مدرسة جواكاديمي

هنا يمكنك تصفح مدرسة جو اكاديمي، المنهاج، اسئلة، شروحات، والكثير أيضاً

التعايش الإنساني

التربية الإسلامية - الصف المواد المشتركة توجيهي

التعلم القبلي

الإسلام دين إنساني يساوي بين الناس كافَّةً، ويُعامِلهم بالعدل والرحمة بصرف النظر عن اختلاف أعراقهم وأديانهم.

ولمّا هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المُنوَّرة نظَّم العلاقة بين أفراد المجتمع، وكتب وثيقة أقرَّت الحقوق والواجبات للمواطنين جميعًا (رجالًا ونساءً) على اختلاف معتقداتهم، وضمنت لهم الأمن على حياتهم وأملاكهم.
وفي العام السادس للهجرة، عقد النبي
صلى الله عليه وسلم صلح الحديبية مع مشركي قريش، واتُّفِق فيه على هدنة بين الطرفين مُدَّتها عشر سنين، وقد انشغل النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون فيها بنشر الإسلام.

أفكر وأبين

أُفَكِّرُ في بنود وثيقة المدينة المُنوَّرة، ثمَّ أُبَين أثرها في علاقة أفراد المجتمع بعضهم ببعض.

ضمنت وثيقة المدينة المنورة الأمن على معتقدات أفراد المجتمع وأملاكهم وحياتهم مما أدى إلى العيش الآمن.

 

 

الْفَهْمُ وَالتَّحْليلُ

أعلل: من حكمة الله تعالى أنْ جعل الناس مختلفين في أعراقهم وثقافاتهم.

ليحصل بينهم التكامل والتعارف والتعاون.

أولًا: مفهوم التعايش الإنساني

يُقصَد بالتعايش الإنساني: تقبُّل الآخرين على اختلاف معتقداتهم وأعراقهم وثقافاتهم، واحترامهم، والتعامل معهم في جوانب الحياة المُتعدِّدة وَفق مبادئ الشريعة الإسلامية.

ثانيًا: مبادئ التعايش الإنساني في الإسلام

يقوم التعايش الإنساني في الإسلام على أُسس عِدَّة، أبرزها:
أ . وحدة الأصل البشري:

- أكَّد الإسلام أنَّ الناس يرجعون في وجودهم إلى أصل واحد. قال تعالى: ﴿يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالًا كثيرًا ونساءً [النساء: 1]. وهذا سبب كافٍ للتعايش بين الناس، وتحقيق المصالح المشتركة بينهم.

- أكَّد رسول الله صلى الله عليه وسلم في خُطبة الوداع حقيقة وحدة الخَلْق في قوله صلى الله عليه وسلم: «يَا أَيهَُّا النَّاسُ، أَلَا إنَِّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإنَِّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لعَِرَبيٍِّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا لعَِجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى » [رواه أحمد].
ب. الكرامة الإنسانية:

-أثبت الإسلام مبدأ الكرامة الإنسانية لجميع البشر. قال تعالى: ﴿ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلًا[الإسراء: 70] . -التكريم يستوي فيه الناس جميعًا دون النظر إلى الدين والجنس والعِرْق. قال تعالى: ﴿يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم [الحجرات: 13].
ج. الحرية: أعلى الإسلام من قيمة الحرية، وجعلها حقًّا للجميع ضمن ضوابط لا تُالِف الشرع أو القانون.
-للحرية صور عديدة، أبرزها حرية الإنسان في الاعتقاد. وقد جاء في القرآن الكريم ما يُؤكِّد حرية اختيار الدين، وعدم الإكراه عليه. قال تعالى: ﴿لا إكراه في الدين
[البقرة: 256]، وقال تعالى مُخاطِبًا نبيَّه صلى الله عليه وسلم: ﴿أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين[​​​​​​يونس: 99].
 

أَستنتِجُ 

أَقرأُ فيما يأتي نصَّ العهدة العمريّة ثم أَستنتجُ مبادئ التّعايش الإنساني الواردة فيها:

"هذا ما أعطى عبد الله، عمر أمير المؤمنين، أهل إيلياء من الأمان، أعطاهم أمانًا لأنفسهم وأموالهم، ولكنائسهم وصلبانهم، وسقيمها وبريئها، وسائر ملتها؛ أنه لا تسكن كنائسهم، ولا تهدم، ولا ينتقص منها، ولا من حيِّزها، ولا من صليبهم، ولا من شيء من أموالهم، ولا يُكرهون على دينهم، ولا يضارّ أحد منهم. (الطبري في تاريخه)

أكدت العهدة العمرية على بقاء أماكن العبادة وترك حرية ممارسة العبادات والمحافظة على بيوت العبادة وحرمة الاعتداء عليها. (حرية الإنسان في الاعتقاد)

د . الحوار بالحسُْنى:

دعا الإسلام إلى الحوار الذي يقوم على احترام الآخر.

