مدرسة جواكاديمي

هنا يمكنك تصفح مدرسة جو اكاديمي، المنهاج، اسئلة، شروحات، والكثير أيضاً

القصّة القصيرة

القضايا الأدبية - الصف التوجيهي أدبي

القصّة القصيرة

فنٌ أدبيٌّ نثريٌّ يتناول حكاية ما تعالج قضايا الإنسان ومشكلاته وتطلعاته وآماله.

يرى كثير من الباحثين أن القصص الأوروبية في عصر نهضة أوروبا تأثرت بالأدب الفارسي المتمثل في كتاب «كليلة ودمنة» الذي ترجمه ابن المقفع إلى العربية وكانت فكرته الأساسية القصص التي تقال على ألسن الحيوان.

وللقصة حضور في الأدب العربي؛ فالأمثال العربية قصص في إطار محكم، وتذكر المصادر بعض القصص العاطفية القديمة بوصفها مثالًا على البداية المبكرة لظهور القصة القصيرة في التراث العربي، مثل قصة «زنوبيا»، وقصة «المرقش الأكبر» مع أسماء بنت عوف، كما كان للعرب قصص تاريخية استُقيت من أيامهم وبطولاتهم وأُعمل فيها مخيلات كاتبيها.

صيفية (٢٠٢٠) القصة التي تعد مثالا على البداية المبكرة لظهور القصة القصيرة في التراث العربي:

أ- زنوبيا      ب- كليلة ودمنة        ج- في القطار      د- أول الشوط

ظهرت القصة القصيرة فنا أدبيا عربيا في العصر الحديث في بدايات القرن العشرين، وتذهب بعض الآراء إلى أن أول قصة قصيرة عربية بالشكل المتعارف عليه كانت قصة «في القطار» لمحمد تيمور. ومن أشهر كتّاب القصة القصيرة زكريا تامر، ويوسف إدريس، ومحمود سيف الدين الإيراني.

1- القصّة القصيرة في الأردن

تتحدد بدايات القصة القصيرة الأردنية بظهور المجموعة القصصية «أغاني الليل» (1922م) لمحمد صبحي أبو غنيمة. أما مجموعة «أول الشوط» (1937م) لمحمود سيف الدين الإيراني فتعدّ بداية شوط قصصي طويل لكاتب تمكّن من متابعة تجربته وتطويره طوال العقود المتتالية، وأسهم عن طريق شخصيته وثقافته وإنتاجه المتصل في تأكيد مكانة القصة القصيرة بين الفنون الأدبية.

صيفية (٢٠١٩): المجموعة القصصية التي تحدّد بظهورها بدايات القصة القصيرة الأردنية:

أ- أول الشوط    ب- أغاني الليل      ج- في القطار       د- القهوة والخريف

وثمة عوامل ساعدت على تطور فن القصة القصيرة في الأردن، أهمها عاملان: سياسي، وثقافي:

أ- العامل السياسي: تغير البنية السياسية للأردن من إمارة إلى مملكة عام (1946م)، ولا سيّما أن الملك عبد الله الأول –رحمه الله– كان ممن شاركوا في إرساء قواعد هذه النهضة وذاك التطور .

ب- العامل الثقافي: تمثّل بالتوسّع في التعليم نوعًا وكمّا بمراحله المختلفة، وانتشار وسائل الثقافة وتعدد المؤسسات المعنية بها والداعمة لحركة النشر، علاوة على أن معظم الصحف الأردنية خصصت ملاحق ثقافية احتفت بنشر الإنتاج القصصي، كما ظهرت الاتحادات والروابط الأدبية والثقافية، مثل: نادي أسرة القلم، ورابطة الكتّاب الأردنيين ،واتحاد الكتّاب والأدباء الأردنيين.

اهتمّت القصة القصيرة في هذه الحقبة بالرؤية الداخلية، بحيث أصبحت تكشف عن أعماق الشخصية ونبضها وحركتها الانفعالية، دون أن يكون هناك كبير عناية بالعالم الخارجي، إلا من حيث كونه مثيرا لانفعالات الشخصية وحركتها الداخلية، ويتبع ذلك كثرة الاعتماد على الراوي المتكلم الذي يروي قصته بنفسه .

صيفية (٢٠٢١): ما ينطبق على القصة القصيرة في الأردن في العصر الحديث:

أ- عنايتها بالعالم الخارجي للشخصية.

ب- ابتعادها عن الاعتماد على الراوي المتكلم. 

ج- اعتمادها على الحوار بدلا من الراوي.

د- اهتمامها بالرؤية الداخلية لتكشف عن أعماق الشخصية.

كتّاب القصة القصيرة في الأردن في الألفية الجديدة:

جمال ناجي، وجمال أبو حمدان، وعقلة حداد، وسناء الشعلان، وسعود قبيلات، ونايف النوايسة، ومفلح العدوان.

