مدرسة جواكاديمي

هنا يمكنك تصفح مدرسة جو اكاديمي، المنهاج، اسئلة، شروحات، والكثير أيضاً

تزكية النفس

الدراسات الإسلامية - الصف التوجيهي أدبي

قال الله تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَن زكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاها

دلت الآية الكريمة على أنّ تزكية النفس وتهذبيهـا طـريـق الفلاح والنجاح والفوز في الدنيا والآخرة.

 

أولا: مفهوم تزكية النفس 

الارتقاء بالنفس وتطهيرها وتهذيبها بأحسن الصفات والأخلاق، لتحقيق الفلاح في الدنيا والنجاة في الآخرة.

وتقوم تزكية النفس على مقومات رئيسة ثلاثة، هي:

  1. التخلص من المعاصي، وعلاج القلوب من شهواتها وأمراضها، كالرياء والحسد والكبر، قال الله تعالى : {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}.
  2. المحافظة على أداء الفرائض والالتزام بها، والتقرب إلى الله تعالى بالنوافل المشروعة قدر  الاستطاعة.
  3. التحلي بالأخلاق الحميدة التي تهذب النفس، وتضبط السلوك.

 

ثانيا: ضوابط تزكية النفس 

يلتزم المسلم في سعيه لتزكية نفسه بضوابط، منها ما يأتي:

1- الإخلاص والمشروعية

الإخلاص: بأن يكون العمل الذي يزكي به المسلم نفسه مخلصا فيه لله تعالى، بأن يتوجه به  إلى الله تعالى وحده، بعيدا عن الرياء.

قال الله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَة}

المشروعية: يجب أن يكون عمله مشروعا، متبعا فيه لما جاء به الشرع الإسلامي،

قال الله تعالى: {وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}

فدلت الآية على أنه لا يصح الإتيان بعبادة جديدة لا أصل لها في القرآن الكريم ولا في السنة الصحيحة، ولا تصح مخالفة الشرع في كيفية أداء العبادة.  

 

2- التوازن والاعتدال

ينبغي على العبد أن يوازن في تزكية نفسه مع حاجاته المتنوعة بحيث: 

- لا يشدد على نفسه بتكليفها من العبادات ما لا تطيق.

- ولا يهمل حق جسده من الراحة والطعام والزواج والسعي في طلب الرزق، أو الترويح المشروع عن النفس.

- ولا يهمل أهله وعياله بقصد التفرغ للعبادة،

- ولا  يعطل عقله عن العلم والتفكير .

قال الله تعالى : {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلاَ تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِين}

-  الاعتدال في العبادة وعدم التشدد في ممارستها،

قال رسول الله ﷺ: "إن هذا الدين متين فأوغلوا (فتعمقوا) فيه برفق".

- لا يلزم العبد نفسه من الأعمال ما لا يطيق.

قال رسول الله ﷺ: "يا أيها الناس خذوا من الأعمال ما تطيقون".

 

3 - الاستمرارية والديمومة

- وذلك بأن يحرص المسلم على القيام بالفرائض والواجبات وعدم الانقطاع عنها.

- ويحرص أيضا على القيام بالنوافل والإكثار منها ليربي نفسه ويزكيها،  ويكون ذلك وفق قدرته واستطاعته.

قال الله تعالى: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}.

ولكن بعض الناس يكثر من الأعمال الصالحة، ويشدد على نفسه بالعبادة بأكثر من طاقتها ووسعها، ولا يستطيع الاستمرار.  لذلك وجهنا رسول الله ﷺ إلى أنّ القليل الدائم من العبادة خير من الكثير المنقطع، فقال : "إنّ الله لا يمل حتى تملوا وإن أحب الأعمال إلى الله ما دام وإن قل".

 

ثالثا: وسائل تزكية النفس 

أرشد القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة إلى كثير من الوسائل التي يزكي بها العبد نفسه، منها ما يأتي: 

1- تقوية الصلة بالله تعالى

أعظم ما يحب الله تعالى أن يتقرب العبد إليه من خلال :

  • الالتزام بالفرائض التي تشمل ما افترضه الله تعالى على عباده من صلاة وصيام وزكاة وحج، وغيرها،قال رسول الله ﷺ فيما يرويه عن ربه: "وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عنه"
  • التقرب إلى الله تعالى بالنوافل، وهي مثل الصلوات المسنونة وصيام النافلة وتلاوة القرآن الكريم التي تجلي القلوب من أثر الذنوب، والذكر الذي تطمئن به القلوب وتسعد،  قال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوب}.
  • التقرب إلى الله تعالى بالدعاء الذي يتذلل فيه العبد لربه ويستعين به وحده، قال الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُون}.

 

 2- التفكر

ويكون التفكر بالنظر في:

  • مظاهر عظمة الله تعالى وجلال أسمائه وصفاته.
  • وفي خلق الكون والنفس قال الله تعال : {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَاب * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّار} والتفكر يزيد من الإيمان واليقين بالله تعالى.

 

3- استشعار رقابة الله تعالى ومحاسبة النفس

دعا الإسلام المسلم إلى أن يحاسب نفسه ويلومها، ويسارع إلى التوبة، ويستدرك ما فاته بمزيد من الطاعات إذا فاتته طاعة أو وقع في معصية.

قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون}.

وتتحقق المراقبة بما يأتي:

  • استشعار ثواب الله تعالى وعقابه، ليبقى الإنسان محافظا على الطاعة مطمئنا لأدائها بلا تثاقل.
  • الابتعاد عن المعاصي والشهوات، فيحقق بذلك الاستقامة والثبات على الحق

 قال الله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}.

 

رابعا: آثار تزكية النفس

1- محبة الله تعالى وحفظه له

والمسلم الذي  يطهر نفسه من المعاصي، ويزكيها بالعبادات ينال محبة الله تعالى له ومحبة الناس، ويوفقه الله للخير، ويحفظه من السوء ، قال رسول الله ﷺ: "إذا أحب الله عبدا نادى جبريل إن الله يحب فلانا فأحبه فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في أهل الأرض".

2- القناعة والطمأنينة

زيادة الإيمان بالله تعالى والثقة به تحرر العبد من قيود الدنيا وشهواتها، فلا يخشى من فوات رزق أو انتهاء أجل.

والذي يؤدي العبادات بخشوع واطمئنان يشعر بلذة، لأنه يؤديها برغبة وشوق، قال رسول الله ﷺ: "وجعلت قرة عيني في الصلاة".

ويقصد بقرة العين: اللذة والسعادة.

3- الرضا والسعادة

يقل تعلق المؤمن  بالدنيا عندما يستقر الإيمان واليقين في قلبه والحرص عليها،  فلا يرتكب المحرمات للوصول إليها، وذلك لأن غاية العبد هي رضا الله تعالى وابتغاء ما عنده من أجر وثواب، فلا يصل إلى محبته بما حرم عليه.

4- علو الهمة

تزكية النفس توقظ الإيمان في نفس صاحبها ما يعينه على تحمل تكاليف الحياة ومصائبها، وتجاوز الضغوطات النفسية التي تسببها متاعب الحياة وصعوبة الأحوال، فيصبر عليها، ويبادر للأعمال الصالحة الخيرة التي تنفعه وتنفع مجتمعه، قال رسول الله ﷺ: "إنّ الله كريم يحب الكرم، ويحب معالي الأخلاق، ويكره سفسافها ".