مدرسة جواكاديمي

هنا يمكنك تصفح مدرسة جو اكاديمي، المنهاج، اسئلة، شروحات، والكثير أيضاً

آدابُ الدَّائن وآدابُ المَدِين

الدراسات الإسلامية - الصف التوجيهي أدبي

التعلُّم القبليُّ

   تتعدَّد مسؤوليات الإنسان في الحياة، وتتفاوت أحوالُه بين العُسْر واليُسْر، وقد تطرأ عليه أحوالٌ، أو تمرُّ به أوقاتٌ تزداد فيها حاجاته وتفُوْق ما يملكه من قُدرةٍ أو مال، فيلجأ إلى طلب العون والمساعدة من غيره. وقد حثَّ الإسلام المسلم على السعي في قضاء حاجات الناس، والتعاون معهم، وتقديم النفع لهم بحسب قدرته وإمكاناته. قال رسول الله (ومَن كانَ في حَاجَةِ أخِيهِ كانَ اللَّهُ في حَاجَتِهِ) [رواه البخاري ومسلم].

 

أتأمل وأستخرج

أتأمَّل قول النبيِّ : (أَحَبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وأَحَبُّ الأعمالِ إلى الله عزَّ وجلَّ سُرُورٌ يدْخِلُهُ على مسلمٍ، أوْ يكْشِفُ عنهُ كُرْبَةً، أوْ يقْضِي عنهُ دَيْنًا[رواه الطبراني]، ثم أستخرج منه الأعمال التي يحبها الله تعالى.

←  أيُّ عمل يُدْخِل السعادة على قلب أخيه، أو أنْ يَكْشِف عنه كَرْبَه ويرفع عنه غَمَّه؛ كتقديم الدَّين له، أو أن يقضي عن صاحب الدَّين دَيْنَه.


الفهم والتحليل

   اعتنى الإسلام بتنظيم العلاقات بين الناس في مختلف مجالات الحياة، وراعى أحوالهم وظروفهم، وشرع لهم من الأحكام والمعاملات ما يقضي حوائجهم ويحفظ حقوقهم، ومن تلك المعاملات: الدَّين.

 

أولًا: مفهوم الدَّين ومشروعيته

الدَّين الدَّائن المَدِيْن
هو ثبوت حقٍّ ماليٍّ لطرفٍ يسمى (الدائن)، في ذمَّة طرفٍ آخر يسمى (المَدِيْن). هو مَن يكون له دَيْنٌ على غيره. هو مَن يكون لِغيرِه دَيْنٌ عليه.

   وقد شرع الإسلام الدَّيْن؛ (سواءٌ كان قرضًا، أو ثَمَنَ سِلْعةٍ مؤجَّلًا، أو أُجْرةً مؤجَّلةً، أو مهرًا مؤجَّلًا، أو غير ذلك؛) لأنّه يسهم في قضاء حاجات الناس وتفريج كُرَبِهم. ولذلك رتَّب عليه الإسلامُ الأجر العظيم في الدنيا والآخرة. قال رسول الله : (مَن نَفَّسَ عن مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِن كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، وَمَن يَسَّرَ علَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللَّهُ عليه في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ) [رواه مسلم].

 

أبحث عن  

أبحث عن حِكَمٍ أخرى لمشروعية الدَّين.

 الإجابة: زيادة المحبة والرحمة بين الناس، وتحقيق الأمن بين أفراد المجتمع، والمساهمة في نماء المال من خلال تداوله بين الناس، وتماسك المجتمع.


 

ثانيًا: آداب الدائن

   ينبغي للدَّائن أن يتأدَّب بآدابٍ عديدة، منها:

أ- إخلاص النية لله تعالى:

   يتعيَّنُ على الدَّائن أن تكون نيّتُه خالصةً لوجه الله تعالى، وألّا يُلحِق معروفَه بالمنّ والأذى، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ} [البقرة:264] (بالْمَنِّ: التذكير الدائم بالفضل والإحسان).

   وكذلك يتعيَّن على الدَّائن عدمُ السَّعي لاستغلال حاجة الناس، أو تحصيل منافعَ دنيويةٍ منهم؛ لأنَّ ذلك يجعل الدَّينَ ربًا، وهو محرَّمٌ شرعًا، قال تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ[البقرة:276].

ب- حُسْنُ المطالَبة: أثبت الإسلام للدَّائن حقَّ المطالبة بِدَيْنِه، على أن يطلبه برِفْقٍ ولُطْفٍ ورحمة، قال رسول الله : (رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إذا باعَ، وإذا اشْتَرَى، وإذا اقْتَضَى) [رواه البخاري] (اقْتَضَى: طَالَبَ بِسَدَاد الدَّين).

