مدرسة جواكاديمي

هنا يمكنك تصفح مدرسة جو اكاديمي، المنهاج، اسئلة، شروحات، والكثير أيضاً

الأمن الغذائيّ في الإسلام

التربية الإسلامية - الصف المواد المشتركة أول ثانوي

التَّعلُّمُ القَبليُّ

  • جعل الله تعالى حفظ النّفس البشرّية مقصدًا من مقاصد الشّريعة الإسلاميّة، فشرع من الأحكام ما يحقّق لها المصالح ويدرأُ عنها المفاسد؛ فحرَّم الاعتداء عليها أو إيذاءها.
  • ودعا الإنسان إلى العناية بصحته بتناول الغذاء الصّحيّ لاستمرار حياته، وبناء جسده بناء سليمً من الأمراض ليكون قادرًا على تأدية واجبات تحقيق العبوديّة لله تعالى وإعمار الأرض.

 

الفَهمُ والتَّحليلُ

 يُعدُّ الأمن الغذائيّ أمرًا ضروريًّا تحرص عليه أيّ دولة، لذا أوْلى الإسلام العناية الكافية لتحقيقه، ووضع السّبل الكفيلة للمحافظة عليه.

 

أولاً مفهوم الأمن الغذائيّ

توفير الغذاء الصّحيّ الكافي المنتظم الذي يلبّي حاجات أفراد المجتمع.

 

ثانيَا أهمية الأمن الغذائيّ

  •  الأمن الغذائيّ حاجة ضروريّة للشّعوب، لذلك تسعى الدّول إلى تأمين المخزون الاستراتيجي من السّلع الغذائيّة اللّازمة للإنسان من مصادرها النّباتيّة أو الحيوانيّة.
  • وهو من ركائز الحياة المستقرة الآمنة، قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آَمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ﴾ [البقرة: 126].
  • وهو من أعظم نِعَمِ الله تعالى على الإنسان؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَصبحَ منكم آمنًا في سِربه مُعافً في جَسدِهِ عنَدَهُ قُوتُ يومِهِ فكأنَّما حِيزَتْ له الدُّنيا »
    • (حيزت له: امتلكها). 

 

ثالثًا تحقيق الأمن الغذائيّ في التشريع الإسلامي

جعلت الشّريعة الإسلاميّة الأمن الغذائيّ فرض كفاية، لا يتحقق إلاّ بالتّخطيط الذي تضعه أجهزة الدّولة المختصّة، وقد جاءت الشّريعة الإسلاميّة بجملة من التّشريعات التي تحقّق الأمن الغذائيّ للمجتمعات، ومن ذلك:

أ. الدَّعوة إلى العناية بالزّراعة:

  • هي العنصر الأساس في تحقيق الأمن الغذائيّ، وتسهم في ازدهار الاقتصاد وزيادة الدّخل القوميّ للدّولة، وتوفر الموادّ الأساسيّة للصّناعات الغذائيّة وغيرها.
  • حثَ الإسلام على الزّراعة، حيث وردت العديد من الآيات الكريمة التي بيّنت أن الله تعالى أودع في الأرض خيرات كثيرة، وجعلها مهيئة للزّراعة.
    •  قال تعالى: ﴿يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [النحل: 11].
    • وقال تعالى: ﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (29) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ﴾ [عبس: 24- 32].
  • بيّن النّبيّ صلى الله عليه وسلم فضل الزّراعة في أحاديث كثيرة منها قوله صلى الله عليه وسلم: «ما مِنْ مُسلمٍ يَغرسُ غَرسًا أو يزرعُ زرعًا فيأكلُ منه طيرٌ أو إنسانٌ أو بهيمةٌ إلَّا كانَ له به صَدقةٌ » .
  • حثّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم على استصلاح الأراضي وزراعتها، وأباح لمن استصلح أرضًا لا مالك لها أن يتملَّكها بإذن ولي الأمر، قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أحيَا أرضًا ميّتة فهي له».
  • نهى النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن كلّ ما يؤدي إلى الضّرر بالقطاع الزّراعيّ؛ كالاعتداء على الأشجار بحرقها أو قطعها، وكانت وصية النّبيّ صلى الله عليه وسلم والخلفاء من بعده عدم قطع الشّجر حتّى في الحرب، فقد أوصّى أبو بكر رضي الله عنه الجيش قائلاً: «ولا تغرقوا نخلً ولا تحرقُوا زرعًا ولا تقطعوا شجرةً مثمرةً ».

ب. العناية بالثَّروة الحيوانيَّة:

وتتحقّق العناية بالثّروة الحيوانيّة من خلال الإرشادات الآتية:

  • الحثّ على تربية الأنعام، والاعتناء بها وتوفير الطّعام والماء لها، وعدم إيذائها، قال تعالى: ﴿وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾، [النحل: 5].
  • النّهي عن الصّيد الجائر، فقد أبيح الصّيد بهدف الانتفاع بلحوم حيوانات الصّيد وليس للهو والعبث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما مِنْ إنسانٍ يقتلُ عصفورًا فما فوقَها بغيرِ حقّها إلاَّ سألَهُ اللهُ عنْهَا».

