مدرسة جواكاديمي

هنا يمكنك تصفح مدرسة جو اكاديمي، المنهاج، اسئلة، شروحات، والكثير أيضاً

الأمثالُ في القرآن الكريم

التربية الإسلامية - الصف المواد المشتركة أول ثانوي

 

الفَهمُ والتَّحليلُ

استخدم القرآن الكريم والسّنّة النّبويّة الشّريفة أساليب كثيرة في الخطاب والدّعوة إلى الله تعالى والتّوجيه والتّربية كالتّرغيب، والتّرهيب، والقصص القرآنيّ، ومن هذه الأساليب أيضًا ضرب المَثَل، قال تعالى: ﴿وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ).

 

أولًا: مفهومُ المَثلِ القرآنيِّ

هو أسلوبٌ استخدمه القرآن الكريم لتشبيه شيء بشيء آخر؛ بهدف تقريب المعنى أو إبرازه بصورَة حسيّةٍ.

ومثال ذلك: تشبيه الله تعالى المنافقين بشخص أشعل نارًا لتضيء له طريقه، فلمّا سطعت وأضاءت ما حولها، انطفأت وأعتمت، فصار صاحبها في ظُلمة لا يرى شيئًا، ولا يهتدي إلى طريق ولا مخرج، وهكذا حال المنافق الّذي أُضيء له نور الإيمان فلم ينتفع به بل ازداد كفرًا، قال تعالى: (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ﴾.

 

ثانيًا: غاياتُ ضَربِ الأمثالِ في القرآنِ الكريمِ

جاءت الأمثال في القرآن الكريم لإقناع النّاس، وزيادة إيمانهم بالله تعالى، ولتقديم الأدّلة المختلفة والحجج البيّنة الواضحة على ذلك، ويضرب الله تعالى الأمثال لغايات متعدّدة، من أبرزها:

  • تقريب الصورَةِ إلى ذهن المُخاطَب: وذلك عندما يكون المُخاطَب جاهلًا بحقيقة الشّيء، ومثال ذلك ضَْربُ الله تعالى المثلَ لما يكون في الجنّة من النّعيم ممّا ليس بمقدور البشر تصوُّره على حقيقته، فيقرّبه الله تعالى للنّاس بمثل محسوس، ومثاله ما وصف الله تعالى به الحور العينِ بأنّهنّ كأمثال اللؤلؤ، قال تعالى: ﴿وَحُورٌ عِينٌ (22) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ﴾.
  • التَّرغيب: وذلك لحمل النّاس على القيام بعمل صالح، كقوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾، حيث رغّب الله تعالى بالكلمة الطّيّبة النّافعة وشبّهها بالشّجرة الطّيّبة المُثمّرِة الّتي لا ينقطع ثمرها، فكما أنّ الشّجرة الطّيّبة لا ينقطع ثمرها بل يبقى مستمرًّا فكذلك الكلمة الطّيّبة يبقى أثرها دائمًا ومستمرًّا.
  •  التنّفير: ويكون للتّخويف والتّحذير من فعل شيء ما، كقوله تعالى:﴿وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ)، حيث نَفَّرَ اللهُ تعالى في هذا المثل من الكلمة الخبيثة الضّارّة وشبّهها بالشّجرة الّتي لا تُثمر ولا ينتفع بها أحد.
  • المدح: ويكون للإشادة بفعل ما، أو الثناء على شخص، لما له من الصّفات الحسنة، كالثّناء على سيّدنا محمّدٍ صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام رضي الله عنهم، فقد شبّهت الآية الكريمة تزايد قوّة النّبيّ صلى الله عليه وسلم والصّحابة الكرام رضي الله عنهم بالزّرع الّذي بدأ ضعيفًا ثمّ اشتدّ عودُهُ حتّى نضج وامتدّ في كلّ مكان، قال تعالى: ﴿ذلك مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّار).
  • الذَّم: ويكون بذكر عيب في شخص أو شيء ما، ومثاله الإنسان الّذي آتاه الله تعالى العلم ومع ذلك لم ينتفع به، واتّبع هواه راكضًا وراء الدُّنيا ومتاعها الزّائل، فمثله كالكلب الّذي يمدّ لسانه لاهثًا سواء أحاولت اللّحاق به أم تركته، وهذا حال الّذي ترك العمل بآيات الله تعالى حرصًا على الدّنيا، فإنّه إن وعظ أو ترك سيبقى مقبلاً على الدّنيا مُنشَغِلاً بها عن الآخرة، قال تعالى: ﴿وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾.

 

الإِثراءُ والتَّوسُعُ

  • من أهمّ ما يميّز المثل القرآنيّ أنّه مثل واقعيّ قريب من حياة النّاس، كالتّشبيه بالشّجرة أو البعوضة وغيرها وهي أمور حسّيّة يرونها بشكل متكرّر؛ لكي يسهل على المتلقّي فهم المثل القرآنيّ؛ وهذا دليل على ارتباط القرآن الكريم بواقع النّاس.
  • وقد ألّف العلماء مؤلفات كثيرة حول الأمثال القرآنيّة منذ القرن الثّالث الهجريّ، وما يزال التّأليف متجدّدًا إلى يومنا الحاضر، ومن الكتب الّتي أُلِّفَتْ في أمثال القرآن الكريم، كتاب (أمثال القرآن) للإمام الماورديّ، وكتاب (الأمثال من الكتاب والسّنّة) للحكيم التِّرمذيّ.