2- عناصر القصة القصيرة

أ- الحدث: هو أوضح العناصر في القصة وأكثرها شيوعًا، وهو مجموعة من الوقائع والأفعال التي يرتبط بعضها ببعض ويتبع بعضها بعضا، وعليه تقوم القصة القصيرة؛ لأنه يتصف بالوحدة لا التعدد، ويستقطب انتباه القارئ. ولكي يحقق الكاتب هذا الهدف يعمد إلى طريقة سهلة مبسطة، فهو يرسم المشاهد ويصف المواقع التي تدور فيها الأحداث بحيث تصبح كأنها ستارة من ستائر المسرح الخلفية.

ب- الشخوص: هي التي يقع لها الحدث أو يحدث معها الفعل المرتبط به وتتفاعل معه. وتعد الشخصية الإنسانية مصدر إمتاع وتشويق في القصة، لعوامل كثيرة؛ منها أن هناك ميلا طبيعيّا عند كل إنسان إلى التحليل النفسي ودراسة الشخصية.

جـ- البيئة (الزمان والمكان): بيئة القصة هي حقيقتها الزمانية والمكانية؛ أي كل ما يتصل بوسطها الطبيعي .

د - الحوار: هو كل كلام يجري بين شخصين أو أكثر من شخوص القصة. وهو من أهمِّ الوسائل التي يعتمدها الكاتب في رسم الشخوص وبناء حبكته القصصية، وبواسطته تتصل شخوص القصة في ما بينها اتصالًا صريحا مباشرا.

والحوار في القصة نوعان:

الحوار الداخلي (المونولوج): وهو حديث الشخصية مع ذاتها في القصة.

الحوار الخارجي (الديالوج): وهو ما يدور بين شخوص القصة من حديث.

هـ- الحبكة (العقدة): هي سلسلة الأحداث التي تجري في القصة، حيث تتأزم وصولًا إلى الذروة، مرتبطة عادة برابط السببية. وهي لا تنفصل عن الشخوص، وبداية الصراع في القصة هو بداية الحبكة، والحادث المبدئي هو المرحلة الأولى في الصراع، ونهاية الصراع هي نهاية الحبكة.

و- الحل (النهاية): تنتهي القصة القصيرة بإحدى النهايتين الآتيتين:

١. النهايات المفتوحة: يترك الكاتب في نهاية قصته مجالًا للتفكير كأن يختم قصته باستفهام في ختام الصفحة الأخيرة، فتكون النهاية أكثر إثارة للقارئ ودفعا لفضوله، وحثا لمخيلته كي تنشط وتجهد، فيبقى النص معلقا متأرجحا لاحتمالات متعددة.

٢. النهايات المغلقة: يكون الكاتب قد أوجد الحل في نهاية قصته. فهي لا تترك وراءها سؤالًا أو استفهاما، بل ترد في صيغة إخبارية تقريرية.

وفي ما يأتي نموذج قصة قصيرة للكاتب الأردني عقلة حداد بعنوان " القهوة والخريف":

«أفقتُ مبكرًا، أشعلتُ النور ونظرتُ إلى الساعة، فإذا بها قد تجاوزت الثالثة والنصف بقليل .. تركت السرير واتجهت إلى النافذة لأملأ صدري ببعض الهواء.. داهمتني العتمة، فلم أميز شيئا بادئ الأمر، غير أني لمحت خيوط النور الضعيفة تنتشر في دوائر ضيقة.. الصمت يطبق على كل شيء.. ومن بعيد تأتي خشخشة السماعات، لعله المؤذن يستعد ويتحفز ليدعو الناس للعبادة..

أحسَّ الظلامُ بدبيب الحياة، ونفذ الخوف إليه حينما تململ الفجر، فبدأ يسحب أطراف وشاحه، ويلملم ثنايا ردائه، ويتجه نحو بحر الظلمات.. في اللحظات تلك تركتُ النافذة ..وتجولتُ في أطراف البيت. كانت نغمات التنفس هي الشيء الوحيد المميز.. فكرتُ أن أبعث الحركة فيهم ليستمتع الجميع معي بروعة اليقظة المبكرة، لكن صوتا من خلفي فاجأني وهو يقول: صباح الخير يا أبي..

- التفتّ إلى الخلف: من؟

- بِشْر!

- ابتسمتُ له قائلا: أخفتَني يا ولدي وأفسدتَ عليّ خطتي..

- أحببتُ أن أسيطر على برنامج الدراسة الذي وضعتُ..

- وفّقك الله..

تركني وفي وجهه التصميم، وفي عينيه الإرادة والعزم.. رحتُ أفكر فيه.. فتًى في مقتبل العمر قوي الإرادة، تعدّى السادسة عشرة ببضعة أشهر..

