مدرسة جواكاديمي

هنا يمكنك تصفح مدرسة جو اكاديمي، المنهاج، اسئلة، شروحات، والكثير أيضاً

الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر

التربية الإسلامية - الصف المواد المشتركة أول ثانوي

التَّعلُّمُ القَبليُّ

حثّ الإسلام على التّواصي بين أبناء المجتمع بالقيم الإيمانيّة والأخلاقيّة؛ لما للنّصيحة من أثر كبير في تنقية المجتمع من المفاسد والمضارّ، فيكون كلّ فرد في المجتمع إيجابيًّا يقدّم النّصيحة لغيره ويقبلها منه، قال تعالى: ﴿وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 3].

ومن صور التّواصي الّتي أمر بها الإسلام، الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، وقد جعل الإسلام الدّينَ قائمً على النّصيحة، قال صلى الله عليه وسلم: «الدِّينُ النَّصيحةُ ».

 

الفَهمُ والتَّحليلُ

حثّت الشّريعة الإسلاميّة المسلم على أداء واجبه بالدّعوة إلى الخير؛ لحماية مجتمعه من الشّّ والفساد.

أَولًا: مفهومُ الأمرِ بالمعروفِ والنّهيِ عن المُنكَرِ وحُكمُهما

مفهوم الأمرِ بالمعروفِ والنّهيِ عن المُنكَرِ

يُقصَد بالأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر: دعوة النّاس إلى كلّ خير وفضيلة، ونهيهم عن كلّ شرّ ورذيلة.

  • وذلك كالدّعوة إلى: إقامة الصّلاة، والصّوم، والإصلاح بين النّاس.
  • وكالنّهي عن شرب الخمر، وتعاطي المخدّرات، وتعمّد الإفطار في نهار رمضان دون عذر.

حكم الأمرِ بالمعروفِ والنّهيِ عن المُنكَرِ

  •  الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر واجب على كلّ مسلم ومسلمة؛ كلٌّ بحسب علمه وقدرته وحدود مسؤوليّاته.
  • ولا يُعفى منه أحد من أفراد المجتمع رجالًا ونساء،
    • قال تعالى: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾ [التوبة: 71 ].
    •  وقال صلى الله عليه وسلم: «مَن رَأىَ مِنكُم مُنكَْرًا فَلْيُغَيره بيدَِه،ِ فإنْ لَم يَسْتَطِعْ فَبلِِسانهِ، فإنْ لَم يَسْتَطِعْ فَبقَِلْبهِ، وذلكَ أضْعَفُ الإيمانِ »،
  • وهو أشدّ وجوبًا وأعظم مسؤوليّة على أهل العلم والسُّلطة وكلّ من بيده مسؤوليّة.

 

ثانيًا: أهمّيّةُ الأمرِ بالمعروفِ والنّهيِ عنِ المُنكَرِ

تتّضح أهمّيّة الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر في كونه يُعَدُّ سببًا لما يأتي:

أ- نيل السّعادة والفلاح في الدّنيا والآخرة، قال تعالى: ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 104 ].

وهو من التّواصي بالحقّ والتّواصي بالصبر الّذي يجنّب الإنسان الخُسران في الدّنيا والآخرة، قال تعالى: ﴿وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)﴾ [العصر].

ب. تحقّق خيريّة الأمّة الإسلاميّة وكمالها، وتمايزها عن غيرها من الأمم، قال تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ [آل عمران: 110].

ج. استقرار المجتمع وأمنه وسلامته، ونشر المحبّة بين أفراده نتيجة القيام بواجب الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر.
​​​​​​​

 

ثالثًا: خطورةُ تركِ الأمرِ بالمعروفِ والنّهيِ عنِ المُنكَرِ

يترتّب على ترك الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر عواقب كثيرة؛ منها:

أ. انتفاء صفة الخيريّة عن الأمّة، واستحقاق عذاب الله تعالى في الدّنيا والعقوبة في الآخرة، حيث نصَّ القرآن الكريم على عقوبة الأقوام السّابقة الّتي تركت واجب الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، قال تعالى: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ [المائدة: ٧٨ - 79 ] ،

وقد حذّر رسول الله صلى الله عليه وسلم من ترك الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، ورتّب عليه استحقاقَ العذاب وعدمَ إجابة الدُّعاء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والّذي نفسي بيدِه لتَأمرُنَّ بالمعروفِ، ولتَنهوُنَّ عن المنكرِ، أو ليُوشِكَنَّ اللهُ أن يَبعثَ عليكمْ عِقابًا منهُ، فتدعونهُ فلا يَستجيبُ لكمْ ».

ب. انتشار أسباب الفساد وسوء الأخلاق في المجتمع.

ج. انعدام المروءة بين أفراد المجتمع؛ فيألفون المنكرات ويعتادون عليها، فيظنّ بعض النّاس أنّها ليست بمعصية.

