النقل

ارتبطَت ظاهرةُ التنقُّلِ بالإنسانِ منذُ وجودِه على سطحِ الأرضِ؛ فقدْ كانَ ينتقَّلُ منْ مكانٍ إلى آخرَ بحثًا عنِ الغذاءِ والأمنِ. ومرَّت ظاهرةُ التنقُّلِ بمراحلَ مختلفةٍ، وبلغَت ذروتَها في النصفِ الثاني منَ القرنِ العشرينَ بسببِ تطوُّرِ وسائلِ النقلِ الحديثةِ

مراحلُ تطوُّرِ وسائلِ النقلِ

1- كانَ الأشخاصُ يتنقلونَ على أرجلِهم حاملينَ بضائعَهم على أكتافِهم ورؤوسِهم، أو كانوا يجرُّونَها على الأرضِ ويسحبونَها باليدِ والحبالِ.

2- ثمَّ استخدموا الحيواناتِ للركوبِ على ظهورِها ونقلِ البضائعِ بوساطتِها،

3- بدأَ اختراعُ المراكبِ الشراعيَّةِ لنقلِ البضائعِ ثقيلةِ الحجمِ عبرَ المُسطَّحاتِ المائيَّةِ في الألفِ الثالثِ قبلَ الميلادِ.

4- في بداياتِ القرنِ التاسعَ عشرَ الميلاديِّ اختُرِعَت أولى المركباتِ التي تعملُ  بوساطةِ المُحرِّكِ البخاريِّ، وكانَت تلكَ بمثابةِ الانطلاقةِ في عالمِ صناعةِ وسائلِ النقلِ الحديثةِ التي لم يتوقعْها الإنسانُ كصناعةِ الطائراتِ.

5- اختراعُ أوَّلِ طائرةٍ في الولاياتِ المُتَّحدةِ الأمريكيَّةِ منْ قِبِل الأخوينِ رايت،

6- اختُرِعَت المركباتُ الفضائيَّةُ وغيرُها الكثيرُ منْ وسائلِ النقلِ المُختلفةِ والمُتنوِّعةِ ما بينَ البرِّيَّةِ، والبحريَّةِ، والجوِّيَّةِ.

 أهمِّيَّةُ النقلِ

1- المجالُ الاقتصاديُّ: يُسهمُ النقلُ في زيادةِ معدَّلِ التبادلِ التجاريِّ بينَ الدولِ وارتفاعِ قيمةِ الأراضي، وزيادةِ الإنتاجِ في مختلفِ القطاعاتِ الاقتصاديَّةِ التنمويَّةِ.

2- المجالُ السياسيُّ: يُحافظُ النقلُ على وحدةِ الدول جغرافيًّا منْ خلالِ سهولةِ الحركةِ داخلَها، ويُساعدُ على وحدةِ المناطقِ الجغرافيَّةِ وزوالِ خطرِ العُزلةِ والانقسامِ والانفصالِ، وخاصَّةً في الدولِ ذاتِ المساحاتِ الكبيرةِ مثلِ الولاياتِ المُتَّحدةِ الأمريكيَّةِ والصينِ وروسيا الاتحادية.

3- المجالُ الاجتماعيُّ: يُساعدُ النقلُ على اتصالِ أبناءِ الدولةِ الواحدةِ، ونموِّ المُدنِ وتوسُّعِها.

أنواعُ وسائلِ النقلِ

 يمكنُ تقسيمُ وسائلِ النقلِ إلى الأنواعِ الآتيةِ:  

1- النقل البري :          

هو النوعُ الذي يعتمدُ فيهِ الإنسانُ على وسائلَ مثلِ: السَّيَّاراتِ والشاحناتِ والقطاراتِ والأنابيبِ، لنقلِ السلعِ والبضائعِ ومصادرِ الطاقةِ والمياهِ منْ مِنطقةٍ إلى أخرى.

