الفصل الأول : الجذور التاريخية للقضية الفلسطينية

 الفصل الأول: الجذور التاريخية للقضية الفلسطينية    

تقع فلسطين على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، وتتمتع بموقع إستراتيجي مهم، إذ تتوسط الوطن العربي، وتعد حلقة الوصل بين قارتي آسيا وأفريقيا. وتعاقبت على أرضها كثير من الحضارات، وكان أول من سكنها العرب الكنعانيون حتى إنها عرفت ب (أرض كنعان).  

     تعرضت فلسطين إلى الغزوات الآشورية والبابلية والفارسية واليونانية والرومانية حتى مجيء الفتح العربي الإسلامي، ومن ثم شهدت غزو الفرنجة والمغول بسبب ما اعترى الدولة العربية الإسلامية من ضعف.

   وفي أواخر القرن التاسع عشر ظهرت الأطماع الصهيونية في فلسطين، إذ سعت الحركة الصهيونية إلى إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، بالتعاون مع الدول الاستعمارية آنذاك (بريطانيا، فرنسا، روسيا)، ولتحقيق هذا الهدف عقد اليهود مجموعة من المؤتمرات في الربع الأخير من القرن التاسع عشر، من أهمها المؤتمر الصهيوني الأول. 

الحركة الصهيونية:  هي حركة سياسية عنصـرية استيطانية، هدفت إلى إنشاء وطنً قومي لليهود في فلسطين استنادا إلى مزاعم تاريخية لا أساس لها من الصحة، وسميت بذلك نسبة إلى تل صهيون في القدس.

أولا: المؤتمر الصهيوني الأول

عقد المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة بال بسويسرا في عام 1897م بزعامة ثيودور هرتزل، الذي تقرر فيه:

1- إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين عن طريق الوسائل والإجراءات الآتية:

أ- تشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين.

ب- كسب تأييد دول العالم لتحقيق أهداف الصهيونية.

ج- تنظيم اليهود وربطهم بالحركة الصهيونية.

2- تشكيل المنظمة الصهيونية العالمية ( بزعامة ثيودور هرتزل).

3- إنشاء الوكالة اليهودية التي تُعنى بإسكان المهاجرين اليهود وتوطينهم في فلسطين، وجمع الأموال في صندوق قومي بهدف شراء الأراضي في فلسطين.

4- تنمية الحس والوعي القومي عند اليهود، وتعزيزهما.
    وقد حرص هرتزل على تحقيق المشروع الصهيوني عن طريق الاتصالات الدبلوماسية، ومحاولة تشجيع الدول الكبرى، ولا سيما بريطانيا على تبني هذا المشروع،

وحاول هرتزل إقناع الدولة العثمانية بمنحه تسهيلات لهجرة اليهود إلى فلسطين، إلا أن طلبه قوبل بالرفض من السلطان العثماني عبد الحميد الثاني.

      وعندما فقد اليهود الأمل بمساعدة الدولة العثمانية توجهوا للتحالف مع القوى الاستعمارية للحصول على مساندتها والمشاركة في خططها الاستعمارية، وفي الحرب العالمية الأولى عقدت الدولتان الاستعماريتان (بريطانيا وفرنسا) اتفاقية سايكس - بيكو السرية في عام 1916م التي كان من بنودها وضع فلسطين تحت إشراف دولي، وفي الثاني من تشرين الثاني من عام 1917م أصدرت بريطانيا وعد بلفور الذي يقضي بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وبذلك تنصلت من وعودها للعرب بزعامة الشريف الحسين بن علي، الذي أصر على عروبة فلسطين بوصفها جزء لا يتجزأ من الأرض العربية، ومن الدولة العربية التي وعد الحلفاء باستقلالها بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، وقد فضل الشريف الحسين بن علي خسارة عرشه والنفي على التفريط بفلسطين، حيث قال:”لا يمكن أن يذهب شبر من أراضي فلسطين وأنا وأولادي أحياء على وجه الأرض، فإنا نحافظ على أصغر قرية في فلسطين محافظتنا على بيت الله الحرام، ونريق في سبيل ذلك آخر قطرة من دمائنا“.

سايكس - بيكو مارك سايكس:  مستشار سياسي ودبلوماسي وعسكري بريطاني، كان متخصصًا بشؤون الشرق الأوسط ومناطق سوريا الطبيعية في الحرب العالمية الأولى. فرنسوا جورج بيكو: سياسي دبلوماسي فرنسي وقع اتفاقية سايكس - بيكو عن الجانب الفرنسي بعد الحرب العالمية الأولى لاقتسام مناطق النفوذ مع بريطانيا في منطقة الهلال الخصيب.

