مدرسة جواكاديمي

هنا يمكنك تصفح مدرسة جو اكاديمي، المنهاج، اسئلة، شروحات، والكثير أيضاً

المقالة

القضايا الأدبية - الصف التوجيهي أدبي

المقالة

فنٌ أدبيٌّ نثري، يتناول موضوعًا معيّنًا بهدف إقناع قارئه بتقبُّل فكرة ما أو إثارة عاطفته تجاهها، وقد تظهر فيه شخصية الكاتب.

ظهرت ملامح المقالة في أدبنا العربي منذ القرن الثاني للهجرة، وتمثّلت في أحسن صورها في رسائل الجاحظ، التي أشبهت من بعض الوجوه المقالة العربية الحديثة.

صيفية (٢٠٢١): الرسائل التي أظهرت ملامح المقالة في أدبنا العربيّ في أحسن صورها هي رسائل:

أ- إبراهيم المازني      ب- ابن المقفع       ج- القاضي الفاضل       د- الجاحظ

ثم اتخذ شكل المقالة حديثًا منحًى آخر من حيث موضوعها وأسلوبها، فأصبحت تُعنى بتحليل مظاهر الحياة المعاصرة وتتناولها بالنقد والتحليل، حتى نستطيع القول: إنها عُدَّت فنّا أدبيّا جديدًا، فقد كان لظهور بعض الصحف كصحيفة «الوقائع المصرية»، والمجلات كمجلة «المشرق» سنة (1898م)، أثرٌ كبيرٌ في انتشار المقالة في الأدب العربي الحديث وظهورها بقالبها الجديد. ويُعَدُّ كل من: إبراهيم المازني، وأحمد حسن الزيّات، وعبّاس محمود العقاد من أشهر كتّاب المقالة في الصحافة العربية المبكرة.

1 - الخصائص والعناصر

اتّسمت المقالة الحديثة:

١-بقربها من الناس ومعالجة مشكلاتهم العامة والخاصة.

٢-الميل إلى بث الثقافة العامة لتربية أذواق الناس وعقولهم.

٣- اتّصفت بالوضوح في التعبير، والدقة في الوصف ،والإيجاز في العرض.

عناصر المقالة الرئيسة:

تعتمد المقالة على عناصر ثلاثة:

- لغة موجزة يُراعى فيها اختيار الكلمات المناسبة ذات الدلالات الواضحة بعيدًا عن التكرار والزيادة.

- فكرة الموضوع التي تعبّر عن وجهة نظر كاتب المقالة في موضوع ما،

- عاطفة تسهم في تقديم فكرة المقالة بفاعلية وتأثير كبيرين، وغالبًا ما تظهر العاطفة في الموضوعات الإنسانية.

2- نوعا المقالة

المقالة الحديثة نوعان: المقالة الذاتية، والمقالة الموضوعية.

فالمقالة الذاتية حرة في طريقة عرضها، لا يضبطها ضابط، ويندر فيها الجدل والنقاش وهي تُعنى بإبراز شخصية الكاتب، وتعبّر عن تجربة حيويَّة تَمرَّس بها. أما المقالة الموضوعية فتحرص على التقيّد بما يتطلّبه الموضوع من منطق في العرض والجدل وتقديم المقدمات واستخراج النتائج؛ فهي تعرضه بشكل مبسّط وواضح خالٍ من الشّوائب التي قد تؤدي إلى الغموض واللبس، ولا تكون شخصية الكاتب جلية فيها، إنما نراها ما بين السطور.

والمقالة الموضوعية قد تكون علمية، أو نقدية، أو سياسية، أو اجتماعية. ويتحدد حجم المقالة بتعدد فكرة موضوعها فقد تأخذ صفحة أو أكثر على ألا تكون صفحاتها كثيرة.