2- النقلِ المائيِّ ويُقسمُ إلى قسمينِ:

أ- النهريِّ: استخدمَ الإنسانُ الطرقَ النهريَّةَ والقنواتِ المائيَّةَ في النقلِ منذُ القدمِ كنهرِ النيلِ في مصرَ والسودانِ، ونهري دجلةَ والفراتِ في العراقِ، والراينِ والسينِ في فرنسا

 

ب- البحريِّ: يُعدُّ منْ أهمِّ وسائلِ النقلِ، إذْ يتمُّ نقلُ ما يزيدُ على 75 %منَ التجارةِ الخارجيًّةِ العالميَّةِ منْ خلالِه، ويرجعُ ذلكَ إلى إمكاناتِه في نقلِ كمِّيَّاتٍ كبيرةٍ منَ البضائعِ إلى مسافاتٍ بعيدةٍ بطريقةٍ آمنةٍ، وقلَّةِ تكاليفِه الماليَّةِ مُقارنةً معَ وسائلِ النقلِ الأخرى، ومنْ أبرزِ الأمثلةِ عليهِ ناقلاتُ النفطِ العملاقةُ.

واصلَ الإنسانُ مساعيه لتطويرِ النقلِ فشَقَّ قنواتٍ مائيَّةً لتصلَ بينَ المُسطَّحاتِ المائيَّةِ، مثلَ: قناةِ السويسِ وقناةِ بنما؛ لتسهيلِ حركةِ النقلِ البحريِّ، وتقليلِ التكلفةِ الماليَّةِ، واختصارِ الوقتِ.

قناة السويس: تربطُ قناةُ السويسِ بينَ البحرِ المُتوسِّطِ والبحرِالأحمرِ، شُقَّت في الأراضي المصريَّةِ عامَ 1869م، بطولٍ يصلُ إلى 193 كم.

قناةُ بنما: افتُتحَت قناةُ بنما في عامِ 1914م، وهي تربطُ بينَ المُحيطيْنِ الأطلسيِّ والهادي، وتُعدُّ قناةُ بنما ممرًّا رئيسًا للتجارةِ العالميَّةِ؛ إذِ اختصرَت ما يُقاربُ 12500كم بينَ السواحلِ الشرقيَّةِ والغربيَّةِ للولاياتِ المُتَّحدةِ الأمريكيَّةِ.

3. النقلِ الجوِّيِّ: يستخدمُ الإنسانُ الطائراتِ في حركتِهِ وفي نقلِ البضائعِ؛ لأنَّها تتميَّزُ بتوفيرِ الوقتِ والراحةِ، رغمَ ارتفاعِ أسعارِها مُقارنةً بالنقلِ البحريِّ والبرِّيِّ

أثرُ العواملِ الجغرافيَّةِ في النقلِ

يتمُّ تحديدُ نوعِ وسيلةِ النقلِ المثاليَّةِ بناءً على طبيعةِ التضاريسِ والظروفِ المُناخيَّةِ السائدةِ في المنطقةِ.

وسيلةُ النقلِ المثاليَّةُ: هي تلكَ الوسيلةُ السهلةُ التي تكونُ مُتاحةً ومُناسبةً لطبيعةِ التضاريسِ والمُناخِ السائدِ وعددِ السكَّانِ في المِنطقةِ.

1- التضاريس: تقلُّ الكثافةُ   السكَّانيَّةُ في المناطقِ المُرتفعةِ وتضعف فيها حركة النقل وشبكات الطرق كالمناطقِ التي تمتدُّ فيها جبالُ الهملايا في آسيا وجبالُ الأنديزِ في أمريكيا الجنوبيَّةِ، وجبالُ الروکی في أمركيا الشماليَّةِ.

أمَّا التضاريسُ التي تمتازُ بالاستواءِ وقلَّةِ الانحدارِ فانَّها تُساعدُ على تمهيدِ الطرقِ وتعبيدِها ومدِّ السككِ الحديديَّةِ؛ فمثلًا السهلُ الأوروبيُّ العظيمُ وسهولُ أمريكا الشماليةِ وسهولُ آسيا تُعدُّ منْ أكثرِ مناطقِ العالمِ كثافةً في شبكاتِ الطرقِ والسككِ الحديديَّةِ.