الدليل:قال تعالى: ﴿ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ[النحل: 125] .
-نهى الإسلام عن الجدال المذموم

أعلل : لماذا نهى الإسلام عن الجدال المذموم؟

لأنهَّ يُزعزِع دعائم التعايش السلمي.

- نهى الإسلام المسلمين عن سَبِّ الآخر وشتمه، وهذا ما أكَّده القرآن الكريم.

الدليل: قوله تعالى: ﴿وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ كَذَٰلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ[الأنعام: 108] .
ه. البِر والإحسان:

حَثَّ الإسلام على الإحسان إلى الناس جميعًا حتى لو كانوا مخالفين لنا في الدين والعقيدة، ما لم يكونوا مقاتلين أو معادين للمسلمين.

الدليل: قال تعالى: ﴿لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ[الممتحنة: 8].

- حرص الإسلام على رعاية غير المسلمين الذين يقيمون في المجتمع المسلم، وكَفَل لهم حقوقهم ومصالحهم، وعمل على توثيق أواصر التعايش بينهم وبين بقية أفراد المجتمع؛ بأنْ أباح للمسلمين أكل طعام أهل الكتاب.

الدليل:قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ۖ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ [المائدة: 5].
و . العدالة:

أمر الإسلام بمعاملة جميع الناس بالعدل حتى لو كانوا أعداءً.

الدليل:قال تعالى: ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُوا ۘ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ[المائدة: 2].

- حَثَّ الإسلام على دفع الظلم عن الناس؛ سواء كانوا من المسلمين، أو من غير المسلمين. الدليل: رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أنْ مَنَّ الله تعالى عليه بالرسالة ذكَّرنا بما رآه من مبادرة عظيمة في مَكَّة المكُرَّمة يوم حِلْف الفضول؛ إذ تعاقد أهل مَكَّة على نصرة المظلوم وردع الظالم، فقال صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ عُمومَتي حِلْفًا في دارِ عَبْدِ الله بْنِ جُدْعانَ ما أُحِبُّ أَنَّ لي بِهِ حُمْرَ النَّعَمِ » [رواه ابن حَبّان].

ثالثًا:مجالات التعايش الإنساني

تتنوَّع مجالات التعايش الإنساني، وتتعدَّد. ومن ذلك:
أ . التعايش الديني: هو الإقرار بحرية الآخرين في اختيار معتقداتهم.

الدليل: قال تعالى: ﴿لكم دينكم ولي دين[الكافرون: 6].

ويكون ذلك بالسماح لأهل الديانات الأُخرى بحرية الاعتقاد، وحرية ممارسة شعائرهم الدينية، وعدم الاعتداء على أماكن عبادتهم؛ إذ لم يُنسَب إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه أجبر أحدًا على اعتناق الإسلام. قال تعالى:﴿ فذكر إنما أنت مذكر ( 21 ) لست عليهم بمسيطر ( 22 )[الغاشية: 21 - 22].
ب. التعايش الاجتماعي: هو إظهار الاحترام لمختلف شرائح المجتمع، والمساواة بين أفرادها في الحقوق والواجبات الدنيوية، وعدم المساس بما يُفْضي إليه هذا التنوُّع من عادات وتقاليد وأعراف مُتعدِّدة لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية.

الدليل:قال تعالى: ﴿يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا [الحجرات: 13].

ومن أمثلة ذلك:

1.إشاعة الوئام مع أتباع الديانات الأُخرى في المجتمع.

2.التكافل والتضامن معهم.

3.الإحسان إليهم.

4.قبول هداياهم.

5.مشاركتهم في أفراحهم، ومواساتهم عند المصائب والأتراح.

والمحافظة - في الوقت نفسه- على الثقافة والقِيَم الإسلامية الأصيلة المُنبثِقة من العقيدة والشريعة السمحة.
ج.التعايش الاقتصادي:

تُعَدُّ إقامة العلاقات بين الشعوب ضرورةً حتميةً، وعاملً مُهِمًّا لاستقرار الأوطان، وتحقيق السَّلْم المجتمعي، وجلب الرخاء الاقتصادي.

- كَفَل الإسلام لغير المسلمين الذين يعيشون في المجتمع المسلم حقَّ المشاركة في الحياة الاقتصادية، لا سيَّما أنَّ عهد النُّبُوَّة قد شهد نشاطًا ملحوظًا في العلاقات الاقتصادية مع غير المسلمين خارج حدود الدولة، وتمثَّل ذلك في شراء الحبوب من بلاد الشام التي كانت تَتْبَع الدولة الرومانية وقتئذٍ، وكان تجّار الروم يأتون إلى المدينة المُنوَّرة، ويجلبون إليها البضائع.

