الدرس الرابع :اليقظة القرمية في أوروبا

كان الأوروبيون على اختلاف قوميّاتهم يعيشون ضمن الإمبراطورية الرومانية كدولة واحدة، وكان ذلك يخدم الإمبراطور والبابا، وقد أيقظت حركة النهضة في هذه الشعوب التطلّع للتخلص من الإمبراطورية وإعادة بناء دولهم الخاصة بهم.

القوميّة اشتراك مجموعة من الناس في الانتماء لجنس معين، مع وجود روابط تجمعهم، منها اللغة الواحدة والثقافة المشتركة والتطلعات المتشابهة نحو المستقبل.

 

 

 

 

 

 

أولاً: اليقظة القومية

بعد أن تنبّه الأوروبيون إلى ماضيهم وأدركوا واقعهم، بدأت بوادر اليقظة القومية، منذ أواخر القرن الثامن عشر وبدايات القرن التاسع عشر، وقد كان لبعض المفكرين دور بارز في إحياء اليقظة القومية الأوروبية، فنبّهوا الشعوب إلى أهمية الوحدة والحرية والاستقلال، وتأسيس الدول القومية القائمة على فلسفة الأمة التي تجمع بين أبنائها روابط مبنية على وحدة اللغة والأرض والتاريخ المشترك. ومن أبرز هؤلاء المفكرين:

1- جان جاك روسو (۱۷۱۲م - ۱۷۷۸م)

مفكر فرنسي، أكّد في كتابه (العقد الاجتماعي) عام 1762م أن الإنسان ولد حراً، وأن المجتمع يقوم على أساس المساواة بين الأفراد في الحقوق والواجبات والحريات، وأن الشعب مصدر السلطات، بينه وبين الحكومة عقد اجتماعي، بموجبه يحقّ للشعب الخروج على الحكومة إذا أخلّت بشروط العقد.

۲- هردر (1744م-۱۸۰۳م)

المفكر الألماني الذي رأى في (اللغة) روحاً للشعب، وشبّه الأمة بالكائن الحي، تتأكد فيه بعض الصفات الوراثية مثل اللغة والعادات والتقاليد، فالأفراد الذين ينتمون لقومية واحدة تکون لهم الصفات المشتركة نفسها.

ما المقصود بنظرية العقد الاجتماعي التي دعا إليها روسو؟

أن الإنسان ولد حراً، وأن المجتمع يقوم على أساس المساواة بين الأفراد في الحقوق والواجبات والحريات، وأن الشعب مصدر السلطات، بينه وبين الحكومة عقد اجتماعي، بموجبه يحقّ للشعب الخروج على الحكومة إذا أخلّت بشروط العقد.

بين الروابط المشتركة التي تربط بين أفراد الأمة الواحدة؟

وحدة اللغة والأرض والتاريخ المشترك

ثانياً: عوامل اليقظة القومية الأوروبية

1- الثورة الفرنسية

تعد الثورة الفرنسية التي قامت عام ۱۷۸۹م، من أهم الأحداث في تاريخ فرنسا وتاريخ أوروبا والعالم؛ لما نشرته من مبادئ وأفكار تتمثل بالحرية والإخاء والمساواة، وقد رأت أن من حق الشعوب الثورة على حكوماتها الظالمة والمستبدّة. فكان لها الأثر الأكبر في إحياء اليقظة القومية لدى الشعوب الأوروبية وإعادة النظر في أوضاعهم. ويرجع الفضل في إذكاء الروح القومية عند الشعوب الأوروبية جميعها للثورة الفرنسية خاصةً الشعب الفرنسي، إذ أسهمت سلسلة الحروب التي خاضها نابليون مع الدول الأوروبية في نشر مبادئ الثورة الفرنسية في أوروبا، ومهدت سياسته لقيام الوحدة القومية، وإلغاء الامتيازات الطبقية وبقايا القيود الإقطاعية، والسعي إلى تحقيق العدالة والمساواة، وإزالة العوائق التجارية، ومساعدة الشعوب الأخرى على محاربة الظلم والاستبداد والطبقية.

 

۲ - الحروب الفرنجية

لعبت الحروب الفرنجية دوراً مهماً في قيام اليقظة القومية الأوروبية، فبعد أن اختلط

الفرنجة بالمسلمين في بلاد الشام، ولمسوا طبيعة القيم الإسلامية من تسامح وحرية

ومساواة، عادوا إلى بلادهم، فنقلوا هذه القيم التي تركت أثرها في شعوب أوروبا.

 

ثالثاً: نتائج اليقظة القومية الأوروبية

من نتائج اليقظة القومية الأوروبية في أوروبا الآتي:

1- الثورة الصناعية

وهي من أهم نتائج اليقظة القومية في أوروبا؛ لأنها أدّت إلى ظهور المخترعين في فروع الصناعات المختلفة، وترتب عليها زيادة الإنتاج وتكوين رؤوس الأموال.

۲ - التقدم الاقتصادي

ارتبطت الثورة الصناعية بالتقدم الاقتصادي الذي دفع الدول الأوروبية إلى البحث عن أسواق تجارية بينها، مثل ما حصل في ألمانيا، فقد قدمت فكرة لإنشاء الاتحاد الجمركي بين الولايات الألمانية، عرف باسم (الزولفرين) بزعامة بروسيا عام 1844م، وبموجبه أُعلنت حرية التجارة، وأُلغيت التعرفة الجمركية بين الولايات الألمانية، فكان هذا الاتحاد خطوة في طريق الوحدة الاقتصادية، التي مهدت بعد ذلك إلى الوحدة السياسية، وقد ظهر تفكير مماثل في (بيدمونت) و (لومباردیا) و (البندقية) وغيرها من المدن الإيطالية.

 

3- ظهور الدول القومية

أدت اليقظة القومية الأوروبية إلى قيام ثورات تُنادي بالوحدة، وقد شارك بهذه الثورات الطلاب والعمال والفلّاحون ودعاة الحرية، وكان من نتائجها ظهور الدول القومية الموحدة، وأشهرها إيطاليا وألمانيا، فقد كانتا ممزقتين سياسياً مع وجود مقومات الأمة الواحدة في كل منهما، وبعد تحقيق الوحدة فيهما دخلتا بوابة التنافس بين الدول الكبرى في أوروبا، وبدأتا تتسابقان للحصول على أسواق ومستعمرات خارج أوروبا، منافسةً بذلك الدول الكبرى خاصة بريطانيا وفرنسا.