببعض؛ اتباعًا لأهوائهم.
3.
الاستسلام لأمر الله تعالى: فالإيمان تصديق وإقرار وخضوع يتبعه العمل ليكون دليلًا على صِدْق الإيمان، والواجب على المسلم أنْ يُسارِع إلى التزام أوامر الله تعالى واجتناب نواهيه بكلِّ رضا وطمأنينة وتسليم. قال تعالى:(وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا).

4. المسارعة إلى طلب المغفرة من الله عزوجل: من واجب المسلم أنْ يُسارِع إلى طلب المغفرة من الله تعالى من كلِّ ذنب، أو خطأ يقع فيه. قال تعالى: (غُفْرَانَكَ رَبَّنَا

قال رسول صلى الله عليه وسلموَاللهِ إِنِّي لََسْتَغْفِرُ اللهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً » (رواه البخاري).
5.
الإيمان الجازم باليوم الآخر: من أركان الإيمان أنْ يعتقد المسلم أنَّه سيُبعَث بعد الموت يوم القيامة، ويُحاسَب على عمله.قال تعالى:(
وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ).
وفي الآية الكريمة ثناء على سيِّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى أتباعه المؤمنين، ومدح لهم؛ لاستجابتهم لأمر الله تعالى، وطاعتهم إيّاه، وطلب المغفرة منه.

ج. من مبادئ الشريعة الإسلامية:

قال تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ(286)).

تناولت الآية الكريمة (٢٨٦) من سورة البقرة مبدأين من مبادئ الشريعة، هما:
أ . يُسْرُ الشريعة وسهولة أحكامها: أحكام الشريعة سهلة يسيرة، يستطيع الإنسان العمل بها من دون مشقَّة وعناء. والله سبحانه - بمقتضى عدله- لا يُكلِّف الإنسان ما لا يستطيع القيام به، بل إنَّ كلَّ ما أمر به الله سبحانه يقع ضمن قدرة الإنسان وطاقته. قال تعالى: (
لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)، وهذا من رحمة الله سبحانه؛ فالتكاليف الشرعية فيها شيء من المشقَّة المُحتمَلة للإنسان، فإذا زادت مشقَّة التكليف لمرضٍ أو غيره شُِرعت له الرخصة للتخفيف عنه، مثل جواز الفطر في شهر رمضان للمريض والمسافر.

ب. مسؤولية الإنسان عن عمله: أكَّدت الآية الكريمة أنَّ الإنسان مسؤول عن عمله، وهذا من رحمة الله سبحانه وعدله يوم القيامة. قال تعالى:(لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ)؛ فالإنسان مُحاسَب فقط على عمله وما كُلِّف به، والله سبحانه يجازيه على فعل الحسنة صغيرة كانت أو كبيرة، ويُعاقِبه على معصيته.
ويدلُّ التعبير بلفظ (
اكْتَسَبَتْ) في جانب السيِّئات، في قوله تعالى:(وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ)، على ثِقَل السيِّئة على صاحبها؛ لذا يجب عليه أنْ يحذر منها بصرف النظر عن صِغَرها وضآلتها. أمّا التعبير بلفظ (لَهَا مَا كَسَبَتْ)في جانب الحسنات والطاعات، في قوله تعالى:قال تعالى:(لَهَا مَا كَسَبَتْ)، ففيه دلالة على أنَّ المسلم كلَّما اعتاد الطاعة ومارسها سَهُل عليه أداؤها.

أَتَدَبَّرُ وَأُوَفِّقُ

أَتَدَبَّرُ قوله تعالى: قال تعالى:(لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ)، ثمَّ أُوَفِّقُ بينه وبين الحديث الشريف الآتي:
قالَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَنَّ في الِْسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَعُمِلَ بِا بَعْدَهُ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِا، وَلا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَْءٌ، وَمَنْ سَنَّ في الْسِْلامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، فَعُمِلَ بِها بَعْدَهُ، كُتبَِ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِها، وَلا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزارِهِمْ شَْيءٌ » (رواه مسلم).

الإجابة:

تقرر الآية أن الله يحاسب الانسان على فعله فقط، فلا يجزيه على طاعة غيره ولا يعاقبه على معصية غيره.

أما الحديث الشريف فيبين أن الإنسان يكافئ على حسنات غيره ويعاقب على سيئاتهم إن كان هو من أرشدهم إلى فعلها وسهلها لهم.

وقد دعت الآية الكريمة المؤمنين أنْ يتوجَّهوا إلى الله تعالى بالدعاء؛ لكي يعفو عنهم، ويتجاوز عن سيِّئاتهم، ولا يُعاقِبهم إنْ خالفوا أمره أو نهيه نسيانًا، أو جهلًا، أو تقصيرًا، ولا يُؤاخِذهم بما اقترفوه من معصية سهوًا وخطأً؛ فالله تعالى لا يُحاسِب عليهما، وفي هذا دليل على شِدَّة حرص المُؤمِن على عدم الوقوع فيما يُغضِب الله تعالى، ولو كان خطأً أو سهوًا.
وكذلك دعت الآية الكريمة المؤمنين أنْ يتضرَّعوا إلى رَبِّهم ألّا يَشُقَّ عليهم بتكاليف ثقيلة يعجزون عن أدائها مثلما كان من حال بعض الأُمم السابقة حين عاقبها الله عزوجل جزاء ذنوبها ومعاصيها، فحرَّم عليها بعض الطيِّبات.
قال تعالى: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ).

