مدرسة جواكاديمي

هنا يمكنك تصفح مدرسة جو اكاديمي، المنهاج، اسئلة، شروحات، والكثير أيضاً

سورة الأعراف الآيات الكريمة (31- 34)

التربية الإسلامية - الصف المواد المشتركة توجيهي

التعلم القبلي 

أنعم الله على الإنسان بنعمٍ كثيرة، وسخّر له ما في الأرض ليعمرها ويستفيد من خيراتها، وأباح له أن يأكلّ من طيباتها ويستمتع بما أحلّ الله له ويبتعد عما حرّمه.

أتدبر وأناقش

أَتَدَبَّرُ قول النبي صلى الله عليه وسلم: «كُلُوا وَاشْرَبُوا، وَالْبَسُوا وَتَصَدَّقُوا فِي غَيْر إسِرافٍ وَلَا مَخيلَةٍ» (رواه البخاري) (مَخيلَةٍ: تكبُّر)، ثمَّ أُناقشُ التوجيهات والأحكام المستفادة منه.

يدعو الحديث الشريف إلى التنعم بنعم الله في الحياة الدنيا مع الالتزام بالتوازن وأحكام الشرع والبعد عن التكبر فيما يأكل الإنسان أو يلبس.

 

أَتَوَقَّفُ
سورة الأعراف مكَِّية، وعدد آياتها ( 206 ) آيات، وقد سُمِّيت بذلك لأنَّها ذكرت حال أهل الأعراف. الأعراف: مكان بين الجَنَّة والنار يوجد فيه أُناس تساوت حسناتهم وسيِّئاتهم، ثمَّ يكون مآلهم إلى الجَنَّة في نهاية المطاف.

الفهم والتحليل

تعرض الآيات الكريمة جُملة من التوجيهات للناس من حيث الالتزام بأوامر الله تعالى، والتمتُّع الحلال بما أنعم عليهم سبحانه في الدنيا من طيِّبات وخيرات، والابتعاد عمّا نهاهم عنه.

أولًا: التمتُّع بما أحلَّ الله تعالى من الطيِّبات

- اشتملت الآية الكريمة (٣١) من سورة الأعراف على توجيه للناس إلى التمتُّع بما سخَّره الله تعالى لهم من طيِّبات في الحياة الدنيا، مثل: المَلْبَس، والمَأْكَل، والمَشَْرب.

- دعتهم إلى أنْ يلبسوا من الثياب ما يصلح للزينة، وستر العورة، وبخاصَّة عند الصلاة، والطواف، ودخول بيوت الله تعالى. قال تعالى: ﴿يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد﴾.

- هذا خطاب عامٌّ للناس كافَّةً بوجوب ستر العورات.
الزينة: اسم جامع لكلِّ ما يُتزَيَّن به من لباس ساتر جميل.

تخصيص المسجد بالذِّكْر في الآية الكريمة فيه إشارة إلى مكانة بيوت الله تعالى، وتحفيز للمسلم على تعظيمها واحترامها.

وقد جاء الأمر بستر العورة في قوله تعالى: ﴿خذوا زينتكم﴾؛ دلالةً على أنَّ كشف العورات أمر قبيح مُحرَّم، وأنَّه ممّا يَعيب الإنسان، واستنكارًا لبعض ما كان يفعله أهل الجاهلية قبل الإسلام من الطواف بالبيت الحرام عُراةً؛ ظنًّا منهم أنَّ في ذلك تعظيمًا للكعبة المُشرَّفة.
أمّا إضافة الزينة إلى بني آدم في قوله تعالى: ﴿خذوا زينتكم﴾ ففيها إش ارة إلى قدرتهم على تمثُّل ذلك، والانتفاع به؛ فالزينة شُِرعت لهم، وحُبِّبت إليهم.
ثمَّ دعت الآية الكريمة الناس إلى التمتُّع بما أنعم الله تعالى عليهم من طيِّبات الطعام والشراب بتوسُّط واعتدال من دون مجاوزة الحدِّ المعتاد. قال تعالى: ﴿كلوا واشربوا ولا تسرفوا﴾. وفي هذا دلالة على إباحة جميع المطعومات والمشروبات إلّا ما جاء الدليل على تحريمه.
وقد جاء تأكيد عدم الإسراف في قوله تعالى: ﴿إنه لا يحب المسرفين﴾؛ لبيان أنَّ الإسراف أمر لا يُحِبُّ الله تعالى فاعله، ولِما يُسبِّبه من ضرر لصاحبه. وفي هذا دعوة للمسلم أنْ يعتدل في طعامه وشرابه ولباسه.

قضية للنقاش

أُناقشُ دعوة القرآن الكريم إلى عدم الإسراف، وأثر ذلك في الحياة الاقتصادية.