2- المناخ:  ويظهرُ أثرُ المُناخِ بعناصرِهِ المُختلفةِ على وسائلِ النقلِ؛ فمثلًا في شمالِ سيبريا وكندا تتجمَّدُ معظمُ هذهِ المناطقِ شتاءً، وعليه؛ تتعذَّرُ الاستفادةُ منَ الأنهارِ كوسيلةِ نقلٍ مائيٍّ أقلَّ تكلفةً، فتضطرُ الدولُ إلى البحثِ عنْ وسائلِ نقلٍ أخرى تتلاءمُ معَ ظروفِ هذهِ المناطقِ كالسككِ الحديديَّةِ والطرقِ البرِّيَّةِ، ويؤدِّي ذلكَ إلى رفعِ تكلفةِ النقلِ، ورفعِ سعرِ السلعِ؛ فقدْ أثَّرَ إنشاءُ سكَّةِ حديدِ سيبيريا بصورةٍ كبيرةٍ في تماسكِ أجزاءِ الدولةِ وتطوُّرِ الإنتاجِ الزراعيِّ وخاصَّةً محصولَ القمحِ ونقلهُ إلى الأسواقِ، كما أسهمَ تطوُّرُ وسائلِ النقلِ في توسُّعِ المناطقِ الحضريَّةِ إلى المناطقِ التي لمْ تكنْ مأهولةً بالسكَّانِ.

النقلُ في الأردنِّ

  يمتلكُ الأردنُّ بنيةً تحتيَّةً مُتطوِّرةً لشبكاتِ الطرقِ، معَ أكثرَ منْ (8000 كم ) منَ الطرقِ السريعةِ المُعبَّدةِ التي تربطُ مدنَ شمالِ الأردنِّ بجنوبِه، ويُعدُّ الأردنُّ بلدًا لمرورِ السلعِ (الترانزيتِ) بينَ الدولِ المُجاورةِ.

تأسَّسَت شركةُ الخطوطِ الجوِّيَّةُ الملكيَّةُ الأردنيَّةُ سنةَ 1963م.

 

وقدْ بلغَ إجماليُّ طولِ السككِ الحديديَّةِ في الأردنِّ 505 كم؛ حيثُ تُنظَّمُ رحلةٌ منْ محطَّةِ عمّانَ إلى مِنطقةِ الجيزةِ، كما تُستخدَمُ سككُ الحديدِ في نقلِ الفوسفاتِ إلى ميناءِ العقبةِ للتصديرِ؛ وذلكَ ضمنَ برنامجٍ مُحدَّدٍ.

 وفي الأردنِّ ثلاثُ مطاراتٍ: مطارِ الملكةِ علياءَ الدوليِّ وهو أكبرُ المطاراتِ، ومطارِ عمَّانَ المدنيِّ (ماركا)، ومطارِ الملكِ حسين في مدينةِ العقبةِ.

كما يوجدُ منفذٌ بحريٌّ وحيدٌ هوميناءُ العقبةِ الذي تمرُّ منْ خلالِه جميعُ البضائعِ القادمةِ للأردنِّ والمُتَّجهةِ إلى العراقِ وفلسطينَ، ويتوفَّرُ في الميناءِ كافَّةُ الساحاتِ والمُستودعاتِ لتخزينِ البضائعِ الواردةِ إلى الميناءِ.

يرتبطُ الأردنُّ بعدَّةِ معابرَ حدوديَّةٍ برِّيَّةٍ معَ دولِ الجوارِ؛ فمعَ فلسطينَ منْ خلالِ جسرِ الشيخ حسين والملكِ حسينْ، ومع  سوريَّة عبر مركزَي حدود جابِر والرمثا، ومع العراق عبر مركز  حدود  الكرامةِ، ومع السعوديّة عبر مراكز العمري والدرّة ِ والمدورةِ.