3- المقالة في الأردن

لم يعرف الأردن المقالة إلا في القرن العشرين إثر انتشار التعليم وظهور الصحافة. إذ كان لإصدار المجلات، مثل مجلة «القلم الجديد» التي أصدرها عيسى الناعوري في عمان سنة(1952م) ومجلة «المنار» في القدس، ومجلة «الأفق الجديد» تلتها مجلة «أفكار» أثر بيّنٌ في تطوير المقالة الأدبية الأردنية، فقد حرص كتّابها على عرض ما يقدّمون بأسلوب جذّاب، مستفيدين من أساليب الكتابة التي يستخدمها كتّاب عرب في مجلات أكثر عراقة .

ومن أشهر كتّاب المقالة الأردنيين: عيسى الناعوري، وحسني فريز، وعبد الحليم عباس، وخالد الكركي، وإبراهيم العجلوني، وطارق مصاروة، وحسين جمعة.

ونمثّل بمقالة للكاتب الأردني الدكتور حسين جمعة بعنوان (أفكار والزمن):

" نصف قرن ومجلة أفكار تتحرك وتخطو بعناد ودون توقّف يذكر، لم يخفت صوتها أو ينل الزمن من فتوَّتها وعز شباها، وكأنها سارية خفاقة تنبض بهبات العصر وعبق التبدّلات الحادة، وجدية الاستمرار ومحاورة الخلود، وعدم الانصياع لحشرجات الزوال والفناء.

ثمّة انطباع وشبه اتفاق على اعتدال مزاجها وتوجهها، وقبول سيرتها ومسيرتها، وتقبل ما تنسجه وتحوكه من مواد وموضوعات تساير مدركات الأغلبية، وتستحوذ على اهتمام القارئ متعدد الميول والرغبات والأذواق، وتنفتح على المواهب الناشئة، و لا تتوقف على جيل دون آخر، أو تسير في خط ضيق يتبنى تيارا معينا ويقتصر عليه.

إنها ملك الجميع، تسعى دائما إلى تجاوز عرض القضايا والإشكاليات من منظور مغلق استبعادي لطرف على حساب رأي طرف معين، تأخذ بالوسطية في الطرح والتناول والأسلوب. وهذا التوجه حصّن الأسس وأشاد الأعمدة لصمود البناء، ولم يترك مجالاً لمسؤول أن يهدم الجدران ليقيم بنيانه الفردي أو يخضعها لتصوره الخاص، ناهيك عن المسّ بجوهرها وسلب نواتها؛ فاحتفظت أفكار بلباقتها الفكرية وملامحها الثقافية العامة، وظلت ملك معظم المثقفين والهواة من شتّى المذاهب والاتجاهات، ولم نشهد أحدًا تنكَّر جادّا لمشروعية خطها العام وانسيابية حراكها والوثوق من مصداقية خطوها ومسيرتها؛ فكان لها الأثر البليغ في الحياة الثقافية والأدبية والحراك الإبداعي في الأردن، وصمدت بثبات في وجه أي تراخٍ في الاستمرار أو التباطؤ في أوقات الصدور .

هذا لا يعني أن درب أفكار كان ممهَّدا وعريضًا، ولم تتعرض لخضات وأوقات عصيبة، حيث أصابتها أوجاع المنطقة، وأجبرها العدوان الصهيوني الغادر عام (1967م) على التوقّف الإجباري عدة سنوات، لتعود إلى الظهور كدورية فصلية لأكثر من عقد من الزمان، وتتحول بعد ذلك إلى مجلة شهرية كعهدها الأول، لكن في شكل جديد وتنظيم شديد ما تزال تحافظ عليه حتى الآن؛ مع أن فصولها ومضامينها لم تشهد انتقالات جذرية واسعة، في ظل تتابع هيئات التحرير المتكررة، التي يجري تغييرها وفق إرادة المسؤولين الكبار، وحسب منظورهم الشخصي وتقديراتهم الذاتية وعلاقاتهم بالحراك الثقافي... هذه هي المرة الثالثة التي أسجل فيها انطباعاتي عن مجلة أفكار ودورها في الحراك الثقافي والفكري. وأشهد بإخلاص، بغض النظر عن بعض المتاعب التي تواجه المجلة ومحرريها، أن النية في الدفع بمسيرتها والاستظلال باندفاعاتها تراود الجميع، سواء أكانوا قرّاء أم مسؤولين كبارا ".