أمر الإسلام بالمحافظة على المال وإنفاقه في الوجوه المباحة في الشرع وعدم تبذيرها أو إنفاقها فيما لا يحلّ شرعا كالمعاصي والربا والقمار، لأن كل ذلك إسراف فيه تضييع للمال الذي هو قوام الحياة ووسيلة التقدم والازدهار، وحفظ المال فيه حفظ لكرامة الإنسان وقوة له وللأمة.

بعد ذلك، جاء قول الله تعالى: ﴿قل من حرّم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق﴾؛ لبيان أنَّ حقَّ التحليل والتحريم هو فقط لله تعالى؛ سواء تعلَّق ذلك باللباس والزينة، أم بالمطعومات والمشروبات وغيرهما.
وفي هذا رَدٌّ على ما كان يفعله المشركون من تحريم ما أحلَّ الله تعالى لهم من لباس وطعام من عند أنفسهم بغير دليل؛ فالله سبحانه هو الرازق الذي يُنعِم على عباده بما ينفعهم، وقد تفضَّل على الناس جميعًا بأنْ جعل لهم الرزق والطيِّبات في الدنيا، وأباح لهم كافَّةً التمتُّع بها. أمّا في الآخرة فإنَّ ذلك كله خاصٌّ بالمؤمنين المُلتزِمين بأمر الله سبحانه، ولا يُشارِكهم فيه أحد غيرهم. قال تعالى: ﴿قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة﴾. ثمَّ اختُتمِت الآية الكريمة بقوله تعالى:﴿كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون﴾، في إشارة إلى أنَّ الله تعالى هو الذي يُبيِّن هذه الأحكام، ويُفصِّلها لكلِّ مَنْ يريد معرفتها والالتزام بها مِنَ الخَلْق.
أمّا إضافة الزينة إليه سبحانه في قوله تعالى: ﴿زينة اللهفدليل على أنَّ الله تعالى هو الموجِد للزينة، والمُنعِم بها على عباده.

أتوقف

القاعدة الفقهية: «الأصل في الأشياء الإباحة، إلّا ما حرَّمه الشرع».

أبدي رأيي 

قد يظنُّ بعض الناس أنَّ الاستمتاع بما أباحه الله تعالى من لباس وطعام يتعارض مع الزهد في الدنيا. أُبدْي رَأْيي في ذلك.

لا يتعارض الاستمتاع بما أحل الله مع الزهد في الدنيا فالله أمرنا أن نأكل ونشرب ونلبس ونأخذ حظنا من هذه الدنيا ما دمنا ملتزمين بأحكام الشرع، أما الزهد في الدنيا فهو عدم التعلق بها تعلقا يمنعنا من أداء وظيفة العبادة وعمارة الأرض.

ثانيًا: اجتناب المحرمات

ذكرت الآية الكريمة (٣٣) من سورة الأعراف بعضَ ما حرَّمه الله تعالى على الناس، وأمرهم باجتنابه، مُنوِّهةً بأنَّ حقَّ التحريم والتحليل هو لله تعالى وحده. قال تعالى: ﴿قل إنما حرّم ربي﴾؛ فهو سبحانه أدرى بما ينفع الخَلْق، ويصلح لهم، فحرَّم عليهم ما يضرُّهم، وأباح لهم ما فيه منفعتهم في الدنيا والآخرة.
وفيما يأتي بعض ما حرَّمه الله تعالى على عباده:
أ . الفواحش: هي ما عَظُم قُبْحه من الأفعال والأقوال، وما نشأ عنه ضرر وفساد يطال الفرد والمجتمع، مثل: الزنا، وقذف المحصنات (وهي من كبائر الذنوب). قال تعالى: ﴿قل إنما حرّم ربي الفواحش﴾. وسواء كان فعل الفاحشة أمام الناس، أو بعيدًا عنهم؛ فإنَّ الله تعالى يعلمه، ويَطَّلِع عليه. قال تعالى: ﴿ماظهر منها وما بطن﴾.
ب. الإث م: هو كلُّ ما يُغضِب الله تعالى من أعمال وأقوال، مثل: الكذب، والرشوة. قال تعالى: (والإثم﴾. و(الإثم)كلمة تُطلَق على كلِّ ذنب يقترفه الإنسان؛ فهي أعمُّ من ﴿الفواحش﴾، بالرغم ممّا تحمله الفواحش من خطر أعظم على الفرد والمجتمع مقارنةً بخطر الآثام وضررها.
أعلل:

 جاء الأمر بتحريم الإثم (يشمل جميع الذنوب) بعد ذِكْر تحريم الكبائر.

لئِلّا يتوهَّم القارئ أنَّ المنَْهِيَّ عنه هو الكبائر دون الصغائر.


ج. البغي: هو الظلم والتعدّي على حقوق العباد، مثل: القتل، والسرقة، وخيانة الأمانة، والأذى. قال تعالى:﴿والبغي بغير الحق﴾.

من صور البغي:

1)تطاول الدول الكبرى على حقوق الشعوب المُستضعَفة ومُقدَّراتها.