 ثانيًا   الإدارة العسكرية والانتداب البريطاني على فلسطين:

دخلت القوات البريطانية فلسطين في عام 1917م مستغلة انشغال الدولة العثمانية بالحرب العالمية الأولى، وأرسلت بعثة صهيونية إلى فلسطين، للقيام بما يأتي:
1 - فتح مكتب للبعثة الصهيونية في فلسطين لمتابعة شؤون اليهود فيها .
2 - الاتصال بالأقلية اليهودية في فلسطين للتمهيد لإقامة الوطن القومي اليهودي.
3 - محاولة السيطرة على بعض المواقع والممتلكات الإسلامية المهمة بشراء المنطقة المحيطة بالممر المؤدي إلى حائط البراق.
4 - عقد مؤتمر  صهيوني في مدينة يافا في عام 1918م وكان من قراراته :
أ - تأكيد إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين .

ب - إطلاق كلمة إسرائيل على الأراضي المعروفة تاريخيًّا باسم فلسطين

ولتوحيد الصف الوطني والتصدي للمشاريع الصهيونية عمل زعماء فلسطين ووجهاؤها على تشكيل الجمعية الإسلامية المسيحية الفلسطينية في القدس، والتي دعت إلى عقد المؤتمر العربي الفلسطيني الأول في عام 1919م الذي أكد فيه المؤتمرون أن فلسطين وشرق الأردن جزء لا يتجزأ من سوريا الكبرى.

     وبناءً على مبادئ الرئيس الأمريكي ويلسون في حق الشعوب في تقرير مصيرها، اقترح إرسال لجنة إلى بلاد الشام والعراق عرفت باسم لجنة (كينغ- كراين) في عام 1919م للنظر في مطالب أهالي البلاد ورغباتهم، حيث اجتمعت كلمة العرب في العراق وبلاد الشام على المطالبة باستقلال سوريا الكبرى ورفض اتفاقية سايكس - بيكو ووعد بلفور، وقد أيد أهالي القدس وغيرها من مدن فلسطين هذا القرار.

اقرأ النص الآتي ثم أجب عما يليه:

بعد أن أنهت لجنة (كينغ كراين) مهمتها في مدن فلسطين سافرت إلى عمان واستمعت إلى ممثلي أهالي شرق الأردن، واستطلعت آراءهم، فطالبوا بلاستقلال للبلاد العربية المحررة جميعها بالحماية والوصاية، وعدم تجزئة هذه البلاد، ورفض الانتداب البريطاني والفرنسي عليها، ورفض اتفاقية سايكس بيكو ووعد بلفور، وكل اتفاقية من شأنها تقسيم البلاد، وإقامة وطن قومي لليهود فيها على حساب العرب المسلمين والمسيحيين.                                                                           (بتصرف، أكرم زعيتر، وثائق الحركة الوطنية الفلسطينية 1918-1939م، ص 30)

* - علام يدل تشكيل الجمعية الإسلامية المسيحية الفلسطينية عام 1919م؟

- لتوحيد الصف الوطني والتصدي للمشاريع الصهيونية.

- المطالبة باستقلال البلاد العربية  المحررة بلا حماية ولا وصاية

- عدم تجزئة هذه البلاد.

- رفض الانتداب البريطاني والفرنسي عليها.

- رفض اتفاقية سايكس بيكو ووعد بلفور , وأي اتفاقية شأنها تقسيم البلاد  وإقامة وطن قومي لليهود فيها على حساب العرب المسلمين والمسيحيين.
    وفي عام 1920م عقدت (بريطانيا، وفرنسا، وإيطاليا) مؤتمر سان ريمو لتطبيق بنود اتفاقية سايكس بيكو التي نصت على وضع كل من

- الأردن والعراق وفلسطين تحت الانتداب البريطاني،

- وسورية ولبنان تحت الانتداب الفرنسي،

- تضمن الاتفاق أن تلتزم الدولة المنتدبة على فلسطين بتنفيذ بنود وعد بلفور.

     وعلى إثر مؤتمر سان ريمو دخل الجيش الفرنسي إلى دمشق بعد انتصاره على الجيش العربي في معركة ميسلون في عام 1920م التي استشهد فيها القائد يوسف العظمة، وقررت الحكومة البريطانية تحويل الإدارة العسكرية في فلسطين إلى إدارة مدنية، وتعيين هربرت صموئيل اليهودي مندوبًا ساميًا في فلسطين، فأصدر من جهته قانونا يسمح بتدفق المهاجرين اليهود إلى فلسطين.