ما هذا الصوت؟! ..إنه صوت تنفس الصغيرة «رانية». حرّكتُها قليلا إلى أن عاد التنفس طبيعيّا.. رتبت الغطاء على جسمها، نظرت إليها، فرأيت ملامح الطفولة على وجهها وصور البراءة على محياها. يا لها من طفلة شقية، كثيرة الحركة.. حتى في نومها هي كذلك.

آه؛ لقد نسيت القهوة.. ربما (فارت) وأنا أفكر بهذه الصغيرة ..أسرعتُ، لكني وصلت متأخرا فقد انطفأ الغاز وانسكبت القهوة .

سأل «بِشْر»: هل هناك شيء على (الغاز) يا أبي؟ فابتسمتُ..

وضعت الإبريق من جديد على (الغاز)، واتجهت للنافذة.. وحينما اقتربتُ فاجأني هزيم الرعد القوي، ووميض البرق الشديد، وانهمر المطر بعنف، والزخاتُ تصدر موسيقا خاصة وهي تسقط على أوراق الخريف وفوق أغصان الشجر ..أهي عاصفة؟ كيف تأتي ونحن نعاني من موجة حرِّ وخمول! ربما هي عاصفة عابرة. ما أجمل المطر وهو يدقُّ النوافذ! وما أروع رشقاته وهي تضرب الشارع في موسم غير متوقع! اشتدي أيتها العاصفة ونظفي الشوارع..

سأوقظ زوجتي لتشاهد المطر معي والعاصفة.. ولكنها تخشى البرق والرعد. ربما هي مستيقظة.. لا.. لا.. إنها متعبةٌ جدا هذه الزوجة الرائعة.. كم هي جادّة في عملها، حماستها هي هي، داخل البيت وخارجه مخلصةٌ وفيةٌ، كانت معي طوال سنوات الرحلة، بالمستوى نفسه من الحماسة والقوة والاندفاع، تقف بجانبي، دومًا تناقشني، تريدني ألا أتراجع، وأن أتقدم دوما وباستمرار، لم تتذمر يومًا وفي أحلك الظروف كانت معي، فهل أبخل عليها في هذا الفجر الخريفي العاصف بفنجان من القهوة نحتسيه معا ونحن نسمع المطر يعزف على نوافذ الواجهة الزجاجية؟!

أيقظتُها وقلت لها: «انهضي لقد جاء ضيف لمدينتنا.. جاء رسول الشتاء في وقت مبكر هذا العام ..إنه المطر.. انظري إليه وهو ينهمر بقوة، ورشقاته تضرب الأرض بعنف، والبرق يشرع سيفه، والرعد يضرب طبوله.. هيا انهضي.»

فتحت عينيها على وميض البرق، ثم سمعت قصف الرعد: ما هذا؟! أهي عاصفة؟ أجل يا زوجتي.. انهضي لنشرب فنجانًا من القهوة أمام هذه اللوحة العنيفة.

وأسرعتُ إلى المطبخ من جديد عندما تذكرت القهوة. لحقت بي الأسرة عندما ندتْ عني صرخة لا إرادية وأنا أشاهد الإبريق بلا ماء، ولونه رمادي كأوراق الخريف ..أحسّت الأسرة بالحزن الخريفي المتفشي في أعماقي، اقتربوا جميعا مني.. التفّوا حولي، وأخذوا بيدي إلى الغرفة المطلة على العاصفة.. ودون أن يقولوا شيئا، كانت القهوة على موقد الغاز تُصنع من جديد.»

باستعراض النموذج السابق للقصة القصيرة نجد أن شخصية البطل اهتمت بسرد الأحداث والوقائع التي جرت في مكان معين وهو المنزل الذي يسكن فيه مع أسرته، وفي زمن معين هو وقت الفجر. وبالرغم من أن البطل روى بلسان المتكلم إلا أن الحوار بنوعيه قد ظهر - وإن كان مقتضبا - بين الأب وابنه بِشْر وزوجته، وحواره مع نفسه. ويلحظ اهتمام القصة بالرؤية الداخلية لشخصية البطل وكشفها عن أعماق شخصيته وحركاته الانفعالية وتأثره بالعالم الخارجي المثير للانفعالات الشخصية، كما يبدو الصراع فيها جليّا عند نسيان القهوة وهي تفور وكون ذلك دليلًا على الحزن الذي يتفشى في أعماقه. وقد أبدع الكاتب في توظيف الصور البيانية التي أضفت على النص جمالا وحيوية، ومن ذلك مداهمة العتمة له، وإحساس الظلام بدبيب الحياة، وسماعه عزف المطر على واجهة الزجاج الأمامية.