2)مناصرة الدول المُعتدِية.
د . الشِّركُ بالله تعالى: هو أنْ تجعل لله تعالى نِدًّا وشريكًا له في العبودية والربوبية.

الدليل: قال تعالى: ﴿وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانًا﴾. وفي تخصيصه بالذِّكْر تنبيه على أنَّه أقبح أنواع الذنوب وأكبرها.

أمّا قوله تعالى: ﴿ما لم ينزل به سلطانًافيعني ما لا حُجَّة عليه ولا دليل، بل هو وهْم وضلال. وفي هذا توبيخ للمشركين الذين يُحجِمون عن استخدام عقولهم.
ه. الكذب على الله سبحانه: يكون ذلك بأنْ يُنسَب إليه سبحانه من الأوامر والنواهي والتحليل والتحريم ما لم يقل به. قال تعالى: ﴿وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون﴾؛ فذلك من الافتراء على الله تعالى، والكذب عليه.

ثالثًا: الآجال بيد الله تعالى

أشارت الآية الكريمة (٣٤) من سورة الأعراف في قوله تعالى: ﴿ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون﴾ إلى أنَّ للأُمم آجالً مُدَّدةً مثلما أنَّ للأفراد آجالً مُحدَّدةً.
و(الأجل) لفظ يُطلَق على الوقت المُحدَّد الذي تنتهي به مُدَّة الإمهال التي جعلها الله تعالى للأفراد والأُمم في الدنيا.

والغرض من هذا البيان هو التخويف والترهيب؛ ليحرص المسلمون كافَّةً على أداء التكاليف التي أمرهم الله تعالى بها على النحو المنشود، والرجوع عمّا هم فيه من إعراض عن طاعة الله تعالى. ولا ينبغي لهم أنْ يغترّوا بإمهال الله تعالى إيّاهم، وإنَّما يجب عليهم أنْ يأخذوا بالأسباب التي تُفْضي إلى قوَّة الأُمَّة واستمرارها وعدم زوالها، ويأتي في مُقدِّمة ذلك اتباع أوامر الله تعالى واجتناب نواهيه.

أقترح 

أَقْتَرحُ بعض الممارسات العملية التي يتعيَّن على أفراد المجتمع تمثُّلها؛ لحفظ أنفسهم من الوقوع فيما يُغضِب الله تعالى، استعدادًا ليوم الأجل.

1. الالتزام بأوامر الله تعالى واجتناب ما نهى الله عنه.

2. التوبة الدائمة عما يبدر منهم من معاصي وذنوب.

الْإِثْراءُ وَالتَّوَسُّعُ 

جاء في سورة الأعراف - قبل الآيات المذكورة آنفًا- حديث عن الكافرين. قال تعالى: ﴿وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون(الأعراف: 28)؛ إذ أوردت الآية الكريمة بعض ما يحتجُّ به الكافرون من مُبَرِّرات لفعل الذنوب والكبائر، مثل:
أ . تقليد آبائهم وأجدادهم الذين سلكوا هذا الطريق على غير بصيرة أو تعقُّل.
ب. ادعاؤهم أنَّ الله تعالى هو الذي أمرهم بفعلها.

ومن ثَمَّ، فإنَّ الآية الكريمة جاءت لتُؤكِّد كذبهم على الله تعالى وافتراءَهم عليه، وتُبطِل ما نسبوه إلى الله تعالى، وتُنكِر عليهم ذلك؛ فهم دأبوا على ممارسة الأفعال الفاحشة، مثل:

1) السجود للتماثيل والحجارة.

2) التعرّي في الطواف.

3) الذبح لغير الله تعالى.

4) استحلال أموال اليتامى والضعفاء.

وغير ذلك من الأفعال المَشينة التي كان يُصِرُّ عليها أهل الجاهلية.

وقد بيَّنت الآية الكريمة أنَّ الله تعالى لا يأمر بهذه الممارسات، ولا يرضاها، وأنَّه لا ينبغي لأحد من المسلمين أنْ يتشبَّه بهؤلاء الكافرين، مُتذرِّعًا بمُبرِّراتهم وافتراءاتهم لارتكاب المعاصي والذنوب.

أربط باللغة 

الاستفهام الموجود في قوله تعالى: ﴿قل من حرّم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق﴾ هو استفهام إنكاري، يُقصَد به الإنكار على هؤلاء الذين يُحَرِّمون على أهوائهم بغير دليل من الله تعالى.

القيم المستفادة 

أَسْتَخْلِصُ بعض القِيَم المستفادة من الدرس.

1. أَحْرِصُ على التمتُّع بما أنعم الله عليَّ باعتدال من دون إسراف.

2. أؤمن بأن حق التحريم لله تعالى وحده.

3. لا أتشبَّه بالكافرين ولا أتذرِّع بمُبرِّراتهم وافتراءاتهم لارتكاب المعاصي والذنوب.