ج- مراعاة حال المُعْسِر في سداد الدَّيْن:

حثَّ الإسلام على الإحسان إلى المَدِيْن، والرأفة بأحواله إذا كان مُعْسِرًا:

أتوقف

يُستحبُّ طلبُ توثيق الدَّين بالكتابة والإشهاد عليه؛ حفاظًا على حقوق الطرفين، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة:282].

ويحقُّ للدَّائن أن يطلب الرهن ضمانًا لحقه، قال تعالى: (وَإِن كُنتُم عَلَىٰ سَفَر وَلَم تَجِدُواْ كَاتِبا فَرِهَٰن مَّقبُوضَة) [البقرة:283].

1- وذلك بـإمهاله مدَّةً مِن الزمن والصبرِ عليه في حال عجز عن سَدَاد دَيْنِه في الوقت المحدد؛ لكي يتمكَّن من سداد الدَّين، قال رسول الله : (مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ عنْه، أَظَلَّهُ اللَّهُ في ظِلِّهِ) [رواه مسلم] (أَنْظَر: أَمْهَل).

2- وقد يكون ذلك بالتجاوُزِ عنه إن كان عاجزًا عن قضاء الدَّين؛ بأنْ يُسْقِط عنه الدَّينَ كلَّه أو جزءًا منه، قال تعالى: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة:276].

 

 

أتعاون وأبحث

أبحث عن وسائل معاصرة أباحها الإسلامُ للدَّائن لضمان سَدَاد دَيْنِه.

الإجابة: الكمبيالة، السند لأمر (الشيك).


 

ثالثًا: آداب المَدِيْن

   ينبغي للمَدِيْن أن يتأدب بآدابٍ عديدة، منها:

أ- الاستدانة عند الضرورة وألّا يتوسع في ذلك:

أباح الإسلام الدَّين للإنسان إذا كان محتاجًا إليه؛ مثل: الإنفاق على الأهل، والعلاج، والتعليم.

وفي الوقت نفسِه نهاه الإسلامُ عن الدَّين إن كان فيما يكره الله تعالى، قال رسول الله : (إنَّ الله معَ الدَّائنِ حتَّى يقضِيَ دينَه ما لم يَكُن فيما يَكرَه الله) [رواه ابن ماجه] (الدَّائن: المَدِيْن).

وكذلك نهى الإسلامُ الإنسانَ عن الدَّيْنِ إنْ  كان لأسبابٍ أو قضاء حاجاتٍ بقصد التفاخر أو الإسراف؛ لأنه قد يعجز عن السَّداد.

 

ب- العزم الصادق في السداد: بيّن سيدنا رسول الله أنَّ الله تعالى يُيَسِّر قضاء الدَّين لمن عزم على ردّه إلى أصحابه، وأنّه سبحانه يُعاقب مَنْ نوى عدم الوفاءِ بالدَّين ويُتْلِفُ مالَه، قال : (مَن أخَذَ أمْوالَ النَّاسِ يُرِيدُ أداءَها أدَّى الله عنْه، ومَن أخَذَ يُرِيدُ إتْلافَها أتْلَفَهُ الله) [رواه البخاري]، ولهذا يجب على المَدِين أن يَصْدُق النية قبل الاستدانة، وأن يجتهد دائمًا في وفاء الدَّين وأداء الحقوق التي عليه.

ج- الالتزام بسَدَاد الدَّين في الموعد المحدَّد: دعا سيدنا رسولُ الله إلى الصدق في التعامل مع الناس، والوفاء بالوعد، ونهى عن المماطلة وتأخير قضاء الدَّين لمَن كان قادرًا على السَّدَاد، قال : (مَطْلُ الغَنيِّ ظُلمٌ) [رواه البخاري ومسلم] (مَطْلُ: المماطلة في سداد الدَّين مع القدرة).

د- حُسْن القضاء:

  • ينبغي للمَدِين سدادُ الدَّين ويحرم عليه إنقاص شيء منه، قال تعالى: {وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا[البقرة:282].
  • فالدَّين يظلُّ في ذمَّة المَدِين في حياته وبعد وفاته، ولا يَسْقطُ مهما طالت المُدَّة ما لم يُسقِط الدائنُ حقَّه، قال رسول الله : (يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إلَّا الدَّين) [رواه مسلم].
  • وقد يَحْبِسُ الدَّينُ صاحبَه عن دخول الجنة إذا لم يؤدِّه بنفسه أو تبرَّع أحدٌ بِسَدَادِه عنه، لقول رسول الله : (إنَّ صاحبَكُم مأسورٌ بدَينِه) [رواه أبو داود].
  • ولهذا يجب على المَدِين المسارعة إلى قضاء الدَّين وشُكْرِ الدائن على ما أسدى إليه من معروف، قال رسول الله  : (لا يَشْكُرُ اللهَ مَن لا يَشْكُرُ الناسَ) [رواه أبو داود].