 

وقد شبّه النّبيّ صلى الله عليه وسلم حال المجتمع الّذي يترك مهمّة الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر بحال رُكّاب السّفينة الّذين لا يأخذون على يد من يريد خَرْقَها، فيغرقون جميعًا، قال صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ القائمِ على حُدُودِ الله والواقعِ فيها، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتهَمُوا على سَفِينَةٍ، فأصابَ بَعْضُهُمْ أعْلاها وبَعْضُهُمْ أسْفَلَها، فَكانَ الّذينَ في أسْفَلِها إذا اسْتَقَوْا مِنَ الماءِ مَرُّوا على مَن فَوْقَهُمْ، فقالوا: لو أنّا خَرَقْنا في نَصِيبنِا خَرْقًا ولَم نُؤْذِ مَن فَوْقَنا، فإنْ يَتُْركُوهُمْ وما أرادُوا هَلَكُوا جَميعًا، وإنْ أخَذُوا على أيْدِيهمِْ نَجَوْا ونَجَوْا جَميعًا".

  • القائم على حدود الله: الآمر بالمعروف والنّاهي عن المنكر.
  •  الواقع فيها: التّاركُ المعروفِ، المرتكبُ المنكرَ.
  • استهموا: اقترعوا.
  • أخذوا على أيديهم: منعوهم من خَرْقِ السّفينة.

 

رابعًا ضوابطُ الأمرِ بالمعروفِ والنّهيِ عنِ المُنكَرِ وآدابُهُ

الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر عبادة عظيمة ينبغي على القائم بها أن يراعي أمورًا وضوابط كثيرة؛ منها:

أ. التّحلّي بالحكمة والموعظة الحسنة واختيار الظّرف المناسب، قال تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [النحل: 125 ]، فالعنف والقسوة قد تدفع الإنسان إلى النفّور، قال تعالى: ﴿وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ[آل عمران: 159 ].

ب. العمل بما يأمر النّاس به، والبعد عما ينهى عنه، فلا ينهى عن فعل ويأتي بمثله؛ لأنّ القدوة الحسنة لها أثرها في الآخرين أكثر من القول، قال تعالى: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ [البقرة: 44 ].

ج. العلم بما يأمر به أو ينهى عنه؛ فيجب على من يقوم بواجب الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر أن يكون على علم وفهم ومعرفة بما يأمر به أو ينهى عنه؛ كي لا يضرّ مجتمعه بإيقاعهم في المفاسد الّتي يسبّبها الجهل.

د. الصّبر على النّاس والرّفق بهم وعدم اليأس منهم، وتحمّل ما قد يصدر عنهم من أذى أو إعراض، قال تعالى: ﴿يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ) [لقمان: 17 ].

صورة مشرقة

رأى الحسن والحسين رحمهما الله رجلًا يتوضّأ فلا يحسن الوضوء، فأرادا أن ينصحا الرّجل لتصح عبادته ويحسن مفتاح دخوله إلى الصّلاة، ففكّرا في طريقة لا تُحرِجُ الرَّجُل، فتقدّم كلّ منهما إليه، وقالا له: إنّنا نتنازع أيّنا أحسن وضوءًا، فهل لك أن تنظر إلى كلّ واحد منّا وهو يتوضّأ فتحكم أيّنا أصحّ وضوءًا؟ فأبدى الرّجل استعداده لما طلبا.

وتوضّأ الحسن رحمه الله فأحسن الوضوء، وكذلك فعل الحسين رحمه الله ، ورأى الرَّجُل ذلك فقال: بارك الله عليكما، والله إنّ وضوءَكما لخيرٌ من وضوئي.

 

الإِثراءُ والتَّوسُعُ

للأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر قواعده وأساليبه، وليس للمسلم أن يمارسه دون وعي وفهم، وقد قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «مَن رَأَى مِنكُم مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بيَدِهِ، فإنْ لَم يَسْتَطِعْ فَبِلِسانهِ، فإنْ لَم يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وذلكَ أضْعَفُ الإيمان».

​​​​​​​فالحديث النّبويّ الشّريف يبيّن مراتب الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، وهي ثلاث درجات:

1- التغّيير باليد: وهي في الأصل مسؤوليّة من له الولاية والمسؤوليّة؛ كالحاكم وكلّ من قدر عليه، دون تَعَدٍّ أو إضرار بالغير.

2- التغّيير باللسّان: وتقوم وسائل الإعلام المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعي والمساجد بدور كبير في هذا المجال بالحكمة والموعظة الحسنة، من خلال البيان والتّوضيح لطرق الخير، والتّحذير من طرق الشّّر والتّنفير منها.

3- التغّيير بالقلب: وهي مسؤوليّة الجميع، خاصّةً من عجز عن أوّل درجتين.

 وتكون بالإنكار بالقلب، وكراهية المنكر ورفضه، ولا يعني التّغيير بالقلب مجرّد الإنكار القلبيّ فقط، بل ينبغي السّعي للإصلاح والدّعوة إلى الخير والإعراض عن الباطل وأهله، قال تعالى: ﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ﴾ [النساء: 140 ].