ج. النَّهي عن الإسرافِ والتَّبذيرِ:

وذلك من خلال:

  • تحريم هدر الطّعام، قال تعالى: ﴿يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ [الأعراف: 31].
  • الاعتدال في الطّعام والشّراب فقال صلى الله عليه وسلم: «ما مَلأَ آدميٌّ وعاءً شرًا من بطنهِ بحسبِ ابنِ آدمَ لقيماتٌ يُقمنَ صُلبَه، فإنْ كانَ ولا بُدَّ فاعلً فثلثٌ لطعامِهِ وثلثٌ لشرابِهِ وثلثٌ لنفسِهِ»، فالإسراف في تناول الطّعام يؤدي إلى أضرار صحيّة كبيرة .

د. العنايةُ بالأسواقِ:

  • اعتنى الإسلام بالأسواق لأهميتها في حصول الناس على ما يحتاجونه من السّلع والخدمات.
  • ومن مظاهر عناية الإسلام في الأسواق ما يأتي:
    • نظّم الإسلام الأسواق على أساس المنافسة الحرّة في ظلّ ضوابط وقيم أخلاقيّة أسهمت في تهذيب التّعاملات التّجاريّة.
    • وضع لها نظامًا للرّقابة أطلق عليه العلماء «الحِسْبَة » للتّأكّد من خلو المعاملات من الغش أو الاستغلال أو الاحتكار.
      • نظام الحسبة: هو نظام لرّقابة الأماكن العامّة كالأسواق، تقوم به هيئة مكلّفة من ولي الأمر، صيانة للمجتمع وحفظًا للدِّين وتحقيقًا لمصالح الناس.
    •  وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يراقب الأسواق بنفسه ويحرص على ضبط الموازيين والمكاييل، فمرّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم على كومة طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللًا فقال: «مَا هَذا يا صاحِبَ الطَّعامِ؟ » قالَ أصابَتْهُ السَّماءُ يا رَسولَ اللهِ، قالَ صلى الله عليه وسلم: «أفَلا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعامِ كَيْ يَراهُ الناس، مَنْ غَشَّ فليسَ مِنِيّ ».
    • ضبط الإسلام أحكام البيع، فحرّم الاحتكار قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يَحتكرُ إلَّا خاطئٌ».

هـ. الدّعوة إلى الالتزام بتقوى الله تعالى:

  • وذلك بالالتزام بأوامره واجتناب نواهيه والتّوبة والاستغفار وصلة الأرحام فهي سبب لرفع البلاء.
  • حيث عدّ الإسلام حدوث المجاعة أو نقص التّغذية من أنواع البلاء الذي ينزل بذنوب العباد.
  • قال تعالى: ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾، [النحل: 112]،
  • وكان النّبيّ صلى الله عليه وسلم في حالات القحط والكساد يسارع إلى دعاء الله تعالى ويقول : «اللهمَّ أغثْنَا، اللهمَّ أغثْنَا».

 

الإِثراءُ والتَّوسُعُ

التَّخطيط الدَّقيق لتحقيقِ الأمنِ الغذائيِّ أُنموذج قصّة سيّدنا يوسف:

  • قدّم القرآن الكريم أنموذج تخطيط مُحكَمٍ لتحقيق الأمن الغذائيّ من خلال تحقيق الاكتفاء الذّاتيّ وتوفير المخزون الاستراتيجيّ من الغذاء وتفادي حدوث المجاعة أو نقص الغذاء وطرق التّعامل مع مشكلة الجفاف والقحط، وذلك كلّه من خلال تخطيط سيّدنا يوسف عليه السلام أيّام المجاعة.
  • قال تعالى: ﴿ قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ (47) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ (48) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (49) ﴾  [يوسف: ٤٧ – 49].
  • ومِنْ أُسُسِ الأمن الغذائيّ التي اتَّبعَها سيّدنا يوسف عليه السلام:
    • زيادة الإنتاج وبيان كيفيّة الادّخار والاستهلاك، وذلك من خلال التّركيز على زراعة الحبوب؛ لأنها محور الأمن الغذائيّ، لا سيّما الحبوب ذات السّنابل؛ لأنها تحفظ الحبّ سليمًا لمدّة أطول.
    • إدارة التّخزين ببيان طريقة تقسيم المخزون على سنوات القحط والجدب والأزمات الزّراعيّة، وهو ما يعرف حديثًا بتأمين المخزون الاستراتيجيّ من الغذاء، وذلك بحسب تحديد الاحتياجات اللازمة للناس، فيكون الاستهلاك باعتدال مع الادّخار لوقت الحاجة.