 

أذكر

أذكر ثلاثة أمثلة على الاستدانة المكروهة.

الإجابة: شراء ملابس وأثاث غالي الثمن لغير حاجة./ شراء آخر إصدار من الهواتف أو السيارات الثمينة بقصد التفاخر./ الاستدانة بقصد التنزه والسفر والترويح عن النفس./ الاستدانة للتباهي في المناسبات والإسراف في الولائم أو الحفلات.

 

أستنتج

أستنتج الآثار السلبية الناتجة عن المماطلة في سداد الدَّين.

الإجابة: إلحاق الضرر بالدائن، وسببٌ لمنع المعروف بين الناس.

 

أبحث وأدوّن

أرجع إلى كتاب حصن المسلم، ثم أدوّن دعاء قضاء الدَّين.

الإجابة: (اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِنَ الهَمِّ والحَزَنِ، والعَجْزِ والكَسَلِ، والجُبْنِ والبُخْلِ، وضَلَعِ الدَّين، وغَلَبَةِ الرِّجالِ) [رواه البخاري ومسلم] (وضَلَعِ الدَّين: ثِقَلِ الدَّين، وصعوبةِ سدادِه).


 

صُوَرٌ مشرقة

طَلَبَ أبو قتادة الأنصاري رضي الله عنه مَدِينًا له، فَتَوَارَى عنْه، ثُمَّ وَجَدَهُ، فَقالَ المَدِين: إنِّي مُعْسِرٌ، فَقالَ أبو قتادة رضي الله عنه: آللَّهِ؟ قالَ المعسر: آللَّهِ. قالَ أبو قتادة رضي الله عنه: فإنِّي سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ يقولُ: (مَن سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ اللَّهُ مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، فَلْيُنَفِّسْ عن مُعْسِرٍ، أَوْ يَضَعْ عنْه) [رواه مسلم].

 

الإثراء والتوسُّع

   مِن الإجراءات المعاصرة التي تلجأ إليها المؤسسات المصرفية الإسلامية لتأمين حقها في حال عجز المدين عن السداد؛ التأمين التعاونيُّ على قضاء الدُّيُون: وفيه تُؤمِّنُ المؤسساتُ والمصارف الإسلامية على دُيُونِها من مخاطر التأخُّر في سداد الدُّيون المستحقة لها على الأفراد والشَّركات؛ إذ يقوم التأمين التعاونيُّ على مبدأ تعاون المشتركين على سداد الدَّين في حال العجز عن السداد أو في حال الوفاة، بحيث تُضَافُ نسبة ربحٍ معيَّنةٌ على العقد، توضع في صندوقٍ خاص، شرط أن يكون ذلك بِنيَّة التبرُّعِ والتعاون بين المشتركين، وتُسدَّدُ من هذه النّسبة ديونُ الغارمين الذين يعجزون عن الوفاء بديونهم. قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ[المائدة:2].


 

دراسة معمقة

   تعددت الدراسات والبحوث التي تناولت أحكام الدَّين وما يترتب على الدائن والمدين، مثل الرسالة الجامعية التي حملت عنوان: (حسْمُ الدَّين في الفقه الإسلامي وتطبيقاته المعاصرة)، وعرَّفت حسْمَ الدَّين بأنه إنقاصُ جزءٍ من الدَّين أو إسقاط الدَّينِ كلِّه عن المَدِين، ثم استعرضت أسبابه، وأهميته، وأهم صوره المعاصرة.

باستخدام الرمز المجاور، أرجع إلى الفصل الثاني من هذه الرسالة، ثم أبيّن أهم أسباب حسْمِ الدَّين.

1. تعثُّر سداد الدَّين.    2. تعجّل سداد الدَّين من قبل الدائن أو المدين.   3. التشجيع على سداد الدين بحسْم جزءٍ منه.


القيم المستفادة:

أستخلص بعض القيم المستفادة من الدرس.

1) أحرص على تمثل آداب الدائن في المدين في حياتي.

2) أحرص على قضاء حاجات الناس، وتقديم النفع لهم.

3) أحرص على توثيق الدَّين بالكتابة والإشهاد عليه.