مدرسة جواكاديمي

هنا يمكنك تصفح مدرسة جو اكاديمي، المنهاج، اسئلة، شروحات، والكثير أيضاً

الإشاعة

الدراسات الإسلامية - الصف التوجيهي أدبي

  التعلّم القبليّ

دعا الإسلام إلى التثبُّت من صحّة الأحداث والأخبار قبل نقلِها، وحثَّ على تحرّي الصدق في ذلك، وجعله طريق المؤمن إلى الجنة. قال رسول الله ﷺ: (إنَّ الصِّدقَ يَهدي إلى البِرِّ، وإنَّ البِرَّ يَهدي إلى الجنَّةِ) [رواه البخاري ومسلم] وقد نوَّه الإسلامُ بأنَّ أبرز ما يُميِّز المسلمَ هو سلامتُه مِن إيذاء الناس بلسانه ويده. قال رسول الله ﷺ: (المسلِمُ من سلمَ الناس من لسانِهِ ويدِهِ، والمؤمنُ من أمِنَهُ النَّاسُ علَى دمائِهِم وأموالِهِم) [رواه النسائي].

أَتأمَّلُ وأُبيِّنُ

أتوقف

الكلام المسيء الذي ينهى الإسلام عنه، لا يقتصر على ما يتحدّث به الإنسان، وإنّما يشمل كلَّ وسيلةٍ ممكِنةٍ للتعبير عن هذا الكلام، مثل: الكتابة، والرسم، والتمثيل، والغناء، ووسائل التواصل الاجتماعي على اختلافها وتنوعها.

أَتأمَّلُ الحديث النبوي الشريف الآتي، ثم أُبيِّنُ أهمية حفظ اللسان:

قال معاذ بن جبل رضي الله عنه: كنتُ معَ النَّبيِّ في سفَرٍ، فَقالَ لي: (كُفَّ عليكَ هذا)، فقُلتُ: يا نبيَّ اللهِ، إِنَّا لمؤاخَذونَ بما نتَكلَّمُ بِه؟ قال: (ثَكلتكَ أمُّكَ يا معاذُ، وَهل يَكبُّ النَّاسَ في النَّارِ علَى وجوهِهِم، أو علَى مناخرِهم، إلَّا حصائدُ ألسنتِهم) [رواه البخاري].

أوصى سيدنا رسول الله ﷺ  معاذ بن جبل رضي الله عنه أن يُمسك لسانه عن استخدامه فيما لا يرضي الله تعالى، وأن يتقي الله في هذا العضو، تأكيدًا على أهمية حفظ اللسان؛ لأنه سببٌ في الوقوع في كثيرٍ من الآثام، ويقود صاحبَه إما إلى الجنة وإما إلى النار.


الفهم والتحليلُ

   تعاني كثيرٌ من المجتمعات الإنسانية مخاطر عدَّة تؤثِّر في قوَّتها وترابطها، وتُعدُّ الإشاعة أحدَ المخاطر التي تؤثِّر سلبًا في الفرد والمجتمع.

أَولًا: مفهوم الإشاعة

الإشاعة: تَدَاوُلُ خبَرٍ مكذوبٍ لا أصلَ له من الصحة، ونشْرُه بين الناس مِن دُون تثبّتٍ.

   تهدف الإشاعة غالبًا إلى إحداث أثرٍ سلبيٍّ بين الناس، ويُلاحظ أنّ تأثيرها اليومَ قد ازْداد، لا سيَّما في ظلِّ التقدُّم التكنولوجي، وتطوُّر وسائل التواصل الاجتماعي، وهو يأخذُ أشكالًا متنوعة، مثل: الطُّرفة، والدعاية السّاخرة.


 

ثانيا: خطورة انتشار الإشاعة على الفرد والمجتمع

   يترتب على انتشار الإشاعة مجموعة من المخاطر التي تؤثر في الفرد والمجتمع، ومنها:

أ- الوقوع في الإثم والمعصية: ذلك أنّ الإشاعة تقوم على نشر الكذب. قال رسول الله: (كفى بالمرءِ كذِبًا أنْ يُحدِّث بكلِّ ما سَمِعَ) [رواه مسلم]، وقال ﷺ: (وإنَّ الكَذِبَ يَهدي إلى الفُجُورِ، وإنَّ الفُجُورَ يَهدي إلى النّار) [رواه البخاري ومسلم]. وقال تعالى: {إنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} [النور:19].

ب- تضليلُ الرأي العام: وذلك بتقديمِ معلوماتٍ غير صحيحةٍ على نحوٍ مُتَعَمَّدٍ؛ لدفْعِ الناس إلى الاعتقاد بفكرةٍ ما، أو زعزعة قناعاتهم، وجعلهم منحازين إلى رأيٍ مُعَيَّنٍ. وهذا ما فعله فرعونُ مع قومه كما أخبر القرآن الكريم بذلك. قال تعالى: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ} [غافر: 26].