أَبْحَثُ عَنْ

قال تعالى:(فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلّت لهم وبصدّهم عن سبيل الله كثيرًا) (النساء: 160).

أَرْجِعُ إلى كتاب (التفسير الكبير) للإمام الرازي، ثمَّ أَبْحَثُ فيه عَنْ تكاليف أُخرى شدَّد الله تعالى بها على بعض الأقوام السابقة بسبب معاصيهم.

 الإجابة: قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: إِنَّ الله تَعَالَى فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسِينَ صَلَاةً، وَأَمَرَهُمْ بِأَدَاءِ رُبُعِ أَمْوَالِهِمْ فِي الزَّكَاةِ، وَمَنْ أَصَابَ ثَوْبَهُ نَجَاسَةٌ أُمِرَ بِقَطْعِهَا، وَكَانُوا إِذَا نَسُوا شَيْئًا عُجِّلَتْ لَهُمُ الْعُقُوبَةُ فِي الدُّنْيَا، وَكَانُوا إِذَا أَتَوْا بِخَطِيئَةٍ حُرِّمَ عَلَيْهِمْ مِنَ الطَّعَامِ بَعْضُ مَا كَانَ حَلَالًا لَهُمْ.

وقد خُتِمت الآية الكريمة بأربع دعوات في قوله تعالى: قال تعالى: (وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)، وهي:
1) طلب العفو: أيِ التجاوز عن الذنب، وترك المعاقبة عليه. وقد جاء في الحديث الشريف: «اللهُمَّ إنَِّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي »
(رواه الترمذي).
2) طلب المغفرة: أيِ الستر، والمسامحة، وإسقاط الذنب، ومحوه.
3) طلب الرحمة: تجمع هذه الدعوة بين العفو والمغفرة مع الإحسان وتفضُّل الله تعالى على العبد، وإنعامه عليه في الدنيا، وعدم معاقبته في الآخرة.
4) طلب النصر: أيِ الغَلَبة على الأعداء الظالمين المعتدين؛ لِما في ذلك من عِزَّة للإسلام والمسلمين.
وفي قوله تعالى:
قال تعالى: ( أَنتَ مَوْلَانَا)، اعتراف منهم بفضل الله تعالى عليهم، وأنَّه سبحانه يتولّى أمرهم في جميع شؤونهم.

تكرَّر لفظ قال تعالى: (رَبَّنَا)؛ إشارةً إلى بعض آداب الدعاء، مثل: التذلُّل لله عزوجل، والرغبة الشديدة في استجابته، والإلحاح في الدعاء.

والدعاء له أثر عظيم في:

أ. طمأنينة القلب.

ب.انشراح الصدر.

ج. الشعور بالسعادة؛ ذلك أنَّ الدعاء من أفضل العبادات، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الدُّعاءُ هُوَ الْعِبادَةُ»، وقرأ قول الله تعالى: (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين)(غافر: ٦٠) (رواه أبو داود)؛ ففي التوجُّه إلى الله تعالى بالدعاء دلالة على عميق إيمان الداعي ويقينه بقدرة الله عزوجل.
د.في الدعاء ذهاب الهَمِّ والغَمِّ والضيق.

هـ. حلول الفَرَج والسرور .

 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أَصابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلا حَزَنٌ فَقالَ: اللهُمَّ إنِِّ عَبْدُكَ، ابْنُ عَبْدِكَ، ابْنُ أَمَتكَِ، ناصِيَتي بيَِدِكَ، ماضٍ فيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فيَّ قَضاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هَوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ في كتابِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ في عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَْعَلَ الْقُرْآنَ رَبيعَ قَلْبي، وَنورَ صَدْري، وَجَلاءَ حَزَني، وَذَهابَ هَمِّي، إلِّا أَذْهَبَ اللهُ هَمَّهُ وَحَزَنَهُ، وَأَبْدَلَهُ مَكانَهُ فَرَحًا. فَقيلَ: يا رَسولَ الله:ِ أَفَلا نَتَعَلَّمُها؟ فَقالَ: بَلى، يَنْبَغي لِمَنْ سَمِعَها أَنْ يَتَعَلَّمَها » (رواه أحمد).

 

الإثراء والتوسع

جاء في سبب نزول قوله تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)لماّ نزلت الآية الكريمة الآتية على رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَ إِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284)) ثَقُل ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا: يا رسول الله، كُلِّفنا من الأعمال ما نطيق: الصلاة، والصيام، والجهاد، والصدقة، وقد أنزل الله عليك هذه الآية، ولا نطيقها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَترُيدونَ أَنْ تَقولوا كَما قالَ أَهْلُ الْكِتابَيِْ مِنْ قَبْلِكُمْ: سَمِعْنا وَعَصَيْنا؟ بَلْ قولوا: سَمِعْنا وَأَطَعْنا، غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإلَِيْكَ الْمَصيرُ ». فلمّا أقرَّ بها القوم، وذلَّت بها ألسنتهم، أنزل الله تعالى في إثرها:(آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ(285) لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ(286))البقرة: 285 - 286.