مدرسة جواكاديمي

هنا يمكنك تصفح مدرسة جو اكاديمي، المنهاج، اسئلة، شروحات، والكثير أيضاً

الخاطرة

القضايا الأدبية - الصف التوجيهي أدبي

الخاطرة

فنٌ نثريٌ حديث، ارتبط في نشأته بالصحافة في مختلف مناحيها الأدبية والثقافية والاجتماعية والسياسية. والخاطرة قصيرة نسبيا وتعبّر عن فكرة عارضة طارئة كأنَّها ومضة ذهنية أو شعورية، وهي تندرج تحت عنوان ثابت في الصحيفة أو المجلة، وتكون عادة بلا عنوان.

كلمة "خاطرة" مأخوذة من عبارة (مرَّ بالخاطر)؛ أي جال بالنفس أو القلب، وهو ما يمرُّ بالذهن من الأمور والآراء. وقد وردت كلمة خاطر في كتاب «سيد الخاطر» لابن الجوزي، الذي أورد فيه مجموعة من الخواطر التي تُعنى بالقيم الإنسانية فقيّدها بالكتابة؛ لكي لا تُنسى.

وقد ظهرت مجموعة من الكُتَّاب العرب ممن اشتهروا بكتابة الخاطرة، نذكر منهم: أحمد أمين، وخليل السكاكيني، وجبران خليل جبران. ومن الكتّاب الأردنيين: صلاح جرار، ولانا مامكغ، وأحمد حسن الزعبي، وإبراهيم العجلوني.

يغلب على الخاطرة الجانب الوجداني المليء بالإحساس الصادق والعواطف الجياشة، فلذلك يمكن أن يتطرق كاتب الخاطرة إلى جوانب ليس لها حدود في ما يخطر في باله، وتتلاءم مع متطلبات القراءة السريعة.

تكميلية (٢٠٢١): ما يجعل كاتب الخاطرة يتطرّق إلى جوانب ليس لها حدود:

أ- غلبة الجانب الوجداني عليها          ب- اعتمادها على إثبات رأي.

ج- اعتمادها دوما على الصورة الفنية.    د- اعتمادها على الأدلة والبراهين

 

تختلف الخاطرة عن المقالة بشكل عام من حيث:

1- الحجم، فالخاطرة عادة تكون قصيرة لا تتجاوز الصفحة، أما المقالة فقد تبلغ عدة صفحات.

2- لا تعتمد الخاطرة على إيراد الأدلة والبراهين لإثبات رأي أو قناعة ما، بينما نجد ذلك واضحا في المقالة، ولا سيّما المقالة الموضوعية.

3- تعتبر الفكرة في الخاطرة وليدة لحظتها وطارئة، أما فكرة المقالة فهي مدروسة ومنتقاة.

4- تكتب الخاطرة بتلقائية كفقرة واحدة متواصلة، بينما للمقالة شكل خاص وعناصر محددة.

 

الخصائص الفنية للخاطرة

١- تكون قوية التعبير تعبّر عمّا في نفس كاتبها.

٢- تكون فكرتها واضحة، وجملها متوازنة تتلاءم مع مستوى إدراك القارئ.

٣- تعتمد أحيانًا بحسب موضوعها ونوعه على الصور الفنية والتشبيهات المجازية والاستعارات ما يجعل لها تأثيرا في نفس القارئ.

ونمثّل بخاطرة للكاتب الأردني إبراهيم العجلوني:

«نذكر من مجتمع القرية الذي أدركناه صغارا أنَّ ثمّة شخصيات كانت تمثّل مجموعة من القيم ذات الحضور في ذلك المجتمع البسيط المحدود. كان (فلان) رمزًا للقوة البدنية التي قد تنعقد حولها الأساطير، وكان (علّان) رمزًا للتقوى البالغة درجة الولاية ذات الكرامات، وكان في القرية من يبلغ في الذكاء مرتبة لا مزيد وراءها ومن يبلغ في النخوة أو في الكرم مبلغًا يذكّر بعنترة العبسي أو بحاتم الطائي. وفي الجملة يمكن القول: إنَّه كان لكلٍّ قيمةٌ عُليا من القيم التي تعطي للحياة معنى من يمثلها أو يقدم أنموذجًا مشهودًا لها. حتى في مجتمع المدينة الصغيرة لأول تشكّله كان ثمة من هو مثال في البطولة أو في الغنى (القوة الخيرة والمال المحترم) أو في الذكاء والدهاء (الإدارة والسياسة) أو في غير ذلك من مناحي الحياة وتجلياتها. الآن.. وبعد تطاول العقود وتراخي السنين وتفاقم الازدحام صرنا نبحث عن أنموذجات ملموسة للقيم بحث الظمآن في البيداء عن شربة ماء، ولم يتمخض العددُ الكبيرُ التماوجِ عن كيفيات يُستهدى بها إلا أن يكون ذلك فَبْركة أو صناعة إعلامية أو دعوى داحضة بغير دليل. لقد تقدمنا على المستوى المادي الاستهلاكي، وتخلّفنا تخلفًا معجبًا على مستوى (القيمة)، فامتلكنا ظاهر الغنى وواقع الفقر في لحظة حرجة لا بدَّ أن تتظاهر الإرادات منّا على تجاوزها، لقد شغفنا سغفًا مرضيا بالتنمية التي لا تزكية للقلوب فيها، وصار (التراكم الكمّي) هو غايتنا القصوى ومبتغانا الرئيس، وغفلنا عن الجانب الأخلاقي من حياتنا حتى إن (العقل) وهو النصير الظهير للأخلاق صار عندنا (عقلًا أداتيّا)، يمارس مهاراته في نقص القيم التي تمنح الحياة معناها ويمتثل شاغرًا في خدمة (اللاأخلاقية) التي تلقي بظلالها الكئيبة على واقع البشرية البئيس. حال تقتضي – لدى العقلاء – التماس سبل النجاة منها.. فالتمسوا لأنفسكم إن كنتم تعقلون.»

باستعراض النموذج السابق نلاحظ أن الكاتب يقارن بين مجتمعين تطاولت بينهما العقود وتبدّلت فيهما القيم، وأصبح الكمُّ مقدّما على النوع، وقد عبّر عما يجول في نفسه بوضوح وبجمل متوازنة تلائم مستوى إدراك القارئ أيا كانت ثقافته بعيدة عن التعقيد والتكلف، ومركزا على الجانب الوجداني حين يطلب التماس سبل النجاة من الحال التي انتهينا إليها.