ج- تفكيك الروابط الاجتماعية: ذلك أنَّ الإشاعة تؤدي إلى انتشار الحقد والكراهية بين أفراد المجتمع، وتفكيك الروابط الأسرية. وقد ذكر القرآنُ الكريم أنّ ذلك مِن صفات المنافقينقال تعالى: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} [التوبة:47] (خَبالًا: فسادًا، ولَأَوَضْعُوا خِلَالَكُم: لَأَسْرَعُوا بينكم بالنّميمة للإفساد، يَبْغُونكم: يطلبون لكم).

د- إفساد العلاقة بين الدول: إذ تعمل الإشاعات على إضعاف العلاقات بين الدول بنشر أخبارٍ مكذوبةٍ تسيء إلى رموز هذه الدول، وتدفع إلى التحريض عليها.

هـ- تدمير منظومة القيم والأخلاق في المجتمع، مثل: الصدق، والأمانة. وكذا تدنِّي مستوى الشعور بالمواطنة الصالحة، وظهور التعصُّب، وذلك عندما يُقصَد بنشر الإشاعة كسْبُ التأييد والتعاطفِ لفئةٍ معيَّنة من المجتمع قد تجمعها روابطُ دينية، أو عِرْقية، أو إقليمية، أو حزبية، أو رياضية، وما شابَه. قال رسول الله (ليس مِنّا مَنْ دَعَا إلى عصبيَّةٍ) [رواه أبو داود].

و- تهديد الأمن والاستقرار: وبخاصةٍ في الظروف غير الطبيعية، مثل الحروب، والكوارث، وما تُسبِّبه الإشاعة في مثل هذه الظروف والأحوال من اعتداءٍ على الممتلكات العامَّة والخاصة وتخريبها، ومِن زعزعةِ ثقة الناس بالدولة وأجهزتها ورموزها. كما أشاع المنافقون عن سيدنا رسول الله ﷺ أنه يُصدِّق الكلامَ الذي يسمعه مِن الناس دون تمحيصٍ أو تثبُّتٍ بقولهم: (هو أُذُنٌ)، لكنَّ الله تعالى بيَّن أنّ نبيَّه محمدًا ﷺ هو أُذُنُ خيرٍ، يَعْلَمُ الصادقَ مِن الكاذبِ. قال تعالى:{وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ} [التوبة:61].

أُفكِّرُ

أُفكِّرُ في أثر الإشاعة السلبي في اقتصاد الدولة.

للإشاعة تأثير سلبي كبير في اقتصاد الدولة، حيث تعمل على إضعاف رغبة المستثمرين في استثمار أموالهم في مشاريع داخل الدولة، كما تُسهم في هجرة رؤوس الأموال خارجها، وما ينتج عن ذلك من ضياعٍ لفرص العمل، وزيادة نسبة البطالة، وانخفاض مستوى دخل الفرد، وضعف الانتاج.

 أَتأمَّلُ وأستنتجُ

أتأمَّلُ الأمثلة الآتية، ثُمَّ أَستنتجُ خطر انتشار الإشاعة الذي يُسبِّبه كلٌّ منها:

المثال خطر انتشار الإشاعة
أشاعت قناةٌ فضائيّةٌ أنَّ أحد البنوك المحلية سيُعلِن إفلاسَه. تهديد الأمن والاستقرار 
أشاع أحدُ رُوَّاد مواقع التواصل الاجتماعي أنَّ دولةً أجنبيةً ستطرد رعايا إحدى الدول. إفساد العلاقات بين الدول
نشر أحد المواقع الإلكترونية شائعةً مفادُها أنَّ أحد المسؤولين متورِّطٌ في قضية فساد. تفكيك الروابط الاجتماعية
أشاعت مجموعةٌ من الأشخاص خبرَ انتشار وباءٍ قاتلٍ بقصد التسلية. تضليل الرأي العام

 

ثالثًا: سُبُل الوقاية من الإشاعة

   نظرًا إلى خطورة الإشاعة وتأثيرها المدمِّر، وضع الإسلام منهجا مُحْكَمًا لمحاربتها والوقاية منها، وذلك عن طريق مجموعةٍ من الوسائل والأساليب، أهمّها:

أ. حفظ اللسان: وذلك بتحريم الكذب وقول الزور، والامتناع عن اللّغو؛ لأنّ نشر المعلومات غيرِ الموثوقة، وبخاصةٍ إن كان القصدُ منها الإضرارَ بالآخرين يُعدُّ من الكذب المحرَّم. قال رسول الله ﷺ: (كَبُرَتْ خِيَانَةً أَنْ تُحَدِّثَ أَخَاكَ حَدِيثًا هُوَ لَكَ بِهِ مُصَدِّقٌ، وَأَنْتَ لَهُ بِهِ كَاذِبٌ) [رواه أبو داود].