الدليل:  ما رُوِي عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم :«أنَّهم كانوا يتعاملون مع أنَبْاطِ الشَّامِ، وَيُسْلفُِونَُمْ فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالزَّبِيبِ إِلى أَجَلٍ مُسَمّى » [رواه البخاري].
د . التعايش السياسي: يُقصَد بذلك إقامة علاقات سياسية مع الدول والشعوب الأُخرى، والتعايش معها بعيدًا عن الصدام، ما لم تكن معادية ومحاربة للإسلام، أو مُعتدِية على المسلمين.

- كَفَل الإسلام حقَّ المُواطَنة لغير المسلمين؛ بُغْيَةَ تحقيق التعايش السياسي بين جميع أطياف المجتمع المسلم؛ ما يُسهِم في الحفاظ على السَّلْم والأمن الداخليين، ويتيح لغير المسلمين تعرُّف الإسلام ومبادئه.

- أقام المسلمون علاقات سياسية مع الدول الأُخرى على أساس السَّلْم وعدم الاعتداء. ومن ذلك ما نصَّت عليه وثيقة صلح الحديبية.

الدليل: قال تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ[البقرة: 190] .

هـ. التعايش الدولي: يُقصَد بذلك إقامة علاقات عديدة مع الدول الأُخرى، تشمل التبادل الاقتصادي، والعلمي، والثقافي، استنادًا إلى مبدأ التعامل بالمثِْل وعدم الاعتداء.

الدليل: قال تعالى: ﴿لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [الممتحنة: 8].

صُوَرٌ مُشْرِقَةٌ

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستقبل الوفود، ويلتقي بهم في المسجد، بوصفه أنسب مكان لاستقبال الوافدين من أهل الكتاب وغيرهم؛ سواء كانت هذه الوفود حاضرة لطلب العلم، أو عقد المعاهدات وإبرامها. ومن هذه الوفود: وفد عبد القيس، ووفد نجران.
● لمّا كتب النبي
صلى الله عليه وسلم وثيقة المدينة المُنوَّرة، فإنَّه لم يجعل المُواطَنة للمسلمين وحدهم، بل حرص صلى الله عليه وسلم أنْ تشمل غير المسلمين، بمقتضى الإقامة في المدينة المُنوَّرة، والالتزام بأحكام الوثيقة؛ إذ نصَّت في أحد بنودها على أنَّ غير المسلمين المقيمين في المدينة أُمَّة مع المؤمنين، لهم من الحقوق والواجبات ما للمسلمين بصفة عامَّة؛ فقد جاء فيها: «يهود بني عوف أُمَّة مع المؤمنين ...

رابعًا: آثار التعايش الإنساني

للتعايش الإنساني آثار تعود بالنفع على الفرد والمجتمع. وهذه أبرزها:
أ . إرساء مبادئ الإسلام الإنسانية والأخلاقية للتعامل مع الآخر برفق وتسامح، وفتح المجال أمام الدعوة إلى دين الإسلام.
ب. انتشار السَّلْم والأمن في أوساط المجتمع.
ج. ازدهار الحياة الاقتصادية والاجتماعية، ونهضة المجتمع؛ نتيجةً لتبادل الخبرات والمعلومات والأفكار مع الآخرين، والانتفاع بما لديهم؛ شرط ألّا يتعارض ذلك كله مع ثقافة المسلم ودينه.

الْإِثْراءُ وَالتَّوَسُّعُ

دعا الإسلام الناس إلى التعايش والتسامح فيما بينهم، لكنَّه وضع لذلك جُملة من الضوابط التي تَحكمه. ومن ذلك:
1) احترام خصوصية المجتمع، وعادات الناس، وتقاليدهم، وأعرافهم.
2) احترام قِيَم الإسلام ومبادئ الشريعة الإسلامية، ورفض التقليد على غير بصيرة أو تعقُّل.
3) احترام سيادة الدولة وأنظمتها وقوانينها، ومنع التدخُّل الخارجي والإملاءات التي تفرضها المنُظَّمات العالمية.

من الأمثلة على التعايش الإنساني بين طوائف المجتمع الأردني على اختلاف أديانها وأعراقها:

- الوصاية الهاشمية على المُقدَّسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف.

- استضافة الملايين من اللاجئين.

- العمل من أجل الحوار والسلام العالميين.
- مشاركة المملكة الأردنية الهاشمية في مبادرة الوئام العالمي بين الأديان.

- الدعوة إلى قِيَم التعاطف والتسامح والرحمة والعيش المشترك داخل المجتمع الأردني، وترسيخها بين الناس جميعًا على اختلاف أعراقهم ومعتقداتهم.