ب. تغليب حُسْن الظنِّ، والتحذير من الظنِّ السيّئ: لأنَّ الظنَّ السيِّئ يدفع الإنسان إلى الخوض في شؤون الناس. قال تعالى: { لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا} [النور: 12].

ج. التثبُّت من صحّة الأخبار: ذلك أنّ تصديقها أو نشْرَها قبل التحقُّقِ مِن صحّتها قد يؤدِّي إلى اتّهام الأبرياء وظُلْمِهم، ونشْر العداوة والبغضاء بين النّاس. قال تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات:6].

د. دحض الإشاعة بالحقائق الواضحة: وذلك ببيان بطلانها مِن قِبَل الجهات الرسمية؛ ما يمنعُ تناقُلَها وانتشارَها في حال وَصَلَتْنا. قال تعالى: {وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ[النور:16] (بُهْتَانٌ: باطل).

هـ- السّتر، وعدم نشر أسرار الناس، قال رسول الله ﷺ: (وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) [رواه ابن ماجه].

أتوقف
تعدُّ وسائلُ التواصل الاجتماعي اليومَ واحدةً من أوسع الطرائق وأسرعها في نشر الإشاعات؛ ما يُوجِب التعامل معها بحذرٍ شديدٍ، ونشْرَ الوعيِ بتأثيرها الكبير في الأفراد والمجتمعات، والالتزامَ بالقوانين المنظِّمة لِعملِها، ومُحاسَبةَ مَن يسيء استخدامها.

و. تفعيل القوانين التي تُحاسِبُ ناشِري الإشاعات: ما يردع ضِعَافَ النفوسِ عن الإساءة إلى الوطن وأبنائه، ويتحقق الوعي لدى أفراد المجتمع بضرورة التعاون على تحصين وطنهم من الإشاعة، وحمايته من خطرها. قال تعالى: {لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا} [الأحزاب:60] (المُرْجِفُونَ: الكاذبون).

أستذكر وأُناقِش

أستذكرُ بعض الإشاعات التي انتشرت في مجتمعي، ثم أُناقشُ وسائل التعامل معها.

إشاعة انتشار وباء أقوى من كورونا، وأنّ الحكومة ستقوم بمنع الناس من الخروج من بيوتهم فترة طويلة جدا، وكان التعامل مع هذه الإشاعة بالرجوع إلى المصادر الرسمية، وبيان أنّ هذا غير صحيح.


 

رابعًا: الإشاعة في السيرة النبوية المشرَّفة (حادثة الإفك)

وصل إلى سيدنا رسول الله ﷺ أنّ بني المُصْطَلِق يتجمَّعون لمحاربتِه ﷺ في العام الخامس للهجرة، فخرج إليهم بجيشٍ، حتى باغتهم.

أتوقف

الإفك: هو الافتراء، وأسوأ الكذب.

وبعد انتصار المسلمين، سعى المنافقون الذين كانوا مع جيش المسلمين لإثارة الفتنة بين المهاجرين والأنصار، وتداركًا لهذه الفتنة أَمَر سيدُنا محمدٌ ﷺ المسلمين بالرجوع إلى المدينة المنورة.

وكانت أمُّ المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها في رِفْقَةِ سيدنا رسول الله ﷺ أثناءَ سفَرِه. ولمّا أمر النبيُّ ﷺ الجيش بالتجهُّز للرحيل، كانت السيدة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في حاجةٍ لها، ثم عادت وافتقدت عِقْدًا لها، فرجعت حيث كانت في حاجتها، ووجدت العِقْد، ولكنّها لمّا عادت إلى مكان الجيش وَجَدْته قد غادر.

فانتظرت في مكانها حتى يرجع إليها المسلمون عندما يفتقدون وجودها، فوجدها الصحابي الجليل صفوان بن المعطل رضي الله عنه، الذي طلب إليه رسول الله ﷺ أن يتفقَّد مكان الجيش، فربُّما نَسِيَ أحدُهم شيئًا مِن متاعِه.

أناخ هذا الصحابيُّ بَعِيره للسيدة عائشة حتى ركبت فوق البعير، ثمّ لحقت بالجيش. وما إنْ شاهَد المنافقون أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها تركب الجمل ويقوده الصحابيُّ صفوان بن المعطل رضي الله عنه، حتَّى تَكَلَّموا في عِرْضِها واتَّهموها بما لا يليق.

وقد انتشرت الإشاعة سريعًا، وظلَّتْ أمُّ المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها  في معاناةٍ شديدةٍ حتى أنزل الله سبحانه سورة النور، وفيها براءتُها مما اتهمُّوها فيه، وفضيحةٌ للمنافقين وضِعاف الإيمان الذين أسهموا في نشر هذا الافتراء. قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: 23].

   كَشَف القرآنُ الكريم زَيْفَ ادّعاء المنافقين، وعلى رأسهم زعيمُ النّفاق عبدُ الله بن أُبيِّ بن سَلُول الذي تولى مهمة نشر الإشاعة. قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: 11].

   كذلك وجَّه القرآنُ الكريم المسلمين إلى عدم الخوض في مثل هذا الحديث مرَّةً أخرى. قال تعالى: {يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [النور: 17].

 

أَتأمَّلُ وأَستنتجُ

أتأمَّلُ قول الله تعالى: {لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ ٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَٰتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُواْ هَٰذَآ إِفْكٌ مُّبِينٌ} [النور: 12]، ثم أستنتجُ التوجيه القرآني الذي تشير إليه الآية الكريمة فيما يخصُّ التعامل مع الإشاعة.

حُسْن الظنِّ بالمسلمين.


صورٌ مشرقة

لمَّا وقعت حادثة الإفك، واتُّهِمَت أمُّ المؤمنين السيدةُ عائشةُ رضي اللهُ عنها بالفاحشة، قال أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه لامرأته: (يا أُمَّ أيوب، لو أنَّكِ مكانُ عائشة، أَكُنْتِ فاعلَةً؟ قالت: لا، واللهِ ما كُنْتُ فاعِلةً. قال: فواللهِ عائشةُ خيرٌ منكِ) [رواه إسحاق بن رهوايه].

 

الإثراء والتوسُّع

سعى الكفّارُ على مَرِّ الزمن لنشر الإشاعات الكاذبة عن أنبيائهم عليهم السلام، ومن ذلك:

1. ما أشاعه الكفّارُ بحق أنبيائهم عليهم السلامُ مِن تُهَمٍ مختلفة: كما فعل قوم سيّدنا نوح -عليه السلامُ- باتهامهم إيَّاه بالجنون. قال تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّىٰ حِينٍ[المؤمنون:25]، وما أشاعه قومُ ثمود عن نبي الله سيّدنا صالحٍ عليه السلام من اتِّهامه بالكذب، قال تعالى: { أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ } [القمر: 25].

2. ما أشاعته امرأة العزيز عن سيدنا يوسف عليه السلامُ أنه أراد بها السوء والفحشاء، قال تعالى: { قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [يوسف:25].

3. ما أشاعه الملأ من قوم فرعون عن سيدنا موسى عليه السلام من اتِّهامه بالسِّحر. قال تعالى: { قَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109) يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ[الأعراف: 109- 110].

4. ما أشاعه كفَّار قريش بحقِّ سيدنا محمد ﷺ مِن أنَّ ما جاء به من القرآن الكريم ليس مِن عند الله تعالى، بل هو أساطيرُ نَقَلَها عن الآخرين. قال تعالى: {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الفرقان:5].


 

دراسة معمَّقة

   تناولت كثير من الدراسات والكتبِ موضوع الإشاعة، مثل كتاب:(الإشاعات الكاذبة وكيف حاربها الإسلام). وفيه فصَّل المؤلِّفُ في الحديث عن جوانب الإشاعة التي تعرض لها الأنبياء عليهم السلام، وأشار إلى بعض الإشاعات التي حاولت النّيل من سيّدنا محمدٍ ﷺ وآلِ بيْتِه الأطهار رضي الله عنهم، واستعرض الآثار السلبية لانتشار الإشاعة، وختم الحديث عن وسائل القضاء على الإشاعات الكاذبة.

باستخدام الرمز المجاور، أرجع إلى هذا الكتاب، ثم أتعمَّق في دراسة وسيلة (التثبت) للقضاء على الإشاعات الكاذبة.

وسيلة التثبت للقضاء على الإشاعة: مِن صفات العقلاء التثبُّت من صحة الأمور، وعدم التعجُّل في الحكم عليها، وهذا ما نصت عليه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة.


القيم المستفادة

أستخلص بعض القيم المستفادة من الدرس:

1) ألتزمُ منهج التثبُّت والتبيُّن قبل نشر الأخبار.

2) أحرص على نشر الوعي بين أفراد المجتمع بخطورة الإشاعة.

3) أتمثَّلُ الصِّدقَ في حديثي.